تل أبيب- معا- وافقت الحكومة الإسرائيلية، في ساعة متأخرة من الليلة، على الأهداف المالية للميزانية الائتلافية لعام 2025، والتي تبلغ قيمتها نحو 5 مليارات شيكل. وجاءت هذه الموافقة رغم معارضة وزير الإسكان ورئيس حزب "يهودت هتوراة" يتسحاق غولدكنوبف، الذي صوّت ضد القرار بعد إصراره خلال الأشهر الأخيرة على تمرير قانون إعفاء طلاب المدارس الدينية من الخدمة العسكرية قبل التصويت على الميزانية.
ومن المتوقع أن تصادق الحكومة لاحقًا على رفع نسبة العجز في الميزانية من 4.4% إلى 4.7%، وهو ما يُعزى إلى قرار زيادة ميزانية الأمن بمقدار 4 مليارات شيكل في إطار ميزانية الدولة لعام 2025. ويهدف هذا القرار إلى تنفيذ توصيات لجنة "ناغال" الخاصة بفحص ميزانية الأمن، بالإضافة إلى تخصيص 1.8 مليار شيكل لوزارة الأمن القومي من أجل تعزيز ميزانية الأجهزة الأمنية التابعة لها. وكانت الحكومة قد وافقت مسبقًا على تخصيص 10 مليارات شيكل لتمويل نفقات الأمن في عام 2025، ما يعني أن 5.8 مليارات شيكل من الميزانية الحالية سيتم اقتطاعها من هذا المبلغ.
استقالة غولدكنوبف المرتقبة وتأثيرها على الائتلاف الحكومي
يعتزم غولدكنوبف تقديم استقالته من الحكومة خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، بالتزامن مع التصويت على الميزانية في القراءتين الثانية والثالثة، وذلك بموجب "القانون النرويجي"، الذي يسمح للوزراء بالاستقالة من الحكومة والعودة إلى الكنيست كأعضاء برلمانيين. ومن المتوقع أن يستخدم غولدكنوبف هذا الإجراء ليتمكن من التصويت ضد الميزانية، رغم بقائه ضمن الائتلاف الحكومي.
ورغم معارضة غولدكنوبف، إلا أن ميزانية 2025 تحظى بدعم معظم أعضاء حزب شاس ويهدوت هتوراه ودغل هتوراه، الذين يخشون أن يؤدي عدم إقرار الميزانية إلى تقديم موعد الانتخابات العامة. ومع امتلاك الائتلاف الحاكم حاليًا 62 مقعدًا في الكنيست، فإنه لا يزال يتمتع بأغلبية كافية لتمرير الميزانية حتى بدون دعم غولدكنوبف. كما يُتوقع أن يؤيد عضو الكنيست ألموغ كوهين من حزب "عوتسما يهوديت" الميزانية، إلى جانب أعضاء آخرين من الحزب ممن انسحبوا من الحكومة.
قرار مفاجئ بشأن الأموال الائتلافية لعام 2026
إلى جانب التصويت على الأموال الائتلافية لعام 2025، أدرجت الحكومة الإسرائيلية في جدول أعمالها، في اللحظات الأخيرة، قرارًا تصريحيًا يقضي بـ"إلغاء جميع الأموال الائتلافية لعام 2026". ومع ذلك، لا يعني هذا القرار إلغاء الأموال تمامًا، بل يهدف إلى إعادة تصنيفها من أموال ائتلافية إلى أموال مدرجة ضمن الميزانية الأساسية، ما سيتيح استخدامها دون الحاجة إلى تجاوز العقبات القانونية المرتبطة بالأموال الائتلافية.
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد قررت خلال إعداد ميزانية 2024 إلغاء تصنيف الأموال كائتلافية اعتبارًا من ميزانية 2025، إلا أنه يبدو الآن أنها أجلت تنفيذ هذا القرار إلى الميزانية المقبلة، وسط شكوك حول إمكانية بقائها في السلطة حتى ذلك الوقت.
معارضة الأحزاب الدينية وتداعياتها
واجه هذا القرار معارضة شديدة من الأحزاب الدينية، التي اكتشفت أن جزءًا كبيرًا من الأموال الائتلافية المخصصة لها لم يتم منحها خلال العقد الماضي، ما يعني أن إعادة تصنيفها سيؤدي إلى فقدانها. كما رفض المستشار القانوني للحكومة إدراج ميزانية المعاهد الدينية "يشيفوت" ضمن الميزانية الأساسية، بسبب الالتماسات المقدمة إلى ما تسمى المحكمة العليا بشأن قانون التجنيد الإلزامي. ونتيجة لذلك، لم يتم تحويل أي جزء من الأموال الائتلافية المتفق عليها إلى الميزانية الأساسية، مما جعل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش يكتفي بإصدار بيان غير مُلزم حول هذا الموضوع.
الخلاف العلني بين غولدكنوبف وسموتريتش
تصاعدت حدة الخلاف بين غولدكنوبف ووزير المالية سموتريتش، حيث نشر غولدكنوبف تغريدة انتقد فيها سفر سموتريتش إلى الولايات المتحدة، قائلًا:
"رحلة موفقة لك، وزير المالية. آمل أن تعمل خلال وجودك في أمريكا على منع الأزمة الاقتصادية التي تهدد نظام التعليم الديني وعالم المعاهد الدينية. من المهم أن يعلم شركاؤك في الولايات المتحدة أنك شخص يحترم الاتفاقات".
وفي وقت لاحق، أصدر غولدكنوبف بيانًا رسميًا قال فيه: "الليلة سيُعقد اجتماع حكومي لمناقشة الميزانية، بينما وزير المالية في الولايات المتحدة. وحتى هذه اللحظة، لم تتم تسوية ميزانيات الجمهور الحريدي، والتي تشمل ميزانيات المعاهد الدينية، والمدارس، والرعاية الاجتماعية، ودور الحضانة، ومبادرة الأفق الجديد، وفقًا لما تم الاتفاق عليه. أدعو قادة الأحزاب إلى الانتباه لهذا الأمر والتأكد من أن المجتمع الحريدي لن يُترك خلف الركب. لن نسمح بالمساس بالحقوق الأساسية لطلاب المعاهد الدينية، والعائلات، والأطفال الذين يحتاجون إلى الدعم الضروري لهم، وسنظل متمسكين بضمان تسوية الميزانيات دون تأخير، وفقًا للاتفاقات الائتلافية الموقعة".
تداعيات الأزمة وتأثيرها على المشهد السياسي
مع استمرار التوتر داخل الائتلاف الحاكم، قد يكون لهذه الخلافات تداعيات على استقرار الحكومة، خاصة إذا تصاعدت الضغوط من الأحزاب الدينية للحصول على ميزانيات إضافية، أو إذا استمر غولدكنوبف في معارضته العلنية لسياسات الحكومة المالية. وفي ظل هذا الوضع، تبقى احتمالية إجراء انتخابات مبكرة قائمة، إذا فشلت الحكومة في الحفاظ على تماسكها وسط الخلافات الداخلية المتزايدة.