السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

القرار… في مجلس الأمن أم في البيت الأبيض؟

نشر بتاريخ: 12/06/2024 ( آخر تحديث: 12/06/2024 الساعة: 09:58 )
القرار… في مجلس الأمن أم في البيت الأبيض؟



بقلم: د. صبري صيدم

«فيلم محروق» ذاك الذي أعده رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي جو بايدن، عبر ما سمّي بمبادرة وقف إطلاق النار الأخيرة، التي تحولت إلى قرار صادر عن مجلس الأمن. فلا الأول استطاع أن يعلنها، ولا الثاني استطاع أن يحميها. فنتنياهو المثقل بحجم الخبث والخداع والمراوغة، التي يمارسها بحق خصومه الطامعين بكرسيه، لم يمتلك الجرأة ليعلن جهاراً نهاراً بأنه صاحب المبادرة المذكورة، خاصة لما تحمله من كلمات لا تتوافق وخطابه اليومي الديماغوجي الاستعلائي المناور، حتى أنه نفى علاقته بها أمام زملائه الأعداء، لكنه أكد لحلفائه الموثوق بهم وهم قلة، بأنه صاحب المبادرة جملة وتفصيلا، إلى أن جاهر أعضاء مجلس الأمن بأن نتنياهو هو بالفعل صاحب المبادرة المحمومة.

أما بايدن المتعثر في مواقفه ومنطقه وحتى درايته الجغرافية، فقد زعم ملكيته للمبادرة، لتتحول أمريكا المتمنعة عن وقف الح، والحامية لمواقف إسرائيل بالقرار والمال والسلاح، من جدار صد إلى حمامة سلام في مجلس الأمن، تريد وقف الحرب بل ترجو روسيا والصين، أن لا تستخدما حق النقض (الفيتو).. يا سلام! بالفعل.. يا سلام!

فأمريكا التي سكتت على 250 يوما من الحرب، ووفرت مصانعها وخزناتها آلاف الأطنان من السلاح، واستخدمت حق النقض الفيتو لحماية الاحتلال، ومنعت وقف الحرب، وأنشأت القاعدة الأمريكية الجديدة، المسماة «الرصيف البحري»، تصر اليوم على وقف النار، بل تذهب لمجلس الأمن لتحول موقفها، أو بالأحرى مبادرة نتنياهو إلى قرار أممي.. سبحان الله!

المفارقة في الأمر، أن فريق نتنياهو، وعلى طاولة مجلس الأمن، وقبل أن يجف حبر القرار إثر إقراره، سارع وقبل أن تنتهي مداخلات الدول الأعضاء المرحبة والمهللة، لرفض القرار ضمناً عبر القول إن إسرائيل ستواصل الحرب ولن يوقفها حتى تحقيق أهدافها، هنا «احترق الفيلم»!

نتنياهو يكتب القرار ونتنياهو يحرق القرار.. وهو ما يؤكد أن مسرحية الرجلين لم تكن إلا لشراء الوقت وتعظيم النتائج في معركة عض الأصابع، فهل كان وقف النار يحتاج لقرار صادر عن مجلس الأمن؟ أم لقرار صادر عن البيت الأبيض؟

مجلس الأمن لا يزود إسرائيل بالسلاح بل أمريكا، ومجلس الأمن لا يوفر الغطاء بل أمريكا. أمريكا التي خصصت إنتاجها الحربي لإسرائيل لتفعل ما فعلت على مدار 250 يوماً، وأمريكا التي صمتت على نزوات ومناورات ومغامرات حكومة الاحتلال. فهل قرار مجلس الأمن هو من سيصنع الفارق؟ أم وقف تزويد إسرائيل بالسلاح هو الذي سيقطع دابر الصواريخ والراجمات، ويوقف الدبابات، ويحقن دماء الأبرياء، فالقرار لم يوقف الحمم والنار، بل زاد وقعها وجحيمها ليلة صدوره وتغني العالم به.

المؤلم في الأمر أن اللعب بالنار وأفلام أمريكا وإسرائيل «المحروقة»، تستنزفان دماء الأبرياء ومقدرات الحياة للكل الفلسطيني وتسحقان النساء والأطفال والعجزة وتدمران ما بقي من أنفاس أخيرة للشارع الغزي خدمة لطموحات نتنياهو.

نتنياهو الذي يريد البقاء في الحكم وعلى حساب كل شيء، ومهما كلف الأمر. نتنياهو الذي يصر على أن يكون الأبرياء وقود بقائه على رأس الهرم في إسرائيل متفادياً السجن والعزل، خاصة بعد أن باءت مطامحه الميدانية بالفشل والتعثر. فهل تستمر الأفلام المحروقة؟ ننتظر ونرى!