نيويورك-معا- بعث المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور، اليوم الثلاثاء، بثلاث رسائل متطابقة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر (سويسرا)، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، بشأن مرور عام كامل على الإبادة الجماعية التي تواصل إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، شنها ضد الشعب الفلسطيني الخاضع لاحتلالها غير القانوني.
ونوه منصور في رسائله، إلى الحملة الإرهابية الجنونية التي قرر القادة السياسيون والعسكريون الإسرائيليون شنها بشكل متعمد على الشعب الفلسطيني، في ظل كراهيتهم المتجذرة للشعب الفلسطيني، والإفلات من العقاب الممنوح لإسرائيل على مدى عقود.
وأشار منصور إلى العقاب الجماعي الصادم، والذي ينتهك جميع المعايير القانونية والإنسانية والأخلاقية، من خلال استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي المناطق المدنية في جميع أنحاء غزة بشكل عشوائي، وذبح الأطفال والنساء والرجال، وتدمير جميع العناصر الأساسية لبقاء الإنسان وكرامته، لافتا إلى إلقاء إسرائيل، في غضون يومين فقط، آلاف القنابل والصواريخ على غزة، بما في ذلك تلك التي تزن 2000 رطل، وتكثيف تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، بما في ذلك التهديدات بالقضاء على وجودهم الوطني، واستخدامها التجويع كأسلوب حرب بشكل علني، إلى جانب مطالبة بعض المسؤولين بإلقاء قنبلة نووية على غزة. مشيرا في هذا السياق إلى تعهد إسرائيل بتحويل غزة إلى جزيرة مهجورة غير صالحة للسكن وخالية من الحياة البشرية.
ونوه منصور إلى أنه على الرغم من المطالبات المتكررة بوقف إطلاق النار، فإن إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، تواصل انتهاكها الصارخ لميثاق الأمم المتحدة وجميع مبادئ القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، والتدابير المؤقتة التي أمرت بها محكمة العدل الدولية في قضية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، في حين لم يتخذ مجلس الأمن حتى الآن أي إجراء لفرض وقف فوري لإطلاق النار أو للمساءلة عن الوحشية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني. وأكد أن نتيجة ذلك كارثية للشعب الفلسطيني، وللنظام القانوني الدولي، ولمصداقية مجلس الأمن وسلطته، ولآفاق التوصل إلى حل عادل وسلمي لهذا الظلم التاريخي الخطير.
وأشار منصور إلى أنه خلال هذا العام المنصرم، تجاوز عدد الضحايا الفلسطينيين 42000 قتيل، و97000 جريح، وأنه تمت إبادة 902 أسرة بالكامل، إذ أصبحت غزة فعليا مقبرة للأطفال، بعد أن قتلت إسرائيل 16000 طفل فلسطيني في غزة، إضافة إلى أن هناك أكثر من 10000 فلسطيني في غزة ما زالوا في عداد المفقودين، ومصيرهم مجهول، في حين يواجه جميع سكان غزة، بمن فيهم المرضى والجرحى، انعدام الأمن الغذائي الكارثي، والأمراض المزمنة والمعدية. إضافة إلى تدمير إسرائيل نظام الرعاية الصحية في غزة، ما أدى إلى حرمان السكان المدنيين العزل من الرعاية المنقذة للحياة في خضم حرب شاملة عليهم والكارثة الإنسانية التي ألحقتها بهم. إضافة إلى الغارات الإسرائيلية اليومية التي تشنها إسرائيل على الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، والتي أدت حتى الآن إلى استشهاد 713 فلسطينيا، من بينهم 163 طفلا، وإصابة أكثر من 6000 شخص، إلى جانب مواصلة مليشيات المستعمرين الإسرائيليين المتطرفين مطاردة المدنيين الفلسطينيين في جميع أنحاء القرى والبلدات الفلسطينية، وقتلهم وتدمير مملكاتهم وتشريد الآلاف منهم قسريا.
كما أشار منصور إلى قتل إسرائيل 885 من العاملين في المجال الطبي، وأكثر من 280 من العاملين في المجال الإنساني، من بين أولئك الذين تم قتلهم 225 موظفا في الأونروا، منوها إلى الوصول إلى حد تصنيف الأونروا بشكل صادم كمنظمة إرهابية، وإلغاء اتفاقها مع الوكالة الموقع منذ عام 1967، في انتهاك صارخ لالتزاماتها بموجب الميثاق باحترام قرارات الأمم المتحدة والتعاون مع الأمم المتحدة والتمسك بامتيازات المنظمات وحصاناتها، فضلاً عن انتهاك التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي بوصفها القوة القائمة بالاحتلال.
ونوه منصور إلى أن الهجمة الإسرائيلية على الأونروا هي جوهر حملتها العدائية ضد الأمم المتحدة، بما في ذلك الأمين العام، الذي أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنه شخص غير مرغوب فيه في خطوة متطرفة غير مسبوقة. كذلك أشار منصور إلى قتل إسرائيل ما لا يقل عن 128 صحفيا وإعلاميا فلسطينيا في العام الماضي، خلال محاولاتها العنيفة إسكات أصواتهم وإخفاء جرائمها البشعة عن العالم.
وأكد منصور أنه لا يمكن أن يكون هناك أي مبرر للإبادة الجماعية كما لا وجود لحق -لا دفاع عن النفس ولا أي حق آخر- بموجب القانون الدولي يسمح بالقتل والتدمير الجماعيين لشعب آخر، مشددا على أنه لا يمكن أن تكون هناك استثناءات لسيادة القانون، ولا تسامح مع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وأكد ضرورة إنهاء هذه الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وكذلك، العقاب الجماعي وعمليات النقل القسري والتطهير العرقي لشعبنا، ووقف التمييز والفصل العنصري، وفي السياق ذاته، أكد منصور ضرورة إنهاء استعمار أرضنا وضمها، وضرورة توفير الحماية لشعبنا وضمان سلامته واحتياجاته الإنسانية الأساسية وفقا للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان.
كما طالب منصور بإجراء تحقيق دولي مستقل والمساءلة عن كل الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، عن طريق أجهزة الأمم المتحدة القضائية، بما يشمل إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء ووزير جيش الاحتلال.
وشدد منصور أيضا على ضرورة أن يطالب مجلس الأمن بالوقف الفوري والدائم لإطلاق النار، وتنفيذ قراراته، لا سيما القرار 2735، وتوفير الحماية للسكان المدنيين الفلسطينيين، إضافة إلى اتخاذ التدابير، بما في ذلك فرض العقوبات، في مواجهة استمرار تحدي إسرائيل، ورفضها الامتثال لأوامر التدابير المؤقتة الملزمة الصادرة عن محكمة العدل الدولية.
وأكد منصور ضرورة احترام كل قرارات الجمعية العامة، التي كان آخرها القرار ES-10/24 الذي تبنته عقب قرار محكمة العدل الدولية بشأن عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي، مشددا أيضا على ضرورة عمل الأطراف المتعاقدة السامية في اتفاقية جنيف الرابعة بشكل جماعي على إنفاذ الاتفاقية في الأرض الفلسطينية المحتلة، وضرورة اتخاذ كل إجراء مشروع وفقا للقانون الدولي لإنهاء إفلات إسرائيل من العقاب، الذي يمثل تهديدا مميتا للسلم والأمن الدوليين، ووصمة عار على البشرية جمعاء. وناشد المجتمع الدولي التصرف الفوري بأقصى درجات الاستعجال لإنهاء هذه النكبة ضد الشعب الفلسطيني، وتحقيق سيادة العدالة، واستعادة السلم والأمن الدوليين والقانون الدولي.