رام لله- تقرير خاص معا- بين ضيق الحال وانسداد الأفق، يعيش المواطن الفلسطيني يومياته في صراع مستمر مع أزمة اقتصادية طاحنة ألقت بثقلها على كل بيت وشارع، ففي ظل ارتفاع معدلات البطالة وتأخر الرواتب وغلاء الأسعار وقرصنة أموال المقاصة، لم تعد الحياة مجرّد تحدٍّ، بل باتت معركة للبقاء، مشاهد العائلات التي تكافح لتأمين لقمة العيش، والشباب الذين تقطعت بهم سبل المستقبل، ترسم صورة قاتمة لوطن يئن تحت وطأة الفقر والديون، ومع غياب حلول جذرية، أصبح الشارع الفلسطيني غارقًا بين إحباط الواقع وخوف القادم، ينتظر بارقة أمل تعيد الحياة إلى نفوس أنهكتها المعاناة
فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي على الأرض، أموال المقاصة التي تحتجزها إسرائيل بلغت اكثر من 7 مليار شيقل، حول هذا الموضوع وقراءة للمرحلة الحالية قال اد. طارق الحاج لـ معا ، إن الواقع الحالي فان إسرائيل استطاعت خلال 10 السنوات الأخيرة ان تقنع المواطن الفلسطيني والمالية الفلسطينية ان مصدر قوتنا وبقاءنا مرتبطة بأموال المقاصة والعمالة الفلسطينية في إسرائيل، ما أدى الى اهمالنا الاعتماد على الذات وبناء مقدرات اقتصادية وتنمية حقيقة، موضحا ان إسرائيل لم تكتفي بذلك بل وصل الامر ان إسرائيل باتت تضغط على من يقدم الدعم الخارجي لوزارة المالية وتبتزة من اجل وقف هذا الدعم واستطاعت ان تفعل ذلك.
واكد الحاج في حديثة لمعا، ان التدمير للبنى التحتية ما زال مستمر على الأرض بفعل الاعتداءات المتكرر، وهذا يعني عدم إمكانية بناء اقتصاد ذاتي الا بعد إعادة بناء هذه البنية التحتية، مشيران كا يحدث انعكس على الواجب الذي يجب ان تقوم عليه المؤسسات الوطنية ، حيث تضخمت الأمور والاحتياجات بشكل كبير جدا، كما ان القطاع الخاص كان بعيدا عن مد جسور التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الرسمية .
تفاصيل اكثر في مقابلة معا التالية ..
أسباب الازمة الاقتصادية
أسباب كثيرة تلعب دوا رئيسيا في تفاقم الازمة وعلى رأسها الاحتلال الإسرائيلي الذي يقرصن أموال المقاصة من جهة، وتقليص فرص العمل والاستثمار، ويحد من حركة التجارة، من جهة أخرى ارتفاع معدلات البطالة فهي الأعلى في العالم، حيث تتجاوز 26%، مما يعكس عدم وجود فرص عمل كافية، كما يعيش أكثر من 29% من الفلسطينيين تحت خط الفقر، مما يضع ضغطًا كبيرًا على الموارد المحدودة، ناهيك عن الانقسام السياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة يعوق التنمية الاقتصادية ويُعقد جهود الإصلاح.
وفي ذلت السياق وفي تصريحات رسيمة للبنك الدولي أوضح ان الأراضي الفلسطينية على وشك السقوط الاقتصادي الحر، وسط أزمة إنسانية تاريخية في قطاع غزة، حيث تكشف البيانات الرسمية عن انحدار بنسبة 35 في المائة بالناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الربع الأول من عام 2024 للأراضي الفلسطينية بشكل عام، مما يمثل أكبر انكماش اقتصادي لها على الإطلاق، وفق تقرير البنك الدولي المحدّث، الذي حمل "انعكاس الصراع في الشرق الأوسط على الاقتصاد الفلسطيني".
أموال المقاصة قرصنة جارية وحلول مقترحه للحكومة
قال د. دراغمة محلل اقتصادي إن إسرائيل ما زالت تشدد الخناق تحديدا في هذه الفترة بما يخص احتجاز أموال المقاصة ، موضحا ان كل الخبراء الاقتصاديين تنبأوا ان الوضع الاقتصادي ايل للسقوط وهذا من شانه ان يؤثر على كل القطاعات ، الصحية والأمنية والاقتصادية، مؤكدا ان الحكومة الإسرائيلية تسعى الى ان تتلاشي التزامات المقاصة للسلطة من خلال تعويضات يتم اقتطاعاتها من أموال المقاصة باختلاق الذرائع تحت مسمى تعويضات لصالح مؤسسات او افراد إسرائيليين ، والهدف تعجيز الحكومة الفلسطينية من تقديم خداماتها اتجاه المواطن.
وحول اذا ما كان هنالك حلول مقترحة امام السلطة، أشار دراغمة انه يمكن تخفيف من حدة الازمة لكن ليس ضمن الأدوات الموجودة، حيث يتم وضع الحلول بالعدة من خلال السلطة ولكن لا يتم تطبيقها ابدا على ارض الواقع، ضاربا امثلة على مقترحات التقشف التي يتم الحديث عنها ولكن لا يتم تنفيذها ، فمن يدفع الفاتورة المواطن البسيط.
تفاصيل اكثر في المقابلة التالية
الازمة الحالية هي الأشد منذ 1994
من جانبة، قال المحلل والخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم إن الأزمة الحالية أعمق وأشمل من أي أزمة مرت على الشعب الفلسطيني منذ 1994، حيث ولم يسبق وجود أزمة توقف فيها العمال الفلسطينيون عن العمل في الداخل، وبذات الوقت يتم حجب المقاصة، ومنع أهالي 48 من الدخول للضفة وتوقف إنفاقهم على التسوق.، وضحا وكان يدخل العمال1.4 مليار شيكل سنويا، فيما تقدر المقاصةبحوالي 800 مليون شيكل شهريا.
وأشارعبد الكريم ان أبرز مظاهر هذه الأزمة الاقتصادية الشاملة هيشح السيولة، لافتًا إلى أنه حتى ولو توفر عند البعض سيولة فهناك في ظل حالة اللايقين، نزعة الحذر في الاستثمار والاستهلاك.، حيث تأثرت بشح السيولة كل القطاعات الفلسطينية، وتم الاستغناء عن قرابة 80 ألف عامل بالسوق المحلي، وتسبب ذلك في بطالة وصلت إلى 34% في فلسطين منذ السابع من أكتوبر حتى اليوم.
تداعيات الازمة المالية على المواطن
وعن تأثيرات وتداعيات الاوضاع السياسية على الارض والاعتداءات الاسرائيلية،قال رئيس غرفة تجارة وصناعة رام الله والبيرة عبد الغني العطاري ان تأثيرات وتداعيات الحرب أدت إلى انكماش كبير في الاقتصاد الفلسطيني وتأثرت السيولة النقدية بشكل كبير، موضحا ان وثقافة التسوق للمواطن الفلسطيني اختلفت في الضفة الغربية، كما تضررت قطاعات كبيرة وتوقفت جراء الحرب، وهناك قطاعات تعمل بطاقة لا تتجاوز 50%.
وعن مجمل الإيرادات، قال مدير دائرة كبار المكلفين في وزارة المالية سليمان حسونة : إن نسبة الانخفاض بمجمل الإيرادات في التقارير الشهرية المصرح عنها لوزارة المالية بلغ 30%، بسبب تقليص رواتب القطاع الخاص والرواتب المتجزأة للقطاع العام ووقف عمال الداخل
إجراءات تسهيلية على المواطنين بسبب الازمة الاقتصادية
وبما يخص إجراءات سلطة النقد، اوضح مسؤول حماية المستهلك في سلطة النقد نضال ملحم، إن سلطة النقد أصدرتتعليمات للمصارف ومؤسسات الإقراض للتسهيل والتخفيف من آثار الأزمة الحالية والحرب القائمة.، كما وطلبت سلطة النقد من المصارف، منح القروض الجديدة وتوجيهها وجدولة التسهيلات وهيكلتها، وذلك نظرًا إلى وجود صعوبة في موضوع الالتزام بتسديد الأقساط الشهرية، فيما قامت البنوك قامت بجدولة التسهيلات وهيكلة البعض منها، كذلك وجهت التسهيلات الجديدة لتسهيلات تتعلق بالأمور الإنتاجية وليس الاستهلاكية
الحلول المطروحة والتوجيهات باتجاه حل الازمة الاقتصادية
أشار شادي حمد مستشار مالي واقتصادي، عن بعض التوجيهات والنصائح لشركات القطاع الخاص ومؤسساته في ظل الأزمة الحالية، ومنها، القيام بالتخطيط والتحليل المالي والمهم هو اجتياز المرحلة الحالية بأمان وبأقل الأضرار، موضحا كما أن الوقت الحالي فرصة للاستثمار في الزراعة، لا سيما وأن ذلك قد يساعدفي حل جزء من أزمة البطالة الحالية.
ومن ضمن الحلول التي اجمع عليها عددا من المحللين الاقتصاديين، تعزيز الشفافية والنزاهة حيث تحتاج الحكومة الفلسطينية إلى تطبيق سياسات تحسن من مستوى الشفافية، مما يسهم في بناء الثقة مع المجتمع المحلي، كما تشجيع الاستثمار وخلق بيئة ملائمة للاستثمار من خلال تقديم حوافز للمستثمرين المحليين والأجانب.، الى جانب دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة: يُعتبر دعم المشاريع الصغيرة خطوة ضرورية لتوفير فرص عمل جديدة وتعزيز الاقتصاد المحلي، وتحسين التعليم والتدريب: يجب الاستثمار في التعليم والتدريب المهني لتلبية احتياجات سوق العمل.
واكد المحللون الشفافية والنزاهة والمساءلة تعتبر مفاتيح أساسية في معالجة الأزمة الاقتصادية. فعندما تتوفر هذه العوامل، يتمكن المواطنون من مراقبة الأداء الحكومي، مما يساهم في تقليل الفساد وتحسين توزيع الموارد. كما أن زيادة الشفافية في إدارة الأموال العامة تساعد في توجيه الاستثمارات نحو المشاريع التي تعود بالنفع على المجتمع.
سحب غير اعتيادي للدولار والدينار من البنوك و"أزمة" فئة 200 شيكل.. اسباب وتداعيات
في حالة غير عادية من ما يشهده المواطن الفلسطيني والبنوك من حالة غير عادية لسحب غير عادي من عملات الدولار والدينار، ازمة امتزجت فيها بعض الاشاعات وبعض الحقائق ، قال د. ياسر شاهين خبير اقتصادي ومالي في مقابلة لـ معا، انه وفي ظل الظروف الاستثنائية الاسوء التي تشهدها فلسطين على كافة الأصعدة برزت شائعات الى جانب غياب الرقابة والتنظيم من الجهات الناظمة، بما يخص القطاع المصرفي فان الاعتماد عليه هو اعتماد كلي ومباش، ففي ظل هذه الظروف ذهب المواطن ضمن حالة الذعر لسحب المدخرات من باب الأمان.
وأوضح شاهين ان التوجه كان من قبل المواطنين لسحب ودائع وتحويلها من الشيقل للدولار والدينار، وربطه بصعود أسعار الذهب، حتى وصلت الأمور لقيام بعض البنوك بتحديد كمية سحب العملات ، مشيرا ان هذه الإجراءات غير صحيحة .
تفاصيل اكثر في المقابلة التالية
ماذا قال المواطنين عن الازمة الاقتصادية
في جولة ميدانية في الشارع الفلسطيني، عبّر العديد من المواطنين لـ معا عن استيائهم من الأوضاع الاقتصادية المتدهورة وتأخر صرف الرواتب، مما يزيد من معاناتهم اليومية.
من جانبة، أشارت "ن- د" إلى أن الرواتب لم تعد تكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية، لا سيما مع ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية"
فمبا أشار ك-س" وهو احد موظفي القطاع العام أن تأخير الرواتب أو صرفها بشكل جزئي أصبح عبئًا نفسيًا وماليًا عليهم، حيث يجدون صعوبة في تسديد القروض أو الالتزامات الشهرية.
من جانب آخر، عبّر الشاب "س- ا" عن إحباطه من قلة فرص العمل وغياب الأفق الاقتصادي، مما دفع البعض إلى التفكير في الهجرة أو البحث عن أعمال مؤقتة غير مستقرة.
ويُجمع المواطنون على أن تحسين الأوضاع الاقتصادية يتطلب مكافحة الفساد، ضمان الشفافية، وتحقيق العدالة في توزيع الموارد والرواتب لضمان الحد الأدنى من الاستقرار.
اذا وبعض الاطلاع على معظم المعطيات على ارض الواقع ، فان الازمة الاقتصادية تلقي بظلالها الثقيلة على حياة المواطن الفلسطيني، حيث باتت الظروف المعيشية تزداد صعوبة في ظل غياب حلول فعالة وتفاقم التحديات. تأخر الرواتب وارتفاع معدلات البطالة والفقر يدفعان كثيرًا من الأسر إلى حافة الانهيار الاقتصادي والاجتماعي. ومع استمرار هذه الأوضاع دون تدخل جذري وفعّال، يتزايد الشعور بالإحباط واليأس لدى المواطنين، مما يُهدد الاستقرار الداخلي.
إن معالجة هذه الأزمة تتطلب خطوات جادة تشمل تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد، وتحقيق العدالة في توزيع الموارد، إضافة إلى إيجاد حلول مبتكرة لتحفيز الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل. فبدون هذه الإصلاحات، سيبقى الاقتصاد الفلسطيني هشًا ومعرضًا للانهيار، مما يضع مستقبل الأجيال القادمة في خطر حقيقي.