لندن- معا- كشف تقرير لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية عن تعرض القيادي في حركة فتح مروان البرغوثي لأشكال عدة من الانتهاكات التي ترقى إلى حد التعذيب داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية الدموية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث شن السجانون الإسرائيليون بعد ذلك التاريخ حملة انتقامية بشعة ضد الأسرى الفلسطينيين في السجون المعروفة ومراكز الاحتجاز السرية.
وذكر التقرير نقلاً عن شهادات لمؤسسات حقوقية ومحامين، أن الأسير مروان البرغوثي أصيب بجروح في أنحاء جسده ويقضي أيامه في زنزانة انفرادية ضيقة ومظلمة، من دون أي وسيلة علاج.
ومن بين أمور أخرى، تصف الصحيفة في تقريرها حالة العزل التي يعيشها البرغوثي بالقول: "لقد اختفت الكتب والصحف والتلفزيونات التي كان يستطيع الوصول إليها منذ أكتوبر الماضي، بالإضافة إلى أي من زملائه السابقين في الزنزانة. تهدف الأضواء التي تومض في زنزانته كل مساء إلى جعل النوم شبه مستحيل".
وأضافت: "عقليًّا، هو شخص قوي جدًّا، لكن حالته البدنية تتدهور، يمكنك رؤية ذلك"، فيما قال محاميه إيغال دوتان الذي زاره في سجن "مجدّو" الإسرائيلي قبل شهرين، "إنه يكافح من أجل الرؤية بعينه اليمنى، نتيجة لأحد الاعتداءات. لقد فقد وزنه ولا يبدو بحالة جيدة. لن تتعرف عليه إذا قارنت مظهره الحالي بالصور الشهيرة له".
وبرز اسم مروان البرغوثي المعتقل منذ عام 2002 بشكل متكرر خلال مفاوضات صفقة تبادل الأسرى المتعثرة بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، حيث تصر الحركة على إطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين بينهم عدد كبير من ذوي الأحكام العالية. لكن منذ بدء الحرب على غزة، ضاعف الاحتلال أعداد الأسرى في سجونه، لتصل إلى قرابة 9 آلاف أسير وأسيرة إضافة إلى عدد غير معلوم من المخفيين قسريًّا ممن اعتقلوا من داخل قطاع غزة.
وخلال هذه الفترة العصيبة، شن الاحتلال حملة تعذيب وتنكيل بالأسرى، ما أدى إلى مقتل عدد منهم وسط حالة اكتظاظ غير مسبوقة في السجون.
ونقل تقرير الصحيفة عن معتقلين سابقين إفادات عن تعرضهم للضرب والعنف الجسدي بانتظام، إلى جانب الافتقار إلى الرعاية الأساسية، بما في ذلك محدودية الطعام، وعدم إمكانية الحصول على ملابس نظيفة، أو مواد للقراءة، أو بطانيات دافئة، أو منتجات النظافة أو الرعاية الطبية.
وكان مروان البرغوثي بما يمثله من رمزية فلسطينية بصفته قائدًا في فتح يعيد إلى أذهان الفلسطينيين ماضي الحركة في مواجهة الاحتلال، ومحركًا محتملًا لتغيير شامل في السلطة الفلسطينية الحالية، من بين الأسرى المستهدفين على وجه الخصوص.
وذكرت الصحيفة أن البرغوثي قال لمحاميه خلال زيارته لسجن مجدو في مارس/آذار الماضي، إنه "في وقت سابق من ذلك الشهر تم جره إلى منطقة في السجن لا توجد فيها كاميرات أمنية وتم الاعتداء عليه. ويتذكر أنه كان ينزف من أنفه عندما تم جره على الأرض من أصفاد يديه، قبل أن يتعرض للضرب حتى يفقد وعيه" وما تعرض له مروان البرغوثي "يرقى إلى مستوى التعذيب".
وبحسب "ذا غارديان"، أحصى دوتان كدمات في ثلاثة أماكن على الأقل على جسد البرغوثي عندما زاره بعد أسابيع، مضيفًا أنه من المحتمل أن يكون مصابًا بخلع في الكتف بسبب الاعتداء ويعاني ألمًا مستمرًّا، لكن مسؤولي السجن رفضوا إجراء فحص طبي كامل لإصاباته. كما تم نقله إلى ثلاثة مرافق احتجاز مختلفة منذ أكتوبر/تشرين الأول، حيث احتُجز في كل مرة في الحبس الانفرادي. وقال دوتان للصحيفة إن البرغوثي تعرض في سجن أيالون في ديسمبر/كانون الأول الماضي "للضرب عدة مرات"، بما في ذلك حادثة شتمه فيها الحراس بينما كانوا يجرونه على الأرض عاريًا أمام سجناء آخرين.
ونقلت الصحيفة عن تال شتاينر، من المجموعة الحقوقية في اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل، قولها: "ما تعرض له البرغوثي يرقى إلى مستوى التعذيب، لكن هذا أصبح أمرًا معتادًا في جميع مرافق الاحتجاز منذ 7 أكتوبر"، مضيفة أن اللجنة جمعت 19 شهادة من الأسرى تشير إلى الاعتداء الجسدي أو الجنسي أو غيره من أنواع الإذلال بالإضافة إلى الحرمان من النوم والطعام والعلاج.
وتابعت شتاينر للصحيفة: "إذا كانت هذه هي الطريقة التي يسمحون بها لأنفسهم بمعاملة السجناء البارزين مثل البرغوثي، فتخيل ما يفعلونه بالمحتجزين الذين ليس لديهم الصورة نفسها"، واصفة المستوى العام للانتهاكات بأنه "غير مسبوق".