لندن – معا- جاء تصريح حازم قاسم، المتحدث باسم حركة حماس، أمس ليؤكد على موقف الحركة الرافض للخروج من قطاع غزة أو نزع سلاحها كجزء من أي اتفاق محتمل. هذا الموقف، الذي وصف فيه اشتراط إسرائيل إبعاد حماس عن القطاع بأنه "حرب نفسية سخيفة"، يعكس إصرار الحركة على التمسك بالسلطة في غزة، وهو ما يضع الفلسطينيين في القطاع أمام تحديات كبرى، سواء على الصعيد السياسي أو الإنساني.
مركز رصد للدراسات السياسية والاستراتيجية في لندن أصدر اليوم الأربعاء الموافق التاسع عشر من فبراير ٢٠٢٥ ورقة ناقشت هذه التصريحات في ظل النقاط التالية:
أولًا: حماس والتشبث بالسلطة في غزة
تُظهر تصريحات قاسم أن حماس تدرك أن خروجها من غزة يعني فقدانها للقاعدة السياسية والعسكرية التي بنتها منذ سيطرتها على القطاع عام 2007. هذا الرفض ينبع من رؤية استراتيجية ترى في غزة ركيزة أساسية للمشروع السياسي والعسكري للحركة، وليس مجرد موقع جغرافي. كما أن أي خطوة نحو التفريط بالسلطة ستؤدي إلى إضعاف موقفها التفاوضي وإفقادها القدرة على فرض شروطها في أي اتفاق مستقبلي.
في المقابل، هذا التشبث يأتي بثمن باهظ، حيث يُرجَّح أن يكون المدنيون في غزة هم الأكثر تضررًا من تداعيات هذا الموقف، خاصة في ظل استمرار الحصار والتصعيد العسكري، وتفاقم الأزمة الإنسانية. وبذلك، فإن استمرار حماس في الحكم قد يؤدي إلى مزيد من العزلة الدولية والتضييق على سكان القطاع.
ثانيًا: تداعيات التغيير في الوفد الإسرائيلي المفاوض
يتزامن هذا الموقف مع تغييرات جذرية داخل الفريق الإسرائيلي المفاوض، حيث تم استبعاد معظم القيادات الأمنية في الموساد والشاباك، ممن كانوا مسؤولين عن الملف التفاوضي مع حماس، واستبدالهم بسياسيين موالين لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. هذه التغييرات تعكس تحوّلًا نحو نهج أكثر تشددًا في التعامل مع حماس، مما يقلّص فرص التوصل إلى اتفاق يُنهي الأزمة.
وبالنظر إلى طبيعة الوفد الجديد، فإنه يُتوقَّع أن تتبنى إسرائيل مقاربة أكثر صرامة، تركز على فرض الشروط الإسرائيلية بشكل أحادي، بدلًا من البحث عن تسويات مقبولة للطرفين. هذا يعني أن المفاوضات ستواجه مزيدًا من التعقيد، مما يفاقم معاناة سكان غزة، الذين سيدفعون الثمن الأكبر جراء استمرار الجمود السياسي والتصعيد العسكري المحتمل.
ثالثًا: تأثير الموقف على إعادة الإعمار وخطة مصر
في ظل هذه التطورات، تواجه خطة إعادة إعمار غزة، التي تقودها مصر، تحديات كبيرة. إذ إن استمرار سيطرة حماس ورفضها لأي ترتيبات سياسية جديدة قد يدفع المانحين إلى التراجع عن تقديم الدعم اللازم، خوفًا من أن يُستخدم لأغراض عسكرية بدلًا من تحسين الأوضاع المعيشية في القطاع. كما أن تعثر المفاوضات يُضعف قدرة مصر على لعب دور الوسيط الفاعل، مما قد يُعرقل جهود إعادة الإعمار ويزيد من تدهور الأوضاع الإنسانية.
وفي الخاتمة تقول الورقة إن تصريحات حازم قاسم تؤكد أن حماس ماضية في استراتيجيتها القائمة على التمسك بالسلطة ورفض التنازل عن سلاحها، وهو ما سيؤدي إلى تصعيد الضغوط الإسرائيلية والأممية على القطاع. في المقابل، فإن التحولات داخل الوفد الإسرائيلي المفاوض تُنذر بمسار أكثر تشددًا، مما يجعل أي اتفاق محتمل أكثر صعوبة. ومع تعثر خطط إعادة الإعمار، يبدو أن سكان غزة سيكونون الضحية الرئيسية لهذا الصراع المستمر، في ظل غياب حلول سياسية حقيقية تُخفف من معاناتهم.