رام الله- معا- عقد الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) يوم عمل، استعرض فيه رؤيته الخاصة بشأن تعزيز منظومة النزاهة ومكافحة الفساد في الإصلاح المؤسسي والخدماتي، والإصلاح المالي، وإصلاح قطاع الأمن.
استهلت الجلسة الأولى بكلمة من عصام حج حسين، المدير التنفيذي لائتلاف أمان، حيث أشار إلى أن أمان أعدت في هذه المرحلة ثلاث دراسات، كمساهمة من الائتلاف في تطوير السياسات العامة المرتبطة بالإصلاح، مؤكداً انها تنسجم مع خطة الإصلاح الحكومية المتضمنة في البيان الوزاري للحكومة الفلسطينية التاسعة عشر، مع التأكيد أن الأولوية القصوى الآن هي وقف حرب الإبادة على شعبنا، وإطلاق حوار وطني بمشاركة قطاعات الشعب الفلسطيني كافة من أجل تبني برنامج إصلاح وطني شامل وتشاركي، يشمل السلطة، ومنظمة التحرير.
أولويات الإصلاح من وجهة نظر المواطنين
استعرض فيديو تلخيصي لنتائج استطلاع رأي المواطنين، أعدّه ائتلاف أمان حول أولويات الإصلاح الحكومي للعام 2024، وذلك في إطار متابعته لتحسين إدارة عملية الإصلاح المعلن عنها من قبل الحكومة الحالية، حيث أشارت النتائج إلى أن المستطلعين يرون أن هناك عدة أولويات للإصلاح أولها: إصلاح إدارة مؤسسات السلطة مالياً وإدارياً بنسبة 24%، يتلوها إنهاء الانقسام الوطني بنسبة 22%، يتلوها مكافحة الفساد بنسبة 20%، وأخيراً إصلاح قطاع الأمن وتعزيز صمود الناس في مقاومة الاحتلال بنسبة 19%.
أما بالنسبة لأولويات الإصلاح في قطاع الخدمات، فقد حظيت خدمات المحاكم والتقاضي (العدالة) بأعلى نسبة لضرورة الإصلاح، حيث وصلت إلى 22%، يتلوها في المرتبة الثانية المنظومة التعليمية والصحيّة بنسبة 20% لكل منهما، ومن ثم المنظومة المتعلقة بتقديم الخدمات في قطاع الأمن (الأمن والسلامة والحماية للمواطنين) بنسبة 15%، وأخيراً في المرتبة الرابعة منظومة الحماية الاجتماعية، بما يشمل (تطبيق قانون الضمان الاجتماعي)، وإصلاح منظومة إدارة البنية التحتية والخدمات البلدية بنسبة 11% لكل منهما.
أما فيما يتعلق بالأولويات في الإصلاح الإداري والمؤسسي، يرى 31% أن الأولوية الأولى يجب أن تنصب على إصلاح نظام التعيينات في الوظائف الحكومية المدنية والأمنية والدبلوماسية، يتلوها 26% لمن يرى ضرورة تعزيز استقلالية وفاعلية مؤسسات وأجهزة وهيئات الرقابة الرسمية، ومن ثم 24% يرون أن توحيد مؤسسات الدولة في الضفة الغربية وقطاع غزة له الأولوية في الإصلاح، فيما يرى 20% أن ترشيد وترشيق هيكلية مؤسسات السلطة المدنية والأمنية هي الأولوية.
بخصوص الإصلاح المالي، يرى 25% من المواطنين بأن الأولوية تذهب لإنهاء الازمة المالية الخاصة برواتب موظفي السلطة الفلسطينية، يتلوهم22% ممن يرون أنه من الضروري إيجاد حل لمشكلة غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، و13% من المواطنين يرون ضرورة تحسين نظام تقديم المساعدات المادية الحكومية للفقراء والمحتاجين. والجدير ذكره أن غالبية المستطلعين يرَون بالاحتلال أكبر المعيقات في تحقيق عملية الإصلاح بنسبة 23%، يتلوه الانقسام بنسبة 20%، فيما يرى 19% من المواطنين أن الفاسدين هم المعيق الأول أمام عملية الإصلاح.
مطلوب إرادة سياسية حقيقية للإصلاح
واستكملت الجلسة باستعراض الباحثة عنان جبعيتي دراسة لأمان عنوانها: “رؤية ائتلاف أمان في تعزيز نزاهة الحكم في بعض السياسات العامة المتعلقة بإصلاح إدارة الشأن العام”، والتي اشتملت على الإصلاح المؤسسي، وتعزيز قيم النزاهة ومبادئ الشفافية ونظم المساءلة في تقديم الخدمات العامة، وتعزيز قيم النزاهة ومبادئ الشفافية ونظم المساءلة في عمليات الإغاثة وإعادة الإعمار.
تمثلت رؤية الائتلاف لعملية الإصلاح الهادفة إلى تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان من انطلاقها من إنهاء الانقسام الداخلي وإجراء الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية. إذ يرى ائتلاف أمان ضرورة العمل على إعلان الرئيس عن حالة وخطة طوارئ وطنية، وفقاً لأحكام القانون الأساسي لمواجهة حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني باتفاق جميع الأطراف الفلسطينية، بهدف إعادة بناء الحكم في قطاع غزة، وإنهاء الانقسام، وتوحيد مؤسسات الدولة، وإعادة الإعمار، واستعادة الوحدة الوطنية في إطار برنامج سياسي وطني، بما يعزز التمثيل الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية، ويساعد على إصلاح منظومة النظام السياسي الفلسطيني. يضاف إلى ذلك أهمية تجديد الشرعيات القانونية، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، وإدخال الحركات والفصائل الفلسطينية غير المنضوية إليها حالياً، مع ضرورة الاتفاق على برنامج عمل موحد للقيادة العامة، ووضع خطة تنفيذية تشمل الأنشطة التي يتم العمل عليها.
كما ركزت الدراسة أيضاً على جانب تعزيز سيادة القانون ومناخات الحريات العامة، التي تشهد بعضاً من الانتهاكات في إطار التعسف في استخدام السلطة؛ حيث يوصي ائتلاف أمان بقيام الحكومة بالإعلان عن سياسة واضحة ومعلنة تحدد علاقتها بالمجتمع المدني وتقوم على تعزيز نهج الشراكة في تحديد الأولويات الوطنية، وصياغة السياسات العامة.
يجب تعزيز استقلال القضاء ونزاهته ورفض أشكال تدخل السلطة التنفيذية
إضافة لذلك، تطرقت الدراسة لدعم استقلال الجهاز القضائي، حيث تشير نتائج مقياس النزاهة في القضاء الفلسطيني للعام 2023 إلى "وضعه المقلق"، حيث أن تفرّد السلطة التنفيذية في مجال إصدار التشريعات القضائية، واستمرار تحكم (وزارة المالية) في إدارة موازنة القضاء وتنفيذها، وتشكيل قضاء إداري منفصل عن الجهاز القضائي يعين رئيسه وقضاته من قبل السلطة التنفيذية، جميعها عوامل أثرت سلباً على استقلاليته ونزاهته. وعليه، يوصي أمان بتبني السلطة التنفيذية سياسة رفض كافة أشكال التدخلات والتجاوزات في أعمال السلطة القضائية، وضمان نزاهة التعيينات والترقيات لشاغلي المناصب القضائية العليا، ووقف حالة التفرّد في مجال سنّ التشريعات القضائية، استغلالاً لغياب المجلس التشريعي. إضافة إلى تعزيز مجلس القضاء الأعلى لمنظومة الرقابة الداخلية في السلطة القضائية، وتطبيق أعلى درجات الشفافية في المسابقات القضائية، وتعزيز فرص القضاة في حرية التعبير والتجمع، إضافة إلى التحديد بوضوح تبعية النيابة العامة، وإعادة النظر في طريقة تعيين النائب العام، وصلاحيات كل من وزير العدل، والنائب العام، فيما يتعلق بالعمل الإداري، وآليات المساءلة.
ضرورة تصويب أوضاع المؤسسات العامة غير الوزارية وإنشاء لجنة جودة الحكم تـُعنى بنزاهة التعيينات للوظائف العليا
وقد تطرقت الدراسة لثلاثة محاور أساسية في الإصلاح المؤسسي والخدماتي، حيث أكّد ائتلاف أمان على ضرورة استكمال اللجنة المكلفة من مجلس الوزراء بدراسة أوضاع المؤسسات العامة غير الوزارية وتصويب أوضاعها، والتخفيف من الاختلالات المالية منها تباعاً، إضافة إلى تعزيز النزاهة والشفافية واعتماد مبادئ الكفاءة وتكافؤ الفرص في التعيينات للمناصب العامة، حيث يفتقد شغل المناصب العليا من حيث الممارسة العملية إلى الالتزام بالآليات الكفيلة بتحقيق نزاهة الوصول إلى السلطة وفقاً للقانون.
ولضمان الوصول إلى الحكم بنزاهة وممارسته للصالح العام، يوصي أمان بإنشاء لجنة مختصة بنزاهة التعيينات للوظائف العليا (لجنة جودة الحكم في القطاع العام) مكونة من شخصيات/مؤسسات مستقلة ونزيهة وذات خبرة أكاديمية وقانونية، تقوم بالمتابعة والإشراف على عمليات التعيين.
إصلاح أنظمة التقاعد والتزام الحكومة في تسديد اشتراكات صندوق هيئة التقاعد العام
وعرّجت الدراسة أيضا على أهمية إصلاح أنظمة التقاعد، وتعديل قانون الخدمة المدنية وتشريعاته الثانوية، حيث توجد حالة من التمييز بين موظفي قطاع الأمن والموظفين المدنيين فيما يخص الامتيازات التقاعدية ومعاملات الاحتساب، وعدم وجود معايير واضحة يتم بموجبها إحالة الموظفين للتقاعد المبكر، كما أن هناك خطراً واضحاً على استدامة صندوق التقاعد. وعليه، يوصي ائتلاف أمان بضرورة التزام الحكومة الفلسطينية بتحويل مساهمتها واشتراكات الموظفين بشكل كلّي إلى صندوق هيئة التقاعد العـام، وتسـديد الاشـتراكات والمسـاهمات الشـهرية بشـكل منتظـم، وإعـادة النظـر فـي نظـام التقاعـد الخـاص بشـاغلي المناصـب السياسـية، لمـا يتضمنـه مـن مسـاس بالعدالـة والمسـاواة فـي حقـوق العامليـن فـي القطـاع العـام، فضـلاً عـن الأعباء الماليـة الكبيـرة التـي يفرضهـا علـى الخزينـة العامـة، إضافة لإعداد تشريع خاص بالتقاعد المبكر.
ضرورة استيعاب الإعلام العمومي وعكسه كافة أطياف المجتمع الفلسطيني
أما بخصوص تصويب واقع مؤسسات إعلام الدولة؛ فيوصي ائتلاف أمان بإصدار قانون إعلام يكرّس وجود مؤسسات إعلام عمومي مستقل وموضوعي يتضمن إنشاء مجلس لإدارة الإعلام العمومي، يمثل مختلف أطياف المجتمع، يتبنى سياسة عامة تتيح التعبير لمختلف مكوّنات المجتمع وتوجهاته، وإخضاع تعيينات مسؤولي الإعلام العمومي لمبدأ تكافؤ الفرص والجدارة والكفاءة، وتطوير آلية تمويل الإعلام العمومي لتحقيق مفهوم الاستقلال المالي والإداري، ووقف العمل بشروط السلامة الأمنية لإجراءات تسجيل المؤسسات الإعلامية والاستعاضة عنه بشهادة عدم المحكومية.
البدء بتصنيف المعلومات وإتاحتها إلى حين إصدار قانون حق الوصول إلى المعلومات
وحول تعزيز الشفافية وضمان الحق في الحصول على المعلومات، يطالب ائتلاف أمان الحكومة بالإسراع في إصدار تعليمات إلى جميع المؤسسات العامة للبدء بتنظيم المعلومات والسجلات العامة وتصنيفها، ونشرها وإتاحتها لجميع المواطنين إلى حين إصدار قانون حق الوصول إلى المعلومات، ينسجم مع المبادئ الفضلى لاحترام هذا الحق وحمايته من الانتهاك، ومع مبادئ الحق في الحصول على المعلومات المعتمدة من منظمة المادة 19.
أمان يكرر مطالبته بإصدار قانون ضمان اجتماعي ونظام تأمين صحي شامل وإلزامي للجميع
فيما تناول المحور الثاني تعزيز قيم النزاهة ومبادئ الشفافية ونظم المساءلة في تقديم بعض الخدمات العامة الحيوية، كنظام الرعاية الاجتماعية والصحية، حيث يوصي ائتلاف أمان بضرورة إصدار قانون ضمان اجتماعي، والتزام رسمي بمنظومة العدالة الاجتماعية، إضافة إلى نظام تأمين صحي شامل وإلزامي وتضامنـي، يقـدم خدمـات صحيـة وبتكلفـة معقولـة للسـكان كافـة دون تمييز، وذلك من خلال إنشـاء هيئـة أو مؤسسـة مسـتقلة لإدارة التأميـن الصحـي بشـكل منفصـل عـن وزارة الصحـة، التـي سـتبقى الجهة الإشرافية وجهة تحديد السياسات الصحية الوطنية وبلورتها.
مؤسسات المجتمع المدني شريكة في الرقابة وصنع السياسات والقرارات وتقديم بعض الخدمات
وحول تعزيز المساءلة المجتمعية، يوصي ائتلاف أمان بضرورة أن تكون هناك سياسة حكومية عامة مكتوبة ومعمّمة وملزِمة لمسؤولي القطاع الحكومي بشأن العلاقة مع العمل الأهلي، ترتكز على مبدأ التشاركية وإتاحة المجال للمجتمع المدني في بلورة السياسات العامة والمشاركة في تنفيذها، وبخاصة تقديم بعض الخدمات التي لا تستطيع الحكومة القيام بها؛ إضافة لمبدأ احترام حق مؤسسات المجتمع المدني في النقد الإيجابي والرقابة والمساءلة.
بناء استراتيجية وطنية فعالة لمواجهة الكوارث وتعزيز الممارسات الفضلى في توزيع المساعدات الإغاثية
وتطرقت الدراسة أيضا حول تعزيز قيم النزاهة ومبادئ الشفافية ونظم المساءلة في عمليات الإغاثة وإعادة الإعمار، إذ ركزت على بناء استراتيجية وطنية فعالة لمواجهة الكوارث الطارئة، وتعزيز قيم النزاهة ومبادئ الشفافية ونظم المساءلة في توزيع المساعدات الإغاثية، ناهيك عن ضرورة بناء قاعدة بيانات وطنية موحدة، وتفعيل العمل بالبوابة الموحدة للمساعدات الإنسانية، وضرورة وجود جسم موحد بإشراف حكومي وأهلي لتنسيق الجهود لجمع المساعدات وتوزيعها يضم الجهات كافة، يعكس قيم تضامنية وتكافلية في المجتمع.
تشكيل مجلس أو هيئة وطنية للتعافي وإعادة الإعمار والبناء في قطاع غزة والضفة الغربية
تبنّت رؤية أمان ضرورة بناء خطة فعالة وخاضعة للمساءلة لإعادة الإعمار، تشرف عليها هيئة وطنية للتعافي وإعادة الإعمار والبناء في قطاع غزة، إلى جانب اللجان التنسيقية المحلية المتخصصة للعمل الإنساني والإغاثي، وجسم آخر مماثل ومستقل في الضفة الغربية (يركز على منطقة شمال الضفة الغربية خصوصاً)، حيث يعمل المجلسان تحت إطار حكومة الوفاق الوطني، تحدد فيها الأدوار والمسؤوليات.
يتوجب معالجة أزمة التقاص بين الهيئات المحلية ووزارة المالية
واستكمل الباحث د. شاكر زيادة الجلسة الثانية، استعرض فيها دراسة لأمان بعنوان: "رؤية ائتلاف أمان لتعزيز منظومة النزاهة ومكافحة الفساد في الإصلاح المالي"، والتي هدفت الى تقديم رؤية شاملة للإصلاح الإداري والمالي، مع توصيات قابلة للتطبيق.
قدّمت الدراسة مجموعة من التوصيات ذات العلاقة بالإصلاح المالي، لمواجهة التحديات الناتجة عن العدوان، والعمل على مواجهة القرصنة الإسرائيلية لإيرادات المقاصة واجراءاته أحادية الجانب، على رأسها اعتماد سياسة الترشيد في النفقات، وتبني سياسة مالية تساعد على تحفيز الاقتصاد، وتعزيز المنتج الوطني بصفته رافد أساسي للاقتصاد والخزينة العامة.
وحول التوصيات المتعلقة بصافي الإقراض، أوصى ائتلاف أمان بعقد لقاءات تجمع وزارة المالية والحكم المحلي مع الهيئات المحلية لإيجاد اتفاق معقول بين الأطراف كافة، تشمل تسوية الديون السابقة، كذلك يتوجب قيام وزارة المالية بإصدار كشف تفصيلي يوضح الديون المترتبة على كل هيئة محلية لوزارة المالية. إضافة إلى تكثيف جهود الحكومة في الاستثمار في القطاعات الإنتاجية الأخرى من تجارة، وزراعة وصناعة، ناهيك عن تركيب عدادات الدفع المسبق للكهرباء للجميع، واستغلال الطاقة الشمسية لوقف النزيف المالي في مجال الكهرباء.
مراجعة النظام الضريبي ليكون أكثر اتساقاً مع العدالة الضريبية والاجتماعية
وتطرقت الدراسة أيضا للنظام الضريبي الفلسطيني، والذي يحتاج لمراجعة كاملة، بما فيها نظام ضريبة القيمة المضافة، الذي لا يلبي مبادئ العدالة الضريبية والاجتماعية، إضافة إلى ضريبة المحروقات الثابتة والتي تصل إلى حوالي (68%) من السعر النهائي للمستهلك، ناهيك عن ضريبة الدخل، التي انكمشت إلى 3 شرائح فقط.
وعليه، أطلق أمان توصيات لإصلاح النظام الضريبي، وتعزيز حوكمته، يكون فيها مستجيباً للعدالة الاجتماعية، والتركيز على أصحاب المهن الحرة والخدمات بموضوع الجباية الضريبية، وتكثيف عمل وقدرات جهاز الضابطة الجمركية، وتطبيق نظام الفوترة الإلكترونية وربطه مع وزارة المالية.
تنقية فاتورة الرواتب وحوكمة أشباه الرواتب وتقليص فجوة الرواتب بين الفئات المختلفة
أما فيما يتعلق إصلاح منظومة الرواتب وأشباه والرواتب، فقد أوصى أمان بضرورة عمل تنقية وفلترة لفاتورة الرواتب والأجور والتدقيق عليها، وحوكمة أشباه الرواتب على نحو أكثر وضوحاً، كما يتوجب وقف التداخل بين موظفي الصندوق القومي وموظفي الحكومة والسلطة. كذلك وضع حد لحالة التضخم في أعداد الموظفين، إما بالتدوير إلى المؤسسات التي تحتاج إلى كادر بشري أو تطوير معايير للتقاعد المبكر، وتقليص عدد العاملين في قطاع الأمن، وإعادة النظر بقانون الخدمة المدنية بحيث يؤدي إلى تقليل فاتورة الرواتب وتقليص فجوة الرواتب بين الفئات المختلفة.
كما أوصى ائتلاف أمان بتفعيل دور الجهات الرقابية المختلفة للتدقيق على التزام المؤسسات بقرار الحكومة لضبط الإنفاق والنفقات التشغيلية وتقليص غير الضروري منها (سفريات، استخدام المركبات الحكومية)، والتدقيق على النثريات المختلفة، والتدقيق على تطبيق قانون الشراء العام بفعالية، من حيث شراء اللوازم والأشغال والخدمات بأفضل الأسعار، بما يساهم في ترشيد النفقات مع الحفاظ على ضمان الجودة، وتعزيز مبدأ المنافسة العادلة، وتشجيع المشاركة في إجراءات الشراء العام من جانب الموردين والمقاولين والمستشارين المؤهلين.
إصلاح التأمين الصحي مدخل لمعالجة الاستنزاف في بند التحويلات الطبية
أوصى ائتلاف أمان بمتابعة تنفيذ السياسة الصحية من خلال تخصيص موازنات أكبر من الموازنات التطويرية، لتطوير المستشفيات الحكومية، واستثمار الأموال في البنى التحتية بأقسام متخصصة من أجل توطين الخدمة، وتعزيز خدمات الصحة الأولية في مستشفيات الوطن. والجدير ذكره أن معالجة نظام التأمين الصحي، سيحلّ من مشكلة الاستنزاف في بند التحويلات الطبية، كون ديون المستشفيات الخاصة في تزايد متواصل، وتستمر في التراكم على الحكومة على نحو ينذر بمعضلة كبيرة واحتمالية متزايدة لتدهور القطاع الصحي بسبب الضغوطات المالية الكبيرة وانحسار الموارد والمخصصات المالية للوزارة.
إعادة هيكلية القطاع الأمني لتصويب الهرم الوظيفي المعكوس
فيما استعرض الباحث د. محمود علاونة، دراسة بعنوان: "رؤية ائتلاف أمان لتعزيز منظومة النزاهة ومكافحة الفساد في إصلاح قطاع الأمن"، هدفت إلى تقديم مساهمة المجتمع المدني في رسم خارطة طريق لإصلاح السياسة العامة الأمنية، كخطوة لازمة وجوبية للاستجابة للظروف الصعبة التي يتعرض لها الشعب والسلطة الوطنية الفلسطينية، لما يلعبه القطاع الأمني من دورٍ جوهريٍ في حماية الوطن والمواطنين والحفاظ على النظام العام وإرساء الديمقراطية.
لقد شكلت عملياً هيكلية القطاع الأمني في فلسطين نموذجاً لظاهرة الهرم المعكوس، حيث تشغل الرتب العليا نسبة غير متناسبة مقارنة بالرتب الأدنى. تعود جذور هذه المعضلة لعدة أسباب ترتبط ببنية السلطة الوطنية الفلسطينية، والظروف الاستثنائية التي نشأت فيها الأجهزة الأمنية، مما أدى إلى نشوء تحديات هيكلية أثرت على فعالية هذا القطاع.
وكرّر ائتلاف أمان توصيته بإطلاق خطة إصلاح شاملة من خلال وضع استراتيجية وطنية تشاركية، تشمل إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، وتحسين أدائها، واستعادة ثقة المواطنين فيها، إضافة إلى تعزيز التكامل وآلية التنسيق ما بين الأجهزة الأمنية والمؤسسات القضائية، كذلك تحسين التنسيق بين الأجهزة الأمنية، وضرورة إعداد إطار قانوني موحّد، بما يشمل تطوير قانون شامل ينظم عمل الأجهزة الأمنية، يحدد بوضوح الصلاحيات والمسؤوليات لتجنب تداخل المهام فيما بينها. إضافة إلى معالجة الثغرات التشريعية، وتعزيز منظومة الرقابة والمساءلة على عمل الأجهزة الأمنية، والذي لا يغني عن تفعيل دور المجلس التشريعي في الإشراف على عمل الأجهزة الأمنية، ومراجعة أدائها وإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية. ناهيك عن وضع آليات لتقييم الأداء، ومؤشرات قياس أداء الأجهزة الأمنية لضمان تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.
ائتلاف أمان يطالب بإلغاء القرار بقانون بشأن تعديل قانون الخدمة في قوى الأمن
يرى ائتلاف أمان أن الإصلاح يجب أن يكون في إطار مقاربة وطنية شاملة لإصلاح قطاع الأمن الفلسطيني، ورؤية متوازنة وواقعية، تأخذ بعين الاعتبار الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الناجم عن استمرار تصعيد الاحتلال، فلا يجب اختزال تطوير وإصلاح قطاع الأمن بإجراء معالجات محددة للإطار القانوني الذي ينظم التفويض والهيكلية والرقابة، بل تشمل العملية مراجعة وطنية شاملة مبنية بشكل أساسي، على الأولويات والحاجات الأمنية للمواطنين وتعزيز صمودهم.
كما يرى ائتلاف أمان أن التعديلات الواردة على القانون تعزز من تمركز الصلاحيات بيد الرئيس، وتضعف من منظومة المساءلة السياسية على أداء المؤسسة الأمنية، وعليه، يوصى أمان بضرورة إلغاء القرار بقانون الخدمة في قوى الأمن، وتجميد أي تعديل جوهري على القوانين الأمنية إنْ لم يكن جزءاً من برنامج إصلاحٍ شمولي وطني مُحكم، يضمن بالضرورة تحقيق التطوير الهيكلي والوظيفي والخدماتي للمؤسسة الأمنية والمدنية ويعزز منظومة الرقابة المدنية عليها.