نيويورك -معا - عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك مؤتمر المانحين السنوي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين ( الأونروا) والذي يأتي في ظل العدوان الاسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني، وفي ظل حملات التحريض والتشويه التي تشنها إسرائيل ضد وكالة الغوث والعاملين فيها.
وقدمت الدول الأعضاء المشاركة تعهدات بتوفير التمويل الدائم والكافي لبرامج وكالة الغوث تعبيرا عن تضامنهم مع اللاجئين الفلسطينيين وتقديرا لعمل وكالة الغوث الإنساني والتنموي، بما في ذلك في مجال الصحة والتعليم.
كما رفضت الدول في بياناتها كل محاولات إسرائيل تدمير الأونروا او وصمها "بالارهاب" و انهاء عملها، واكدت الدول على ضرورة تعزيز عمل الأونروا في ظل ما تتعرض له الوكالة وفي ظل ما يتعرض له مجتمع اللاجئين الفلسطينيين، إلى حين تحقيق حل سلمي عادل وشامل لقضية اللاجئين الفلسطينيين الذين لا تسقط حقوقهم بالتقادم. كما طالبت ايضا بضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة كشرط اساسي لحماية المدنيين وللاستجابة بشكل فعال للاحتياجات الإنسانية المتزايدة.
وكان من أبرز الحاضرين في هذا المؤتمر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش، والذي أكد على اهمية دور الأونروا الذي لا بديل عنه، وطالب بتوفير الدعم اللازم لعملياتها في كافة المناطق وخاصة في قطاع غزة الذي يمر بكارثة إنسانية غير مسبوقة. كما شارك رئيس الجمعية العامة السيد دينيس فرانسيس، والمفوض العام لوكالة الغوث السيد فيليب لازاريني، ووزيرة خارجية سلوفينيا السيدة تانيا فاجون، والتي بدورها أطلقت تعهدا مشتركا مع الكويت والأردن لدعم وكالة الغوث، والذي انضمت له نحو ١١٨ دولة بما في ذلك كافة الدول الاعضاء في مجلس الأمن.
وشاركت دولة فلسطين في هذا المؤتمر يمثلها الوزير د. رياض منصور ، سفير دولة فلسطين لدى الامم المتحدة، والذي قال في بيانه أن اللاجئين الفلسطينيين ومنذ اقتلاعهم من منازلهم وقراهم وبلداتهم ومدنهم من وطنهم - في نكبة عام 1948 لا يزالون يعانون بشكل غير مسبوق في ظل استمرار النكبة بل وتكرارها دون اي حل في الأفق. وقال ان اللاجئين تحملوا مصاعب لا توصف، أزمة تلو الأخرى، وتشردوا وحرموا من حقوقهم، بما في ذلك العودة والحصول على تعويضات عادلة عن خسائرهم ومعاناتهم.
وأوضح منصور ان في غزة، يواجه اللاجئون الذين تُركوا ليعانوا تحت الحصار منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، أزمة وجودية لا تهدد قدرتهم على التأقلم فحسب، بل تهدد بقائهم على قيد الحياة أيضًا. فلا يوجد مكان آمن يلجأ إليه اللاجئين في غزة، ولا حتى تحت راية الأمم المتحدة. حيث تستمر قوات الاحتلال الإسرائيلية في استهداف مدارس الأونروا وقصفها في هجوم تلو الآخر، الأمر الذي يزيد من الخسائر والدمار والصدمات التي فرضت على الشعب الفلسطيني.
وقال ان إسرائيل دمرت كافة ظروف الحياة في غزة و استخدمت المجاعة والجفاف كأسلحة حرب واستخدمت والمساعدات، بما في ذلك الغذاء والماء والأدوية، كورقة مساومة. واكد منصور ان الحرب التحريضية العلنية التي تشنها إسرائيل على الوكالة تهدف بوضوح إلى دفع الأونروا إلى الانهيار لحرمان اللاجئين من من شريان الحياة، وحرمانهم من أي شكل من أشكال الدعم والحماية، والاستمرار في حرمانهم من حقوقهم الأساسية.
وصرح د. منصور أن الأشهر التسعة الماضية زعزعت إيماننا بالإنسانية وبالقوانين الدولية التي وُضعت لحماية حياة الإنسان وضمان سلامة وكرامة واحتياجات المدنيين في النزاعات المسلحة في جميع أنحاء العالم. كما تساءل: هل الفلسطينيون أقل من البشر، ولا ويحق لهم الحصول على نفس الحقوق، ونفس الاحترام، ونفس الاعتبار؟ وطالب منصور بضرورة وضع حد لهذا الظلم. واستعادة الإنسانية، والتمسك بالقواعد التي تحميها ومحاسبة من ينتهكها.
واكد د. رياض منصور على ضرورة تحقيق الحرية للشعب الفلسطيني حتى يتحقق السلام. وحتى ذلك الحين، تظل الأونروا مسؤولية دائمة للمجتمع الدولي وتظل شريان الحياة للاجئين الفلسطينيين.
وقال أيضا انه بالرغم من محنة ومعاناة الشعب الفلسطيني إلا أن الالتزامات المشتركة بشأن الأونروا التي أطلقتها سلوفينيا والأردن والكويت والتي انضم إليها جميع أعضاء مجلس الأمن، الحاليين والقادمين، إلى عدد كبير من الدول يدل على الدعم الدولي الذي تتمتع به الأونروا نظرا لدورها الحيوي وتفويضها.
وعبر منصور عن امتنان دولة فلسطين لجميع المانحين على التمويل السخي الذي قدموه على مر السنين، والذي يقدمونه الآن للأونروا في هذه الأوقات العصيبة، وحثهم على تقديم المزيد من الدعم حتى يتسنى إنشاء مدارس للأطفال، وتقديم الرعاية الصحية للصغار والكبار، والغذاء والرعاية الطارئة للفئات الأكثر ضعفاً واحتياجاً. وانه هذا الدعم سيشكل الفارق بين الحياة والموت، بين العيش الكريم أو البؤس الذي لا يطاق للملايين في انتظار حل عادل لمحنتهم.
وتجدر الإشارة إلى انعقاد مؤتمر صحفي لمايقرب نحو ١١٨ دولة قبيل بدء مؤتمر المانحين، وذلك لإطلاق مباردرة التعهدات المشتركة لدعم الأونروا بمشاركة وزيرة خارجية جمهورية سلوفينيا وسفراء وممثلي الدول الموقعة، بما في ذلك ممثل دولة الكويت وممثل المملكة الأردنية الهاشمية.