"نحو فلسطين رقمية: كيف يمكن للتكنولوجيا تعزيز الشفافية والكفاءة الحكومية؟"

بيت لحم - معا- في عصر يتسم بالتطور التكنولوجي السريع، أصبحت الرقمنة والتحول الرقمي للخدمات الحكومية ضرورة ملحة لتعزيز الكفاءة والشفافية في إدارة الشأن العام- ففي فلسطين، يشكل التحول الرقمي خطوة استراتيجية نحو تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، إذ يتيح لهم الوصول السريع إلى المعلومات والخدمات الحكومية بسهولة ويسر. من خلال تطوير الأنظمة الرقمية، يمكن للدولة تقليل الفجوات بين الحكومة والمواطنين، وتعزيز ثقة الجمهور في المؤسسات الحكومية.

كما أظهرت التجارب العالمية أن الدول التي اعتمدت الرقمنة حققت تقدمًا ملحوظًا في مختلف المجالات، مثل التعليم والصحة والمالية، ما يفتح آفاقًا جديدة أمام فلسطين لتعزيز استدامتها التنموية، إن استثمار الحكومة الفلسطينية في التحول الرقمي لا يقتصر فقط على تحديث البنية التحتية، بل يمتد إلى تحسين جودة الحياة للمواطنين وتيسير الإجراءات الإدارية.

هذا التقرير سيتناول أهمية الرقمنة، التحديات التي تواجهها، والفرص المتاحة لتحقيق تحول رقمي فعّال يسهم في تطوير خدمات حكومية تلبّي احتياجات المجتمع الفلسطيني.

التحول الرقمي بين الواقع والتطبيق

في السنوات الأخيرة، شهدت فلسطين جهودًا متزايدة نحو تحقيق التحول الرقمي في تقديم الخدمات الحكومية الأساسية. تتضمن هذه الجهود تعزيز الشفافية، تحسين الكفاءة، وتسهيل وصول المواطنين إلى المعلومات والخدمات عبر القنوات الرقمية، التحول الرقمي في فلسطين يعد خطوة حيوية نحو تحسين كفاءة الخدمات الحكومية وتعزيز التنمية الاقتصادية.

وفي ورقة بحثيه اعدها مركز مسارات بالتعاون مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، فقد بدأت عملية التحول الرقمي في فلسطين في ديسمبر 2019، مع إطلاق سياسة رسمية تهدف إلى تحسين تقديم الخدمات الحكومية. ومع ذلك، أظهرت الدراسات أن هناك إشكاليات متعددة تعرقل هذه العملية، مثل ضعف البنية التحتية الرقمية، ونقص التمويل، وغياب الرقابة الكافية على تنفيذ الخطط الاستراتيجية.

وبشكل عام، يعتبر التحول الرقمي في فلسطين بمثابة فرصة ذهبية للنهوض بالقطاع العام، ولكنه يتطلب التزامًا قويًا من الحكومة والمجتمع المدني، بالإضافة إلى دعم دولي لتعزيز الموارد المالية والتقنية اللازمة لتحقيق النجاح.

حكومتي

تطبيق " حكومتي" هو تطبيق البوابة للموبايل، ونافذة للحكومة الفلسطينية الإلكترونية يصل من خلالها المواطن للخدمات الحكومية المقدمة من الدوائر الحكومية ويتعرف على آليات الحصول عليه، ويحمل التطبيق مميزات عدة منها سهولة البحث عن أي خدمة، تصنيف الخدمات بناء على عدة عوامل تناسب احتياجات مستخدم البرنامج، ومعرفة مواعيد المناسبات الحكومية من خلال التقويم الحكومي، وتوفير مكتبة كاملة بالمستندات الحكومية اللازمة لأغراض البحث أو الدراسة.

هذا ما جاء في حلقة خلال برنامج "عَ كأسة شاي" والتي حملت عنوان " "حكومتي" أتمتة الخدمات الحكومية ودورها في التقليل من الجهد والوقت والوساطة".

وأوضحت الممثلة عن مؤسسة مفتاح لميس الشعيبي، أن بعض المواطنين الفلسطينيين يعانون من غياب الوعي في موضوع اتباعهم للمعلومات الغير دقيقة التي يتم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي دون التحقق منها، وهذا ينتج عنه الحاجة لوجود مواقع حكومية الكترونية يمكن للمواطن أخذ المعلومات الصحيحة منه.
وأكدت الشعيبي على أن مؤسسات المجتمع المدني تعزز مبدأ المساءلة المبنية على الأرقام الصحيحة والدقيقة، ولهذا هذه المؤسسات تدعم أتمتة الخدمات الحكومية وداعمة لنشر المعلومات الدقيقة التي يحتاجها المواطن.

وللمزيد حول موضوع "حكومتي" أتمتة الخدمات الحكومية ودورها في التقليل من الجهد والوقت والوساطة" شاهد الحلقة التالية

فتطبيق "حكومتي" يُعتبر خطوة مهمة في التحول الرقمي للخدمات الحكومية في فلسطين. يهدف التطبيق إلى تسهيل الوصول إلى الخدمات الحكومية من خلال منصة واحدة، مما يساعد المواطنين على تقديم طلباتهم واستفساراتهم بشكل إلكتروني، وبالتالي تقليل الجهد والوقت اللازمين لإنجاز المعاملات.

من جانبه، قال عصام الحج حسين المدير التنفيذي لائتلاف امان، إن العالم يتجه للاستثمار في الثورة التكنولوجيا والاتصالات ومن ضمنها ايضا موضوع تقديم الخدمات للمواطنين ، والذي يأتي من ضمنها موضوع الاتمتة في تقديم الخدمات و التي لديها ايجابيات كثيرة جزء يتعلق بتوفير الجهد على المواطنين ، و اخر يتعلق بتوفير موارد بشرية و مالية للحكومة ، وايضا يقوم بتقليل الاخطاء ويحد من اي تدخل بشري قد يكون ضد تقديم خدمات ضمن الشفافية والمساءلة .

اراء المواطنين حول اتمتة الخدمات الأساسية

"معا" سالت مجموعة من المواطنين حول آرائهم في موضوع الاتمتة في تقديم الخدمات الكترونيا، قال المواطن "م،ح" من مدينة بيت لحم ، ان لمعاملات أصبحت أسرع وأقل تعقيداً، مما خفف من التكدس في المكاتب الحكومية وساهم في تحسين تجربة المستخدم، ضاربا مثلا على تطبيق حكومتي حيث يقدم بعض الخدمات مثل إصدار الجوازات ودفع الضرائب بشكل إلكتروني، ما سهّل العملية على المواطنين وقلل من الاعتماد على المراجعات الميدانية".

المواطنة "س،ع" من مدينة رام الله قالت هناك سهولة بالاستخدام وسرعة الوصول إلى الخدمات الأساسية، مثل تجديد رخص القيادة ودفع المخالفات المرورية، لكن ليس للجميع فالبعض يجد صعوبات في التسجيل معربة عن الحاجة للتوعية للمواطنين بالية الاستخدام لهذه التطبيقات ".

مواطن اخر من مدينة دوا في الخليل "ب، ع" قال إن هذه الخدمات والتطور خطوة هامة ولكن السؤال هل كل المواطنين تتوفر لهم البنية التحتية للوصول للإنترنت للاستفادة من هذا التطبيق، وفي حال الوصل له هل لدية العلم بالية العمل او الثقة للدفع من خلال الأجهزة، مؤكدا انها خطوة جيدة لكن بحاجة لتطوير البنية التحتية أولا والتوعية بالاستخدام ثانيا".

سلطة الأراضي نحو اتمتة الخدامات والتخفيف على المواطن

سلطة الأراضي في فلسطين تسير بخطوات متقدمة نحو الأتمتة والتحول الرقمي لتحسين خدماتها وتعزيز الشفافية في مجموعة من المبادرات الرقمية داخل سلطة الاراضي، فمن جانبة اوضح رئيس سلطة الأراضي، المستشار علاء التميمي لـ معا ، ان هذه المبادرات تأتي ضمن رؤية متكاملة لتحسين الخدمة وضمان تقديمها بشكل يضمن حقوق المواطنين، مؤكداً على أهمية استغلال الموارد الحالية لتحقيق أهداف التحول الرقمي بشكل كامل.

المهندسة نهرين دراغمة، نائب مدير عام نظم المعلومات قالت، أن الربط الإلكتروني بين السلطة والسفارات الفلسطينية بالخارج، مثل الربط مع سفارة الأردن، يمثل خطوة مهمة لتعزيز حماية الملكيات من التزوير. هذا الربط يتيح تبادل البيانات بشكل سلس، ويوفر أدوات للتحقق من صحة الوثائق باستخدام أنظمة الباركود​

فيما أوضح رئيس دائرة البرمجة حمزة الطردة ان هنام مجموعة من الخدمات الالكترونية الجديدة سيتم إضافتها خلال الفترة القريبة القادمة، حيث سيتم تقديم 18 خدمة الكترونية جديدة من قبل سلطة الأراضي على موقع حكومتي، ستقوم هذه الخدمات بتوفير الوقت والجهد على المواطنين.

وعن الموقع التفاعلي لسلطة الاراضي قالت رئيس دائرة الاعلام وعد حمدان ان هذا الموقع يتيح للمواطنين التواصل مع سلطة الأراضي، والاستفسار والحصول على معلومات عامة عن طبيعة الخدمات المقدمة لهم، كما يتيح لهم أيضاً تقديم الشكاوى.

ضريبة الأملاك وتجربة الاتمتة

وفي إطار التحول الرقمي في فلسطين، تبذل دائرة ضريبة الأملاك جهوداً لتحسين الخدمات من خلال الأتمتة وتسهيل عمليات الدفع للمواطنين، وفقاً لتصريحات مدير عام ضريبة الأملاك، محمود نوفل، وأطراف من هيئة تسوية الأراضي، فإن الهدف الرئيسي من هذه الجهود هو تسريع معاملات المواطنين وتقليل الأعباء عليهم عبر الأنظمة الرقمية.

حيث ركزت اللقاءات والتصريحات الإعلامية بين المسؤولين على ضرورة معالجة الصعوبات التي يواجهها المواطنون أثناء استخراج الوثائق المتعلقة بالأملاك، مثل شهادات الملكية، وتوفير أنظمة دفع إلكترونية أكثر فعالية. كما تم التأكيد على أهمية زيادة عدد الموظفين في الإدارات المعنية لتسريع الإجراءات، خاصة في مناطق مثل محافظة الخليل التي تواجه تحديات كبيرة على الأرض​.

تتزامن هذه المبادرات مع حرص الحكومة على تحسين كفاءة الجباية وتعزيز الشفافية في إدارة ضريبة الأملاك، بما يساهم في تعزيز الثقة بين المؤسسات والمواطنين، وتقليص الوقت اللازم للحصول على الخدمات الأساسية.

من جانبه، قال مؤيد دويكات في مقابلة مع معا ،إن ضريبة الأملاك من اول الدوائر الحكومية التي حوسبت كل الإجراءات والمعاملات التي تصدر من خلال الحاسوب، ان العمل جاري على كل التطويرات السريعة للاطار على تحسين جودة الخدمات بشكل اسرع ويخدم المواطن، حلقة تلفزيونية كاملة عن ضريبة الاملاك" ما بين اليات العمل وتحقيق الأهداف

بشكل عام، يعتبر التحول الرقمي في فلسطين بمثابة فرصة ذهبية للنهوض بالقطاع العام، ولكنه يتطلب التزامًا قويًا من الحكومة والمجتمع المدني، بالإضافة إلى دعم دولي لتعزيز الموارد المالية والتقنية اللازمة لتحقيق النجاح.