رام الله- معا- في دراسة بحثية حديثة أعدها المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء “مساواة”، تم تسليط الضوء على الوضع الكارثي لقطاع العدالة في قطاع غزة خلال الحرب و ما يجب اتباعه بعد الحرب .
الدراسة تستعرض الأضرار التي لحقت بالمرافق القضائية ، والأثر الكبير لهذه الأضرار على حقوق المواطنين والمواطنات في غزة.
منذ بداية الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة في تشرين الأول/أكتوبر 2023، تعرض قطاع العدالة في غزة لأضرار هائلة، حيث تم تدمير العديد من المباني القضائية ، بما في ذلك مقار المحاكم، النيابة العامة، ومكاتب نقابة المحامين، كما أشارت التقارير إلى مقتل مئات من المحامين والقضاة والعاملين في مؤسسات إنفاذ القانون، بالإضافة إلى إصابة العديد منهم أثناء الغارات الجوية الإسرائيلية.
الدراسة أظهرت أن هذا التدمير لم يشل فقط عمل الجهاز القضائي في غزة، بل خلق فراغًا قانونيًا فاقم من حالة الفوضى في القطاع، غياب الشرطة والسلطات القضائية أدى إلى انتشار ظواهر العنف الشخصي والعائلي، وتزايد حالات السرقات والاستغلال التجاري للمواطنين في ظل غلاء الأسعار ونقص الموارد.
كما كشفت الدراسة عن وقوع العديد من الحوادث العنفية على منصات التواصل الاجتماعي، بما في ذلك عمليات سطو على الممتلكات الخاصة والعامة، وتعرض قوافل المساعدات الإنسانية للسرقة على أيدي “لصوص” مسلحين.
أحد الأبعاد الإنسانية البارزة التي تناولتها الدراسة هو زيادة العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء والفتيات، حيث وثقت التقارير الدولية ارتفاع حالات العنف الجنسي بما في ذلك التحرش والاغتصاب، خاصة في أماكن الإيواء المكتظة ، كما أكدت التقارير أن النساء في غزة يعانين من أعباء إضافية في ظل الظروف الحالية، بما في ذلك الزواج المبكر بسبب فقدان أحد الوالدين أو كليهما، الى جانب انهيار منظومة العدالة برمتها .
علاوة على ذلك، تم تسليط الضوء على الدور الذي لعبه المجتمع المدني في سد الفراغ الناتج عن غياب جهاز العدالة الرسمي. حيث نشأت مجموعات من “الحماية الشعبية” في بعض مناطق غزة لمساعدة المواطنين في الحفاظ على النظام وتوفير حلول لحل النزاعات.
ومع ذلك، فإن هذه المبادرات، رغم إيجابيتها في بعض الأحيان، لا تملك مرجعية قانونية، مما يثير المخاوف من استغلال الوضع في غياب إطار قانوني واضح.
تأتي هذه الدراسة في وقت حساس، حيث يعاني أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة من أوضاع إنسانية مأساوية ، فقد أدى الهجوم الإسرائيلي إلى تدمير أكثر من 250,000 وحدة سكنية، مما أجبر السكان على اللجوء إلى مراكز الإيواء في ظروف غير إنسانية، كما أشار التقرير إلى ارتفاع معدلات الأمراض والأوبئة، بالإضافة إلى فقدان التعليم للأطفال بسبب إغلاق المدارس وتدمير العديد من المنشآت التعليمية.
وفي هذا السياق، شددت دراسة “مساواة” على ضرورة إعادة بناء قطاع العدالة في غزة بعد الحرب بشكل عاجل، واقترحت الدراسة آليات واجراؤات تمكن من إعادة البناء ، وذلك من خلال توفير دعم فوري لإعادة بناء المؤسسات القضائية ، وتعزيز قدرة السلطات القضائية على حماية حقوق المواطنين وضمان العدالة الاجتماعية في القطاع، كما دعت الدراسة إلى ضرورة دعم المجتمع المدني الفلسطيني في توجيه الجهود نحو إرساء السلم واستعادة سيادة القانون لضمان مستقبل أكثر استقرارًا وإنصافًا للسكان في غزة.