لندن – معا - تشير التطورات الأخيرة عقب القرار الإسرائيلي بتوسيع العملية العسكرية في جنين إلى تحول لافت في التعاطي العسكري الإسرائيلي مع الضفة ، متمثلا في عملية إدخال الدبابات بدعوى التصدي لمحاولات تفجير الحافلات.
وتشير ورقة بحثية أعدها مركز رصد للدراسات في العاصمة البريطانية لندن إلى أن اسرائيل عازمة – أو على الأقل تسعى – للقضاء على تجمعات المقاتلين في جنين وتفكيك المجموعات المسلحة، بغض النظر عن انتماءاتها التنظيمية. هذه الخطوة تأتي في ظل تصعيد متزايد، ما يفتح الباب أمام تداعيات خطيرة على المشهد الفلسطيني والإقليمي.
وتشير الورقة إلى عدد من النقاط ومنها ...أولًا: أبعاد توسيع عملية جنين، حيث شهدت جنين في السنوات الأخيرة عمليات عسكرية مكثفة تهدف إلى تقويض نفوذ الجماعات المسلحة. ومع ذلك، فإن التوغل العسكري الجديد يشير إلى تحول في الاستراتيجية الإسرائيلية، حيث يتم استهداف البنية التحتية للمسلحين بشكل أكثر شمولية، مما يعكس رغبة إسرائيلية في فرض واقع أمني جديد في الضفة الغربية.
تشمل العملية الأخيرة مداهمات مكثفة، استخدام الطائرات المسيرة، وتوسيع نطاق الاعتقالات، ما يعزز القناعة بأن الهدف ليس فقط استهداف خلايا محددة، بل إعادة هندسة المشهد الأمني في المنطقة.
ثانيًا: خطورة هذا التوسيع في الوقت الحالي
حيث يأتي هذا التصعيد في توقيت حساس للغاية، إذ أن توسيع العملية قد يؤدي إلى:
1. تصعيد أمني واسع النطاق: قد تدفع هذه العمليات الفصائل المسلحة إلى تصعيد ردود فعلها، ما قد يؤدي إلى جولة جديدة من المواجهات الدامية.
2. توتر العلاقات الإقليمية: يمكن أن تؤثر هذه العمليات على العلاقات بين إسرائيل والدول العربية التي وقعت اتفاقيات تطبيع، إذ ستجد هذه الدول نفسها تحت ضغط داخلي بسبب ارتفاع وتيرة العنف في الأراضي الفلسطينية.
3. تعقيد المشهد الفلسطيني الداخلي: في ظل الانقسام السياسي، فإن هذه العملية قد تزيد من تعقيد العلاقة بين السلطة الفلسطينية والفصائل المسلحة، ما قد يؤدي إلى مزيد من الفوضى الداخلية.
ثالثًا: الفلسطينيون يدفعون ثمن فوضى السلاح
من أخطر تداعيات هذا التصعيد أن المدنيين الفلسطينيين هم الضحية الأولى، إذ أنهم محاصرون بين عمليات عسكرية إسرائيلية مكثفة، وفوضى السلاح التي خلّفتها سنوات من غياب الاستقرار. انتشار السلاح في المخيمات الفلسطينية أدى إلى تعقيد الوضع الأمني، حيث باتت بعض المناطق خارجة عن سيطرة السلطة الفلسطينية، ما يخلق بيئة خصبة لاستمرار المواجهات العنيفة.
كما أن هذه الفوضى تسهّل عمليات التسلل والتفجيرات، مما يمنح إسرائيل الذريعة لمواصلة توغلاتها العسكرية تحت شعار "محاربة الإرهاب"، بينما يدفع السكان الفلسطينيون الثمن الأكبر من حيث الخسائر البشرية والتدمير للبنية التحتية.
وفي الخاتمة تقول الورقة : يبدو أن إسرائيل تسير باتجاه توسيع حملاتها العسكرية في الضفة الغربية، خاصة في جنين، بهدف فرض واقع أمني جديد. لكن هذا التصعيد يحمل مخاطر كبيرة، سواء على الاستقرار الداخلي الفلسطيني أو على مستوى العلاقات الإقليمية. في ظل هذه المعطيات، فإن الفلسطينيين يجدون أنفسهم أمام تحدٍ مزدوج: مواجهة العمليات العسكرية الإسرائيلية، والتعامل مع تداعيات انتشار السلاح الذي يهدد استقرارهم الداخلي.