رام الله- معا- في إطار الجهود المبذولة لتعزيز الشفافية والمساءلة في مؤسسات القطاع العام في فلسطين، يأتي ديوان الرقابة كأحد الأركان الأساسية لنظام النزاهة الوطني، حيث يُعد الجهاز الرقابي الأعلى في البلاد، ويساهم ديوان الرقابة في ضمان تنفيذ القوانين والنظم بشكل دقيق، وكشف أي انحرافات قد تؤثر على الأداء الحكومي، سواء كانت مالية أو إدارية.
وفي هذا التقرير، نسلط الضوء على أبرز محاور العمل التي يتبناها الديوان، ونناقش مع المسؤولين عن هذا الصرح الرقابي استراتيجياتهم وأهدافهم في تحسين أداء المؤسسات الحكومية.
الرقابة المالية والإدارية: تعزيز الشفافية والمساءلة في فلسطين
قالت لانا العاصي رئيس وحدة العلاقات العامة في ديوان الرقابة المالية والإدارية في مقابلة مع معا، إن الديوان يُعتبر الجهاز الرقابي الأعلى في فلسطين، ويتمتع بشخصية اعتبارية واستقلال مالي وإداري، مشيرة إلى أن الديوان يتمتع بموازنة خاصة ضمن الموازنة العامة لدولة فلسطين، ما يعكس استقلاليته في أداء مهامه. وأضافت العاصي أن ديوان الرقابة يعد ركنًا أساسيًا في نظام النزاهة الوطني، حيث يساهم في تحسين الأداء الحكومي وتعزيز الشفافية والمساءلة في مختلف المؤسسات الحكومية.
وأوضحت العاصي أن الديوان يعمل بشكل مستمر على مكافحة الفساد من خلال تقديم خدمات رقابية متخصصة على الموارد والخدمات العامة، بهدف التأكد من سلامة الأداء العام في الجهات المشمولة برقابة الديوان، ويقوم برفع تقارير مهنية دقيقة للجهات ذات العلاقة، مما يعزز فعالية العمل الرقابي في الدولة.
تعزيز الشراكة المجتمعية وتعميق ثقافة الرقابة المجتمعية
وفي سياق آخر، أكدت العاصي أن الديوان يسعى إلى بناء علاقة مهنية مع كافة الأطراف ذات العلاقة، بهدف تعزيز فهمهم لأهمية العمل الرقابي. وأوضحت أن هذا التعاون يسهم في تعزيز دور الديوان وتوسيع قاعدة الوعي بمبادئ الحكم الرشيد وتشجيع ثقافة الإبلاغ عن المخالفات وتقديم المعلومات الدقيقة.
وقالت العاصي: "نسعى لتوجيه الجهات ذات العلاقة لتقديم طلبات تدقيق وشكاوى ضمن نطاق عمل الديوان، كما نعتبرها شريكًا أساسيًا في تعزيز الثقة بعملنا." مضيفة: أن الديوان يعمل وفق معايير الانتوسايالدولية، ويهدف إلى إحداث فرق حقيقي في حياة المواطن الفلسطيني من خلال الرقابة على الخدمات المقدمة لهم وتحسينها. كما أشار إلى أن الديوان يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لنشر ثقافة الرقابة المجتمعية، من خلال منشورات تهدف إلى زيادة فهم المواطن لدور الديوان وتعزيز ثقته في تقاريره المهنية.
للاطلاع اكثر على ديوان الرقابة في الموقع الرسمي الخاص بهم
https://www.saacb.ps/ar/IndexAr.aspx
ديوان الرقابة: دور رقابي أساسي في تعزيز الشفافية
في هذا السياق قال أ. يوسف حنتش، رئيس وحدة التخطيط والتطوير في ديوان الرقابة، في حديث لـ معا: إن "ديوان الرقابة هو الجهاز الرقابي الأعلى في فلسطين وأحد المؤسسات الدستورية الهامة"، مشيرًا إلى أنه "المدقق الخارجي لمؤسسات القطاع العام" وفقًا للقانون الأساسي المعدل لعام 2003، المادة 96.
وأضاف حنتش أن الديوان يقوم بدور حيوي في ضمان شفافية الأعمال الحكومية التي تقدمها مؤسسات القطاع العام، بالإضافة إلى كشف أي انحرافات مالية أو إدارية قد تؤثر على الأداء الحكومي، مؤكدا أن الديوان يعمل على التأكد من أن الأنشطة الحكومية تُنفذ وفقًا للأنظمة والقوانين المعمول بها، وهو ما يعزز من مصداقية الحكومة أمام المواطنين.
وعن استراتيجية الديوان، أوضح حنتش أن ديوان الرقابة يتبع استراتيجية واضحة لإيصال الخدمات المختلفة للمواطن بأفضل صورة، وذلك عبر التركيز على التدقيق في الأداء الوظيفي، بالإضافة إلى الالتزام بأهداف التنمية المستدامة، خصوصًا في القطاعات الحيوية التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، مثل قطاع التعليم والصحة، مضيفا، أنه يتم التركيز على تحسين مستوى الأداء في هذه القطاعات لضمان تقديم خدمات عالية الجودة للمواطنين.
مزيد من التفاصيل في المقابلة التالية
https://www.facebook.com/watch/?v=1610610072868650&rdid=D1I7Yv8HVIiPNBkk
مشروع التدريب لتطوير الكوادر الرقابية
وعن تطوير الكوادر الرقابية، أوضح عصمت أبو ربيع، مدير عام الشؤون المالية والإدارية في ديوان الرقابة في حديثة لـ معا، أن الديوان قام بتطوير مشروع تدريبي بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي(UNDP) يهدف إلى رفع كفاءة وحدات الرقابة الداخلية في المؤسسات والوزارات المختلفة.
وقال أبو ربيع: "المشروع يشمل تدريبات عملية في ثلاث مراحل، بدءًا من التدقيق والامتثال المالي، مرورًا بتدريبات رقابة الأداء التي تركز على تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين في مرحلة التخطيط والتنفيذ وصولًا إلى إعداد التقارير".
وأشار أبو ربيع في حديثة لـ معا، إلى أن المرحلة الثانية من المشروع تم تمديدها لتشمل تدريبات في مجال تكنولوجيا المعلومات والأتمتة في التدقيق، كما تم إضافة مكون جديد في المرحلة الثالثة يهدف إلى ربط وحدات الرقابة الداخلية بديوان الرقابة لتبادل الخبرات وتعزيز التنسيق بينهما.
المزيد من التفاصيل في المقابلة التالية
https://www.facebook.com/watch/?v=1078677507075368&rdid=Ikq8z3LBcFxfHha9
الرقابة الداخلية: ضمان فاعلية الأداء الحكومي
وعن دور الوحدة واعمالها، قال عبد الله العلي، رئيس وحدة الرقابة الداخلية في ديوان الرقابة لـ معا، إن الوحدة تقوم بدور مهم في التدقيق المالي والامتثال الإداري على كافة نواحي المؤسسات التي تهتم بتقديم الخدمات للمواطنين. وأوضح العلي أن "وحدة الرقابة الداخلية تعتبر صمام الأمان للإدارة العليا، حيث تساعد في اتخاذ القرارات الصحيحة من خلال مراقبة أداء المؤسسات في الجوانب الإدارية والمالية"، مضيفًا أن هذه الوحدة تلعب دورًا محوريًا في تحسين جودة الخدمات الحكومية من خلال مراقبة العطاءات والأنشطة ذات التأثير المباشر على المواطنين.
وأشار العلي إلى أن المشروع التدريبي الذي أطلقه ديوان الرقابة يهدف إلى تزويد الموظفين بالمهارات اللازمة لتحسين جودة الأداء، حيث تم التواصل مع الوزارات المعنية لتحديد المواضيع التدريبية ذات الأولوية. وتابع قائلًا: "تم تشكيل لجنة من كبار المدققين والمديرين لاختيار المواد التدريبية التي سيتم تقديمها، مع التركيز على المواضيع المتعلقة بنظام الشراء، النظام المالي والإداري، وكذلك الخدمة المدنية.
المزيد في المقابلة التالية ..
https://www.facebook.com/watch/?v=1719249485532531&rdid=7pqgqMEmutmIPv9T
برنامج تدريب وحدات الرقابة الداخلية: شراكة استراتيجية مع برنامج الأمم المتحدة
في إطار تعزيز قدرة المؤسسات الحكومية على تحقيق الشفافية والمساءلة، نفذ ديوان الرقابة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي(UNDP) برنامجًا تدريبيًا خاصًا بوحدات الرقابة الداخلية في الوزارات والمؤسسات العامة الفلسطينية. هذا البرنامج الذي شمل عدة مراحل هدف إلى تعزيز فعالية الرقابة الداخلية وتحقيق أعلى مستوى من الكفاءة في العمل الحكومي.
"ديوان الرقابة يعزز قدراته في تدقيق تكنولوجيا المعلومات بتمويل من الأمم المتحدة"
في إطار سعيه المستمر لمواكبة التحولات الرقمية والتطورات التكنولوجية في الحكومة الفلسطينية، أطلق ديوان الرقابة المالية والإدارية مشروع "تنمية قدرات الديوان في مجال التدقيق على تكنولوجيا المعلومات" (IT Audit) الممول من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP). ويعكس هذا المشروع التزام الديوان بتطوير أدائه الرقابي لضمان تقديم أفضل الخدمات الحكومية وتحقيق أعلى معايير الشفافية والمساءلة في القطاع العام.
وفي السياق، استفاد ديوان الرقابة في العام 2024 من تمويل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتنفيذ تدريب متخصص استهدف 12 متدرباً من كوادر الديوان، بهدف تعزيز مهاراتهم في مجال تدقيق تكنولوجيا المعلومات ودمجها مع الرقابة المالية. تم التركيز على تدريب المتدربين للحصول على شهادة (CISA) المعتمدة من قبل (ISACA)، بالإضافة إلى إلمامهم بمعايير وتطبيقات هامة مثل (ITAF-Work Frame)، (COBIT-Work Frame)، و(ISO27001).
ريما عودة، مدققة تكنولوجيا المعلومات في ديوان الرقابة المالية والإدارية، أكدت لـمعا أن "التدريب يهدف إلى ضمان توافق أعمال الجهات الخاضعة للتدقيق مع أهداف تكنولوجيا المعلومات الخاصة بها، مما يعزز من جودة الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين. هذا المشروع أسهم في إصدار تقارير تدقيق شاملة لعدد من المؤسسات مثل وزارة النقل والمواصلات، شركة كهرباء الشمال (NEDCO)، بالإضافة إلى الاستثمارات الحكومية في مجال تكنولوجيا المعلومات، استناداً إلى دليل تدقيق عملي متطور."
وأضافت عودة أن التعاون مع (UNDP) يعزز قدرة الديوان على تطبيق أحدث المعايير والمنهجيات العالمية في تدقيق تكنولوجيا المعلومات، مما يساهم في تحسين الأداء الحكومي وزيادة كفاءة تحصيل الإيرادات
استهداف الوزارات والمؤسسات العامة
تم في المرحلة الاولى من البرنامج استهداف 19 وزارة ومؤسسة عامة للمشاركة في التدريب، حيث تم دعوة هذه الجهات للمساهمة في بناء قدراتها الرقابية. في هذا الصدد، تحدثت سمر دويكات، مدير دائرة التدريب في ديوان الرقابة لـ معا ، قائلة: "في بداية البرنامج، قمنا بمراسلة الوزارات والمؤسسات المستهدفة للحصول على تفاصيل دقيقة حول احتياجاتهم التدريبية. الهدف من هذه الخطوة كان تصميم برنامج تدريبي يلبي تلك الاحتياجات ويحقق أكبر فائدة ممكنة للمشاركين."
وأوضحت دويكات أن هذا النهج يساعد في تخصيص محتوى البرنامج وتوجيهه بشكل أكثر دقة نحو رفع مستوى أداء موظفي وحدات الرقابة الداخلية.
تصميم البرنامج التدريبي: تلبيـة الاحتياجات وتحقيق الفائدة
بعد دراسة احتياجات الوزارات والمؤسسات المعنية، تم تصميم البرنامج التدريبي ليشمل مجموعة من المواضيع التي تواكب التطورات الحديثة في مجال الرقابة. قالت دويكات: "تم تصميم البرنامج بشكل يتناسب مع تطلعات المشاركين، حيث شمل مواضيع متعددة في مجالات التدقيق الرقابي والإداري، مما يعزز من قدرة وحدات الرقابة الداخلية على أداء مهامها بشكل أكثر كفاءة."
الرقابة على الأداء وتحسين الخدمات الحكومية
من المواضيع الهامة التي تم التركيز عليها خلال التدريب كانت "رقابة الأداء"، والتي تتعلق بكيفية مراقبة أنشطة الوزارات والمؤسسات العامة، خاصة تلك التي تقدم خدمات مباشرة للمواطنين. وقالت دويكات: "ركزنا خلال التدريب على تحسين آليات الرقابة على الأنشطة التي تقدم خدمات حيوية للمواطنين، بما يضمن تقديم هذه الخدمات بجودة عالية وفعالية أكبر."
وشمل البرنامج التدريبي كما اوضحت دويكات في حديثها لـ معا ، عدة محاور أساسية تهدف إلى تعزيز مهارات وحدات الرقابة الداخلية في الوزارات والمؤسسات العامة، حيث بدأ التدريب بمقدمة حول تدقيق تكنولوجيا المعلومات، والتي تعتبر من المجالات الحيوية لضمان كفاءة الأنظمة المعلوماتية الحكومية، كما تم تناول آلية عمل وحدات الرقابة الداخلية، حيث تم تسليط الضوء على دور هذه الوحدات في تنفيذ مهام الرقابة المختلفة.
تم التركيز أيضًا على الرقابة على أنشطة الوزارات من خلال رقابة الأداء، بما يساهم في تحسين كفاءة تقديم الخدمات للمواطنين. إضافة إلى ذلك، تم استعراض منهجية التدقيق القائم على المخاطر، التي تعتبر أسلوبًا حديثًا وفعّالًا في تحديد وتحليل المخاطر المرتبطة بالأنشطة الحكومية.
كما تناول التدريب إعداد الخطط الرقابية، حيث تم إرشاد المشاركين حول كيفية تصميم خطط تدقيق فعّالة تلبي احتياجات المؤسسات. وتم أيضًا تسليط الضوء على تدقيق الاحتيال، وتدقيق النفقات والإيرادات، كجزء من عمليات التأكد من التزام المؤسسات بالمعايير المالية السليمة.
ولم يغفل التدريب عن تدقيق المشتريات والشؤون الإدارية، وهو مجال حيوي لضمان الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد العامة. وأخيرًا، تم التطرق إلى إعداد التقارير الرقابية وصياغة التوصيات، بما يعزز قدرة المشاركين على توثيق نتائج التدقيق وتقديم اقتراحات قابلة للتنفيذ لتحسين الأداء الحكومي.
أهداف التدريب: تحسين الخدمات ورفع الكفاءة الحكومية
وقالت دويكات: إن أهداف التدريب التي نفذها ديوان الرقابة تستهدف تعزيز قدرات وحدات الرقابة الداخلية بما يعزز من جودة الخدمات الحكومية المقدمة، مضيفة : "نحن في ديوان الرقابة نؤمن بأهمية دور وحدات الرقابة الداخلية في ضبط ومراقبة الأعمال الحكومية، لأنها تلعب دورًا محوريًا في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين."
وأشارت إلى أن هذه التدريبات تهدف إلى تمكين الموظفين في وحدات الرقابة من رفع مستوى أدائهم، مما ينعكس بشكل إيجابي على الحياة اليومية للمواطنين، ويحقق رؤية ديوان الرقابة في أن يصبح مؤسسة نموذجية يحتذى بها من قبل باقي المؤسسات الحكومية.
الرؤية المستقبلية: ديوان الرقابة كمؤسسة نموذجية
وفي ختام حديثها، أكدت دويكات أن هذا البرنامج التدريبي يأتي في إطار رؤية ديوان الرقابة لأن يكون نموذجًا يحتذى به في المؤسسات الحكومية الفلسطينية، قائلة "من خلال هذه التدريبات، نهدف إلى تطوير مستوى الأداء الحكومي وتحقيق الشفافية في كافة القطاعات، نرى في ديوان الرقابة أن وحدات الرقابة الداخلية هي اللبنة الأساسية في تعزيز النزاهة والمساءلة، ونسعى لأن تكون هذه البرامج رافدًا رئيسيًا في تحسين حياة المواطن الفلسطيني."
وفي الختام فإن دور ديوان الرقابة في فلسطين يعد ركيزة أساسية لضمان تحقيق الشفافية والنزاهة في العمل الحكومي، من خلال دوره الرقابي والتدريبي الذي يستهدف تحسين أداء المؤسسات العامة، ومع استمرار التطوير والتدريب على أعلى المستويات، يبقى ديوان الرقابة في طليعة المؤسسات التي تضمن حقوق المواطنين وتُسهم في تعزيز الثقة في العمل الحكومي.