الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

من تهديد إسماعيل هنية إلى اغتيال خالد الدحدوح ما الذي تريده اسرائيل بالضبط ؟بقلم :ماجد عزام *

نشر بتاريخ: 21/03/2006 ( آخر تحديث: 21/03/2006 الساعة: 15:28 )

شهد الأسبوع الماضي تصاعدا في جرائم الاغتيال التي تنفذها اسرائيل بحق قادة و كوادر المقاومة الفلسطينية و في الوقت الذي كانت فيه اسرائيل تغتال خالد الدحدوح و منير سكر و اشرف شلوف من قادة و كوادر سرايا القدس كان القادة الاسرائيلييون السياسييون كما العسكريين يهددون باغتيال اسماعيل هنية المكلف بتشكيل الحكومة الفلسطينية القادمة؟

ما الذي تريده إسرائيل بالضبط و ما هي الدوافع الحقيقة وراء جرائم الاغتيال الأخيرة التي تدرج بسهولة تحت بند جرائم الحرب ناهيك عن التهديد باغتيال رئيس الوزراء المنتخب للحكومة الفلسطينية القادمة؟

منهجيا و لكي تستقيم الأمور فاننا لا نحتاج للبحث أو التحليل أو التفسير عند تناولنا الجرائم التي ارتكبتها اسرائيل و مازالت بحق الشعب الفلسطيني فهذه الدولة عنصرية قامت أساسا على العنف و الارهاب و البطش و هي لم تتوقف يوما عن ارتكاب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني كما الشعوب العربية الأخرى .

و من هذه الزاوية تحديدا يجب أن لا نفاجأ من الجرائم و التهديدات الاسرائيلية الأخيرة رغم أن هذا ا يجب ألا يعفينا من التقاط الأهداف السياسية و الأمنية و الاستراتيجية و النفسية التي تحاول اسرائيل تحقيقها جراء ممارساتها الأخيرة.

أولى هذه الأهداف هي اسرائيلي داخلي حيث بدات و بشكل رسمي الحملة الانتخابية للانتخابات العامة القادمة المقررة أواخر أذار مارس الحالي و هذه الفترة تشهد عادة مزيدا من التطرف الاسرائيلي بحق الفلسطينيين و عادة ما يعمد حزب السلطة خلال هذه الفترة لارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني و الشعوب العربية المجاورة أملا في حصد المزيد من الأصوات في صناديق الاقتراع عبر مخاطبة المزاج أو الغريزة الدموية الشارع الاسرائيلي و لفكرة ايقاع أكبر قدر ممكن من الأذى بحق الشعب الفلسطيني.

ثانيا: و فيما يتعلق بالتطورات على الساحة الفلسطينية بعد الانتخابات التشريعية التي أفرزت واقعا جديدا تتمتع بموجبه حركة حماس بغالبية واسعة في المجلس التشريعي يمكنها نظريا من تشكيل الحكومة القادمة بيسر و قد تؤدي النتائج ضمن الصيرورة أو الآلية التاريخية و الديمقراطية الى قيادة حماس للمشروع الوطني الفلسطيني بشكل عام و ليس السلطة فقط .

اسرائيل تريد تحديد قواعد للمرحلة القادمة من الصراع لا تختلف كثيرا عن مقاربتها للمرحلة السابقة و تريد افهام الفلسطنيين و عبر أكبر قدر ممكن من الشهداء و الجرحى أن شيئا لن يتغير و فوز حماس لن يؤدي عمليا سوى الى ايقاع مزيد من الخسائر في صفوف الشعب الفلسطيني ناهيك عن أن اسرائيل تريد اختبار رد فعل حماس على الجرائم الأخيرة و كيفية تصرفها تجاه الأمر الواقع الذي تحاول اسرائيل فرضه سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة.

ثالثا: و في ما يتعلق باسماعيل هنية بشكل خاص و حركة حماس بشكل عام فان التهديدات الاسرائيلية واضحة لا لبس فيها بعد التطورات الأخيرة ممنوع على حركة حماس ممارسة خيار المقاومة و حسب الرسائل الاسرائيلية المباشرة و غير المباشرة فيجب على حماس عدم التفكير في الجمع بين ادارة السلطة الفلسطينية و العمل المقاوم و الا فان اسرائيل ستعاود استهداف قادتها و لن يتمتع أحد بالحصانة بما فيهم رئيس الوزراء اسماعيل هنية.

وحسب التصريحات الصادرة عن قادة حماس فان الحركة لن تنهار و ستصر على المضي قدما في خيار المقاومة اضافة الى العمل السياسي المتمثل بادارة السلطة الفلسطينية و قيادة المشروع الوطني الفلسطيني بشكل عام و في هذا الصدد فان اسرائيل لاتتعظ و لا تحاول حتى قراءة المراحل الماضية من الصراع بعيدا عن ذهنية و عقلية القتل و التدمير، عمليات الاغيتال بحق قادة حماس لم تضعف الحركة و الاستهداف الاسرائيلي لقادة الحركة و مسؤوليها أدى عمليا بالاضافة الى أسباب أخرى طبعا الى تسليم الشعب الفلسطيني و قيادته و بأغلبية واضحة الى حركة حماس و نهجها السياسي المقاوم.

رابعا :و فيما يتعلق تجربة الجهاد الاسلامي و سرايا القدس يمكن القول أن الحرب الاسرائيلية المفتوحة ضد السرايا لم تتوقف خلال السنة الأخيرة و انما توسعت أحيانا لتضم الى جانب السرايا كتائب شهداء الأقصى و لجان المقاومة الشعبية و الواضح أن اسرائيل تريد كسر القاعدة التي تريد سرايا القدس و كتائب القصى و لجان المقاومة فرضها و تتمثل في أن الالتزام بالتهدئة لا يعني بأي حال من الأحوال قبول الفلسطينيين بالأمر الواقع الاسرائيلي و انما الاصرار على الرد على أي جريمة قد يرتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني ناهيك أن استهداف سرايا القدس يحمل دلالات أخرى لها علاقة بنجاح السرايا في تطوير نماذج من الصواريخ القادرة على اصابة منشأت حساسة و استراتيجية في التجمعات الاستيطانية الاسرائيلية الكبرى مثل عسقلان و المجدل و حيفا.

ركزت عمليات الاغتيال على قادة السرايا بشكل عام و المتخصصون منهم في تطوير الصواريخ بشكل خاص على أمل افشال كل المخططات و المشاريع الهادفة الى خلق توازن ردع حقيقي مع الاحتلال و منعه من ارتكاب المجازر ليس فقط في قطاع غزة و انما في الضفة الغربية أيضا.

خامسا و أخيرا و فيما يتعلق بالرؤية الاستراتيجية الاسرائيلية للصراع و التي بدأت بالتبلور في الفترة الأخيرة على شكل خطط و مشاريع أحادية ضم أكبر مساحة ممكنة من الضفة الغربية مع تحويل المدن و التجمعات الفلسطينية الى كانتونات محاصرة و معزولة عن بعضها البعض اضافة الى تحويل قطاع غزة الى سجن كبير محاصر و معزول أيضا عن الضفة الغربية و هذه السياسة نفرض وفق الذهنية الاسرائيلية اتباع سياسية الأرض المحروقة و تدمير المدن و القرى و البلدات و الثروات الفلسطينية بما في ذلك الكوادر و القيادات المقاومة و اننا أمام جريمة حرب اسرائيلية بكل ما للكلمة من معنى و بما أن الحرب تطال الجميع دون استثناء حيث أن اسرائيل لا توفر أحدا فيجب الشروع فورا - بمعزل عن مفاوضات تشكيل الحكومة- في حوار وطني موسع يضع الأسس و الخطوط العريضة الكفيلة بمواجهة السياسات الاسرائيلية القديمة الجديدة و التوافق على التصورات و الرؤى الفلسطينية الكفيلة بافشال المشاريع الاسرئيلية و بث اليأس في صفوف قادة العدو من امكانية فرض استسلام على الشعب الفلسطيني و بث الاحباط و اليأس في صفوف قادته و طليعته المقاومة.

* مدير مركز شرق المتوسط للاعلام و الصحافة - بيروت