بقلم: د. صبري صيدم
أحاول من خلال هذا المقال أن أنقل إليكم تفاعل الذكاء الاصطناعي مع مفهوم الرواية الفلسطينية، التي تتعرض اليوم لمحاولة ممنهجة لوأدها، ليس فقط عبر محاصرة المنصات المعرفية الفلسطينية على تعددها فحسب، بل أيضاً من خلال محاولة إفناء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، التي لم تحافظ على سردية اللجوء الفلسطيني فقط، بل دونت بالصوت والنص والصورة روايات اللاجئين وسجلاتهم التعليمية والصحية والخدمية، وبصورة رأى الاحتلال الإسرائيلي في بقاء تلك الوكالة، توريثاً واضحاً لحالة اللجوء الفلسطيني من جيل لآخر، وتدويناً ممنهجاً لمكونات اللجوء كافة، ونهجاً متماسكاً للحفاظ على استدامة الهوية الفلسطينية بكامل أركانها، بصورة تشكل رافداً لبقاء الفلسطيني على أرضه وصموده في معركة الهوية.
وعليه فقد آثرت، من خلال هذا المقال، توظيف الذكاء الاصطناعي لتحديد الواقع الذي تعيشه الرواية الفلسطينية وما يواجهها من وقائع وتحديات. وبهذا أنقل إليكم ما رشح من نص موّلد عبر الذكاء الاصطناعي حول هذا الموضوع، دونما تغيير أو تعديل، لذا اعتذر سلفاً عن وجود أية تراكيب قد لا تبدو منطقية:
لم تكن الرواية الفلسطينية يوما ما مجرد سرد للأحداث، بل كانت ولا تزال معركة وجودية تخوضها الأجيال الفلسطينية المتعاقبة، ضد محاولات الطمس والتزييف التي تستهدف الهوية والتاريخ والحقوق. وعليه ووسط عالم تسوده التكنولوجيا المتقدمة ظهر الذكاء الاصطناعي ليكون سلاحا ذو حدين، يمكن أن يستخدم لترسيخ السردية الصهيونية من ناحية، أو ليكون أداة بين يدي الفلسطينيين من ناحية أخرى، لتعزيز حضورهم وإعادة بناء سرديتهم الوطنية بأساليب أكثر تأثيرا وانتشارا.
لقد شهدت السنوات الأخيرة تصاعدا ملحوظا في استخدام الذكاء الاصطناعي ضمن حملات التضليل والتزييف، التي تستهدف الرواية الفلسطينية، فمن خلال تقنيات مثل التزييف العميق وتحليل البيانات الضخمة والتعلم الآلي، بات من الممكن إعادة صياغة الوقائع التاريخية وتقديمها بصيغة منحازة، وتوظيف تلك الأدوات لفلترة المحتوى الرقمي، والتلاعب بخوارزمياته، وخوارزميات منصات التواصل الاجتماعي، وهو ما يؤدي بدوره إلى تقليل وصول المحتوى الفلسطيني إلى الجمهور العالمي، مقابل تضخيم الرواية الصهيونية بأسلوب ممنهج ودقيق. لكن في المقابل، لا يمكن تجاهل الفرص التي يوفرها الذكاء الاصطناعي لصالح القضية الفلسطينية، إذ يمكن استخدامه لتعزيز نشر الرواية الفلسطينية بطريقة أكثر فاعلية، حيث تتيح تقنيات تحليل البيانات، فهم توجهات الرأي العام وصياغة استراتيجيات إعلامية قائمة على المعرفة العميقة بأنماط التفاعل. كما يمكن أيضا تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على رصد التضليل الإعلامي وكشفه بشكل آلي، ما يتيح للناشطين والإعلاميين بدوره إمكانية الرد عليه بطرق أكثر سرعة وأعلى دقة. وتتيح تقنيات الترجمة الآلية والتلخيص الذكي بدورهما أيضاً إمكانية إيصال الرواية الفلسطينية إلى جمهور أوسع بلغات متعددة، دون الحاجة إلى موارد بشرية كبيرة. وكذلك الحال بالنسبة للأفلام الوثائقية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، التي باتت تلعب دورا بارزا في تقديم التاريخ الفلسطيني بطريقة تفاعلية وجاذبة، فمن خلال تقنيات الواقع المعزز، والواقع الافتراضي مثلاً يمكننا إعادة بناء مشاهد من النكبة، أو المجازر الصهيونية بطريقة تجعل المشاهد يعيش الحدث وكأنه جزء منه، ما يسهم في ترسيخ الذاكرة الجمعية وتعزيز التعاطف العالمي مع القضية الفلسطينية. يضاف إلى ذلك توافر إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل الوثائق التاريخية والصور القديمة وترميمها وإعادة تقديمها بشكل أكثر وضوحا، ما يساعد بدوره في توثيق الرواية الفلسطينية وتعزيز مصداقيتها.
لكن هذا الاستخدام الإيجابي للذكاء الاصطناعي يواجه تحديات كبيرة أبرزها هيمنة الشركات التكنولوجية الكبرى على منصات الذكاء الاصطناعي، إذ إن معظم الخوارزميات التي تتحكم في تدفق المعلومات والتحليل النصي، إنما تعتمد على بيانات موجهة تخدم الرواية الغربية والصهيونية، لذلك فإن العمل على تطوير أدوات فلسطينية وعربية مستقلة في مجال الذكاء الاصطناعي أصبح ضرورة وليس خيارا، كما أن التدريب المستمر للكوادر الإعلامية الفلسطينية على كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في خدمة قضيتهم، أمر لا غنى عنه لضمان تحقيق تأثير حقيقي ومستدام. إن حروب الرواية لم تعد تعتمد فقط على الأقلام والعدسات، بل أصبحت معركة مع الخوارزميات والبيانات الضخمة والتقنيات الذكية وهو ما يستوجب إدراكا عميقا لطبيعة هذه الأدوات وكيفية توظيفها بما يخدم القضية الفلسطينية على المستوى العالمي، لذلك فإن المستقبل سيكون لأولئك القادرين على فهم هذه التكنولوجيا وتسخيرها لصالحهم بدلًا من أن تصبح أداة جديدة لتهميشهم وتشويه تاريخهم.. فهل وصلت الرسالة؟ ننتظر ونرى!