لندن – معا - أثارت تصريحات موسى أبو مرزوق، رئيس مكتب العلاقات الخارجية في حركة حماس، لصحيفة نيويورك تايمز جدلاً واسعاً بشأن مدى وحدة الصف داخل الحركة. فقد أشار أبو مرزوق إلى أنه لم يكن ليؤيد عملية "طوفان الأقصى" لو كان يعلم بحجم الدمار الذي ستلحقه بغزة، كما ألمح إلى إمكانية مناقشة مستقبل سلاح حماس في القطاع. وقد قوبلت هذه التصريحات بسرعة برفض قاطع من المتحدث باسم الحركة، حازم قاسم، الذي شدد على أن سلاح حماس "شرعي ولا نقاش فيه طالما هناك احتلال".
مركز رصد للدراسات السياسية والاستراتيجية في العاصمة البريطانية لندن قال في ورقة تقدير موقف إن هذه التصريحات تطرح تساؤلات جوهرية حول مدى الانسجام داخل قيادة حماس، وما إذا كانت تعكس خلافات أيديولوجية أو تكتيكية متزايدة بين قياداتها السياسية والعسكرية.
الورقة أشارت في البداية إلى دلالات تصريحات أبو مرزوق حيث تعد هذه التصريحات الأولى من نوعها التي تصدر عن مسؤول بارز في حماس، وتشير إلى وجود تيارات مختلفة داخل الحركة حول تداعيات الهجوم على غزة. ومن أبرز الدلالات التي يمكن استخلاصها:
1. تباين المواقف حول "طوفان الأقصى": بينما دافعت قيادات حماس عن العملية، يأتي تصريح أبو مرزوق ليعكس مخاوف داخلية من تداعياتها الكارثية على المدنيين في غزة.
2. إشارات إلى استعداد للتفاوض: عندما يتحدث أبو مرزوق عن استعداد الحركة لمناقشة مستقبل سلاحها، فإنه يفتح الباب أمام احتمال وجود تيار داخل حماس مستعد لتقديم تنازلات، وهو ما يتناقض مع الخطاب الرسمي للحركة.
3. إحباط داخلي من تداعيات الهجوم: يبدو أن الضغوط الشعبية المتزايدة في غزة نتيجة الحرب الإسرائيلية قد أثرت على بعض قيادات الحركة، ما قد يعكس تصدعات داخلية في كيفية إدارة المرحلة المقبلة.
ثانياً: نفي حماس وردود الفعل الداخلية
ردت حماس بسرعة عبر المتحدث باسمها حازم قاسم، الذي أكد أن الحركة لا تزال متمسكة بسلاحها، ورفض أي نقاش حول هذا الأمر. وهذا النفي يعكس:
1. محاولة للحفاظ على وحدة الصف الداخلي: تدرك قيادة حماس أن أي حديث عن الانقسام سيضعف موقفها التفاوضي، خاصة في ظل الضغوط الدولية والإسرائيلية.
2. التوازن بين الخطاب السياسي والواقع الميداني: رغم الموقف الرسمي الصارم، قد تعكس تصريحات أبو مرزوق واقعاً داخلياً مختلفاً، حيث تضطر الحركة للتكيف مع الوقائع الميدانية والسياسية المتغيرة.
ثالثاً: تداعيات الخلافات داخل حماس
يمكن أن يكون لتصاعد الخلافات داخل حماس عدة تداعيات على المشهد الفلسطيني والإقليمي:
1. تأثير على المفاوضات مع إسرائيل: تصريحات أبو مرزوق قد تكون جزءًا من محاولة لتقديم صورة أكثر براغماتية لحماس، تمهيدًا لأي مفاوضات مستقبلية.
2. تأثير على العلاقة بين الجناحين السياسي والعسكري: أي انقسام داخل الحركة قد يؤدي إلى تصدعات بين قيادتها السياسية والعسكرية، خاصة في ظل تباين الأولويات بين الطرفين.
3. تأثير على علاقتها بالمحور الإيراني: حماس تعتمد على دعم إيران وحزب الله، وأي إشارة إلى مرونة في موقفها قد تؤثر على طبيعة هذا الدعم.
وفي الخاتمة تقول الورقة : تسلط تصريحات موسى أبو مرزوق الضوء على خلافات محتملة داخل حركة حماس بشأن جدوى العمليات العسكرية واستراتيجياتها المستقبلية. وبينما تحاول قيادة الحركة نفي هذه الخلافات، فإن الواقع الميداني والتداعيات الكارثية للهجوم على غزة قد تفرض تغييرات داخلية في توجهات الحركة. يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى تأثير هذه التباينات على سياسات حماس المستقبلية، وما إذا كانت ستقود إلى تغيير حقيقي في استراتيجيتها أم أنها مجرد تباينات تكتيكية سيتم تجاوزها بمرور الوقت.