بقلم: د. صبري صيدم
هذه آخر مقالة لي قبل أن يستلم الرئيس الأمريكي العائد إلى السلطة دونالد ترامب مقاليد الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الذي لم يفاجئ الكثيرين مؤخراً بالشراهة الجغرافية، التي تشغل عقله ووجدانه. فهو رجل المفاجآت والقفز إلى الأمام بأشواط تفوق الآخرين، وهو المعتاد على الحديث الصارخ والأفكار الغريبة والرؤى الفاقعة.
رجل الصفقات والصفعات والضربات والهزات والاهتزازات والارتجاجات والقفشات والصيحات في آن واحد. يجمع بين الفظاظة والفجاجة والجرأة والصراحة، بشكل لم يسبقه رئيس إليها. عاشق للمغامرة والمقامرة والمنازلة في حلبات السياسة تماماً، كما في حلبات المصارعة.
عقله في الصين وقلبه في غرينلاند والمكسيك وبنما! عيناه على الشرق الأوسط وروسيا وأوكرانيا، وجوارحه في كندا وأمريكا الشمالية الموحدة، والقائمة لن تنتهي من المطامع والمغانم. تشغله أمريكا بتفاصيلها اليومية، ويشاغلها هو بأحلامه وأمانيه ومطامحه.
رجل يقاتل عقارب الساعة في التفكير والتمحيص، في ما ينتظره من مهام ومهمات، فيقاتل في مخيلته قوى الأرض وخطوط الطول والعرض.
رجل تسلح بالأحلام والجنون والجسارة ليعزز تسليحه هذا بأيلون ماسك، وليزيد على أحلامه وجنونه، أحلاماً وجنوناً لا حصر لهما، وكأنهما أي ترامب وماسك، في سباق متوقع مع الزمن لامتلاك الأرض والبشر والحجر والكواكب وما بينهما من تفاصيل.
هذا الحال جاء بمثابة تدفق طبيعي لجنون العظمة، والشعور العارم بالقوة والملاءة المالية. يرفعان ويضمان ويكسران، كيفما يشاءان في عالم تغزوه التقانة، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة السُحبية، وهندسات النانو، والخلايا الجذعية، والمركبات الكهربائية، والطاقة النظيفة، وقائمة لا تنتهي من عالمي الأحلام والحداثة.
وبينما يعد الرجلان العدة ليحتلا أربع سنوات جديدة من مساحة حياتنا، تعد البشرية العدة لاستقبال متجدد لمطامح الرجل المصارع دونالد ترامب، الذي يعود إلى المكتب البيضاوي، لينتقم من خصومه ويعزز قبضته على الرئاسة ويشرع في تنفيذ مطامحه ورغباته.
وفي ظل هذا وذاك لا بد من تذكير ترامب بوعديه الانتخابيين الأساسيين: وقف الحرب على غزة قبل تسلمه موقعه، وإنهاء الحرب الروسية – الأوكرانية، بمكالمة هاتفية واحدة. فهل ينجح الرجل المصارع في ما وعد؟ أم يحظ بجدارة بكأس العالم للجنون؟ ننتظر ونرى.
s.saidam@gmail.com