الإثنين: 06/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

"تحقق": 2024 عام التصدي للتضليل وترسيخ الحقائق في زمن الحرب والأزمات

نشر بتاريخ: 02/01/2025 ( آخر تحديث: 02/01/2025 الساعة: 11:27 )
"تحقق": 2024 عام التصدي للتضليل وترسيخ الحقائق في زمن الحرب والأزمات

رام الله- معا- أصدر المرصد الفلسطيني "تحقق" تقريره السنوي لعام 2024، الذي يعكس حجم الجهود المبذولة من قبل فريقه لتعزيز التحقق من المعلومات في بيئة إعلامية معقدة ومليئة بالتحديات، لا سيما في ظل تصاعد النزاعات في منطقة الشرق الأوسط، وبشكل خاص الحرب في غزة وفي جنوب لبنان، وطوال عام كامل تمكن فريق "تحقق" من إنتاج ونشر 421 مادة تحقيقية وتقارير متنوعة، تناولت العديد من المواضيع وسلطت الضوء على التضليل الإعلامي والمعلومات المغلوطة التي ازدادت خلال تلك الأزمات، إضافةً إلى جهوده في تعزيز المحتوى الموثوق، وبالإضافة لذلك فقد استطاع المرصد نشر 33 تقريراً باللغة الإنجليزية، وذلك بعد إطلاقه مبادرة بالتزامن مع الحرب في غزة، لنشر تقارير التدقيق باللغة الإنجليزية، استجابةً للحاجة المتزايدة لتوصيل الحقائق إلى جمهور دولي أوسع، خاصة في ظل استمرار وتصاعد الحرب في غزة.

وخلال ذات العام، واجه الفريق تحديات كبيرة في الوصول إلى المعلومات الموثوقة وسط بيئة إعلامية ورقمية مضطربة، حيث أدت الظروف الميدانية وصعوبة التواصل إلى تعقيد عمليات التحقق وتدقيق المعلومات، ومع ذلك، استطاع المرصد الاستفادة من شبكة من المصادر الموثوقة والتعاون مع صحفيين ميدانيين ومحللين متخصصين لضمان دقة التقارير المنشورة، كما اعتمد "تحقق" على أدوات رقمية متقدمة وتقنيات التحقق مفتوحة المصدر لتقييم صحة المعلومات المتداولة على المنصات الرقمية ووسائل الإعلام التقليدية.

في سياق الادعاءات التي فندها مرصد "تحقق" سُجلت معظم المعلومات التي تم رصدها في وتصحيحها ضمن تصنيفين رئيسيين وفقاً لمنهجية المرصد، واستناداً إلى المعايير العالمية، إذ شكل المحتوى الخاطئ ما نسبته 67% والمضلل ما نسبته 33%.

الحرب في غزة ولبنان تتصدر تقارير المرصد

منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، كثف فريق المرصد الفلسطيني "تحقق" جهوده بشكل كبير على متابعة وتصحيح المعلومات المتعلقة بالحرب في غزة، حيث أصدر المرصد وحتى أواخر العام 2024 ما مجموعه 370 تقريراً حول معلومات خاطئة ومضللة ارتبطت ارتباطاً ومباشراً بالحرب ومجرياتها، وهي معلومات تم تداولها عبر منصات التواصل الاجتماعي من قبل مستخدمين وصفحات اجتماعية، وكذلك من صحفيين وناشطين ووسائل إعلام.

وتمثلت أهم هذه الادعاءات بتلك التي صدرت عن مصادر رسمية إسرائيلية، والتي انتشرت بشكل مكثف عقب المجازر التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية، بهدف التنصل من المسؤولية وتبرير العمليات العسكرية. كما رصد المرصد ادعاءات أخرى تم الترويج لها عبر حسابات إسرائيلية وغربية، تتعلق بوسمي "باليوود" و"غزة-وود"، والتي سعت إلى تشويه الحقائق وإثارة الشكوك حول المشاهد المصورة من غزة، حيث تم توضيح حقيقتها باللغتين العربية والإنجليزية، في محاولة للتصدي لمحاولات التضليل الإعلامي المتعمدة.

وبالتوازي مع الحرب في غزة، شهدت الأخبار المتعلقة بالحرب الإسرائيلية في لبنان نشاطاً إعلامياً مكثفاً، خاصة مع بدء التوغل البري الإسرائيلي في أوائل أكتوبر/ تشرين الأول 2024. وقد رصد فريق المرصد الفلسطيني "تحقق" منذ ذلك الحين 66 ادعاءً مضللاً، قام بتصحيحها قبل اتفاق وقف إطلاق النار بين "حزب الله" وإسرائيل في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام ذاته.

وسبق التوغل البري جملة من المعلومات المضللة التي انتشرت على نطاق واسع بالتزامن مع حوادث تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية التي كانت بحوزة عناصر "حزب الله" في مناطق متفرقة من لبنان، يومي الثلاثاء والأربعاء، 17 و18 سبتمبر/ أيلول 2024.

بالإضافة إلى ذلك، شملت الادعاءات التي رصدها المرصد معلومات مرتبطة بشكل غير مباشر بالحرب، مثل الهجمات الحوثية والإيرانية على أهداف إسرائيلية والسفن المرتبطة بإسرائيل أو الداعمة لها في الملاحة البحرية الدولية.

ومن جهة أخرى، نشر المرصد 33 تقريراً تحت بند "تقارير ومتابعات"، والتي تمحورت بشكل أساسي حول متابعة دقيقة وتركيز على مواضيع وقضايا أثارت جدلاً عبر المنصات الرقمية، حيث تضمنت هذه التقارير تحليلات موسعة ورصداً مفصلاً لأبرز المعلومات المضللة والخاطئة التي تم تداولها حول قضايا محددة، وسعى المرصد من خلال هذه التقارير إلى تقديم رؤية شاملة ودقيقة لتلك القضايا، مسلطاً الضوء على الأخطاء والادعاءات المضللة، ومبيّناً الحقائق كما رصدها فريق العمل المتخصص.

تقارير تحليل شهرية للادعاءات المضللة والخاطئة

منذ شهر أغسطس/ آب الماضي، بدأ المرصد في إطار جهوده لتعزيز الوعي وتحسين جودة المحتوى الرقمي، وبدعم من الشبكة الدولية لتدقيق المعلومات (IFCN) بتحليل اتجاهات التضليل الإعلامي وكشف مصادره، إلى جانب دراسة نطاق انتشاره وتأثيره على الجمهور، كما أولى اهتماماً خاصاً للتحولات الجغرافية التي يستهدفها التضليل الإعلامي، حيث رصد تغيرات في الأنماط والمناطق الأكثر عرضة لهذا النوع من المعلومات المضللة.

وفي هذا السياق، نشر المرصد أربع تقارير معمقة منذ أغسطس/ آب، ويستعد لنشر التقرير الخامس قريباً، حيث تُترجم هذه التقارير إلى اللغة الإنجليزية لتوسيع نطاق الاستفادة منها على الصعيد الدولي، وتقديم رؤية أوضح حول أنماط التضليل الإعلامي وسبل مواجهته.

"تحقق" يفوز بجائزة أفضل مشروع تدقيق معلومات عابر للحدود من الشبكة العربية لمدققي المعلومات

فاز المرصد الفلسطيني “تحقق” بجائزة أفضل مشروع تدقيق معلومات عابر للحدود، والتي تقدمها الشبكة العربية لمدققي المعلومات، عن مشروعه التعاوني مع منصتي “صواب” من لبنان، و”مسبار” من الأردن. جاء الإعلان عن الجائزة ضمن الفعاليات الختامية لملتقى أريج السابع عشر الذي انعقد في البحر الميت بالأردن.

وتضمن المشروع الفائز تعاوناً مشتركاً بين المنصات الثلاث لمواجهة التضليل الإعلامي خلال فترة الحرب على غزة وجنوب لبنان عام 2024.

بالإضافة إلى الجائزة الرئيسية، حصل المرصد الفلسطيني "تحقق" ومنصتا "تفنيد" من مصر، و"تونس تتحرى" من تونس، على تنويه خاص في جائزة تدقيق المعلومات من "أريج"، تقديراً لاستخدامهم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تطوير العمل الصحفي ومجال تدقيق المعلومات. وجاء التنويه عن أداة مبتكرة بعنوان "أرشيف مكافحة التضليل بمناطق النزاع (ACDC)"، والتي تم تنفيذها بالتعاون مع الشريك التقني شركة "مكس ميديا" التقنية.

إلى جانب ذلك، عزز المرصد جهوده، من خلال مشاركات خارجية لفريقه، حيث شارك المرصد في المخيم الشبابي العربي الذي نظمته الشبكة العربية للشباب في الانتخابات، بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) والوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، في المملكة الأردنية الهاشمية واستمر لمدة أربعة أيام.

كما نظم المرصد "تحقق" عشرة تدريبات متخصصة في مجال التدقيق والتحقق والسلامة المهنية، بهدف رفع مستوى الكفاءة لدى الصحفيين وطلبة الإعلام بمجال التحقق من المعلومات.

وفي 7 أكتوبر 2024، أطلق المرصد، بالشراكة مع لجنة الانتخابات المركزية وبدعم من الاتحاد الأوروبي، مشروع "بصمة" الذي يهدف إلى تعزيز المشاركة الديمقراطية لدى الشباب الفلسطيني. وركز المشروع على تمكين الشباب من المساهمة الفاعلة في العملية الانتخابية، وكان من أبرز مخرجاته معسكر تدريبي استهدف طلبة الجامعات الفلسطينية، بالإضافة إلى مناظرة طلابية لمحاكاة الانتخابات.

إلى جانب ذلك، شارك المرصد في أربعة برامج أخرى، أبرزها اختتام مشاركته بنجاح في المشروع الإقليمي "لنحلق معاً"، الذي قدمته الشبكة العربية لمدققي المعلومات بدعم من الشبكة الدولية لتدقيق المعلومات (IFCN). في 19 يوليو/تموز 2024، أنهى المرصد هذا المشروع محققًا مخرجات قيّمة ساهمت في تعزيز استقلاليته وتطوير أدائه، مما انعكس إيجابياً على قدرته في مواجهة التضليل الإعلامي .

بالإضافة إلى مشاركته في فعاليات قمة تأثير الوسائط الرقمية (DMIS)، في العاصمة الهولندية أمستردام، وذلك عن مشروعه "Checkbot"، وذلك لتعزيز جهود تدقيق المعلومات في فلسطين.

ووصل المشروع إلى القائمة النهائية لأفضل 6 مشاريع تم اختيارها للمنافسة في المسابقة ضمن فعاليات القمة.

وفي وسط هذه التحديات، يختتم مرصد "تحقق" عام 2024 بحصيلة غنية من الإنجازات التي عكست جهوده في مواجهة التضليل الإعلامي وتعزيز الحقائق وسط أزمات معقدة، ومع مواصلة العمل على تطوير أدواته وتوسيع شراكاته محلياً ودولياً.