واشنطن- معا- بعد تجاذبات حزبية دامت لأشهر، أفرج الكونجرس الأميركي عن حزمة مساعدات تاريخية تتجاوز قيمتها 95 مليار دولار لحلفاء واشنطن على رأسهم أوكرانيا وإسرائيل، تحصل بموجبها الأخيرة على نحو 26 مليار دولار.
وفي الشق المتعلق بإسرائيل، كما أوكرانيا، فإن نسبة كبيرة من المبالغ المقدمة، ستجد طريقها مرة أخرى داخل عجلة الاقتصاد الأميركي، عبر العقود والصفقات التي ستستفيد منها شركات صناعة الأسلحة الأميركية ووزارة الدفاع الأميركية.
لكن كيف تتوزع المساعدات التي حصلت عليها تل أبيب من حليفتها واشنطن؟ وهل يعني إقرار الحزمة أن إسرائيل ستحصل على قيمة هذه الحزمة دفعة واحدة لتتصرف بها كما تراه مناسباً؟
مساعدات غير مباشرة بـ4.4 مليار دولار
سيذهب هذا المبلغ، بموجب القانون، إلى حسابات وزارة الدفاع الأميركية لإنفاقها على تجديد مخزون إسرائيل من الأسلحة، عبر شراء أسلحة أميركية جديدة وإرسالها إلى إسرائيل، وشراء قطع غيار وصيانة المعدات العسكرية الإسرائيلية.
وستستخدم هذه الأموال كذلك من قبل وزارة الدفاع لتغطية نفقات البنتاجون المتعلقة بالخدمات الدفاعية التي تقدمها لإسرائيل، مثل تدريب الجيش الإسرائيلي.
ويسمح القانون كذلك لوزارة الدفاع الأميركية باستخدام هذه الأموال لدفع نفقات خدمات التدريب التي تقدمها دول أخرى إلى إسرائيل، بناءً على طلب الولايات المتحدة.
هل هي مساعدات عينية أم نقدية؟
هذه المساعدات مالية وليست مباشرة لإسرائيل، بل هي تمويل لوزارة الدفاع لتعزيز القدرات الدفاعية لإسرائيل بطرق مختلفة، لكن يمكن اعتبار جزء منها على أنه مساعدات نقدية غير مباشرة، لأنها تغطي نفقات التدريبات العسكرية، التي من المفترض أن تتحمل نفقاتها الحكومة الإسرائيلية، ما يسمح للحكومة الإسرائيلية بتحويل تلك الأموال لتغطية نفقات أخرى.
وستظل هذه الأموال متاحة للاستخدام من قبل وزارة الدفاع حتى 30 سبتمبر 2025، ما يمنح البنتاجون بعض المرونة في إنفاقها حسب تطورات الوضع.
توصيات بتجديد الذخائر
بحسب المعلومات، التي حصلت عليها "الشرق" من موظفين في الكونجرس، فإن كيفية إنفاق هذه الأموال (نوعية العتاد الذي ستشتريه وحجم الإنفاق على التدريب العسكري) يرجع للبنتاجون. لكن حسب توصيات البيت الأبيض التي بُني عليها هذا التشريع في الكونجرس، فإن الجزء الأكبر من هذه الأموال ستنفق على تجديد مخزون إسرائيل من الذخائر دقيقة التوجيه.
ومن أبرزها، الذخائر الموجهة بدقة (PGMs)، ذخائر الهجوم المباشر (JDAMs) والقنابل ذات القطر الصغير (SDBs)، ذلك أن المخزون الإسرائيلي من هذه الذخائر تضاءل بسبب عملياتها المكثفة في غزة.
وتنتج الولايات المتحدة هذه الذخائر وستستخدم هذه الأموال لشرائها من الولايات المتحدة، ونقلها إلى إسرائيل.
أما فيما يتعلق بالصيانة وقطع الغيار، فالأمر يتعلق أساساً بمخصصات لشراء قطع غيار وصيانة الأسلحة الأميركية التي تستخدمها إسرائيل، وأبرزها طائرات F-16 وF-35 ومروحيات "بلاك هوك" و"أباتشي" التي استخدمتها إسرائيل بشكل مكثف في حرب غزة، وتحتاج إلى صيانة.
مساعدات عينية بـ801 مليون دولار
سيذهب هذا المبلغ (801 مليون و400 ألف دولار تحديداً)، إلى حسابات وزارة الدفاع الأميركية لإنفاقها على تحسين القاعدة الصناعية لإنتاج الذخائر، بهدف تسريع وتيرة تسليم الذخائر لإسرائيل.
ولا يعتبر هذا الجزء من الحزمة مساعدات مباشرة لإسرائيل، إذ سيتم تحويل المبلغ إلى وزارة الدفاع لإنفاقه على تحسين القاعدة الصناعية لإنتاج الذخائر في الولايات المتحدة.
مساعدات نقدية مباشرة بـ5.2 مليار دولار
سيحول هذا المبلغ إلى حسابات وزارة الدفاع الإسرائيلية، التي ستحولها بدورها كمساعدات نقدية مباشرة إلى الحكومة الإسرائيلية، بهدف إنفاقها على تطوير منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية.
وهي مساعدات نقدية ستحول إلى حكومة إسرائيل لإنفاقها على الأهداف المحددة في القانون.
وستنفق إسرائيل 4 مليارات دولار على شراء مزيد من بطاريات وصواريخ اعتراضية إضافية للقبة الحديدية ومقلاع داوود. وستنفق 1.2 مليار دولار أخرى لتغطية نفقات البحث والتطوير والاختبارات لنظام "الشعاع الحديدي"، الذي يعمل بتقنية الليزر.
الشركات المستفيدة
الشركتان اللتان ستستفيدان من هذا التمويل هي الإسرائيلية "رافائيل" لأنظمة الدفاع المتقدمة والأميركية "رايثيون تكنولوجيز كورب". وتنتج الشركتان بشكل مشترك البطاريات والصواريخ الاعتراضية لكل من القبة الحديدية ومقلاع داوود.
أما التمويل الثاني المتعلق بمشروع "الشعاع الحديدي"، فستستفيد منه كل من "رافائيل" و"لوكهيد مارتين"، اللتان تشتغلان بشكل مشترك على المشروع.
مساعدات نقدية لشراء أسلحة أميركية بـ3.5 مليار دولار
ستحول هذه الأموال إلى إسرائيل عبر برنامج التمويل العسكري الأجنبي من أجل اقتناء أسلحة متقدمة.
ويلزم هذا البرنامج الدول المستفيدة منه بإنفاق تلك الأموال على شراء الأسلحة من الولايات المتحدة، لكن إسرائيل كانت دائماً الدولة الوحيدة، التي تتوفر على امتياز يتيح لها استخدام جزء من الأموال التي تتلقاها عبر هذا البرنامج، لشراء أسلحة تصنعها شركات إسرائيلية.
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها "الشرق"، فإن التوصيات التي بُني عليها التشريع تضمنت إنفاق هذه المساعدات لتقديم طلبية شراء طائرات أميركية من طرازي F-35 وF-15.
ويتماشى هذا مع التقارير التي أفادت بأن وزير الدفاع الإسرائيلي حين زار واشنطن في مارس الماضي، قدم قائمة بالأسلحة التي تريدها إسرائيل، وضمنها مقاتلات F-35 وF-15.
تمويل أنشطة "سنتكوم": 2.44 مليار دولار
هذه المساعدات ليست مالية أو عينية لإسرائيل، بل هي أموال مخصصة لتمويل أنشطة القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط. وستعتمد التفاصيل المحددة لكيفية استخدام الأموال على خطة وزارة الدفاع والقرارات التي يتخذها الجيش الأميركي.
وستنفق هذه الأموال أساساً على العمليات العسكرية في المنطقة وعمليات الانتشار وكذلك التدريبات العسكرية التي قد تٌجريها القيادة المركزية، بالإضافة إلى تغطية نفقات التشغيل والصيانة.
منح أمنية داخل الولايات المتحدة: 390 مليون دولار
ستحول هذه الأموال لحسابات وزارة الأمن الداخلي الأميركية، التي ستوزعها كمنح عبر برنامج "المنح الأمنية غير الربحية"، على منظمات غير ربحية داخل الولايات المتحدة لتأمين المنشآت والأنشطة التي قد تكون معرضة لهجمات إرهابية أو مخاطر أمنية بسبب الوضع في إسرائيل، من قبيل دور العبادة اليهودية في الولايات المتحدة.
تمويل للخارجية الأميركية: 204 ملايين دولار
وستحول هذه الأموال لحسابات وزارة الخارجية الأميركية من أجل تمويل البرامج الدبلوماسية والخدمات القنصلية لحماية المصالح الأميركية، المتعلقة بالوضع في إسرائيل.
مساعدات إنسانية بقيمة 9.5 مليار دولار
تخصص هذه المبالغ لتمويل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) والوكالات الأخرى لمختلف البرامج الإغاثية الدولية، وتتضمن الآتي:
3 ملايين دولار، تمويل إضافي لمكتب لمفتش العام للوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
5.655 مليار دولار ستصرف على مساعدات إغاثية دولية، بما في ذلك الغذاء والمأوى.
3.495 مليار دولار ستنفقها وزارة الخارجية كمساعدات في مجال الهجرة واللاجئين.
75 مليون دولار ستحول إلى حسابات وزارة الخارجية لإنفاقها على الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب والاتجار بالمخدرات في الشرق الأوسط.
10 ملايين دولار ستحول لوزارة الخارجية من أجل تغطية مساهمات الولايات المتحدة في قوات حفظ السلام متعددة الجنسيات في سيناء.
وبالنسبة للمساعدات الإنسانية، فإن القانون يلزم وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية باقتناء كل المساعدات من السوق الأميركية واستخدام شركات أميركية في النقل والتوزيع.