لندن- معا- تشهد الساحة السياسية حالة من الغموض والتضارب فيما يتعلق بمصير إدارة قطاع غزة بعد الحرب، حيث تتداخل العوامل الإقليمية والدولية في رسم ملامح المرحلة المقبلة. وفي قلب هذا الجدل، تبرز مسألة إبعاد "حماس" عن المشهد السياسي كأحد أهم القضايا العالقة التي تعقد سير المفاوضات.
مركز رصد للدراسات السياسية والاستراتيجية تطرق لهذه النقطة في ورقة تقدير موقف ، وهي الورقة التي تحدثت عن أبعاد الموقف الحالي، وكان أول النقاط المتعلقة بها هي :
1. الموقف الأميركي والغموض السياسي: أثار دخول الولايات المتحدة على خط المفاوضات المباشرة مع "حماس" حالة من الجدل، حيث أوحت بعض الإشارات بوجود تغيير محتمل في موقف واشنطن تجاه الحركة. ومع ذلك، فإن التأكيدات الرسمية تشير إلى أن الحوار كان محصورًا في ملف الرهائن الأميركيين، دون التطرق إلى مستقبل "حماس" السياسي. هذا التباين خلق التباسات حول ما إذا كانت هناك نية أميركية فعلية لقبول دور مستقبلي للحركة في إدارة القطاع.
2. الموقف الإسرائيلي والإصرار على إقصاء "حماس": من جهة أخرى، تصر إسرائيل على إنهاء وجود "حماس" في غزة، معتبرة ذلك شرطًا أساسيًا لإنهاء الحرب. وترى إسرائيل أن استمرار الحركة في أي دور مستقبلي سيُبقي جذوة النزاع مشتعلة ويقوض فرص تحقيق الأمن في المنطقة.
3. الدور العربي والوساطة الإقليمية: تلعب مصر وقطر دورًا محوريًا في الوساطة بين الأطراف المختلفة، في ظل توافق عربي على ضرورة تشكيل إدارة مدنية للقطاع تتولى شؤون الحياة اليومية وإعادة الإعمار بعيدًا عن سيطرة "حماس". ومع ذلك، تواجه هذه الجهود تعقيدات نتيجة تباين الرؤى بين مختلف الأطراف المعنية.
وعن السيناريوهات المحتملة تقول الورقة :
• إقصاء "حماس" من المشهد: يظل هذا السيناريو مدعومًا من إسرائيل وبعض الأطراف الدولية، مع تشكيل إدارة مدنية فلسطينية بدعم عربي ودولي.
• احتفاظ "حماس" بدور غير مباشر: قد يتمثل هذا الخيار في تنازل الحركة عن الإدارة المدنية للقطاع، مع الاحتفاظ بدور في المقاومة، مما يعني استمرار التأثير غير المباشر على مجريات الأحداث في غزة.
• فشل المفاوضات واستمرار النزاع: في حال تعذر التوصل إلى صيغة توافقية، يبقى احتمال استمرار النزاع قائمًا، مما سيؤدي إلى تعقيد الأوضاع الإنسانية والأمنية في القطاع.
وخرجت الورقة بعدد من التوصيات ومنها:
• تعزيز التنسيق العربي لدعم خطة إدارة غزة من خلال هيئة مدنية ذات طابع وطني.
• الدفع نحو استثمار الجهود الأميركية في تحقيق توافق دولي حول مستقبل القطاع.
• الضغط باتجاه تحقيق وقف إطلاق النار كأولوية إنسانية، مع إبقاء ملف إدارة غزة ضمن إطار تفاوضي بعيد عن التصعيد.
ختامًا، يظل المشهد السياسي حول مستقبل غزة معقدًا ومفتوحًا على عدة احتمالات، تتطلب جميعها إدارة دقيقة وحكيمة للمفاوضات، مع الحفاظ على أولوية تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة.