معا- يُعد النفط الخام ونفط برنت من بين أكثر السلع تداولًا في العالم، حيث يقدمان للمتداولين سيولة عالية، وتقلبات يومية، وفرصًا متكررة للاستفادة من تحركات الأسعار. سواء كنت تتداول عبر العقود الآجلة أو من خلال عقود الفروقات (CFDs)، فإن فهم ما يؤثر على أسعار النفط وكيفية التعامل مع السوق باستخدام استراتيجيات مجرّبة يمكن أن يزيد من فرص النجاح بشكل كبير.
برنت هو المعيار العالمي ويتم استخراجه من بحر الشمال، ويتميز بخفة الوزن ونسبة الكبريت المنخفضة مما يجعله أسهل في التكرير. أما خام غرب تكساس الوسيط (WTI) فيمثل المعيار داخل الولايات المتحدة، ويتم تداوله عادة في بورصة نيويورك. ورغم أن هناك ارتباطًا قويًا بين الاثنين، إلا أنهما قد يتفاعلان بشكل مختلف مع أحداث السوق بحسب المنطقة والسياسات المحلية.
تتأثر أسعار النفط بعدة عوامل رئيسية يجب على المتداولين مراقبتها. من أبرز هذه العوامل ديناميكيات العرض والطلب، حيث ترتفع الأسعار عندما يتجاوز الطلب المعروض وتنخفض عند حدوث فائض. كما أن قرارات الإنتاج من قبل أوبك وحلفائها تلعب دورًا كبيرًا، حيث تؤثر إعلانات خفض أو زيادة الإنتاج على الأسعار بشكل مباشر. الأداء الاقتصادي العالمي يعد أيضًا عاملًا مؤثرًا، إذ أن النمو الاقتصادي يحفز استهلاك الطاقة، ولذلك فإن بيانات الناتج المحلي الإجمالي، والإنتاج الصناعي، ومؤشرات مديري المشتريات تعتبر إشارات مهمة.
تقارير مخزونات النفط الأسبوعية، وخصوصًا تلك الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، تقدم صورة آنية عن مستوى العرض وتوقعات الطلب. كما أن تقلبات أسعار صرف الدولار الأمريكي تؤثر على النفط، نظرًا لتسعيره عالميًا بالدولار، مما يجعل قوة الدولار عاملًا ضاغطًا على الطلب الخارجي.
تشهد أسعار النفط تقلبات ملحوظة خلال فترات محددة. حيث تزداد التقلبات أثناء صدور بيانات المخزونات، وحول اجتماعات أوبك، وأثناء جلسات التداول الأمريكية خصوصًا خلال فترة التداخل مع السوق الأوروبي. كما تؤدي الأزمات الاقتصادية أو الصدمات المفاجئة إلى موجات من التقلب قد توفر فرصًا واضحة للمتداولين.
أفضل فرص التداول تظهر عادة عند حدوث اختراقات فنية هامة، أو في حالات الاتجاهات القوية، أو عند الارتدادات من مستويات نفسية رئيسية مثل 70 أو 80 أو 100 دولار. كذلك، توفر الفجوة بين التوقعات والبيانات الفعلية في تقارير المخزونات أو البيانات الاقتصادية فرصًا ممتازة للربح.
العقود الآجلة والعقود مقابل الفروقات هما الوسيلتان الأكثر شيوعًا لتداول النفط. العقود الآجلة تُعتبر الأنسب للمتداولين المحترفين، حيث تتطلب هامشًا أعلى وتخضع لتواريخ انتهاء صلاحية. أما عقود الفروقات فهي أكثر مرونة وسهولة، ولا تتطلب امتلاك الأصل الفعلي، ما يجعلها مثالية للتداول قصير إلى متوسط المدى.
هناك العديد من الاستراتيجيات الناجحة في تداول النفط، مثل التداول بناءً على الأخبار، حيث يتابع المتداول التقارير الاقتصادية وتقارير أوبك ويستفيد من الحركات المفاجئة في الأسعار. يمكن أيضًا استخدام استراتيجيات التداول داخل النطاقات السعرية، أو الاستفادة من الاختراقات السعرية المدعومة بالحجم والزخم. كما يعتبر التحليل الفني باستخدام المتوسطات المتحركة أو مؤشرات الزخم أداة فعالة لتحديد نقاط الدخول والخروج. العلاقة بين النفط وبعض أزواج العملات مثل الدولار الكندي أو الدولار الأسترالي يمكن أن توفر إشارات إضافية لتأكيد الاتجاه.
مهما كانت الاستراتيجية المتبعة، فإن إدارة المخاطر تظل العامل الأهم، خاصةً في سوق سريع التقلب مثل سوق النفط. استخدام أوامر وقف الخسارة وتحديد نسبة المخاطرة إلى العائد يجب أن يكون جزءًا لا يتجزأ من كل عملية تداول.
في الختام، يوفر النفط فرصًا يومية للمتداولين الذين لديهم فهم واضح لمحددات السوق، والذين يتمتعون بالانضباط والقدرة على التحليل السليم. ومع الموازنة بين التحليل الفني والأساسي، ومتابعة الأحداث المؤثرة في السوق، يمكن تحويل تقلبات النفط إلى فرص حقيقية لتحقيق الأرباح. في سوق حساس كهذا، تبقى المرونة وسرعة الاستجابة من أهم عناصر النجاح.