تل أبيب- ترجمة معا- في خطوة غير مسبوقة، قام قادة المستوطنين في الضفة الغربية بزيارة الإمارات، وحضروا عشاء رسميا بمناسبة الإفطار في أبو ظبي.
وذكرت مصادر إسرائيلية، أن الوفد، المكون من رؤساء المجالس الإقليمية من لوبي مستوطني "يشع" (الضفة الغربية)، جرى استقبالهم من قبل الدكتور علي راشد النعيمي، عضو المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي.
وأضافت بأن قادة المستوطنين، الذين التقوا بمسؤولين كبار في أبو ظبي واستغلوا العلاقات مع حلفاء ترامب، يدفعون لتشكيل محادثات التطبيع السعودية الإسرائيلية بينما يسعون إلى منع قيام الدولة الفلسطينية واستبدال السلطة الفلسطينية بالحكم المحلي.
ووصف رئيس مجلس المستوطنات بالضفة الغربية، يسرائيل غانتس، الزيارة بأنها جزء من حقبة جديدة في الدبلوماسية الإقليمية.
وقال عقب لقاءاته مع مسؤولين إماراتيين وقادة أعمال وشخصيات مؤثرة، والسفير الإسرائيلي لدى الإمارات، يوسي شيلي: "يتطلب النظام العالمي الجديد تحالفات جديدة وتفكيرا خارج الصندوق".
وذكر موقع "Ynet"، أن الزيارة، التي بادر بها مُضيفون إماراتيون بهدوء، تمثل تحولا في الاستراتيجية. فبينما تُواصل الدول العربية علنا مناصرة قيام دولة فلسطينية، يُقرّ المسؤولون في تل أبيب وأبو ظبي بشكل متزايد بضعف شرعية السلطة الفلسطينية، التي يراها الكثيرون فاسدة وغير فعّالة.
ويأمل قادة المستوطنات أن يُمهّد هذا الشعور المُتزايد بخيبة الأمل الطريق لتطبيع المستوطنات الإسرائيلية واتفاقيات سلام مُستقبلية تستثني الإجلاء الجماعي للمستوطنين.
وفقًا لمصادر مطلعة على المحادثات، ينبع اهتمام الإمارات بالتواصل مع قادة المستوطنين الإسرائيليين من إدراكها لنفوذهم السياسي داخل الائتلاف الإسرائيلي الحالي.
كما راقبت الإمارات تنامي علاقات حركة المستوطنين مع إدارة ترامب خلال الولاية الأولى للرئيس الأمريكي السابق، لا سيما فيما يتعلق بالسيادة على الضفة الغربية.
ورغم أن مثل هذه المناقشات كانت غير واردة في السابق، فإن التبادل العلني بين غانتس والنعيمي يعكس الآن استراتيجية المستوطنين الأوسع نطاقا لكسب الشرعية في العالم العربي وتجاوز القنوات الدبلوماسية التقليدية التي تتركز حول السلطة الفلسطينية.
بينما تُبذل جهود دبلوماسية دولية في الخليج، تُعيد قيادة المستوطنين صياغة سياساتهم في الداخل. يُحافظ غانتس على تواصل مباشر مع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي يشغل موظفوه السابقون الآن مناصب رئيسية في مكتب غانتس. ويعملان معًا على تسريع توسيع المستوطنات من خلال الاجتماعات الأسبوعية لمجلس التخطيط التابع للإدارة المدنية.
وتظهر البيانات التي حصلت عليها صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أنه في الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى منتصف مارس/ آذار 2025، تقدم أكثر من 10500 وحدة سكنية في مراحل التخطيط المختلفة- وهي قفزة هائلة من 3400 وحدة فقط خلال نفس الفترة في عام 2024.
ويشمل ذلك الموافقات على بناء مستوطنات في مختلف أنحاء الضفة الغربية: 500 وحدة في معاليه عاموس (غوش عتصيون) تمت الموافقة عليها في 13 مارس/آذار، و464 وحدة في ياكير (شمال الضفة) في 6 مارس/ آذار، و460 وحدة في "زيت رعنان" (منطقة رام الله) في 26 فبراير/ شباط، و900 وحدة في ريمونيم (منطقة رام الله) في 12 فبراير/ شباط، و287 وحدة في "أدورا" (جنوب جبل الخليل) في 5 فبراير/شباط.
وأضافت الصحيفة أن بعض الخطط التي كانت مُجمّدة سابقا تتقدم الآن، مدعومةً بحلولٍ إبداعية. على سبيل المثال، تمت الموافقة على مشروعٍ في مسوطنة "عتنئيل" لبناء 156 وحدة سكنية، والذي كان قد توقّف سابقًا بسبب نقص "أراضي الدولة"، بعد أن اقترح المخططون بناء جسور فوق أراضٍ خاصة لضمان استمرارية قانونية مع المجتمع.
ونقلت الصحيفة عن مصادر إسرائيلية بأن مسؤولين أمنيين وحكوميين يناقشون حاليا تفكيك السلطة الفلسطينية واستبدالها بمناطق فلسطينية لامركزية تُدار بشكل مستقل بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي. ويُقال إنه يجري إعداد مشروع تجريبي لهذا المفهوم في الخليل.
وقال مصدر مطلع على المناقشات: "لقد غيّرت أحداث السابع من أكتوبر كل شيء. يدرك كلا الجانبين الآن ضرورة اتباع نهج مختلف- كلٌّ لمصلحة شعبه".
ويبني قادة المستوطنات، بمن فيهم رئيس مجلس المستوطنات بشمال الضفة يوسي دغان، علاقات تجارية مع الإمارات منذ عدة سنوات. "هدفهم هو إعادة صياغة الخطاب الإقليمي: التطبيع مع دول الخليج، بما فيها السعودية، لا ينبغي أن يكون مشروطًا بإقامة دولة فلسطينية أو إزالة المستوطنات".
خلف الكواليس، قد يشير هذا التحالف المتنامي بين زعماء المستوطنين ومسؤولي الخليج إلى تحول في دبلوماسية الشرق الأوسط- حيث يتم إعادة كتابة الافتراضات القديمة حول الأرض والسيادة والسلام في الوقت الحقيقي.