الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

المسلسل الذي سيملأ الدنيا ويشغل الناس!

نشر بتاريخ: 24/07/2024 ( آخر تحديث: 24/07/2024 الساعة: 10:36 )
المسلسل الذي سيملأ الدنيا ويشغل الناس!

بقلم: د. صبري صيدم

بقي بايدن ذهب بايدن، عاش ترامب مات ترامب، نجحت هاريس فشلت هاريس، مشاهد من مسلسل أمريكي متدحرج سيملأ الدنيا ويشغل الناس حتى تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل بصورة سيختفي معها الاهتمام العالمي بأولويات البشر الأخرى وآهاتهم وحروبهم وحتى كوارثهم، وبصورة لا يعود لأي من أحداث العالم أدنى حضور يذكر، لا لعدم أهميتها ولا لقلة صخبها، بل لانشغال الإعلام الأمريكي والعالمي بالانتخابات الأمريكية بكامل تفصيلاتها.

ولعل ما يزيد من إثارة العالم حول موضوع كهذا، إنما يتمحور حول كون الانتخابات الأمريكية الفاصلة بين مرحلتين رئاسيتين نادراً ما تحظى بهذا القدر من الأهمية والانشغال والزخم الإعلامي الطاغي، لكن مجريات الأحداث وما صاحب السباق الرئاسي الأمريكي من تطورات غريبة، خاصة خلال الأيام القليلة الماضية، إنما قاد نحو تواتر لاهتمام غير مسبوق بتفاصيل الاستعدادات لتلك الانتخابات.

فتردد الرئيس بايدن بالانسحاب ثم انسحابه، ومحاولة اغتيال ترامب ثم نجاته، ودخول نائبة بايدن على الخط، بفعل انسحاب رئيسها لتكون السيدة السمراء الأولى التي تترشح لهذا الموقع، كلها عوامل زادت من الإثارة اليوم في عالم الانتخابات الأمريكية، فبتنا مع مسلسل كاوبوي جديد ونسخة متطورة من مسلسلات دالاس، والسيارة العجيبة، وهالك الخارق.. وعودة لمغامرات سيلفيستر ستالوني، وكلينت إيستوود، وجورج كلوني وغيرهم الكثير من نجوم هوليوود وأفلامها الجديدة والقديمة والمحروقة.. الحاضر منها والمنسي.

ومع ازدحام نشرات الأخبار بتفاصيل السباق، فإن الجروح المفتوحة في العالم ستزداد احتقاناً وتورماً والتهاباً، ليس فقط لما يحتله ذلك السباق من مساحات إعلامية واسعة ستغطي على تلك الجروح، بل أيضاً لميل أركان «الجروح» إلى النزوع نحو انتظار نتائج تلك الانتخابات، وما تحمله من مد وجزر سيؤثر على تفاصيل عالمية كثيرة. فترامب مثلاً لا يتوانى عن الحديث في القضايا الخارجية، وبصورة فاضحة وعلنية صاخبة، بل لا يتوانى عن تسطيح الحلول وتبسيطها مستخدماً التهكم تارة والتهديد والوعيد تارة أخرى، خاصة في ملفات حساسة كأوكرانيا وروسيا والصين وفلسطين وإسرائيل وغيرها.

هذا التسطيح في تناول قضايا ملتهبة، إنما يعزز من الإثارة والتهريج، ويرفع من منسوب الاهتمام بخطاب كهذا غير مألوف. فترامب، وحسب زعمه جاهز لوقف حروب العالم بمكالمة هاتفية واحدة، ولمنع تدفق اللاجئين بإغلاق الحدود، ومنع التنين الصيني من سطوته الاقتصادية، برفع الضرائب، إضافة إلى قائمة لا تنتهي من إجراءات انقضاضية يحضر لتنفيذها كما يقول.

واليوم ومع انسحاب بايدن ودخول أول مرشحة من أصول أفروآسيوية على الخط، بدأت جبهات الإعلام والسياسة الأمريكية بالضغط في اتجاهات مختلفة، كل حسب داعميه ومحركيه ومشغليه، لتستعد ماكنة هاريس التي باتت تحظى بدعم كاف من حزبها، لضمان ترشحها الرسمي، لحرب ضروس لا محرمات فيها، في مقابل استعداد الماكنة الفضائحية لترامب للانقضاض على غريمته الجديدة في حلبة نزال ستكون الأقذر لا محالة.

قذارة السباق الانتخابي الأمريكي هذه المرة، ستتضاعف في شكلها ووقعها بعدما شعر ترامب عام 2020 بأن خسارته آنذاك شكلت بالنسبة له انقلاباً حقيقياً عليه، وخلعاً مؤلماً له من السلطة، واستبعاداً موجعاً من نصر اعتبره هو محققاً، وهو ما قاد لاقتحام أنصاره يوم السادس من كانون الثاني/يناير 2021 لمقر الكونغرس. وعليه فإن طموح ترامب بالعودة لن يعرف أياً من السقوف ولا المحرمات. هذا الحال وفي حال كانت نتيجته خسارة ثانية لترامب فإن الأمور ستصبح أكثر تعقيداً ودموية في أمريكا مما شهدناه مع اقتحام الكونغرس عام 2021.

أياً كانت المجريات والنتائج فإن الانتخابات الأمريكية وأحداثها ووقائعها وما تحمله من تطورات وإثارة ونشاط إعلامي طاغٍ، فإن الواقع المر الذي يعيشه الأهل في فلسطين سيكون الضحية الأولى من حيث التغطية والحضور الصحافي، بل ربما يشكل هذا الغياب فرصة سانحة لعصابة تل أبيب للاستمرار في المقتلة التي ترتكبها والاستمرار في توظيف المشهد للتغطية على فظائعها، فهل تبرهن التجربة عكس ذلك؟ ننتظر ونرى!

[email protected]