الخميس: 19/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

من قلب الكارثة- خدمات نفسية وإنسانية وقانونية لانتشال الأمل وسط الدمار

نشر بتاريخ: 18/12/2024 ( آخر تحديث: 18/12/2024 الساعة: 18:19 )
من قلب الكارثة- خدمات نفسية وإنسانية وقانونية لانتشال الأمل وسط الدمار

غزة- معا- في ظل الظروف الإنسانية القاسية التي يعيشها قطاع غزة نتيجة العدوان المستمر، تتجلى أدوار مؤسسات المجتمع المدني في تقديم الدعم الحيوي للمواطنين الذين يعانون من آثار الحرب والصدمات النفسية والاجتماعية، ومع تدمير البنية التحتية وغياب الموارد الأساسية، أصبحت الخدمات النفسية والإغاثية ضرورة ملحة تواكب احتياجات السكان، الذين عايشوا التهجير والدمار.

في هذا السياق، تبرز جهود برنامج غزة للصحة النفسية وشبكة المنظمات الأهلية التي تعمل بلا كلل لتقديم الدعم للأهالي، من خلال توفير المساعدات الإنسانية والطبية والنفسية، في وقت يعاني فيه المواطنون من جراح الحرب وآلام الفقدان، حيث يأتي برنامج غزة للصحة النفسية الذي يقدم خدماته للمواطنين في مدينة خانيونس عبر مركز "خدمة المواطن" الذي تم إنشاؤه بالشراكة مع شبكة المنظمات الأهلية، بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

هذا التقرير يكشف عن حجم التحديات والخدمات التي تقدمها هذه المؤسسات لإغاثة المواطنين، ويسلط الضوء على التنسيق المستمر بين مختلف الجهات الإنسانية من أجل التخفيف من معاناتهم وإعادة الأمل لهم وسط هذا الواقع الصعب.

الخدمات النفسية المقدمة للمواطنين

في حديثه عن خدمات المركز، أوضح د. بهزاد الأخرس ، مدير برنامج غزة للصحة النفسية في مقابلة لمعا، أن البرنامج يقدم استشارات وعلاجات نفسية للمواطنين الذين يعانون من اضطرابات نفسية نتيجة الحرب أو الظروف الصعبة التي عاشها القطاع في فترات سابقة.

وقال الأخرس: "تتنوع خدماتنا بين استشارات فردية وجماعية، ولقاءات توعوية تهدف إلى محاربة الوصمة الاجتماعية وتعزيز الوعي بأهمية طلب المساعدة النفسية"، مضيفا أن البرنامج يستهدف فئات مختلفة، بدءًا من الأفراد الذين يعانون من الصدمات النفسية نتيجة الحرب، وصولاً إلى المجتمع بشكل عام للتوعية والتخفيف من معاناتهم.

وأشار الأخرس إلى أن التحديات التي تواجه تقديم الخدمات النفسية تشمل كثافة الأعداد المتزايدة للمراجعين، حيث ارتفع عدد الأشخاص الذين يطلبون المساعدة من 4000 شخص مع بداية الحرب إلى 11,000 شخص حاليًا، منوها إلى مشكلة الوصول إلى المراكز بسبب القيود المفروضة على التنقل، مما دفع البرنامج إلى تفعيل فرق الإسعاف النفسي الأولي التي تقدم الدعم في أماكن الفجائع والمخيمات.

التحديات التي تواجه مقدمي الخدمات

وفيما يتعلق بالتحديات التي يواجهها مقدمو الخدمات، أكد الأخرس أن غالبية العاملين في هذه المراكز ليسوا فقط يقدمون الدعم للمتضررين، بل يعانون أيضًا من الظروف الصعبة نفسها مثل المجاعة والخوف والدمار، مما يجعلهم عرضة للمعاناة النفسية. وأوضح أن هؤلاء العاملين يجدون أنفسهم في حالة من التحدي، حيث لا يعرفون ما قد يحمله المستقبل لهم ولعائلاتهم.

للاطلاع على تفاصيل مقابلة بهزاد الأخرس - طبيب نفسي في برنامج غزة للصحة النفسية من مركز خدمة المواطن في خانيونس

https://www.facebook.com/watch/?v=1942244392965366&rdid=VssFf3wqa0NsYdtb

التنسيق والعمل بين المنظمات الأهلية

من جهة أخرى، تحدث أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية في فلسطين، عن دور الشبكة في التنسيق بين المنظمات الأهلية في قطاع غزة، خصوصًا في ظل الظروف الحالية.

وقال الشوا لـ معا: "شبكة المنظمات الأهلية تضم 150 منظمة تعمل في القطاع منذ أكثر من 30 عامًا، ونحن اليوم نقوم بتنسيق الجهود بين المنظمات الإنسانية المحلية والدولية لتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين".

وأشار الشوا إلى أن شبكة المنظمات الأهلية كانت المستجيب الأول للكارثة الإنسانية التي نتجت عن الحرب، حيث تقدم خدمات الإغاثة في ظل الظروف الصعبة مثل القصف المستمر والنزوح الجماعي للسكان. وأضاف: "المنظمات الأهلية تعمل على توفير المساعدات الأساسية مثل الغذاء والماء، بالإضافة إلى الدعم الطبي والتعليمي في المخيمات والمدارس التي تحولت إلى مراكز إيواء".

كما أكد الشوا أن الشبكة تعمل على التنسيق مع المؤسسات الدولية والمنظمات الأممية لتعزيز الاستجابة الإنسانية، مشيرًا إلى جهود الشبكة في توثيق انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة وإرسال تقاريرها للجهات الأممية.

للاطلاع على تفاصيل اكثر في المقابلة التالية

https://www.youtube.com/watch?v=BRxv5aSiFTU

إعادة بناء وتوسيع المراكز الإغاثية

وفي إطار تعزيز جهود الاستجابة، أشار الشوا خلال حديثة لـ معا إلى افتتاح عدد من المراكز في دير البلح وخانيونس وغزة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لتوفير خدمات أساسية للمواطنين.

وقال: "تم فتح هذه المراكز لتقديم خدمات متنوعة تشمل التعليم العالي، الاستشارات القانونية، الدعم النفسي، بالإضافة إلى خدمات لذوي الإعاقة والمزارعين والصيادين". وأضاف أن المراكز تستضيف كذلك مؤسسات تعليمية قانونية وطبية، مما يساعد في تلبية احتياجات المواطنين المتزايدة.

وفي هذا السياق، قال أحد القائمين على مركز الخدمات في حديثه مع وكالة "معا": "انه وبالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، قامت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية بافتتاح مقرين، الأول في دير البلح، كمقر مؤقت لشبكة المنظمات الأهلية ومحطة عمل للمنظمات الأهلية بهدف تنسيق الجهود بين مكونات العمل الإنساني سواء مع المنظمات الفلسطينية أو المنظمات الدولية أو منظمات الأمم المتحدة".

وأضاف: "توفر محطة عمل المنظمات الأهلية مساحة عمل ملائمة لمنظمات المجتمع المدني لأداء أعمالها من خلال توفير خدمات لوجستية تشمل الكهرباء واتصال الإنترنت عالي السرعة، حيث يمكن لممثلي هذه المنظمات أن يواصلوا أعمالهم من خلال الحضور إلى محطة العمل في دير البلح أو مدينة غزة".

وأشار القائمون على المركز إلى أن المحطة توفر مساحةً مخصصة للاجتماعات والتدريبات وورشات العمل التي ترغب المنظمات الأهلية المحلية والدولية بتنفيذها، حيث يتم فيها عقد اجتماعات القطاعات الإنسانية بشكل دوري، وقطاع الأمن الغذائي، وقطاع التعليم، والمساعدة القانونية، بالإضافة إلى العديد من الأنشطة الأخرى. كما أضافوا أن هذه المحطات استضافت أكثر من 200 فعالية ما بين اجتماع وتدريب، ناهيك عن العمل اليومي.

مواصلة تقديم الخدمات وتوسيع العمل

وأضاف القائمون على المركز في حديثهم لـ معا: "بالإضافة إلى هذه المحطات، قامت الشبكة بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بإنشاء مركزين لخدمة المواطنين في قطاع غزة، حيث توفر هذه المراكز مساحة عمل لعدد من منظمات المجتمع المدني والجامعات المحلية لتقديم عدد من الخدمات الأساسية والضرورية للمواطنين، تشمل خدمات التعليم العالي لطلبة البكالوريوس والماجستير والدكتوراة، واستشارات قانونية، والدعم النفسي عبر العيادة الطبية التي تم تجهيزها لهذا الغرض، وكذلك خدمات متعلقة بحقوق الإنسان والمفقودين والمعتقلين".

كما أشاروا إلى أن هذه المراكز تقدم أيضًا خدمات لذوي الإعاقة في ظل التحديات التي تواجههم في مخيمات النزوح بسبب تدمير البنية التحتية وعدم توفر الأدوات المساعدة مثل الكراسي المتحركة. وأضافوا أنهم تمكنوا مؤخرًا من افتتاح مقر آخر في مدينة غزة ليكون محطة عمل أخرى لمنظمات المجتمع المدني.

وفي الختام، أكد القائمون على المركز أن هذه المراكز تسهم في تعزيز قدرة المنظمات الإنسانية على الاستجابة لاحتياجات المواطنين في ظل هذه الكارثة الإنسانية، وأن هذه المحطات ستكون نقطة انطلاق مهمة لتنسيق الجهود الإنسانية في قطاع غزة.