واشنطن -معا- ألغت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قرارًا أصدرته إدارة جو بايدن كان يهدف إلى ضمان عدم استخدام حلفاء واشنطن للأسلحة المصنّعة في الولايات المتحدة بشكل ينتهك القانون الإنساني الدولي، وفقًا لما نقلته صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين، الإثنين.
وجاء إلغاء هذه المذكرة التي أصدرها بايدن في ظل مساعٍ للتوفيق بين دعمه للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ومخاوفه بشأن "الخسائر البشرية بين المدنيين الفلسطينيين"، في إطار توجه إدارة ترامب الجديدة نحو تعزيز نهجها القائم على شعار "أميركا أولًا" في السياسة الخارجية.
وبحسب الصحيفة، أصدر مستشار الأمن القومي مايكل والتز، في 21 شباط/ فبراير الجاري، قرارًا ينقل توجيهًا مباشرًا من ترامب بإلغاء مذكرة الأمن القومي رقم 20 (NSM-20) التي أصدرها بايدن، وهو القرار الذي أكده عدد من المسؤولين الأميركيين الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم، نظرًا لعدم الإعلان رسميًا عن هذه الخطوة حتى الآن.
وكانت مذكرة بايدن تفرض قيودًا إضافية على توريد الأسلحة الأميركية، حيث اشترطت على الدول المستوردة للأسلحة تقديم تعهدات مكتوبة بعدم استخدامها في انتهاكات للقانون الإنساني الدولي، إضافة إلى التزامها بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية الأميركية، مع التهديد بتعليق تزويدها بالسلاح في حال الإخلال بهذه الشروط.
وبحسب التقرير، كان الهدف من هذا القرار "زيادة الضغط" على إسرائيل لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وهو الملف الذي تسبب بتوترات دبلوماسية بين واشنطن وتل أبيب منذ اندلاع الحرب في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
غير أن منتقدي إدارة بايدن يرون أن القيود التي فرضتها لم تُترجم فعليًا إلى إجراءات مؤثرة في تحسين أوضاع المدنيين في غزة. وفي هذا السياق، قالت مديرة فرع واشنطن في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، سارة ياغر، إن هذه المذكرة "لم تكن ضرورية أصلًا لو التزمت إدارة بايدن بالقوانين الأميركية الخاصة بتصدير الأسلحة".
وتساءلت ياغر: "هل ستلتزم إدارة ترامب بالقوانين الأميركية عند إرسال الأسلحة إلى الحلفاء؟".
وأثار هذا القرار انتقادات واسعة في الأوساط السياسية الأميركية، حيث وصفه السيناتور الديمقراطي، كريس فان هولين، بأنه "إضرار بالأمن القومي الأميركي وبمكانة الولايات المتحدة عالميًا"، معتبرًا أن الخطوة تمثل "استهانة صريحة بالقيم الأميركية".
في المقابل، رحّب نواب جمهوريون بارزون بإلغاء المذكرة، معتبرين أنها كانت "مجرد عراقيل بيروقراطية غير ضرورية". وكان السيناتور الجمهوري جيمس ريش، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، من بين أبرز المعارضين لهذا القرار.
وإلغاء مذكرة بايدن التي تربط بين توريد الأسلحة لحلفاء واشنطن وبين الالتزام بالقانون الدولي، ليس الإجراء الأول الذي تتخذه إدارة ترامب الجديدة في إطار تفكيك القيود التي فُرضت لحماية حقوق الإنسان في النزاعات العسكرية.
وسبق لترامب خلال ولايته الأولى تخفيف القيود المفروضة على القادة العسكريين الأميركيين عند تنفيذ عمليات ضد تنظيم داعش وجماعات أخرى، كما أصدر سياسة جديدة لنقل الأسلحة التقليدية تضع الاعتبارات الاقتصادية فوق المخاوف المتعلقة بحماية المدنيين.
وفي خطوة أخرى، بدأ البنتاغون مؤخرًا بإغلاق مكتب أنشئ في عهد بايدن كان مخصصًا لتعزيز سلامة المدنيين في العمليات العسكرية، وهو ما اعتبره معارضو الإدارة مؤشرًا على نهج أكثر تساهلًا تجاه استخدام القوة العسكرية.