ارامل الشهداء - هموم.. والام.. واحزان تضاعف صعوبة الحياة
نشر بتاريخ: 15/07/2009 ( آخر تحديث: 15/07/2009 الساعة: 21:13 )
غزة- تقرير خاص معا- لا يختلف اثنان ان غالبية ارامل الشهداء يواجهن صعوبات اجتماعية واقتصادية جمة تضاعف من الآلامهن وهمومهن واحزانهن .
فهل زوجات الشهداء- الأرامل- قطعة من تركات الازواج المتوفين بأمر الله؟ وهل يتساوين مع مخصصاته المالية وأثاث منزله؟ أم أنن كيان مستقل وإنسان له من الوجود والحقوق ما يستحق تضحيتها؟ حيث قدمت الزوج في سبيل القضية والوطن ويخفف عنها آلام فراقه.
الواقع يختلف عن الشعارات، فواقعهن أليم ومحزن، فهن يجبرن على الزواج من شقيق الزوج وأحيانا احد أقربائه وإن لم توافق فإن القضايا لانتزاع أطفالها تكون قامت ولم تقعد.
مؤخراً تبنى المجلس التشريعي ونوابه في كتلة التغيير والإصلاح قراراً تشريعياً يقضي بأن تعود حضانة أبناء الشهيد لأمهم ولا ينازعها على ذلك منازع أيا كان، القرار كما قالت" عائشة أبو شنب" زوجة الشهيد المهندس إسماعيل أبو شنب اعتبر سارياً من السابع من الشهر الجاري.
قرار قد يريح آلاف من زوجات الشهداء اللواتي يواجهن قضايا من عائلات أزواجهن للصراع على مخصصاته المالية وأطفاله، حتى ان إحداهن همست في أذني "ليتني استشهدت معه وأطفالي لهم الله".
في غزة اليوم حاولت وزارة شؤون المرأة بالحكومة المقالة وجمعية شموع مضيئة طرح القضية واستقراء أفكار المثقفين والمفكرين والقانونيين حول المطلوب للنهوض بواقع الأرامل ومناصرتها كي لا تحرم من أطفالها ومن احترامها وسط المجتمع، وذلك بالنظر إلى ارتفاع عدد الأرامل وفق ما تضمنته ورقة دعوة وزارة المرأة التي قالت ان الحرب الأخيرة على غزة خلفت 2000 امرأة و6 آلاف يتسم- وهي ارقام لم يتسن لوكالة "معا" التاكد منها.
عميد كلية التربية بالجامعة الاسلامية د. محمود ابو دف قال ان عشرين معوقا تواجهها ارامل الشهداء وفق دراسة أعدها وهي عدم توافر مصدر دخل ثابت للزوجة، تزويجها عنوة لأحد أخوة الشهيد، عدم قدرتها على تحمل المسئولية تجاه الأبناء، تدخل أهل الزوج في تربية الأبناء وفرض آراءهم عليها، حجب الأبناء عن زوجة الشهيد بعد زواجها من شخص آخر، النظر إلى زوجة الشهيد على أنها عنصر غريب بين أهل الشهيد، الحد من حركة الزوجة والتضييق على خروجها من البيت، التشكيك في قدرة زوجة الشهيد على رعاية الأولاد، افتعال مشاكل من قبل أهل الشهيد، التعدي على حقوقها المالية من قبل أهل الزوج، منعها من إكمال دراستها، تدخل أهل الشهيد في أمورها الخاصة، تجنب بعد الصديقات والأقارب خوفاً على أزواجهن، تدني مستواها التعليمي والثقافي، الشعور بالوحدة وفقدان المساند والنصير، عدم وجود بيت مستقل لها ولأولادها، ضعف قدرتها على مواجهة مشكلات الحياة، استسلام زوجة الشهيد للأمر الواقع والشعور بالإحباط، افتقارها إلى برامج تأهيل ورعاية كافية، وأخيرا افتقارها لمهارات التواصل الاجتماعي.
واعتمد ابو دف على دراسة لإخصائية نفسية بالمركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات، التي قالت أن المرأة حال فقدها المعيل الأول في أسرتها، تعاني من ضغوط نفسية شديدة، منها قلق نفسي، وحرمان عاطفي، وقد أوضحت أن هناك شكاوي تصل المركز من النساء الأرامل ـ خاصة من يتلقين مساعدات مباشرة من المؤسسات ـ بإجبارهن على الزواج ومساومتهن على التنازل عن الأولاد والمساعدات المقدمة، أما (غادة) الباحثة الإجتماعية في مؤسسة خيرية إسلامية، فقد أشارت إلى أن الأرامل يعانين من مشاكل نفسية معقدة في ظل تداعيات الحصارالإقتصادية والإجتماعية وأوصت بضرورة تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهن ولأسرهن.
في التشريعات الفلسطينية قال دكتور نافذ ياسين المدهون أستاذ المرافعات- كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية أن المشرع الفلسطيني لم يفرد نصوصا خاصة بالمرأة المتوفى عنها زوجها على وجه الخصوص، وقد تعامل على قدم المساواة بين كافة النساء واكتفى القانون بمعالجة المسألة في المادة (22) البند "2" والتي تنص على" رعاية أسر الشهداء والأسرى ورعاية الجرحى والمتضررين والمعاقين واجب ينظم القانون أحكامه وتكفل السلطة الوطنية لهم خدمات التعليم والتأمين الصحي والاجتماعي".
ويقول المدهون" أنه على الرغم أن المرأة الأرملة لها وضعها الخاص الاستثنائي الذي كان من المفترض مراعاته في القانون الأساسي هذا القانون الذي هو الدستور الذي يحدد الحقوق والحريات بشكل دقيق لكل فئات المجتمع فهو المرجع الرئيسي والأساسي وهذا الدستور، أو كانت عاملة لا يمكنه أن يكون ديمقراطيا حقا، إلا إذا اعتمد على مرجعية حقوق الإنسان، وعلى المساواة بين الرجال والنساء في تلك الحقوق والأخذ بعين الاعتبار الوضع الخاص بالمرأة الأرملة باعتباره الدستور هو القانون الأسمى للدولة، والدولة لا يمكنها أن تكون ديمقراطية أولا، إلا بدستور ديمقراطي وعليه يجب أن يراعي القانون الأساسي الفلسطيني حقوق المرأة سواء كانت أرملة أو كانت ربة بيت أو عاملة كغيره من الدساتير العربية والعالمية".
أما رئيس قسم الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية د. محمد النحال فقال في كلمة له بالمؤتمر أن الدولة يجب أن تتحمل مسؤولية حماية المرأة الأرملة ورعايتها بسبب حالة الضعف التي تعتريها من خلال إقرار مجموعة من الحقوق الاجتماعية والمالية والنص عليها في التشريعات المحلية، وضمان نيل وممارسة هذه الحقوق تكمن في اهتمام الدولة بتوفير سبل التقاضي السليمة عند رفع الدعاوى من قبل الأرامل للحصول على حقوقهن المشروعة.
ويتحدث النحال عن ضرورة منح المحاكم الشرعية والنظامية نوعا من الخصوصية للمرأة الأرملة خصوصاً في سرعة تحريك وسير الدعوى والارتقاء بمستوى القضاء سواء النظامي أم الشرعي يتطلب الارتقاء بدوائر التنفيذ في المحاكم وتوفير المال الكافي لتحريك الدعوى من قبل الأرملة سواء عن طريق الدولة عبر تخفيض رسوم الدعوى أو الإعفاء منها، أو عن طريق توفير المال من الجهات والمؤسسات الخيرية المحلية والدولية.
والدعوة إلى تشجيع المرأة للالتحاق بعمل المحاماة الشرعية والنظامية لتحقيق التواصل بين صاحبة الدعوى (الأرملة) ووكيلها المحامي.
أما أستاذ الصحة النفسية المساعد في قسم علم النفس بالإسلامية د. عبد الفتاح الهمص فقد دعا إلى السعي لتغيير النظرة الدونية التي تعطيها بعض المجتمعات للنساء الأرامل، من خلال منابر الثقافة في المجتمعات المسلمة، كالدروس وخطب الجمعة وتخصيص حلقات فضائية لمناقشة هذا الأمر، ومن خلال طرح الموضوع في الجرائد والمجلات ومواقع الإنترنت وغيرها من وسائل الإعلام.
ويؤكد الهمص على ضرورة إنشاء جمعيات خاصة برعاية الأرامل، بحيث تجمع البيانات في المدن وتضع خطة للقيام برعاية الأرملة وكذالك دعم المجتمع المدني برعاية الأرملة من خلال مشاريع التزويج لمن شاءت، أو من خلال مشاريع تنموية للإنفاق.