الإثنين: 03/03/2025 بتوقيت القدس الشريف

الشاعر محمد شريم:"إن أردت أن تقرأ تاريخ شعب بكل شفافية ووضوح، عليك أن تبحث بين سطور إبداع الأدباء"

نشر بتاريخ: 26/02/2025 ( آخر تحديث: 26/02/2025 الساعة: 14:16 )
الشاعر محمد شريم:"إن أردت أن تقرأ تاريخ شعب بكل شفافية ووضوح، عليك أن تبحث بين سطور إبداع الأدباء"

مؤسس منبر أدباء بلاد الشام في حوار لبركة نيوز

محمد شريم شاعر فلسطيني تميز من خلال دواوينه الشعرية ليكون كغيره من شعراء فلسطين يعيش القضية ويساير الاحداث اليومية من خلال إبداعاته، ذاع صيته من خلال مبادرة قومية وتأسيسه لمنبر أدباء بلاد الشام ليوحد الرؤى ويجمع الشعراء والأدباء في فضاء مشترك تتقاسمه أوجاع واحدة ولكن بنبرات مختلفة.

حول بدايته وتجربته الشعرية المميزة وعن تاسيس هذا المنبر كان لنا حديث مع الشاعر المبدع محمد شريم.

حاوره الحاج بن معمر

بداية نتشرف بإستضافتك في ركن أقلام فلسطينية، وقد يتساءل القارئ عن ما ألهمك لكتابة الشعر وكيف تصف هذه التجربة؟

الموهبة الشعرية هي هبة من الله تعالى، يطورها الشاعر ويصقلها بالدراسة والاطلاع، وبعد ذلك يأتي دور التجارب الحياتية التي تلقي بظلالها على تجربته الشعرية حتى يكون إبداع الشاعر مرآة لنفسه وانعكاساً للواقع الذي يعيش فيه ويتأثر به، ونتاجي الشعري الخاص لم يخرج عن هذا الإطار.

الأديب والشاعر ينظر إلى إبداعه من داخل التجربة، فيرى ما يكتبه معبراً عما أراد قوله بأجود طريقة ممكنة، ولكن الذي يقيّم المبدع بشكل موضوعي هو الذي ينظر إلى تجربة الشاعر من خارجها، وأعني المتلقي، أي القارئ أو المستمع. فالمشاهد يرى أداء الممثل على المسرح بشكل أكثر وضوحاً مما يراه الممثل نفسه، وهكذا هو مسرح الشعر.

ما هو الموضوع الأكثر تكرارًا في أعمالك ولماذا؟ وكيف أثرت الهوية الفلسطينية على أشعارك؟

في بلادنا فلسطين الموضوع الأكثر تكراراً وإلحاحاً هو ما يتعلق بالهمّ الوطني ، فالشعب العربي الفلسطيني بكافة شرائحه الاجتماعية يوحّده همّ واحد في هذه المرحلة وهو الحصول على حقوقه الوطنية المشروعة، ومن الطبيعي أن يكون الأدب والشعر هو المعبّر عمّا يعتمل في نفوس الناس وعن طموحهم الوطني، ومع ذلك فإن التعبيرعن هذا الهمّ الوطنيّ يمكنه أن يكون في إطار توجهات متعددة، فالشاعر الذي ينظم قصيدة ذات نزعة قومية مثلاً، ستطلّ فلسطين وستظهر قضيتها أيضاً من خلال أبيات هذه القصيدة، ومن يكتب قصيدة إنسانية فلا بد أن يكون لما رآه وعايشه في بيئته المحيطة بوطنه المنكوب المسلوب ما ألهمه لكتابة هذه التجربة الإنسانية وتفريغها من حوصلة النفس والفكر على ورق الكتابة.

تأثير الهوية الفلسطينية على كتاباتي يتضح من خلال الإلتزام بهموم شعبنا والتعبير عن طموحه الوطني ، ومع ذلك فإنني أنظر إلى هويتي الفلسطينية كجزء من هوية أكبرهي هوية بلاد الشام أو سورية الطبيعية التي قسمها المستعمرون، وهذه الهوية أيضاً هي جزء من الهوية الأكبر، الهوية الجامعة، وأعني الهوية العربية، وكل ذلك يتضح فيما كتبت.

هل تعتقد أن الأدب يمكن أن يكون وسيلة فعالة للتعبير عن القضايا الفلسطينية؟

بالطبع، مادام الأدب معبراً عما يجول في نفوس الناس وما يحدث على أرض الواقع في فلسطين فسيكون هو الوسيلة الأكثر نجاحاً للتعبير عن طموح هذا الشعب أمام العالم، وفي الكثير من الأحيان يكون أكثر تعبيراً من الصورة الصحفية أو التقرير الإخباري، فالصورة والخبر يصفان الواقع الظاهري للمعاناة، أما الأدب فإنه ينفذ إلى داخل الإنسان ليظهر الجانب الباطني من هذه المعاناة بوصف ما يدور في أذهان الناس وما يعتمل في نفوسهم ويقع في قلوبهم.

إذا أردت أن تقرأ تاريخ شعب من الشعوب في الأزمات والحروب بشكل دقيق فلا تبحث عن أرشيفه الصحفي، لأنك ستجد في ذلك الأرشيف الشيء وضده وفق ميول كتاب الصحف وناشريها، ولا في أرشيفه السياسي أيضاً لأنك ستجد فيه ما يؤرخه السياسيون لأنفسهم، بل عليك أن تبحث عن إبداعات الأدباء من شعر ونثر، وبين سطور تلك الإبداعات سترى تاريخ ذلك الشعب في ذلك الزمان بكل شفافية ووضوح.

كيف يتعامل الشاعر محمد الشريم مع لحظات الإلهام والكتابة؟وهل لديه طقوس معينة في الكتابة؟

أتعامل معها كأي مبدع في هذا المجال، فهذه اللحظات تتسم بمزيج من التجلّي الفكريّ والهدوء النفسيّ ـ ولا أقول الصفاء النفسي في مثل ظروفنا - والتدفق العاطفي، والعاطفة هنا يمكن أن تكون حاضرة في أي لون من ألوان الأدب، من شعر وقصة وخاطرة.

حتى وأنت تكتب مقالة أدبية في أي موضوع كان لا أظنك تخرج عن النوازع الشخصية والميول العاطفية أيضاً.

نعم. فالطقوس كما أظن ترافق تفاصيل حياتنا باستمرار، وأنت تتهيأ للذهاب إلى عملك مثلاً، أو لتناول الطعام، أو لاستقبال الزائرين، وللكتابة طقوسها.

أحرص على أن يسود الهدوء التام من حولي، وأفضل أن أجلس على مكتبي قريباً من خزانة كتبي، وإن كنت لا ألتزم بهذا الطقس باستمرار، ثم أتناول قلم الحبر الأزرق الجاف، وغالباً ما أكتب مسودة النص على كراسة خاصة، ثم أدققها بالقلم الأحمر، كما كنت أصحح وأدقق لتلاميذي ذات يوم.

وفي السنوات الأخيرة، بعد انتشار الحواسيب، صرت أكتب النصوص النثرية على الحاسوب مباشرة في معظم الأحيان.

ما هي أبرز التحديات التي واجهتك ككاتب فلسطيني؟ وكيف تتغلب على عقبات الإبداع أو الكتابة؟

تواجهني كما تواجه أبناء شعبي الكثير من التحديات، في كافة المجالات الحياتية، كأي إنسان يعيش في بلاد فقيرة قليلة الموارد، مضطربة الأحوال، ولكن الاحتلال الذي تعاني منه بلادنا فلسطين هو التحدي الأكبر لجميع فئات الشعب، وفي المقدمة منهم الكتاب والأدباء، لأنهم هم المعبرون عن آمال أبناء شعبهم وآلامهم، وهذا ما يجعلهم الكف التي تواجه المخرز في كثير من الأحيان.

لكن بالإصرار على الإبداع والكتابة أتجاوز العقبات، فإصرار الماء على أخذ طريقه ينحت الصخر، وإصرار البركان على الخروج من محبسه في باطن الأرض يفجر الجبال!

ما هي المشاريع الأدبية المستقبلية التي تعمل عليها؟ وكيف ترى مستقبل الأدب الفلسطيني في السنوات القادمة؟

أعمل حالياً على إعداد كتاب يتضمن خواطر وحكايات سبق وأن نشرتها في عمود منتظم بإحدى الصحف الجزائرية، جريدة "الوسيط المغاربي" تحت عنوان "إضاءة".

حال الأدب الفلسطيني كحال المركب في البحر المائج، مابين ارتفاع وانخفاض، وفقاً للظروف التي تمر بها فلسطين، وفي السنوات القادمة سيكون حاله من حال الأديب، فالمكتوب يتأثر بحال الكاتب، والمنظوم يرتبط بوضع الناظم، ومع ذلك فإن الأدب سيبقى يحتل مكانة مرموقة لدى أبناء الشعب الفلسطيني - بحكم الضرورة - ما دام هو لسان حالهم ومرآة واقعهم.

ما مدى انعكاس الوضع الراهن على الأدب الفلسطيني؟ما مدى تأثرك بالثورة الجزائرية ؟الشعب الفلسطيني حالياً في خضم المعركة، وهناك إبداعات أنجزت تتجاوب مع هذه المرحلة، وظني أن أدب المعركة الحقيقي يكون بعد انجلاء غبارها.

نحن كشعب فلسطيني نستلهم من الشعب الجزائري إصراره على نيل حقوقه ودحر المستعمرين، وكنا دائما من أشد المعجبين بهذا الشعب والمناصرين لثورته قبل الاستقلال، وأنا بالمناسبة ولدت في عام الاستقلال الجزائري، ولكني سمعت وقرأت عن مدى اهتمام أبناء شعبنا العربي ككل وشعبنا الفلسطيني بالثورة الجزائرية، ولهذا فقد كانت واحدة من بواكير قصائدي تلك القصيدة التي نظمتها في رثاء الرئيس المرحوم "هواري بو مدين". وأذكر أنني حفظت النشيد الوطني الجزائري "قسماً" في سنوات الدراسة الأساسية عن ظهر قلب، حيث أنه كان ضمن المنهاج الدراسي الأردني الذي كان يدرس في الضفة الغربية آنذاك.

ومن المناسب أن نذكر أن القائد المجاهد الأمير عبد القادر الجزائري عاش في بلادنا، أعني بلاد الشام وفلسطين جزء منها، بعد أن نفي إلى دمشق من قبل الغزاة المستعمرين، حيث اعتبرها بلده الثاني.

هل لك أن تحدثنا عن"منبر أدباء بلاد الشام" ؟ ما تراه فيه بين المشهود والمنشود؟

منبر أدباء بلاد الشام" جماعة أدبية سبق وأن أعلنت عن تأسيسها في العام 2019 للمساهمة في تعزيز الوحدة الثقافية لأقطار بلاد الشام باعتبارها جزءاً من الثقافة العربية ككل، وقد أسعدني أن انضم إلى فكرتي هذه عدد من الأدباء في أقطار بلاد الشام الأربعة، وقمنا ببعض الأعمال الإبداعية المشتركة، وتم تأسيس جمعية في فلسطين تحمل نفس الاسم، وزملاؤنا في سورية أسسوا ملتقى باسم "منبر أدباء الشام"، وهناك لجنة تنسيقية قطرية للمنبر في لبنان وأخرى في الأردن.

ومع أننا أنجزنا العديد من الإنجازات التي نعتز بها، ولكن ، ولبالغ أسفي، هنالك العديد من العوائق التي تعترض عمل المنبر، ومع ذلك نحن متفائلون بالمستقبل بإذن الله.

كلمة أخيرة توجهها للقراء؟

نشكر موقع بركة نيوز على هذا الفضاء الذي يحاول أن يجمع ابداعات الأدباء الفلسطينيين، وأحيي كل الشعب الجزائري على مواقفة الدامة فلسطين