جنيف- معا- قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنه يتوجب إنهاء التقاعس الدولي المستمر عن مواجهة الفظائع والمجازر اليومية المسجلة في السودان، ووضع حدٍّ فوري للصراع الدامي في البلاد، والذي أدى إلى وقوع خسائر بشرية مروعة والتسبب بأكبر موجات النزوح الداخلي في العالم.
وحذر المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي من عواقب وخيمة لحالة التجاهل الدولية لعمل جدي وحاسم لوقف ما يواجهه المدنيون في السودان من هجمات متعمدة وعشوائية واسعة النطاق، بما في ذلك مساءلة الدول ذات العلاقة بالصراع المستمر منذ 14 شهرًا، والذي خلف نحو 15 ألف قتيل وحوالي 10 ملايين نازح وفق الأمم المتحدة.
وأعرب المرصد الأورومتوسطي عن صدمته إزاء تواتر تقارير عن مقتل أكثر من 120 شخصًا إثر هجوم لقوات "الدعم السريع" على قرية ود النورة في ولاية الجزيرة، باستخدام أسلحة خفيفة ومتوسطة منها مضادات الطيران والأسلحة الثقيلة.
وكانت قوات الدعم السريع فرضت منذ صباح يوم الأربعاء حصارًا محكمًا على قرية ود النورة، ثم عمدت إلى إطلاق وابل من الذخائر المختلفة نحو القرية في محاولة لاقتحامها بهدف السيطرة عليهاـ وهو ما أوقع مئات القتلى والجرحى ودفع لحركة نزوح قسري لسكان القرية.
واطلع الأورومتوسطي على مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي منسوبة لقوات الدعم السريع وهي تطلق النيران الكثيفة باتجاه مدينة ود النورة، بالإضافة إلى جنازة جماعية لعشرات الجثث لضحايا الهجوم على القرية.
وجاءت الحادثة التي تضاف لسلسلة الجرائم شبه اليومية في السودان، في وقت تدور اشتباكات عنيفة ومستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في ولايات الخرطوم والجزيرة وسط البلاد، والنيل الأبيض في الجنوب، وفي مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور غرب البلاد.
ومنذ بدء النزاع الحالي في نيسان/أبريل من عام 2023 في السودان، تمَّ توُثيق العديد من الجرائم التي ارتكبها طرفا النزاع في البلاد، والتي قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانيَّة بحسب نظام روما للمحكمة الجنائيَّة الدوليَّة التي لديها اختصاص محدود فيما يتعلَّق بالنزاعات داخل السودان.
وحذر الأورومتوسطي من تبعات تحول ارتكاب الجرائم المروعة واستهداف المدنيين ونهب ممتلكاتهم وتهجيرهم قسريًا من مناطقهم إلى نهج أساسي لدى الأطراف المتحاربة في السودان ما يستدعى آلية دولية فاعلة تضمن محاسبة مرتكبي هذه الجرائم إعمالاً لمبدأ عدم الإفلات من العقاب.
وشدد على أنه ينبغي على كافة الأطراف الدولية والمؤسسات ذات العلاقة، وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي مغادرة مربع الأقوال والاكتفاء بالشجب والاستنكار إلى تحركات عملية تؤكد من جديد أن القانون الدولي يلزم كافة الأطراف المتحاربة بوقف استهداف المدنيين تحت أي مبرر، ويلزمها بالسماح بوصول آمن دون عوائق للمساعدات الإنسانية.
وقال المرصد الأورومتوسطي إن التصعيد المستمر في ارتكاب مجازر وجرائم قتل وتهجير بحق المدنيين يتم في وقت يواجه الملايين شبح أكبر المجاعات في العالم منذ عقود.
وذكر أن الأوضاع الإنسانية تتفاقم بمستويات شديدة الخطورة في غالبية مناطق السودان بفعل النقص الحاد في المواد الغذائية الأساسية وارتفاع الأسعار بأكثر من أربعة أضعاف، في وقت تتورط الأطراف المتحاربة في منع دخول إمدادات الإغاثة إلى المناطق الخاضعة لخصومها.
ووفقًا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، يواجه قرابة 18 مليون شخص في السودان من أصل 49 مليون نسمة هم عدد السكان في البلاد "مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد" والتي تعتبر على مسافة خطوة واحدة فقط من المجاعة، وهو ما يهدد باحتمال وفاة عشرات الآلاف خلال أشهر معدودة.
وأكد الأورومتوسطي أن غياب أي أفق للحل السياسي ولتحرك دولي فعلي لمحاولة تأمين ذلك للصراع في السودان بنذر بتسارع وتيرة أكبر أزمة مجاعة في العالم منذ عقود، ويفاقم من أزمة النزوح التي تعتبر الأكبر في العالم، في وقت تتفاقم معدلات البطالة بشكل قياسي في البلاد وترزح تحت وطأة انهيار النظام المصرفي.
وشدد الأورومتوسطي على أن الأوضاع الإنسانية المتفاقمة هي مسؤوليَّة الأطراف المتنازعة التي لا تنفك تنتهك قواعد القانون الدولي الإنساني، وذلك على الرغم من تصريحها دائما أنها تعمل على مساءلة ومحاسبة من ينتهكون هذه القواعد، دون أي خطوات عملية على الأرض.
وجدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان مطالبته أطراف النزاع في السودان بوقف فوري لانتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ومعاقبة مرتكبي تلك الانتهاكات وتحقيق العدالة للضحايا، وضمان الممرات الآمنة والإنسانيَّة لوصول المساعدات للمدنيين، إضافة إلى ضرورة وقف الأعمال العسكريَّة واحترام إرادة الشعب السوداني.