الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

ناقش ثم نفّذ ....فتح لا تتغير أبدا مشاكسة مغامرة وجميلة

نشر بتاريخ: 07/08/2009 ( آخر تحديث: 07/08/2009 الساعة: 17:28 )
كتب رئيس التحرير ناصر اللحام - لقد كتبت من قبل عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وحين قرأ الامين العام للجبهة الشعبية احمد سعدات ما كتبت ابتسم، وقال هذا رأيك وانا سأقراه بكل عناية ... وكتبت عن فتح وحين اعطى الدكتور صائب عريقات الكتاب للزعيم ياسر عرفات ابتسم هو ايضا ... وسأكتب عن باقي الفصائل لانها تسيطر على حياتنا ومن حقي وواجبي ان اكتب عنها، واتمنى في يوم من الايام ان اكتب عن حماس وان يبتسم الاخ خالد مشعل، وانا ادعو ان نكتب عن ايجابياتنا دون غرور وان نكتب عن سلبياتنا دون لؤم.

وربما ينطبق القول ان حركة فتح هي السهل الممتنع، انها النهر الساكن الذي لا تسمع له خريرا، فيعتقد كل سابح انه قادر ان يقوده ويركبه ويلعب فيه فيما هو يسحبه الى البحر .. وكانت المعارضة تتهم الزعيم الراحل ياسر عرفات " الاب المؤسس لفكرة الدولة الفلسطينية " في مثل هذه المؤتمرات انه صاحب نظرية ( قولوا ما تشاؤون وانا أفعل ما أشاء ) وكان هذا يثير حنق المعارضة والراديكاليين بشدة، حتى جاء خليفته محمود عباس فجرّب الف طريقة وطريقة ثم عاد الى طرائق عمل عرفات، ومن راقب ابو مازن اثناء المؤتمر ( عرفات اصطفاه خليفة له ) يلاحظ ان الرجل عاد يمارس العرفاتية بكل معانيها في هذا المؤتمر، يشدّ ويرخي، يكرّ ويفرّ، يفعل ولا يقول، يقول ولا يفعل، يشاكس المشاكسين ويهاجم المهاجمين وقد اعتاد الرجل على اهمال الانتقادات وتكريس معظم وقته للتخطيط بدل الرد عليهم.

وبعد ان نجح ابو مازن والى جانبه تلاميذ عرفات في اللجنة المركزية ( احمد قريع والطيب عبد الرحيم وعباس زكي وابو ماهر غنيم وانتصار الوزير ورفيق النتشة عبد الله الافرنجي وغيرهم ) في عقد المؤتمر في بيت لحم وتحويل المعارضين الى مجرد غياب وجعل العواصم العربية التي رغبت تاريخيا ان تحمل ملف القضية الفلسطينية تحت ابطها الى مجرد متفرجين، نجح انعقاد المؤتمر بشكل فاجأ المراقبين، وهذا المؤتمر ورغم بعض التحفّظات الفنية والادارية جمع اليمين مع اليسار ودعاة التفاوض مع كتائب الاقصى والمثقفين مع الثوار والمقاتلين مع السفراء .

الذين راهنوا ان المؤتمر لن يعقد أبدا، سكتوا الان، لكنهم انتقلوا الى انتقاد طريقة انعقاده او طرائق ادارته، ولكن اغلب الانتقادات لغاية الان ليست ثقافية وانما شكلية وفي معظمها يعتمد على الشائعة او الظنون، لان اصحاب الانتقادات كانوا يأخذون على محمود عباس انه لم يعقد المؤتمر وانهم كانوا من دعاة عقده، اما الان وقد انعقد المؤتمر فانهم يصرفون معظم وقتهم في حساب الى اين تقودهم ظنونهم بشأن النتائج.

ولكن وجود الجميع في المؤتمر، والمقصود جميع الاقاليم والتيارات وان كان هناك خلاف - كالعادة - على نسب التمثيل، سيجعل معارضي العصر العباسي في فتح وكانهم مضّطرون بعد ايام على الكف عن الظن، وان امامهم احتمال لا ثاني له : امّا ان يعترفوا بأن هذه هي حركة فتح الجديدة بايجابياتها او سلبياتها اوما ان يخرجوا منها الى فصائل اخرى، فالانتماء الى التنظيمات في فلسطين ليس تجنيدا اجباريا وانما انضواء حرا ، ولطالما انشقت الفصائل عن بعضها وخرجت في فصائل جديدة .... فاما ان يعرف الفتحاويون من الان فصاعدا ان هذه هي فتح في ظل عباس وهذه هي قيادتها الجديدة المنتخبة واما ان يبحثوا عن فتح اخرى في امهات الكتب وخلجان التاريخ.

وللزعيم الجديد في فتح ايجابيات وسلبيات مثل كل قائد اخر في فلسطين، باستثناء سمة واحدة لا يعرف المراقبون اذا كانت ايجابية او سلبية، فمحمود عباس لم يعلن دعوته للكفاح المسلح الان، بل وقف وجاهر بأنه ضد عسكرة انتفاضة الاقصى، ووقف وجاهر انه ضد اي تصادم عسكري مع اسرائيل وصاح في كل واد أذّن في كل جرة انه يريد د.سلام فياض لترؤس حكوماته لان الاخير مقبول على الغرب ولا يريد هو الاخر اي تصادم عسكري مع اسرائيل.

وبكل حال من الاحوال .. ان فتح بما لها وما عليها قادرة اليوم ان تقول كلمتها داخل المؤتمر وليس عبر وسائل اعلام وبرامج الفضائيات فقط، وعليها ان تقرّر اذا كانت تريد ان تسير تحت قيادة خليفة عرفات ابو مازن، او ان تمارس المزيد من المحاولات لطرح بدائل اخرى من بين الاسماء المطروحة مثل الاسير مروان البرغوثي أو ابو علاء قريع او عباس زكي او ابو ماهر غنيم.

فان اختارت فتح لجنتها المركزية، تكون قد اختارت برنامجها السياسي بشكل اوتوماتيكي، فالتنظيمات الفلسطينية ليست ولن تكون شركات تجارية تخضع سياستها للربح والخسارة وانما ادوات تغيير اجتماعية وسياسية وعليها ان تعرف ان علاقتها بالشعب علاقة تبادلية وان الشعب الفلسطيني الذي عاقب فتح في الانتخابات عام 2006 قادر على معاقبتها مرة اخرى وقادر على معاقبة غيرها من الفصائل بشكل اقسى في صناديق الاقتراع ... كما ان اي اسم يلمع لاي قائد من اي فصيل لا يعني انه سيملك مصير الشعب الفلسطيني وقراراته المصيرية ... فالزمن الماضي قد ولّى بلا رجعة وان اي قائد في فتح سواء دخل المؤتمر او ظل مستنكفا في عاصمة ما يعيش على امجاد النضالات السابقة لا يمثل الا نفسه ولن يمثل الا نفسه في امور مصيرية مثل القدس وحق العودة واللاجئين والتطبيع والصلح وان قضايا كهذه لم ولن تكون ملكا لاي قائد من فتح او حماس وانما سندعو الى اجراء استفتاء شعبي فوري حولها في لحظة عرضها.

وقد تملك قيادة حماس قرار حماس، وقد تملك قيادة فتح قرار فتح .... لكن الشعب هو من سيختار رئيسه وهو من سيختار ممثليه في البرلمان القادم وهو صاحب الكلمة الفصل وحامل صولجان العز السلطوي الاخير.

اما من يعجبه مؤتمر فتح ويحب الرئيس ابو مازن فبإمكانه ان يعيش النشوة التي يريد، واما من لا يريد انعقاد المؤتمر بهذا الشكل ولا يحب الرئيس ابو مازن فبأمكانه ان يشرب الشاي بكثير من السكّر .... فهذه هي فلسطين وهذا هو حالنا وهذه هي قياداتنا .. لكن من حقي القول ان فلسطين اجمل من كل الاوطان وان بيت لحم اطهر من كل بقعة اخرى وان حراب الاحتلال لم تمنع ان نشعل انتفاضتين وننتصر، وان قياداتنا الفلسطينية على اختلافها تبقى من افضل القيادات العربية والاسلامية وانهم يستحقون ان نفاخر بهم دون خجل او وجل ... واذا كان البعض استمرأ ان يحصل على الشهرة من خلال شتم القادة وتصغير الكبار فانا اقول اننا جميعنا نكبر بفلسطين وان محمود عباس وخالد مشعل واحمد سعدات ونايف حواتمة ورمضان شلح وسمير غوشة وابو ماهر غنيم ومروان البرغوثي وعرفات واحمد ياسين هم قادة الشعب الفلسطيني وليس عيبا ان نشجعهم على الصمود وان نحثهم على الفوز والانتصار والوحدة ... ومن يعتقد انه عيبا ان نمتدح ايجابياتهم ونشجع مؤتمراتهم .... فليبحث عن قضية اخرى او عن قيادات اخرى .اما نحن فهنا باقون كاننا عشرون مستحيل .