القدس - معا -تحدثت صحيفة "التايمز" البريطانية عن قلقٍ جدّي يظهر في الوقت الذي يحتفل فيه السورييون بما وصفته "حرّيتهم الجديدة بعد عقودٍ من النظام السابق"، مؤكدةً أنّ فرصة سانحة لعودة تنظيم "داعش" موجودة لإعادة البناء والتجمّع والهجوم.
وذكرت الصحيفة تصريحاً لمستشار الأمن القومي للولايات المتحدة، جيك سوليفان، قال فيه إنّ "إن الخطر الأكبر الذي أراه هو عودة داعش، لأن داعش تريد الاستفادة من أي فراغ أو عدم استقرار في سوريا بعد الحرب الأهلية"، مشيرةً أنّ واشنطين قتلت "أبو يوسف أحد قادة داعش في ضربة دقيقة"، قبل يومين.
ورأت "التايمز" أنّ تنظيم "داعش" عاود الظهور في سوريا على مدى العام الماضي، موضحةً أنّ "الحروب المستعرة في أوكرانيا والشرق الأوسط أدت إلى تحويل تركيز وسائل الإعلام والاستخبارات إلى أماكن أخرى"، ومعتبرةً أنّ هذا "اتجاه مقلق أفلت من انتباه كثيرين".
كما حذّرت الصحيفة من أن "داعش" يتصاعد مرّة أخرى، لافتةً إلى أنّه "لا ينبغي لنا أن نخطئ، فتنظيم داعش في صعود مرة أخرى"، ويتجلى هذا في ما يقرب من 700 هجوم نفذها التنظيم في سوريا هذا العام وحده، وهو ما يمثل زيادة ثلاثة أمثال عن العام السابق".
وأضافت أنّ التنظيم لا يزال يضمّ 2500 مقاتلاً بين سوريا والعراق، منبّهةً إلى أنّ الرقم سيزداد مع "تجنيدها لأعضاء جدد وزيادة دعايتها للاستفادة من الفوضى التي تحيط بسوريا".
ولفتت إلى أنّ الجماعة الإرهابية، تنشط في صحراء البادية الوسطى، وتنظم خلايا نائمة، وتشن هجمات خاطفة وكمائن قاتلة، وتغتال زعماء القبائل والعشائر السورية الذين يعارضون التنظيم.
وعلى ضوء ما سبق، ذكرت "التايمز"، أنّ "رسالة الاعتدال"، وفق تعبيرها، التي يبثها رئيس إدارة العمليات العسكرية في سوريا، أحمد الشرع (الجولاني)، والذي قطع وعوداً بالبراغماتية واستقبل وفوداً من الدبلوماسيين من مختلف أنحاء العالم في حملة علاقات عامة قام بها مؤخراً، "لن تلقى استحساناً من العناصر الأكثر تشدداً في تنظيمه".
وأضافت أنّ العناصر الأكثر تشدداً في تنظيم الشرع (الجولاني)، "هيئة تحرير الشام، قد تسعى إلى الانقسام إلى مجموعات جديدة تركز بشكل صارم على "الجهاد"، فيما قد يحاول تنظيم "داعش" استقطاب هؤلاء الأفراد.
وشدّدت الصحيفة البريطانية على أنّ القضية الأكثر إلحاحاً هي الوضع في شمال شرق سوريا، حيث يُحتجز ما يقرب من 9000 مقاتل من "داعش" وأكثر من 40 ألف فرد من أفراد عائلات "داعش"، من النساء والأطفال، في معسكرات ومراكز اعتقال تحرسها "قوات سوريا الديمقراطية الكردية".
وأوضحت أنّ استمرار القتال بين "قسد" و"الجيش الوطني السوري" المدعوم من تركيا، في شمال سوريا، قد يؤدي إلى سحب القوى البشرية التابعة لـ "قسد" بعيداً عن حراسة السجون، مشيرةً إلى أنّ "داعش يراقب عن كثب الأحداث الأخيرة من أجل تحديد أي لحظة ضعف".
وذكرت الصحيفة أنّ تنظيم "داعش" لم يحاول أبداً إخفاء أجندته لـ"تحرير" المقاتلين، مُذكّرةً أنّه أطلق على إحدى حملاته الإرهابية اسم حملة "كسر الجدران" في عامي 2012 و2013. وخلال هذه الفترة أخرج مئات من كبار ومتوسطي المستوى من المتشددين في 8 عمليات هروب منفصلة من السجون.
وحذّرت "التايمز"، من أنّه إذا تمكن "داعش" من تنفيذ حيلة مماثلة، سواء في مخيم الهول أو مخيم روج، و"هما المعسكران الأكثر بروزاً في سوريا"، فإن قيمة الدعاية وحدها سوف تكون هائلة، والإفراج حتى عن عدد صغير من المقاتلين قد يشكل دفعة كبيرة لقوته.
فيما إنّ "الإفراج عن بعض من أكثر مقاتليه وقادته ومجنديه كفاءة، من شأنه أن يساعد التنظيم على مضاعفة قوته في المضي قدماً"، وفق الصحيفة.
وخلُصت إلى أنّ شن تنظيم "داعش" هجوماً كاملاً على السجون ومراكز الاحتجاز في سوريا هو "مسألة وقت"، وليس مسألة ما إذا كان ذلك ممكناً، لافتةً إلى أنّ تعقيد "داعش" وانتشارها الجغرافي زاد هذا العام، إضافةً إلى زيادة وتيرة هجماته.