النقب- معا- يهدد شبح الهدم 18 منزلا بينها 5 منازل تواجه أوامر هدم بشكل فوري، ونحو 20 عائلة بالتشريد في قرية أم بطين بمنطقة النقب، وذلك بعد هدم منزل الشاب إيهاب سالم أبو كف أمس، الأربعاء، الذي سكنه قبل قرابة عام ونصف.
وكان المنزل قد شُيد داخل الخط الأزرق والمخطط الهيكلي لقرية أم بطين وبين مدرستين في القرية، ولكن رغم ذلك لم يسلم من الهدم، إذ أصدر صاحبه معظم تراخيص البناء اللازمة، وبعد هدم المنزل صدر قرار من المحكمة العليا بإرجاء الهدم بعد أن أنهت الآليات عمليتها.
وتقع أم بطين تحت نفوذ مجلس القيصوم الإقليمي الذي يضم 6 قرى أخرى هي: السيد، سعوة، الترابين، الدريجات، مكحول، كحلة. يبلغ عدد المواطنين بالقرى المعترف بها 20 ألف نسمة، كما يتولى المجلس نفسه مسؤولية عدد من القرى مسلوبة الاعتراف التي يصل عدد المواطنين فيها إلى 50 ألف نسمة.
وقال رئيس مجلس القيصوم الإقليمي، جبر أبو كف، لـ"عرب 48"، إن "هدم المنزل في أم بطين وقع بينما كان في المراحل النهائية من إصدار التراخيص اللازمة، وما تبقى لصاحب المنزل هو دفع الفاتورة النهائية ولكن بسبب الحرب لم يتمكن من ذلك".
وأضاف "قمنا بكل الخطوات والإمكانيات لمنع الهدم، ولكن كل ذلك لم يأت بنتيجة وجرى هدم المنزل. هذا المنزل يقع ضمن قسيمة بناء قانونية مسجلة باسم صاحب الأرض، ولكن جرى هدم المنزل من قبل دائرة أراضي إسرائيل".
وتابع أبو كف أن "الهدم الذي حصل غير قانوني وخصوصا أن المحكمة العليا أصدرت قرارا بتأجيل تنفيذ الأمر، لذلك سنقدم شكوى ضد الشرطة ودائرة أراضي إسرائيل على هذا الهدم غير قانوني".
وتطرق إلى المنازل الأخرى المهددة بالهدم بالقول، إن "هناك مجموعة من المنازل مهددة بالهدم في أم بطين، إذ أن هناك قسم كبير من المنازل بالإمكان منع هدمها، إلا أن السلطات لا تمنح الوقت الكافي لإصدار التراخيص اللازمة وتعجل بأوامر الهدم".
وعن قرى مجلس القيصوم، أوضح أبو كف أن "القرى المعترف بها بشكل رسمي هي 7 قرى، إلا أن المجلس يضم أيضا قرى غير معترف بها ويقدم لها الخدمات التعليمية والرفاه الاجتماعي، إذ أن عدد السكان في القرى السبع 20 ألف نسمة بينما في القرى غير المعترف بها 50 ألفا، والمجلس يقدم خدمات لـ70 ألف نسمة بميزانيات مخصصة لـ20 ألف نسمة".
وذكر المركز الميداني في المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها، معيقل الهواشلة، لـ"عرب 48"، أن "الهجمة الشرسة على القرى العربية في النقب أمر ليس بجديد، ولكن المؤلم أن هذه القرى معترف بها والبناء يكون داخل الخط الأزرق، والهدم الذي حصل في أم بطين كان داخل هذا الخط، ورغم ذلك تأتي السلطات الإسرائيلية وتهدم منزلا. الأمر مؤلم سيما وأن الهدم جرى بوجود أعضاء كنيست ورؤساء سلطات محلية ومسؤولين والجميع قدموا قوتهم لمنع الهدم، ولكن كل ذلك لم يمنع الجرافات من الهدم، إذ أن الهدف هو الهدم ويعملون على تنفيذه بعيدا عن القانون والإنسانية والحقوق وهذه هجمة شرسة على المواطنين العرب في النقب".
وأضاف "لو هدموا كل البيوت، نحن عرب بدو سكنا في الخيام على مدار التاريخ، ومستعدون أن نسكن في الخيام كما عاش الآباء والأجداد سابقا، إذ أننا نتواجد هنا قبل قيام دولة إسرائيل ونحن السكان الأصليين ولا تستطيع الدولة بأي شكل من الأشكال أن تقتلع المواطنين من أراضيهم، الدولة لاحقت المواطنين في مختلف مناحي الحياة إن كان في الزراعة أو عبر الهدم والتشريد، ورغم ذلك لم ولن نترك الأرض والقرى".
وأوضح الهواشلة، أن "الهدم يلاحق كل القرى البدوية المعترف وغير المعترف بها، لكن رغم ذلك المواطنين صمدوا بأراضيهم وأهل النقب لا يزالون صامدين بأرضهم، إذ أن العرب في النقب لا يريدون العيش في قصور إنما طلبنا بسيط وهو الاعتراف بأرض الآباء والأجداد، نحن نعيش في أرضنا التي لنا على مدار التاريخ ولن نتنازل عنها".
وتحدث عن المطلوب من الأهالي والقيادات لمحاولة ردع الهجمة الشرسة ضد هدم المنازل، بالقول إن "المواطنين يعملون ما بوسعهم لمنع الهدم ويتجمعون عند المنازل ومعهم القيادات العربية، ولكن ماذا بإمكاننا أن نفعل أمام قوات كبيرة ومدججة بالسلاح؟ إذ أن القوات لا تكتفي بهدم المنازل إنما تقوم بهدم الطاقة الشمسية وصهاريج المياه، وما يحصل لا يحدث بأي مكان في العالم وكل ذلك تحت إشراف الوزير إيتمار بن غفير الذي تسلم مسؤولية أوامر الهدم".
وقال عضو بلدية رهط، د. مازن أبو صيام، لـ"عرب 48"، إنه "رغم الحرب إلا أن المواطنين العرب في النقب لا يسلمون من الهدم الذي يجتاح البلدات العربية في النقب، ويحدث ذلك حتى يحصل بن غفير على تغريدة في مواقع التواصل الاجتماعي وحتى يتفاخر في هدم المنازل العربية بالنقب".
ولفت إلى أن "منزل عائلة أبو كف الذي هدم بالأمس بقرية أم بطين المعترف بها منذ 25 عاما، يقع ضمن مخطط القرية وبين مدرستين أي أنه ليس في مناطق مفتوحة وغير منظمة، وذلك انتقاما من العرب في النقب".
وذكر أبو صيام، أنه "عندما كانت الآليات تهدم المنزل هدمت الغرفة المحصنة بداخله وواجهت صعوبات نوعا في بهدمها، إلا أن الآليات والشرطة والسلطات الإسرائيلية لا تعلم أنها هدمت الغرفة المحصنة الوحيدة في تلك المنطقة، وجعلت العائلة دون مأوى وغرفة محصنة في ظل الحرب المستمرة، والأهالي في النقب لا يزالون يعانون من الحرب وحتى اللحظة لم ننهض من آثارها".
وشدد على أن "سياسة الهدم في النقب والشمال والمثلث والجليل ومختلف المناطق هي سياسة انتقامية من العرب بشكل عام، إذ أن كل منزل يُهدم يخرج بن غفير ويغرد على الهدم، وهذا لا يتعلق فقط بالهدم إنما في قضية الجريمة بحيث أننا لا نرى هذا الوزير يتحدث عن الجرائم ويزور مواقع الجرائم ليعقب ويلقي القبض على المجرمين، بينما هو يتفاخر بالهدم وتشريد العائلات العربية".
وأشار أبو صيام إلى أن "المجتمع العربي هو حلقة مستضعفة وخصوصا في ظل هذه الحكومة اليمينية المتطرفة، ونحن نناشد كل القوى والمجتمع الدولي من أجل حماية المجتمع العربي في الداخل وحماية العرب من هذه الحكومة التي تخطط كل الشر لنا".
وقال الحاج حسين أبو كف من بلدة أم بطين، لـ"عرب 48"، إن "أم بطين هي قرية معترف بها وليست من القرى غير المعترف بها، وهي ضمن نفوذ المجلس الإقليمي القيصوم والذي يضم 6 قرى أخرى معترف بها، وبعد الاعتراف بقرية أم بطين جرى تخصيص قطع أراضي للمواطنين من أجل البناء في مسطح القرية".
وأضاف أن "ما حصل بالأمس في القرية من هدم منزل كان أمرا غير منطقي، وخصوصا أن المنزل يقع داخل نفوذ القرية ورغم ذلك جرى تنفيذ الهدم. نحن لسنا ضد القانون ولكن صاحب المنزل كان في المراحل النهائية من إصدار التراخيص اللازمة، بينما السلطات قامت بتعجيل الهدم وأصبحت العائلة دون مأوى ومنزلا يحتويها".