الأربعاء: 04/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

من يبيعني لصا

نشر بتاريخ: 02/12/2024 ( آخر تحديث: 02/12/2024 الساعة: 22:50 )
من يبيعني لصا


الكاتب: نافذ الرفاعي
التقيت لصا ظريفا في سجن المسكوبية ويسمى "مريخ" له من اسمه نصيب، كان يطوف حولي مستغربا من سجين سياسي، ويشمت متهكما: ايها المبعوث، كونوا مثلنا واضحين لأن هناك فارق شديد ما بين السجين السياسي والمحترف السياسي، فرق في الهدف والمبدأ والتعاليم.
أما نحن معشر اللصوص والذين نسرق الاشياء أفسدتم مهنتنا ومزجتم شرف السرقة بدناءة الفساد.
في راهن حالنا ذهبت للبحث عن "مريخ" وبعد حثيث السؤال عنه وصعود سبعة جبال وهبوط سبعة وديان، وصلت إلى مقبرة القبة، مكتوب على شاهد قبر اقرأوا السلام على روح "مريخ".
جلست استحضر روحه وكلماته وهو من دعاة الصعلكة، ممن يقدسون الشنفرة وعروة بن الورد، ولا يحب من الأجانب سوى روبن هود.
سرت في طريق العودة شارد الذهن حتى سمعت بائع الخردة ينادي بأعلى صوته.
من يبيعني خردة، خردة للبيع وللشراء،
رفعت يدي وتوقف بجانبي قائلا: ماذا لديك للبيع؟
أجبته: أريد أن اشتري،
ترجل من شاحنته الصغيرة وسلم علي قائلا: يوجد لدي كل الاشياء التي ترغب بها من القديم والخردة،.
أجبته: اريد ان اشتري لصَّاً ظريفاً يشبه "مريخ".
اجاب: لدي كثير منهم يسرق طنجرة من بيتهم ويطعجها كي يبيعها المنيوم ويشتري زواكي، واخر يجرد كوابل الهاتف ويبيعني النحاس، واخر يسرق ،
وهؤلاء ليسوا للبيع ،
قلت: اريد حرامي خمس نجوم يجيد سرقة الحسابات التي تخص شعبنا وأمتنا في البنوك الاجنبية.
يهكر حسابات العملاء العرب وأهل بلادي في البنوك السويسرية، وان ينشر على موقع ويكلكس أسماءهم وارقام حساباتهم ومبالغ ثرواتهم،
ليس من باب الترف المعرفي لمبالغ ثرواتهم. التي أودعوها خوفا منا عليها، وهم محقون كي لا نبذرها في الطب والتعليم والعيش الكريم .
اريد لصا خلوقا يحصي السيارات الفارهة في طرق بلادي، ويصوّر مدى ازدحام طرقاتنا بالالوان الفاقعة والفارهة التي تشفي غلّنا من حفر الشوارع والمطبات.
اريد من يغضّ الطرف عن لصوص سيارات البيجو والسيارات المكركبة التي تؤذي بريستيج الشوارع المحفرة.
نظر إلي تاجر الخردة مستغربا وقال يوجد لدي براويز وهي تحف جميلة ولكن فيها شهادات مزورة، اشتريتها من بيوت اثرياء، وحسب رأيي يبيعونها؛ لأن تاريخ صلاحيتها انتهى،
في تمعّنه لي قال: اعتقد انني أعرفك وانت من جماعة الكتاب، يوجد لدي الكثير من الكتب، لأن أبناء المثقفين وزوجاتهم أكثر ما يقلقهم وجود المكتبات وكم الكتب الذي يضيق بها المكان، حال رحيل اصحابها يقدّمون لي الكتب مقابل مبلغ لإزالتها من مكتب المغدور، ولكن احيانا يحتفظون ببعض الكتب لزوم الديكور والانتقاء لكتب ذات أغلفة مزركشة،وهي للزينة أكثر من سبر محتوياتها،
صدّقني إن كتب الفلاسفة مرمية عندي في المخازن على الارض، اصون كتب الدين فقط واهديها للمساجد وللكنائس ، وفي أحد مواسم الشتاء القارس استعاذت زوجتي بالكتب عن الحطب في المدفأة،.وجدتها تدسّ مقدمة ابن خلدون وكادت النار تلتهمها لولا سرعتي في التقاطها،
نظرت لي مستغربة: قرأت العنوان فهو ليس كتاب دين،
رمقتها بحقد وقلت الا تعرفين ابن خلدون،
وغيرت قفل باب مخزن الكتب،
وقرّرت أن أبحث عن الزبائن لعالم الكتب واقدّم عرضا سخيا في السعر .
أه! لو تعلم يا صديقي الكاتب أن جل زبائني من مغرمي انشاء مكتبات على طريق الاستعراض،
في كثير من الحارات يتركون لي الخردة، ولكن اللصوص غالبا ما يسرقونها ليعيدوا بيعها لي، والأشياء الوحيدة التي لا يسرقها اللصوص هي الكتب ولا اعرف السبب،
وتعمّدت ترك الكتب على اسوار قرب الجامعات والمدارس والكليات، ولكن قلما أفقد كتابا.
قلت: لقد اغرقني هذا التاجر، ساغادره قبل أن يلوث عالمي، واتفقت أن أقوم بزيارة مخزن خردواته وكتبه،....... يتبع
من فضلكم لا تكتبوا الفصل الثاني من الحكاية