الجمعة: 10/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

مطامع أمريكا في جرين لاند! .... لماذا؟

نشر بتاريخ: 09/01/2025 ( آخر تحديث: 09/01/2025 الساعة: 20:17 )
مطامع أمريكا في جرين لاند! .... لماذا؟

القدس- معا- تعد جرين لاند واحدة من أكبر الجزر في العالم، وتتميز بموقعها الجغرافي الاستراتيجي في أقصى الشمال الشرقي للأمريكيتين. تقع الجزيرة في المحيط الأطلسي، بالقرب من القطب الشمالي، وهي تابعة للدنمارك في إطار منطقة ما وراء البحار. ورغم اسمها الذي يوحي بالخضرة، إلا أن الغالبية العظمى من أراضيها مغطاة بالجليد، ما يجعلها واحدة من أكثر الأماكن البرية والمثيرة للاهتمام في كوكب الأرض.

تقع جرين لاند على بعد نحو 3000 كيلومتر من سواحل كندا، وتعد أكبر جزيرة في العالم من حيث المساحة. تغطي الجزيرة حوالي 2.16 مليون كيلومتر مربع، إلا أن حوالي 80% من أراضيها مغطاة بالجليد الدائم. يبلغ عدد سكانها حوالي 56,000 نسمة، معظمهم من الإنويت (الشعب الأصلي للمنطقة) الذين يعيشون في مستوطنات ساحلية منتشرة على طول الشواطئ.

تعتبر اللغة الجرينلاندية هي اللغة الرسمية، بينما يتم استخدام الدانماركية في بعض الأوساط الرسمية والتعليمية. رغم هذا التنوع اللغوي، يظل الشعب الجرينلاندى مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بثقافته وتاريخه التقليدي الذي يتسم بالصيد، وصيد الأسماك، والعيش في بيئة قاسية ومليئة بالتحديات.

تاريخ جرين لاند طويل ومعقد، فقد كانت الجزيرة موطنًا للعديد من الثقافات منذ العصور القديمة، بما في ذلك الإنويت الذين استقروا هناك منذ حوالي 4000 عام. في العصور الوسطى، كانت الجزيرة موطنًا للغزاة النورسيين قبل أن تصبح تحت سيطرة الدنمارك في القرن الـ 18.

خلال القرن الـ 20، كانت الدنمارك قد أعلنت جرين لاند كأرض تابعة لها بشكل رسمي، ولا تزال الجزيرة تحت السيطرة الدنماركية حتى يومنا هذا. ومع ذلك، تم منحت جرين لاند حكمًا ذاتيًا جزئيًا في عام 1979، ومنذ ذلك الحين أصبحت تتمتع بقدر من الاستقلالية في الشؤون الداخلية. إلا أن الدنمارك لا تزال تدير الشؤون الدفاعية والعلاقات الخارجية، وهو ما يثير بعض التوترات السياسية.

يعود اهتمام الدنمارك بـ جرين لاند إلى العديد من العوامل، أبرزها الموقع الاستراتيجي الذي يمنحها أهمية كبيرة في السياسة الدولية. تبرز الجزيرة كموقع حيوي في الحروب الجيوسياسية على مر العصور، وهي نقطة انطلاق استراتيجية في محيط القطب الشمالي. كما أن اكتشاف الثروات الطبيعية في الجزيرة، مثل النفط والغاز والمعادن الثمينة، قد عزز من الأهمية الاقتصادية للجزيرة.

بعد انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أبدى اهتمامًا إضافيًا عندما أعرب عن رغبة بلاده في شراء الجزيرة من الدنمارك، وهو ما أثار موجة من الاستنكار على الساحة السياسية الدنماركية. كانت هذه الحاجة الأمريكية بمثابة إعلان عن الأهمية الجيوسياسية للجزيرة.

تتميز جرين لاند بمناخ قاسي، حيث يتميز الشتاء بالبرد القارس والمظلم لفترات طويلة من العام، في حين يكون الصيف قصيرًا ولكنه مشمس نسبيًا. ولكن، رغم هذا المناخ القاسي، فإن الجزيرة تحتوي على ثروات طبيعية هائلة، مثل الذهب، واليورانيوم، والنفط، بالإضافة إلى الماس والمعادن الأخرى، وهي موارد قد تصبح أكثر قيمة في المستقبل، خاصة مع تغير المناخ.

التغيرات المناخية في جرين لاند قد يكون لها تأثيرات كبيرة على العالم، إذ أن ذوبان الجليد في الجزيرة يساهم في ارتفاع مستويات البحر عالميًا، ما يجعل من الاهتمام البيئي جزءًا أساسيًا من النقاشات السياسية والدولية.

جرين لاند ليست مجرد جزيرة معزولة في أقاصي الشمال، بل هي منطقة ذات أهمية استراتيجية واقتصادية وبيئية، ويشكل المستقبل المناخي والاقتصادي للجزيرة جزءًا من التحديات التي تواجهها الدنمارك والدول الكبرى. وبينما تظل العلاقة بين الدنمارك وجرين لاند معقدة، تبقى هذه الجزيرة قطبًا مهمًا في الخريطة العالمية.








مطامع أمريكا في جرين لاند! .... لماذا؟
مطامع أمريكا في جرين لاند! .... لماذا؟