رسالة خاصة / بقلم : ساكت المنسي
نشر بتاريخ: 20/03/2006 ( آخر تحديث: 20/03/2006 الساعة: 19:45 )
بعد جهد متواصل وضغوطات استثنائية تمّ الإفراج عن الأسير مراد ابو ساكوت والذي كان يقضي حكماً بالسجن لمدة خمسة وعشرين عاماً بعد أن تمكّن المرض من جسده وبعد أن وصلت حالته الصحية إلى وضع لا يحسد عليه، حيث أهملت إدارة السجون الإسرائيلية في علاجه ولم تبادر منذ البداية لتقديم ما يلزم من علاج ، مما أدى إلى استئصال رئته اليمنى بالكامل في عملية جراحية وذلك بعد إخضاعه إلى عملية زراعة نخاع شوكي عام 1999م إلا أنّ حالته لم تستقر فهو عاجز عن التنفس وينام وهو جالس على كرسي ويعاني من صعوبة الكلام مما استدعى الأمر استئصال ما يقارب نصف رئته اليسرى ورغم ذلك ازدادت حالة مراد الصحية سوءاً مما دفع بإدارة السجون للرضوخ للضغوطات والإفراج المشروط عنه لمدة ستة أشهر لتمكينه من تلقّي العلاج.
ولقد أسعدنا هذا القرار رغم تأخره طويلاً إلا أنّ العديد من مسؤولي السلطة الوطنية الفلسطينية وللأسف الشديد تجاهلوا الحالة المَرَضية المُلحّة لهذا البطل الذي أمضى أربع سنوات خلف قضبان السجون يصارع الألم الشديد.
وهنا نتساءل: إذا كان هذا البطل المحرّر لا يحظى بأدنى اهتمام من قِبَل مسؤولينا فَمَنْ أولى بالاهتمام والرعاية؟! فقد أهمله المسؤولون المتنفذون في السلطة، وأهملته المشافي الخاصة والحكومية، وأهمله الفصيل الذي ينتمي له، ولم يأبه به حتى الشارع الفلسطيني، كيف يفعلون ذلك وقد أهملته وزارة الأسرى بنفسها والتي تكلل باسم الأسرى اسمها؟!!
هل يكون السبب كوْن الأخ مراد ينحدر من عائلة بسيطة تسكن في قرية نائية لا تملك من السلطان والنفوذ ما يمكّنها من تجنيد الوساطة والمحسوبية لتتمكن من تأمين علاجه؟! أم لأنّ اهتمام مسؤولينا يقتصر على أناس آخرين ذوي مصلحة؟! والآن وبعد أن تم نقل الأسير للعلاج في مشفى حكومي في الأردن، أصبح في سجن غرفته الكئيبة هناك، فلا هو في السجن فيعزي نفسه بذلك ولا هو في وطنه فيتناسى ألمه بين أحضان والديه، أيُّ وضع لا تُحسد عليه أيها البطل؟!
إذا نظرتَ إليه تراه وقد تزاحمت على وجهه المتعب الباهت كل عبارات ومعاني اليأس والتحسر والعتب على من ظنّ في يوم من الأيام أنهم أهل لتضحياته وسند له لحظة تعثره، ترى مقلتيه تدوران في جنبات غرفته تلك فيخيل إليك مدى الظلم الذي يشعر به من هجر الأحبة وإهمال البشر له؟!
ونقلاً عن الأسير نفسه فهو يريد العودة إلى وطنه في الحال، فهو يقول:" بدلاً من الموت في بلد لا أعرف فيه أحداً ولا أحصل فيه على العلاج، أعود فأموت بين أحضان أمي وأبي وأصحابي الباقين وتراب بلادي، أريد أن أعود !! أريد أن أعود !!"
لا غرابة في أمنيته وطلبه ذاك فقد أهملته وزارة الخارجية ذات المائة وثمانين موظفاً، والمائة والخمسين ألف دينار أجرة مبنى تلك الوزارة، فطوال سبعة شهور من خروجه من السجن لم تقم في مرة بزيارته أو الاتصال به للاطلاع على وضعه ولو من قبيل رفع العتب؟!
ولماذا يوجد لدينا سفارة في الأردن؟! أليست موجودة لمساعدة الفلسطينيين هناك، وهل هناك حالة تستحق المساعدة أكثر من هذه الحالة؟؟!! مع العلم أنها لم تقم بزيارته هي الأخرى ولا مرة واحدة على الإطلاق؟! فإذا غاب المال من جيب هذا الإنسان، أيغيب ضميركم أنتم أيضاً عندما تقرأون هذه الرسالة، ألا تشعرون بشئ يتحرك داخل أعماقكم؟! ألهذا الحدّ أنتم مشغولون، أم هو التناسي والتغاضي؟!