الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

نص البيان الوزاري والتشكيلة الوزارية لحكومة هنية

نشر بتاريخ: 27/03/2006 ( آخر تحديث: 27/03/2006 الساعة: 11:31 )
رام الله- غزة- معا- بدأت ظهر اليوم في رام الله وغزة جلسة المجلس التشريعي الخاصة التي من المقرر أن تصوت على حكومة اسماعيل هنية المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة.

وتحدث في مستهل الجلسة الدكتور عزيز دويك رئيس المجلس, مؤكداً ان الجلسة تعقد في مرحلة تاريخية من حياة الشعب الفلسطيني, وفي أجواء انعقاد القمة العربية في الخرطوم التي تمنى لها النجاح في خدمة القضية الفلسطينية والقضايا العربية المصيرية.

واستعرض دويك مسيرة الانتخابات الفلسطينية التي وصفها بالنزيهة, قائلا:" إنها فرضت على العالم تقدير شعبنا واحترامه", شاكراً الرئيس محمود عباس على انجاح هذه التجربة الديمقراطية, ومذكراً النواب بما عليهم من واجبات كبيرة تجاه شعبهم الذي اولاهم ثقته.

وأوضح دويك أن هنية سيقوم بعرض حكومته على اعضاء المجلس ويتلو البيان الوزاري الذي يحدد محاور وملامح سياسة الحكومة داعياً النواب الى التصويت عليها لمنحها الثقة لتبدأ اعمالها.

وفيما يلي نص البيان الوزاري لحكومة اسماعيل هنية الذي ألقاه أمام المجلس التشريعي:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين والنبيين أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد،
الأخ رئيس المجلس التشريعي المحترم
الإخوة والأخوات أعضاء المجلس التشريعي المحترمون
السادة المحترمون السفراء والقناصل وممثلو الدول والهيئات الدولية
الضيوف الكرام
الحضور الأعزاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
فقد كنت آمل أن ينعقد هذا المجلس في ظرف أفضل، وأن يكون لقاؤنا جميعًا في القدس عاصمة دولتنا الفلسطينية المستقلة. لكن هذا الظرف الذي تقطع فيه أوصال الوطن يقدم للعالم دليلاً واضحاً على قسوة الاحتلال وظلمه. فها هو الاحتلال يشن حرباً ضروساً ضد شعبنا الأعزل، ويحرض ضد خياره الديمقراطي، ويُصر على إبقاء المنطقة في دوامة من الصراع الدامي.

ينعقد اليوم مجلسكم الموقر ليشهد ولادة حكومة فلسطينية جديدة هي الحكومة العاشرة في ظل تواصل الاحتلال والعدوان، وتزايد أعداد الشهداء والجرحى، واستمرار سياسات الاغتيال والاعتقال والخنق والحصار ومصادرة الأراضي، وبناء جدار الفصل العنصري وتهويد القدس واستمرار الحفريات تحت المسجد الأقصى المبارك والتلويح الدائم باقتحامه وكذلك توسيع المستوطنات ومخططات ضم الأغوار، وحرمان شعبنا من التواصل حتى داخل الضفة نفسها، وكرسى ذلك بتحويل حاجز قلنديا إلى ما يشبه المعبر الحدودي.. إلى أن توج الاحتلال اعتداءاته هذه باقتحام سجن أريحا وخطف المناضلين أحمد سعدات وفؤاد الشوبكي مع عدد من إخوانهم المعتقلين هناك، مخلفاً عدداً من الشهداء والجرحى فضلاً عن التدمير الشامل لمبنى المقاطعة. متنكرًا بهذا الفعل الإجرامي لكل ما تمَّ توقيعه من اتفاقيات.

إننا على يقين بأن الاحتلال الغاصب إنما يقوم بكل هذه التصعيدات ليقذفها في وجه الحكومة الجديدة، بهدف إيصال رسالةٍ للشعب الفلسطيني مفادها: "إنك أخطأت في الاختيار، ولابدَّ أن تعاقب". وهذا الموقف للأسف يتم تحت سمع العالم وبصره، ونحن نحذر من مغبة مثل هذه السياسات.. فالشعب الفلسطيني العظيم يجب ألاَّ يعاقب لأنه مارس حقه في اختيار قيادته عبر انتخابات ديمقراطية حرة شاهدها العالم وشهد على نزاهتها، ومخطئٌ من يظن كذلك بأن الضغط الاقتصادي هذا سوف يدفع حكومتنا للخضوع أو يوهن من عزيمة وصمود شعبنا الفلسطيني الأبي.. إنَّ هذه الحكومة ستقود شعبها إلى الحياة الحرة الكريمة، معتمدةً على الله تعالى ومتوكلة عليه ( وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا، وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا، وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ).

فالتحية كل التحية لشهدائنا الابرار ونخص بالذكر منهم الرئيس الراحل ياسر عرفات والشيخ الإمام أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي والدكتور فتحي الشقاقي، والرفيق أبو علي مصطفى والأخ أبو العباس، والتحية لجرحانا الأماجد ولمعتقلينا الأبطال الرابضين خلف القضبان في سجون الاحتلال ومعتقلاته، وكل العون والتقدير لعوائلهم وأسرهم الصابرة المحتسبة.

والتحية لمناضلينا ولقيادات العمل الوطني الفلسطيني من مختلف الفصائل داخل السجون.. ونعاهدهم ـ كما نعاهد جميع الأسرى والأسيرات (فلسطينيين وعرب) ـ أننا لن ننساهم، ولن تضيع تضحياتهم أو تذهب سدى، وسنعمل دون توقف لتأمين الإفراج عنهم بعزة وكرامة، ليشاركونا في تحقيق الحرية لشعبنا، ويسهموا معنا في عملية البناء والتطوير والإصلاح والتغيير.

كما نزجي تحية إجلال وتقدير لشعبنا الفلسطيني العظيم في الداخل والخارج؛ وفي مخيمات الشتات، وإلى جالياتنا الفلسطينية في كل أنحاء العالم.

الأخ رئيس المجلس المحترم
الإخوة والأخوات أعضاء المجلس التشريعي الأفاضل
يطيب لي أن أتقدم إلى مجلسكم الموقر ببرنامجي هذا آملاً أن تمنحوا حكومتي الثقة، كي تنطلق لتطبيق برنامجها الذي وعدت به شعبنا لصون مصالحه الوطنية العليا، واستعادة حقوقه المغتصبة، وتحقيق الأمن والازدهار والإصلاح المنشود .

ويسعدني، قبل الدخول في الحديث عن المحاور الرئيسة في برنامج الحكومة أن أتوجه بخالص التحية للسيد الرئيس محمود عباس ( أبو مازن ) رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي نسجل له باحترام دوره البارز في إجراء الانتخابات التشريعية وفي تعزيز أسس الديمقراطية الفلسطينية. فقد كان حريصاً على رعاية التعددية السياسية وحمايتها، ولقد كانت الأيام التي رافقت الانتخابات الأخيرة فلسطينية بامتياز مما أدهش العالم أجمع، وعكس الوجه الحضاري للشعب الفلسطيني.

وأود أن أؤكد حرصنا على احترامنا للعلاقة الدستورية مع السيد الرئيس وترسيخها لخدمة مصالح شعبنا وصيانة ثوابته المشروعة، ملتزمين بمعالجة السياسات والمواقف من خلال الحوار والتعاون والتنسيق المستمر بين مؤسسة الرئاسة والحكومة وسائر المؤسسات الوطنية، وعلى رأسها منظمة التحرير الفلسطينية، وعلى قاعدة الاحترام المتبادل وحماية الصلاحيات الدستورية والوظيفية لكل مستوى من المستويات.

كما لا يفوتني أن أتوجه بالتحية والتقدير لابناء شعبنا العظيم الذين منحونا هذه الثقة الغالية وعلقوا آمالاً كبيرة علينا، ونعاهدهم أن نكون عند حسن ظنهم بنا، وألا ندخر جهدًا من أجل تخفيف المعاناة عنهم جميعاً، وتحقيق ما يتطلعون إليه من الحرية والاستقلال والتقدم والازدهار.

فهذا الشعب المرابط الذي أبدع في مقاومة الاحتلال وكان مثالاً في العطاء والصبر والصمود، ستتجلى إبداعاته - إن شاء الله - في البناء والإعمار، وفي تعزيز الخيار الديمقراطي الذي من شأن نجاحه أن يشكل نموذجًا يحتذي به كل الشرفاء والأحرار في العالم ..
ثم الشكر موصول لرؤساء وأعضاء الحكومات السابقة، ولحكومة الأخ أحمد قريع (أبو علاء) الذي أبدى مشكوراً حرصه وتعاونه للانتفال السلس للحكم، وفي تسيير مهامها المختلفة. والشكر كذلك للسادة الوزراء وأعضاء المجلس التشريعي السابقين، وللأخ روحي فتوح الرئيس السابق لمجلسنا التشريعي الموقر.

الأخ رئيس المجلس التشريعي
الاخوة والاخوات أعضاء المجلس
هناك مهمات جسام تقع على عاتق الحكومة على الصعيد الداخلي والخارجي. وإن الاضطلاع بهذه المهمات يستلزم تشخيص المرحلة الماضية، وقراءة الواقع، لتعزيز النجاحات وتصويب المسيرة.

ولعل من أبرز التحديات والقضايا والمهام التي تنتظر حكومتنا إنما يتمثل في الآتي:
أولاً: الاحتلال وممارساته البشعة ضد الأرض والإنسان والمقدسات والمقدرات.
ثانياً: توفير الأمن وإنهاء الفوضى داخل الساحة الفلسطينية.
ثالثاً: الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني.
رابعاً: الإصلاح ومحاربة الفساد الإداري والمالي.
خامساً: ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، وصياغة المؤسسات الفلسطينية على أسس ديموقراطية تحقق الشراكة السياسية للجميع.
سادساً: تعزيز مكانة القضية الفلسطينية في العمق العربي والإسلامي.
سابعاً: تطوير العلاقة مع المحيط الإقليمي والدولي بما يخدم المصالح العليا لشعبنا.

وفي ضوء ما سبق فإننا نؤكد ما يلي:
أولاً: حماية حق شعبنا في الدفاع عن نفسه في مواجهة الاحتلال، وإزالة المستوطنات، وجدار الفصل العنصري، ومواصلة نضاله من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، ورفض الحلول الجزئية والحدود المؤقتة وسياسة الأمر الواقع، وكل مشروع ينتقص من حقوقنا ومصالحنا كخطة فك الارتباط الهادفة إلى تحويل وطننا إلى معازل وكنتونات تقطع الطريق أمام قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة. كما أننا نؤكد تمسكنا بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض، واعتبار ذلك حقًا فرديًا وجماعياً غير قابل للتنازل عنه أو المساومة عليه. وكذلك العمل من أجل تحرير الأسرى، ومواجهة إجراءات الاحتلال على الارض من اغتيالات واعتقالات واجتياحات، والدفاع عن القدس التي تتعرض لأكبر عملية تهويد. ومواجهة محاولات ضم الأغوار وتوسيع المستوطنات. كما سنعمل على مواجهة العقوبات الجماعية، ورفض احتجاز الاحتلال مستحقاتنا المالية.

وفي هذا الإطار، فإن الحكومة ستتعامل مع الاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية بمسئولية وطنيةٍ عاليةٍ، وبما يخدم مصالح شعبنا وحقوقه الثابتة.

كما أن الحكومة وبوزاراتها المختصة سوف تراعي مصالح ومتطلبات شعبنا وآليات حركة الحياة ذات التماس بالاحتلال وذلك في كافة النواحي الاقتصادية والتجارية والصحية والعمالية. كما أن الحكومة ستتعامل مع القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية بمسئولية وطنية وبما يحمي حقوق شعبنا وثوابته الوطنية.

ثانياً: إن توفير الأمن للمواطنين في أنفسهم وممتلكاتهم، وحماية السفارات ومقرات المؤسسات الدولية والعاملين فيها وضيوفنا الأجانب، هي مهمة غير قابلة للتأجيل، وسنعالجها بحكمة وحزم، وذلك بسلطة القانون، وبالقيم الأخلاقية التي امتاز بها شعبنا، وبالتعاون المسئول بين كافة قوى شعبنا العظيم. ومما لا شك فيه، أن تلك الخروقات والتجاوزات الأمنية لا تليق بشعبنا الذي سجل صفحات من المجد تفخر بها أمم الأرض. وهو ما يستلزم معالجة تلك الخروقات المحدودة لما تقدمه من صورة مشوهة عنا ولما تلحقه من ضرر كبير بمصالحنا العليا.

وفي هذا الإطار، فإن الحكومة ستعمل على تطوير أداء الأجهزة الأمنية، وتعزيز دورها باعتبارها المسئولة عن حماية شعبنا وحفظ أمنه، ومسئولة كذلك عن حماية سيادة القانون وضبط النظام، وتوفير الأمن للمواطن دونما انتهاك لحقوقه الدستورية أو امتهان لكرامته الإنسانية أو تدخل في حياته المدنية.

ثالثاً: إن حكومتي التي تتبنى استراتيجية الإصلاح، لتؤكد لمجلسكم الموقر ولشعبنا الذي أعطانا الثقة الغالية بأننا سنكون أوفياء لهذه الثقة، حيث سيلمس المواطن من خلال عمل هذه الحكومة -بإذن الله تعالى- إنجازات حقيقية على الأرض في دوائر الإصلاح الإداري والمالي من خلال الرقابة الفاعلة والتعاون مع المجلس التشريعي في إصدار القوانين التي تعزز الإصلاح وتحارب الفساد.

وسوف تحرص الحكومة على الاستجابة للاحتياجات الملحة للمواطن في مختلف المجالات، من خلال التخطيط والمبادرة، وفي تحديد أولويات الصرف والإنفاق، وفي إطلاق المبادرات والإبداعات، والحفاظ على أقصى درجة من المصداقية، والاستفادة من تجارب الآخرين في مجال مأسسة المجتمع وقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة، مع مراعاة خصوصيتنا الفلسطينية والعربية والإسلامية الفريدة، التي تأخذ بعين الاعتبار الواقع السياسي والاجتماعي والتاريخي لشعبنا..

وفي إطار الإصلاح كذلك، فإن الحكومة ستسعى إلى محاربة الفساد، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية والترفع عن استغلال المال العام.. وسنعطي مسألة التطوير الإداري بعداً اجتماعياً وثقافة مجتمعية تؤسس لمفهوم جديد، فقد بتنا بأمس الحاجة إلى صياغة إستراتيجية فلسطينية مجتمعية للتنمية الإدارية، وإلى آلية عمل سليمة تستند الى مفاهيم الإدارة الحديثة مما يساعد على تنفيذ هذه الإستراتيجية وفق متطلبات وحاجة المجتمع الفلسطيني.

رابعاً: إن هذه الحكومة التي جاءت عبر الخيار الديمقراطي والانتخابات الحرة تلتزم بحماية الديمقراطية الفلسطينية والحفاظ عليها والتداول السلمي للسلطة وترسيخ الشراكة والتعددية السياسية، باعتبارها الخيار السليم لضمان سلامة نظامنا السياسي واستقراره..

إننا ندرك أن تعزيز الشورى والديمقراطية يتطلب العمل على اقرار سيادة القانون، والتخلص من النعرات العشائرية والعائلية والجهوية، وتكريس مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات.

وستعمل الحكومة على حماية الحقوق الدستورية لجميع المواطنين وصيانتها بما يحمي حقوق الانسان الفلسطيني وحريته.

وستعمل الحكومة كذلك على أن تتبوأ المرأة الفلسطينية المكانة التي تليق بها وبتضحياتها الكبيرة، وتضمن لها المشاركة في صنع القرار في وزاراتنا ومؤسساتنا الوطنية.
وتتعهد الحكومة بحماية حقوق المواطن وترسيخ مبدأ المواطنة دون تفريق على أساس المعتقد أو الانتماء السياسي، وسنعمل معًا على محاربة الإقصاء السياسي والوظيفي، وسوف نرفع الظلم عن الناس ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً ( يا عبادي.. إنيّ حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا).

إن بناء دولة القانون يعزز الديمقراطية في المجتمع الفلسطيني ويساعد على دعم صموده دفاعاً عن حقوقه وحرياته، كما أن سيادة القانون تجعل للقضاء الدور الأساسي في ضمانه لتحقيق المساواة واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.. ولذلك، فإن رجال القضاء والنيابة والمحامين هم مكمل ضروري لعمل السلطة التنفيذية على تطبيق سيادة القانون وتعزيز الديمقراطية، وهو ما يتطلب استقلال القضاء وعمله بمهنية عالية ومسؤولية.. فاستقلال القضاء وعمله بمهنية وموضوعية هو الذي يشيع الأمن في المجتمع ويشكل ضمانة أساسية لتحقيق العدالة..

خامساً: إن إصلاح النظام المالي وتحويل كل إيرادات السلطة الوطنية إلى الخزينة العامة، وتعزيز مبدأ الشفافية وتحديد أولويات الصرف ستكون أيضاً مهمة غير قابلة للتأجيل، وسنسعى إليها ضمن رؤية اقتصادية فلسطينية متكاملة، وسوف نعدُّ لها أنفسنا بشكل جيد وخلاق، وسنعمل ضمن المحددات التالية:

أ) العمل على ضمان حياة كريمة حرة للمواطن، والحفاظ على المكاسب المشروعة التي تحققت، وتأمين صرف رواتب الموظفين؛ عسكريين ومدنيين، وكذلك المخصصات المتعلقة بالشؤون الاجتماعية وأسر الشهداء والأسرى والجرحى والمعاقين.

ب) إعطاء الأولوية للارتقاء بالاقتصاد الوطني، ووضع السياسات والبرامج الكفيلة بمعالجة الفقر والبطالة من خلال تعزيز القدرة الذاتية وتشجيع القطاعات الاقتصادية الإنتاجية، مع المحافظة على دعم المنتجات الوطنية بكافة الوسائل الممكنة، إضافةً إلى تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية مع العالم العربي والإسلامي بشكل خاص، وتشجيع العلاقات المباشرة مع الاتحاد الأوروبي وبقية دول العالم.

ج) التحرك لحماية المستهلك، وتشجيع القطاع الخاص، وتوفير المناخ الملائم والمناسب لنشاطه، كما إن إرساء القواعد السليمة بين العمل الحكومي ومؤسساته الرسمية ومؤسسات القطاع الخاص، يشكل ضمانة مهمة لجلب الاستثمارات إلى فلسطين، وستقوم الحكومة بتوفير البيئة المناسبة وأجواء الحماية والاستقرار للمشاريع الاستثمارية.
واسمحوا لي ومن على هذا المنبر أن أتوجه بنداءٍ إلى أصحاب رأس المال الفلسطيني والعربي والإسلامي وادعوهم للقدوم إلى وطننا لاستكشاف فرص الاستثمار في مختلف المجالات، ونحن نعدهم بأننا سنوفر لهم كل مساعدة ممكنة، والمناخ الاستثماري والأمن والحماية الاقتصادية، عبر سن القوانين والتشريعات اللازمة.. فنحن نتطلع إلى مشاركتهم وإسهامهم في تخفيف المعاناة عن شعبنا ونصرة قضيته العادلة، وفي تخفيف ضائقته الاقتصادية الخانقة، وحتى يساهموا في إيجاد فرص العمل لقطاعات الشباب والخريجين والخريجات.

ونحن هنا نجدد التأكيد بأن الاستثمار هو دعامة من دعائم التنمية المستدامة، ولا تغني التبرعات والمعونات - على أهميتها وضرورتها في هذه المرحلة - ولذا فإن واحدة من أولى أولويات برنامجنا الاقتصادي هي تشجيع الاستثمار في فلسطين، وستكون حكومتنا على جاهزية عالية لبحث كافة التفاصيل المتعلقة بتوفير الضمانات اللازمة للاستثمار الخارجي، ونحن هنا نقول إنه من باب أولى أن تعود الأموال الوطنية الفلسطينية الى الداخل لتساهم في تحريك عجلة البناء والتنمية، وستعمل حكومتنا على حث المؤسسات المالية والمصرفية العاملة في فلسطين على استثمار الودائع والاموال داخل فلسطين، وسنكون عوناً لها في توفير أفضل الأجواء الاستثمارية لتحقيق العوائد المالية المجدية.

وإذا كان برنامجنا الاقتصادي يسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة بتفجير الطاقات والاستغلال الامثل للثروة، إلا أن الحكومة تدرك بأن الأوضاع السياسية المحيطة بشعبنا المحاصر بالاحتلال واستمرار إغلاق المعابر قد ألحقت دمارًا كبيراً ببنيتنا الأساسية، مما جعلنا في حاجة ماسة إلى العون والمساندة من المجتمع الدولي ومن الاشقاء والاصدقاء في العالم، وستسعى الحكومة إلى الانفتاح والحوار مع كافة الدول بما فيها دول الاتحاد الأوروبي على مواصلة تقديم المساعدات لشعبنا وسلطتنا بما يوفر حياة كريمة لهذا الشعب المنكوب، ونحن نؤكد لكل المانحين اننا سنوفر ضمانتين:

الأولى: إن كل الأموال التي ستقدم لشعبنا وسلطتنا ستذهب إلى وجهتها التي خصصت لها، وستنفق على المشاريع والمجالات التي يتم تبنيها وتمويلها، ولن تذهب إلى أي جهة أخرى.

والثانية: إن حكومتنا ستوفر كل الضمانات والآليات اللازمة لكافة الدول المانحة والجهات المتبرعة لمراقبة عملية صرف هذه الاموال والتأكد من أنها أنفقت في الإطار الصحيح، ووفق ما اعتمد من خطط ومشاريع وبرامج .

وأريد أن أقول إن التصريحات والقرارات المتسرعة التي صدرت عقب الانتخابات، وخصوصًا عن الإدارة الأمريكية التي هددت بوقف المساعدات عن الشعب الفلسطيني، لا مبرر لها على الاطلاق ولا تخدم بحال الاستقرار في المنطقة، ونحن نطالب المجتمع الدولي بإعادة النظر في موقفه تجاه الحكومة الجديدة، وأن يحترم الخيار الديمقراطي للشعب الفلسطيني، وأن يدعم طموحات شعبنا في الحرية والاستقلال والانعتاق من الاحتلال، وأن يوجه ضغوطاته نحو القوة المحتلة بدلا من الضغط على الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال.

إن الإدارة الأمريكية التي تنادي بنشر الديمقراطية واحترام خيارات الشعوب مدعوة قبل غيرها لتعزيز الخيار الفلسطيني، وليس محاصرته بالتهديد والوعيد، وأن تفي بالوعود التي قطعتها حول إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

إن حكومتنا ستعمل على إقامة علاقات سليمة ومتينة مع مختلف دول العالم، وكذلك مع المؤسسات الدولية بما فيها الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الدولية باختلاف مجالات عملها بما يهدف إلى تعزيز السلم والاستقرار العالمي.. إن الاتحاد الأوروبي قدم كثيرًا من المساعدات لشعبنا الفلسطيني، ودعم حقه في الحرية والاستقلال، وكانت له مواقف جادة في توجيه الانتقادات لسياسات الاحتلال،.. لذا فإننا معنيون بعلاقة قوية ومتينة مع الاتحاد الأوروبي، غير أننا نتوقع من الاتحاد الأوروبي إعادة النظر في بعض سياساته المتبعة بشان الصراع في المنطقة، حيث نتوقع منه دورًا أكبر في ممارسة الضغط على سلطات الإحتلال لسحب قواتها من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ووقف الممارسات العدوانية المتكررة بحق شعبنا.

إن حكومتنا تنتظر من المجتمع الدولي وخصوصاً اللجنة الرباعية الدولية أن تنحاز إلى قيم العدل والإنصاف من اجل تحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة والاَّ تنحاز إلى طرف على حساب طرف آخر، وان تتوقف عن التلويح بفرض عقوبات على الشعب الفلسطيني بسبب خياره الديمقراطي، وفي هذا الصدد فإن الحكومة تثمن موقف روسيا كعضو في اللجنة الرباعية التي اختارت سبيل الحوار بدلاً عن التلويح بالتهديد والوعيد، وإن حكومتنا ستكون على استعداد للحوار مع اللجنة الرباعية الدولية والبحث عن كافة السبل لإنهاء حالة الصراع وإقرار الهدوء في المنطقة.

الأخ الرئيس
الإخوة والأخوات أعضاء المجلس
إننا ندرك، ونحن نستعرض أمامكم هذه التحديات، ومنهجية الحكومة في مواجهتها، بأننا أمام مرحلة صعبة، وأن المهمات المطلوبة من هذه الحكومة ليست سهلة، لأن التركة ثقيلة وعلى أكثر من صعيد، ولكننا نتسلح بإرادة لا تلين وعزمٍ لا ينثني، لأنه لا خيار أمامنا سوى أن نعمل معًا لنحمي هذا الوطن المبارك.

ومن أجل ذلك أردنا أن نواجه كل ذلك بصف موحد وحكومة ائتلافية، ولذا سعينا بكل جهد وطاقة لتشكيل حكومة ائتلاف وطني، وبذلنا جهدًا طويلا خلال الاسابيع الاخيرة بغية تحقيق هذا الهدف النبيل، وعملنا بكل صدق وإخلاص وجدية من خلال حواراتنا الطويلة مع الأخوة في الكتل البرلمانية والفصائل لهدف الوصول إلى قواسم مشتركة تضمن مشاركة الجميع وخاصة الأخوة في حركة فتح، كما امتد التشاور والحوار إلى الفصائل غير الممثلة في المجلس التشريعي، والذين لم يشاركوا في الانتخابات، مثل إخواننا في حركة الجهاد الإسلامي.. وخلال كل هذه الحوارات قدّمنا صياغات متعددة وتعديلات كثيرة على البرنامج السياسي لحكومة الائتلاف الوطني، وأبدينا تفهمًا ومرونة عالية في تلك الحوارات، لأننا كنا وما زلنا نؤمن بأن نجاحنا هو في ائتلافنا، وفي توحدنا يكمن النهوض والتطور والمضي نحو الأفضل.. ولكن إخواننا في الكتل البرلمانية فضلوا عدم المشاركة في هذه الحكومة، ونحن نحترم اختيارهم، لكننا نقول: إذا كنا معًا لم نوفق في تشكيل حكومة ائتلاف وطني فيجب أن ننجح في الحفاظ على الوحدة الوطنية.. لن نيأس في ذلك، وسنواصل العمل من أجل تعزيز الوحدة الوطنية ورصّ الصفوف، وترتيب البيت الفلسطيني، وتصليب جبهتنا الداخلية، وستبقى أيدينا ممدودة للجميع للحوار والتشاور حول كافة القضايا بما يحقق المصلحة الوطنية العليا لشعبنا وأمتنا، وسيبقى باب المشاركة في الحكومة مفتوحاً، فهذا وطن الجميع ومصير الجميع، ومستقبل الجميع.

أما بخصوص منظمة التحرير الفلسطينية فإن الحكومة تناشد الفصائل والقوى والفعاليات العمل معا لتنفيذ تفاهمات القاهرة .. وسنعمل معا لنحافظ على منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الإطار المجسد لآمال شعبنا وتضحياته المستمرة لنيل حقوقه، والتي تشكل عنوانًا نضاليًا تراكمياً نعتز به، ونسعى إلى تطويره وإصلاحه عبر التشاور والحوار. ونؤكد هنا على ضرورة الاسراع في تنفيذ الاجراءات اللازمة لذلك، بما يضمن انضمام كل الفصائل والقوى الفلسطينية الفاعلة، وإعادة بناء المنظمة على أسس ديمقراطية سليمة، تحقق الشراكة السياسية، باعتبارها المظلة الكبيرة التي يستظل بها كل الفلسطينيين في الداخل والخارج؛ تمثلهم وترعى مصالحهم، وتحمل همومهم، وتعالج مشاكلهم وقضاياهم، وتحمي حقوقهم الوطنية.

كما لا بد هنا من التأكيد على الوحدة الجغرافية الفلسطينية, والإصرار على الربط بين شطري الوطن بالربط السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي بين الضفة والقطاع, فضلاً عن الربط بين الداخل والخارج, وتفعيل المؤسسات الوطنية وعلى رأسها منظمة التحرير الفلسطينية، لضمان هذا الترابط, ولصيانة حق العودة لشعبنا في الشتات.
وفي الشأن المجتمعي الداخلي اشير الى ضرورة رعاية الجانب الصحي وتطويره لتلبية احتياجات المجتمع الفلسطيني، وبضمن ذلك تطوير برامج للتأمين الصحي وتحسين وضع المستشفيات .

كما لا بد من العمل على رسم سياسة اجتماعية واضحة ذات استراتيجية تهدف الى توفير حياة اجتماعية كريمة لجميع فئات المجتمع الفلسطيني من خلال برنامج الضمان الاجتماعي بحيث يحمي المجتمع من المشاكل الاجتماعية مثل الفقر والبطالة والانحراف. كذلك التأمينات الاجتماعية لكبار السن والعجزة وأصحاب الاحتياجات الخاصة. كذلك العمل على توفير الرعاية الاجتماعية للاسرة من خلال برامج اجتماعية هادفة.

وفي مجال سيادة القانون وتعزيز الديمقراطية، نؤكد ان حرية الإنسان الفلسطيني هي الهدف الذي تسعى إليه الحكومة الفلسطينية عبر المساواة والعدالة واحترام حقوق الانسان وخاصة للمرأة والفئات المستضعفة، لما يحققه ذلك من أمن واستقرار للمجتمع، وهو ما ستحرص عليه الحكومة في عملها التنفيذي واقتراحاتها التشريعية التي ستحرص فيها على كل ما يسهم في التنمية البشرية المجتمعية وما يسهل تنمية دور المرأة ومشاركتها في الحياة السياسية والمجتمعية عامة. إن بناء دولة القانون يعزز الديمقراطية في المجتمع الفلسطيني ويساعد على دعم صموده دفاعاً عن حقوقه وحرياته، وهو ما يتطلب استقلال القضاء وعمله بمهنية عالية ومسؤولية.

كما لا بد من النهوض بالعملية التعليمية وتطويرها للرقي بها إلى مصاف الدول المتطورة والاستفادة من الخبرات الحديثة مع الحفاظ على الهوية.

وفي مجال التنمية الإدارية والإصلاح الحكومي، سنسعى الى العمل على تنفيذ برنامج الاصلاح الحكومي ومراجعة الهيكلية الإدارية وتطوير الجهاز الإداري في كافة الوزارات والمؤسسات العامة وتعزيز التعاون بينها، واستكمال بناء القدرات الذاتية فيها، والتركيز على التنمية الإدارية والتنمية البشرية باعتبارها الركن الأساس في التنمية الشاملة.
كما لا بد من إصلاح وإعادة إعمار البنية التحتية والمباني التي دمرها الاحتلال الاسرائيلي، والسعي لتخصيص استثمارات ملائمة لتطوير وإعادة تأهيل وصيانة أو إنشاء شبكات البنى التحتية الأساسية من طرق ومياه وكهرباء وغيرها، وتطوير وإنشاء المناطق الصناعية، والعمل على تطوير قطاع الاسكان لتوفير سكن ملائم وخاصة لذوي الدخل المحدود والأزواج الجدد، وتوظيف تكنولوجيا المعلومات وتطوير هذا القطاع للمساهمة في بناء مجتمع المعرفة.

الأخ الرئيس
الإخوة والأخوات أعضاء المجلس
الضيوف الكرام
إن حكومتنا ستحرص على تعميق العلاقة والتشاور مع محيطنا العربي والإسلامي، فهذا هو عمقنا القومي والاستراتيجي.. حيث إن شعبنا الفلسطيني هو جزءُ لا يتجزأ من أمته العربية والإسلامية، ولأن قضيته هي مسئولية عربية وإسلامية، وهي بهذا لا تمس حياة ومستقبل الشعب الفلسطيني فحسب، بل حياة ومستقبل العرب والمسلمين جميعاً.
إن حكومتنا تود هنا أن تثمن عالياً الجهود العربية والإسلامية المستمرة لحصول شعبنا على حقوقه بما في ذلك الجهود المميزة لجامعة الدول العربية وأمينها العام الدكتور عمرو موسى الذي أبدى دائماً التزاماً قوياً بمناصرة قضيتنا الفلسطينية، وفي هذا الإطار نبعث بتهانينا الحارة له بمناسبة تجديد ولايته كأمين عام لجامعة الدول العربية، ونأمل أن نتعاون سوياً في المرحلة القادمة لاستعادة الحقوق الفلسطينية كاملة غير منقوصة، ولمنظمة المؤتمر الإسلامي كل التحية والتقدير.. ونؤكد بأن حكومتنا ستكون حريصةً على توثيق العلاقة مع الدول العربية والإسلامية حكاماً وشعوباً وعلماء وحركات إسلامية وقومية ونخب سياسية وفكرية، وتطويرها بما يخدم العمل العربي المشترك، وسنوفر المناخ لتحرك عربي وإسلامي يؤمِّن حقوق شعبنا الفلسطيني.. ومن هنا، فإن حكومتنا تشجع كل تحركٍ سياسي عربي وإسلامي من أجل استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه الوطنية وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، كما أن حكومتنا تؤكد وقوفها مع قضايا التحرر من الاحتلال ونخص بالذكر العراق الشقيق والجولان المحتل وبقية الأرض اللبنانية المحتلة.

إننا نذكر العالم أجمع بأن سلطات الإحتلال هي التي تجاهلت دائماً المبادرات العربية بما فيها مبادرة القمة العربية في بيروت.. فالمشكلة لم تكن أبداً فلسطينية أو عربية إنما هي لدى الإحتلال الإسرائيلي.

وأود أن أشير هنا إلى الإشارات التي تلقيناها من خلال الاتصالات الكثيرة التي أجريناها مؤخراً مع الدول العربية والإسلامية والتي حملت نتائج طيبة وتبعث على الاطمئنان بأن الشعب الفلسطيني لن يكون وحيداً في المرحلة القادمة ولن يكون مقطوعًا أو منبتًا وإنما سيحصل على دعم سياسي ومالي ومعنوي، وقد تعهد الكثير من الزعماء والقادة والنخب والفعاليات الاقتصادية في العالم العربي والإسلامي بتقديم المساعدة والدعم المالي سواء للحكومة الفلسطينية ومؤسساتها ومشاريعها أو للشعب الفلسطيني والمؤسسات الخيرية غير الحكومية.

ونحن نعتبر أن المساعدات العينية التي تبرعت بها الدولتان الشقيقتان مصر والأردن بعد محنة الحصار الإسرائيلي التي تسببت في نقص الخبز والطحين، إنما هي نموذج طيب للتكافل والتضامن الأخوي العربي، ونرى أنها بداية الغيث الذي نتوقعه من أمتنا العربية والإسلامية.

إن رسالتنا إلى العالم أجمع في هذا اليوم أنه قد آن الأوان لإقامة موازين العدل في القضية الفلسطينية، وإعادة الحقوق لأصحابها، وإنهاء الظلم الذي لحق بشعبنا على مدى ستة عقود من الزمان.. وإن شعبنا الفلسطيني هو أحوج شعوب الأرض إلى السلام والأمن والاستقرار، وإن حكومتنا لن تتوان عن بذل كل جهد ممكن من أجل الوصول إلى السلام العادل في المنطقة السلام الذي ينهي الاحتلال ويعيد الحقوق إلى أصحابها، فنحن لم نكن يوماً هواة حرب ولا دعاة إرهاب أو سفك دماء.

وإنني أدعو الله العلي القدير، أن يوفقنا ويعيننا على حمل الأمانة التي فوضنا إياها شعبنا، ونعاهد شعبنا وشهداءنا الأبرار وأسرانا وجرحانا ومناضلي شعبنا في الداخل والشتات بأن نكون أوفياء للمبادئ والقيم التي جاهدنا من التزمنا بها، أوفياء لفلسطين ولتاريخها المجيد، أوفياء لكل القيم السمحة في ديننا الإسلامي الحنيف، مؤكدين على روح التسامح والتعاون والتعايش بين أبناء الوطن الواحد من مسلمين ومسيحيين وسامريين، في إطار من المواطنة التي لا تميز بين المواطنين على أساس من الدين أو المعتقد. ومؤكدين في الوقت نفسه ضرورة العمل الجاد محلياً وعربياً ودولياً وبكل السبل المتاحة لحماية مقدساتنا الاسلامية والمسيحية، وضرورة السعي إلى حماية القدس عاصمة دولتنا المستقلة من التهويد، وضرورة دعم المقدسيين بكل عناصر البقاء على أرضهم في مواجهة إجراءات التهويد والتهجير التي يمارسها الاحتلال يومياً.


الأخ الرئيس
الإخوة والأخوات
لقد جاءت تشكيلة هذه الحكومة بعد عمل دؤوب استجابة واعية خلاقة لمتطلبات المرحلة والعمل الوطني الفلسطيني، فأعضاؤها أخوة لكم من سياسيين ومستقلين وخبراء في مجالاتهم نذروا انفسهم لخدمة شعبهم وامتهم. فكونوا لهم بعد الله عوناً وناصحاً أميناً..
إننا أمام مهمة عظيمة تستدعي منا أن نواصل العمل ليل نهار، وأن نبذل جهداً استثنائياً مستعينين بالله تعالى القائل (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً )،.. والقائل ( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ).

وإنني أتقدم إلى مجلسكم الكريم بالتحية، مثمنا ثقة شعبكم بكم، آملاً أن تمنحوا حكومتي الثقة كي نعمل سوياً لخدمة هذا الوطن العظيم كلٌّ في مجال اختصاصه، وبحسب مواد القانون الأساسي المعدل لسنة " 2003 م".

إننا نتطلع إلى تعاون مشترك ومستمر مع مجلسكم الكريم للتصدي للمهام الجسام التي تنتظرنا " أعاننا الله جميعاً على أدائها "، وكلي ثقة بأن تعاوننا معًا سيكون له الأثر الحاسم في إنجاح تجربة هذه الحكومة، ونحن وإياكم نتطلع إلى تعاون أبناء شعبنا بكل فئاته ومؤسساته وفصائله الوطنية والإسلامية ونقاباته في الداخل والخارج لإنجاح هذه التجربة الجديدة..

إننا ندرك مستوى التحديات التي نجابهها، وقد أعددنا أنفسنا بشكل تام لهذه المرحلة متوكلين على الله (عز وجل)، ومتسلحين بإيماننا العميق بعدالة قضيتنا، ومستفيدين من تجارب إخواننا في الوزارات السابقة.. إن تجاربهم الغنية ستكون عونًا لنا يشد من أزرنا في النهوض بالتحديات الملقاة على عاتقنا لتوفير حياة كريمة لشعبنا؛ حياةً تليق بنضاله وعراقته وتضحيات الآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى والمعتقلين.

إننا نؤكد أن عهدنا بإذن الله هو عهد المرحمة لا عهد الملحمة ، وسنرسخ فيه التراحم والتغافر والتواصل والتلاحم والسلم الاجتماعي، والتعايش الأخوي، والإحسان للجميع، وسوف نكون سنداً لكل أبناء شعبنا على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم، هذا وطننا، هذا بيتنا وهذه أسرتنا الفلسطينية، فلنمضي على بركة الله في بناء الوطن، وتوفير الأمن والكرامة لكل مواطن ( وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ) .. (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ) .

وختاما اسمحوا لي أن أعرض على مجلسكم الكريم اعضاء حكومتي لمنحها ثقتكم وهم على النحو الآتي:
رئيس الوزراء ووزير الشباب والرياضة الأستاذ إسماعيل عبد السلام أحمد هنية
نائب رئيس الوزراء ووزير التربية والتعليم العالي الدكتور ناصر الدين محمد أحمد الشاعر
وزير المالية- الأستاذ الدكتور عمر محمود مطر عبد الرازق
وزير الشؤون الخارجية- الدكتور محمود خالد الزهار الزهار
وزير الداخلية والأمن الوطني- الأستاذ سعيد محمد شعبان صيام
وزير العدل- الأستاذ الدكتور أحمد عبد الحميد مبارك الخالدي
وزير الثقافة- الدكتور عطا الله عبد العال محمد أبو السبح
وزير الإعلام- الدكتور يوسف موسى محمد رزقة
وزير الصحة- الدكتور باسم نعيم محمد نعيم
وزير التخطيط- الأستاذ الدكتور سمير عبد الله صالح أبو عيشة
وزير الحكم المحلي- المهندس عيسى خيري عيسى الجعبري
وزير الاقتصاد الوطني- المهندس علاء الدين محمد حسين الأعرج
وزير الأشغال العامة والإسكان- المهندس عبد الرحمن فهمي عبد الرحمن زيدان
وزير النقل والمواصلات- المهندس زياد شكري عبد ربه الظاظا
وزير الاتصالات والتكنولوجيا-المهندس جمال ناجي شحادة الخضري
وزير الأوقاف والشؤون الدينية- الشيخ نايف محمود محمد الرجوب
وزير الزراعة- الأستاذ الدكتور محمد رمضان محمد الآغا
وزير السياحة والآثار- المهندس جودة جورج جودة مرقص
وزير العمل- المهندس محمد ابراهيم موسى البرغوثي
وزير الشؤون الاجتماعية- الأستاذ فخري فهد موسى تركمان
وزير شؤون الأسرى والمحررين- المهندس وصفي مصطفي عزت قبها
وزيرة شؤون المرأة- الدكتورة مريم محمود حسن صالح
وزير دولة- الأستاذ الدكتور عاطف ابراهيم محمد عدوان
وزير دولة- المهندس خالد ابراهيم إسحاق أبو عرفة

* أمين عام مجلس الوزراء الأستاذ الدكتور محمد عوض

آمل أن تحظى حكومتي هذه بثقتكم الغالية، شاكراً لكم تفهمكم ومقدراً ثقة شعبكم بكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخوكم/ إسماعيل عبد السلام هنيـة
رئيـس مجلـس الـوزراء
غـزة - فلسطين

حرر يوم الاثنين السابع والعشرين من شهر مارس عام 2006م
الموافق الاثنين السابع والعشرين من صفر الخير من العام 1427هـ

وقد رفعت الجلسة حتى الساعة الواحدة والنصف ليأخذ النواب قسطاً من الراحة قبل بدء المناقشات حول البيان الوزاري الذي تلاه هنية أمام المجلس.