حول تهريب منتجات المستوطنات، والأغذية الفاسدة!!
نشر بتاريخ: 22/06/2005 ( آخر تحديث: 23/06/2005 الساعة: 00:23 )
معا - نابلس - منذ مجيء السلطة الفلسطينية، وحتى الآن، لا يكاد يمضي شهر، أو أسبوع أحياناً، دون أن تنشر الصحف المحلية خبراً، إما حول تهريب بضائع ومنتجات المستوطنات الإسرائيلية إلى الأسواق المحلية، أو ضبط كميات من المواد الغذائية الفاسدة وإتلافها في مختلف محافظات الوطن. وآخر هذه الأخبار، ما نشرته صحيفة "الحياة الجديدة" الصادرة يوم الأربعاء 15/6/2005، حول عقد مؤتمر لمقاطعة بضائع المستوطنات الإسرائيلية، في مدينة الخليل، حيث طالب المشاركون فيه بتوعية واسعة في وسائل الإعلام، وإظهار الأخطار الحقيقية التي تلحقها هذه البضائع بالاقتصاد الوطني كما ناشد المؤتمرون، الجهات المختصة والمعنية لوضع القوانين ذات الصلة لمعاقبة السماسرة والتجار الخارجين عن الإجماع الوطني والمروجين لهذه البضائع!!
منذ أشهر قليلة، كنت قد كتبت مقالاً في الصحيفة ذاتها بعنوان "لماذا التستر على تجار الأغذية الفاسدة؟!" وبعد أيام، اتصل بي أحد مسؤولي وزارة التموين، وأخبرني "أن القانون لا يسمح لنا بنشر أسماء التجار الذين يتم ضبط المواد الغذائية الفاسدة عندهم" حيث طالبت في المقالة المذكورة، ضرورة تقديمهم للقضاء، وفضحهم ونشر أسمائهم، ومحاكمتهم بعقوبات رادعة ليكونوا عبرة لغيرهم على الجريمة البشعة التي يرتكبونها بصورة متعمدة، بحق المواطنين من أبناء شعبنا، عندما يروجون بضاعتهم الفاسدة، وهم يعلمون بعدم صلاحيتها، وخطورتها على صحة المواطن، واحتمال إصابته بأمراض مستعصية وقاتلة!!
وهنا لا بد من وضع النقاط الكبيرة على الحروف، وإثارة السؤال مجدداً. لمصلحة من يتم التستر على تجار وسماسرة بضائع المستوطنات، وتجار الأغذية الفاسدة، والذين لا هم لهم إلا كسب آلاف وملايين الشواقل، وزيادة أرصدتهم في البنوك؟!! وكل هذا يتم على حساب حياة المواطنين الأبرياء، وعلى حساب الاقتصاد الوطني الذي يتدمر تدريجياً بسبب هذه البضائع التي تغمر الأسواق، بأسعار مغرية للمستهلك، والذي لا يعلم بطبيعة الحال ماذا تحتوي من سموم وأمراض سرعان ما تفتك به، ويخسر أمواله في رحلة علاج طويلة، وربما يخسر حياته كلها.
إن التستر على مروجي هذه البضائع، والتجار والسماسرة الذين يتسابقون لتهريبها لأسواقنا في كافة المحافظات، إنما يشجع الآخرين أن يفعلوا الشيء ذاته، طالما علموا سلفاً أن كل ما ينتظرهم غرامة مالية، أو تعهد بعد تكرار ذلك أو توبيخ، وربما يتم التدخل من البعض لإعفائه من كل ذلك، ويرجع غانماً سالماً إلى بيته وأهله، وكأن شيئاً لم يكن، وطالما بقي مجهولاً لجماهير الشعب، ولم يتم الكشف عنه وعن خطورة ما قام به، ولم يتم فضحه، ونشر اسمه، وتقديمه للقضاء، وحبسه ومعاقبته بحجم مخالفته، فإنه سيتمادى أكثر وأكثر، وإذا دفع هذا التاجر غرامة مالية، مهما بلغت ويجري إطلاق سراحه دون إتباع الاجراءات القانونية، وتقديمه للقضاء، وفضحه على صفحات الجرائد، فإنه سيكرر مخالفته ثانية وثالثة ورابعة، ويعمل حسب المثل القائل "إذا شفتني أضحك معاك، ما شفتني راحت عليك". وحتى لو تم ضبطه ثانية، فهو يعرف مسبقاً أن أقصى العقوبات بحقه لن تتعدى حفنةً من الشواقل، وكفى الله المؤمنين شر القتال!
هنا لا بد من القول، تعقيباً على توصيات المؤتمر المنعقد في الخليل بهذا الشأن، أن التوعية في وسائل الإعلام، وإظهار المخاطر الحقيقية التي تلحقها مسألة تهريب بضائع المستوطنات بالاقتصاد الوطني"، أن التجار والسماسرة سيتحايلون بشتى الوسائل والطرق من أجل توصيل هذه البضائع للأسواق الوطنية المحلية، وترويجها وغمر الأسواق بها، طالما تحقق لهم الكسب السريع، وبأسعار مغرية للمستهلك فيشتريها، دون أن يعلم أنها تحمل السموم والأمراض الخطيرة بداخلها، مثلما نشر قبل أيام عن أنواع بعض العصائر التي تملأ الأسواق وهي تحمل مواد سامة وقاتلة.
فإذا كانت ضمائر هؤلاء التجار والسماسرة قد ماتت حقاً، ولا يفكرون إلا بالربح وجني الأموال، وزيادة أرصدتهم في البنوك، لا بد إذن من معاقبتهم بأشد العقوبات الرادعة لهم ولغيرهم، ولا بد من فضحهم ونشر أسمائهم على صفحات الجرائد، وتقديمهم للعدالة والقضاء ليقتص منهم. بهذا فقط يمكن حماية اقتصادنا الوطني، وحماية أرواح الأبرياء من شعبنا، كي لا يقعوا فريسة الأمراض المستعصية والسموم القاتلة التي تحتويها هذه البضائع، ولا بد أن يتغير هذا القانون الذي لا يسمح بنشر أسماء التجار والسماسرة الذين يعبثون بحياة المواطن الفلسطيني مقابل حفنة من الشواقل تمتلئ بها جيوبهم، وأرصدتهم المتنافسة في البنوك!! أو ليست هذه إحدى الخطوات الهامة على طريق محاربة الفساد؟!