الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف
خبر عاجل
صفارات الإنذار تدوي الآن في نهاريا ومحيطها خشية تسلل طائرة مسيّرة

الانتخابات الإسرائيلية...الشيطان في التفاصيل/بقلم :الصحفي والباحث صالح النعامي

نشر بتاريخ: 26/03/2006 ( آخر تحديث: 26/03/2006 الساعة: 15:38 )

وجهت الأحزاب الإسرائيلية الرئيسية رسالة قوية وحازمة للشعب الفلسطيني خلال حملتها الانتخابية، مفادها أن هناك إجماع صهيوني واسع وعريض على وجوب مواصلة الشعب الفلسطيني تجرع الآثار المترتبة لحربي العام 1967 و1948.

فأحزاب " كاديما "، " الليكود "، و " العمل " إلى جانب الأحزاب اليمينية المتطرفة بشقيها العلماني والديني تطالب على الأقل بضم جميع الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية ومنطقة " غور الأردن "، وسلاسل الجبال الإستراتيجية ومصادر المياه للدولة العبرية في أي تسوية سياسية مستقبلية.

أي أن هذه الأحزاب التي تسيطر على أكثر من 90% من مقاعد البرلمان الإسرائيلي ترى أن احتفاظ الدولة العبرية بأكثر من 50% من مساحة الضفة الغربية هو أمر لا جدال حوله، وأن أي طرف فلسطيني معني بالتفاوض مع دولة الاحتلال عليه أن يأتي للتفاوض وهو يسلم بذلك الأمر.

وبالإضافة إلى ذلك فأن جميع الأحزاب وبدون استثناء ترفض حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وتعتبره وصفة لتدمير الدولة العبرية والقضاء عليها.

وأن كان حزب الليكود والأحزاب اليمينية والدينية ترى أنه يتوجب عدم السماح بقيام دولة فلسطينية، فأن الدولة الفلسطينية التي يوافق حزبا " كاديما " و " العمل " على قيامها ستكون مجرد كانتونات تفتقد أي تواصل جغرافي، منزوعة السلاح غير مخولة لصياغة سياسة خارجية خاصة بها.

لكن اللافت للنظر أن الحملة الانتخابية التي عاشتها إسرائيل قد شهدت دعوات صريحة لطرد الفلسطينيين من أرضهم، وقد صدرت هذه الدعوات عن حزب جدي وذي تأثير غير قليل وهو حزب " إسرائيل بيتنا "، الذي يقوده افيغدور ليبرمان.

فقد حظى هذا الحزب بتعاطف جماهيري صهيوني كبير لدعوته للتخلص من فلسطينيي العام 1948 عبر طردهم للضفة الغربية بعد مبادلة الأراضي التي يعيشون عليها بالتجمعات الاستيطانية في الضفة الغربية.

لقد أحست الأحزاب الإسرائيلية بنبض الشارع الصهيوني الذي يتجه بشكل جارف نحو مزيد من التطرف والعنصرية. وقد دل استطلاع للرأي العام على أن معظم الشباب اليهودي يعرفون أنفسهم على أنهم ذوو توجهات يمينية.

لكن الشيء الأكثر دلالة في الحملة الانتخابية للأحزاب الإسرائيلية هو أنها تنافست فيما بينها للتأكيد على سجلها في مجال قتل وقمع الفلسطينيين، على اعتبار أن ذلك مصدر لتعاظم الشعبية لدى الشارع الصهيوني.

فقد انتفخت أوداج عمير بيرتس زعيم حزب العمل الإسرائيلي وهو يقف مزهواً الى جانب زميله في قيادة الحزب عامي ايالون القائد السابق لكل من جهاز المخابرات الداخلية " الشاباك "، وسلاح البحرية في جيش الاحتلال، عندما تباهى في احد الدعاية الانتخابية للحزب التي بثها التلفزيون الإسرائيلي بأنه قتل بيده من الفلسطينيين أكثر مما قتلت حركة حماس من اليهود منذ انطلاقتها وحتى الآن.

تصريحات أيالون الاستعراضية هذه كررها عدة مرات خلال الحملة الانتخابية للحزب وذلك لكي يذكر جمهور الناخبين الإسرائيليين أنه حتى في مجال قتل الفلسطينيين، فأن أياً من الأحزاب الصهيونية الأخرى ليس بإمكانها المزاودة على حزب العمل وقادته.

ما أقدم عليه أيالون هو نموذج مصغر لما ورد في الدعاية الانتخابية لبقية الأحزاب الصهيونية، فكل هذه الأحزاب حرصت على عرض سجل قادتها في قتل الفلسطينيين.

فحزب " كاديما " تحدث بإسهاب عن دور كبار قادته في قتل الفلسطينيين، حيث تم الإسهاب في الاشادة بدور آفي ديختر الرئيس السابق في جهاز " الشاباك "، الذي يحتل المكان الرابع في قائمة الحزب الانتخابية في تنفيذ عمليات التصفية ضد قادة وعناصر حركات المقاومة، الى جانب النساء والأطفال والمدنيين.

والى جانب ديختر يتباهى " كاديما " باحتوائه على عدد من أكابر المجرمين، مثل شاؤول موفاز، وجدعون عيزرا، وغيرهما. فكل حزب من هذه الأحزاب له " نجم " في مجال قتل العرب والفلسطينيين.

فحزب " إسرائيل بيتنا " بقيادة العنصري افيغدور ليبرمان يتباهى بانضمام يسرائيل حسون، وهو نائب سابق لرئيس جهاز " الشاباك "، وأشار الحزب الى دور حسون هذا في تنفيذ مئات العمليات الخاصة ضد الفلسطينيين والعرب والتي قتل فيها الكثيرون.

أما حزب " الاتحاد الوطني " اليميني المتطرف فيتباهى بوجود الجنرال ايفي ايتام الذي كان قائداً للواء المشاة " جفعاتي " خلال الانتفاضة الأولى، وأدين في محكمة عسكرية بتحطيم أطراف شابين من مخيم " البريج " للاجئين وسط قطاع غزة بالحجارة.

الساسة الصهاينة خاطبوا غرائز ناخبيهم المتعطشين لدم الفلسطينيين، وهنا من الأهمية بمكان التذكير بالعبارة الشهيرة التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ايهود براك خلال حملته الانتخابية في العام 1999، عندما تحدث عن سجله في قتل الفلسطينيين واصفاً التفاصيل الدقيقة لعملية القتل، وما يحدث لضحاياه، حيث قال " لقد كان بياض عيونهم يتطاير في الفضاء بفعل الرصاص الذي كان يخترق رؤوسهم !!!!".

أن الأحزاب الصهيونية من خلال الإشارة إلى هذه الجوانب من حياة قادتها، أنما تريد أن توصل رسالة واضحة للشعب الفلسطيني مفادها أنه لا ينتظر هذا الشعب من إسرائيل إلا هذا النمط من السلوك والمعاملة.

أنه لمن دواعي الأسف أنه في ظل إشهار الأحزاب الصهيونية مخططاتها التصفوية تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته، والتي لا يمكن معها التوصل لأي تسوية حتى بالشروط التي يقبل بها أكثر الفلسطينيين تهاوناً، يخرج علينا ابو مازن وأعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ليضعوا العصى في دواليب الحكومة الفلسطينية الجديدة بقيادة حركة حماس عبر طرح مطالب تعجيزية مثل الاعتراف بدولة الاحتلال وإعلان الالتزام باتفاقيات السلطة الفلسطينية معها.

فهل بعد أن أبدت الطبقة السياسية في إسرائيل مواقفها الصريحة، يحق لابو مازن ومن معه محاولة إفشال حكومة حماس وتثبيطها بزعم عدم احترام التزامات السلطة.