الاضرابات النقابية والطلابية في فلسطين من فشل الى فشل والادارات صلفة
نشر بتاريخ: 06/09/2009 ( آخر تحديث: 07/09/2009 الساعة: 08:54 )
بيت لحم- معا- كتب رئيس التحرير- مع دخول السلطة الى الاراضي المحتلة عام 1993 تعرّضت الحركة النقابية الفلسطينية الى ضربة كسرت ظهرها وجعلتها تعاني الشلل الرباعي، وفي كل مرة كان العمال او الطلاب او الموظفين يحاولون الاضراب لتحقيق مطالب او مكاسب كانت الادارات تسارع للالتقاء بالزعيم ياسر عرفات ( والذي كان بحاجة الى اكبر دعم شعبي في وجه المعارضين لعملية اوسلو ) والاستقواء به ضد العمال والمستخدمين والطلبة.
وقبل دخول السلطة لم تكن تجرؤ ادارات الجامعات او المصانع او المؤسسات ان تظلم او تنكل بمرؤوسيها، بل كانت تتعاطى بكل استجابة مع توجيهات القيادة الموحدة للانتفاضة وتنصف العباد والمستضعفين حقوقهم.
وجاءت سنة، صار فيها الذي يدعو الى الاضراب كالداعي الى الشرك بالله، فترى الاجهزة الامنية تارة والقيادات السياسية تارة والشخصيات الاعتبارية تارة تقف ضده في السر والعلن... وباستثناء بعض المسرحيات الاستعراضية الموجهة لم تشهد فلسطين اضرابا نقابيا ناجحا منذ العام 1993، بل ان اضرابات الاسرى في السجون قد تأثرت على نحو مباشر بهذه الاجواء منذ ان سمحت السلطة التنفيذية ( الوزارات ) لنفسها بالتدخل في القضايا النقابية وكسرها بحجة المصلحة العامة.
وجاءت سنة، وخسر العامل 200 شيقل في كل مائة دولار بسبب فارق سعر العملة في السوق، وحين اصبح مبلغ الف شيقل لا يكفي لمرة واحدة من التسوق في سوبر ماركت برام الله، وحين شح الخبز على الفقراء وهطل الكافيير على الاغنياء ، وقفت النقابات فاشلة امام مسؤولياتها التاريخية وظلت تحابي الحكومات وغمست نفسها في صراع فتح وحماس واللتان لم تتورعا في نزع الدسم النقابي من المؤسسات وصارت حماس تقف مع ادارات قمعية ضد المظلومين فلم تختلف عن فتح في الوقوع في هذا الشرك.
ونسيت القيادة الفلسطينية ان قيادات العمل الطلابي وقيادات العمل النقابي هم الذين حملوا شعلة الثورة وهم الاوفياء للوطن ، فصارت القيادة والتنظيمات تتطلع اليهم كما تتطلع الى اي قطعة ديكور ففر القادة الحقيقيون للعمل في اجهزة الامن او الوظائف وتركوا جماهير العمال في مهب الريح.
ونذهب في كل مرة لمفاوضة الادارات وارباب العمل من باب المصلحة العامة، فلا نجد الى صلفا، ولا نسمع الا الوعيد والتهديد وكلهم يرفعون عقيرتهم ويقولون ( بيننا قانون العمل الفلسطيني ) ( يلي مش معجبو يقدم استقالتو من المؤسسة ) ( يلي ما معو ما بيلزمو يدرس) ( هذا ما لدينا وافعلوا ما تشاؤون ) .
الكاتب الصديق عمر حلمي الغول وهو من المقربين من الدكتور سلام فياض كتب اليوم يقول تحت عنوان: هل الاضرابات هي الحل؟ على خلفية الصراع النقابي بين النقابة ووزارة الصحة فيقول ( من حق النقابات أن تختار ما يناسبها من اساليب نضالية دفاعا عن مصالح الفئات والشرائح والطبقات التي تمثلهم في حال نشأ خلاف مع صاحب العمل بغض النظر عن صفته او طبيعة المؤسسة التي يقف على رأسها . هذا حق مصان لكل النقابات لاسيما أن القانون والنظام الاساسي يتيح لها الدفاع عن ممثليها في الحرف والمهن المختلفة .
لكن القيادة النقابية المبدعة والكفؤة، هي القيادة التي تحكم العقل والضمير وترتقي الى مستوى المسؤلية المهنية والوطنية في آن، ولا تنساق حتى ضغط الانفعال وردود الافعال أو أية حسابات أُخرى الى ركوب موجة التصعيد من اللحظة الاولى لبروز خلاف مع قيادة هذه المؤسسة او تلك . القيادة النقابية، التي تستطيع تحقيق أهدافها دون وقوع أية خسائر لا في الجسم النقابي ولا في المؤسسة التي تدافع عن ممثليها فيها . بمعنى آخر تلجأ القيادة النقابية الجيدة الى التدرج في معاركها النقابية، لان سياسات إدارة الازمات او المعارك تحتاج الى روح الابداع والخلق، واستخدام التكتيك المناسب دون شطط او تطير، لان هدف المعركة ليس لي ذراع صاحب العمل، بل تحقيق مصالح العمال او الموظفين بأقل الخسائر، وخلق مناخات توافق إذا أمكن مع أصحاب العمل إن كان في القطاع الخاص او العام ).
ويحاول الغول ان ينصح النقابات بطريقة ذكية ( المرحلة المعاشة تحتاج من كل القوى السياسية والنقابية ومؤسسات المجتمع المدني وكل قطاعات المجتمع التكاتف والتعاضد لتعميق روح الوحدة الوطنية والارتقاء بمكانة السلطة الوطنية وحكومتها. دون أن يعني ذلك التغاضي عن الاخطاء والمثالب، بل لا بد من تشديد الرقابة على الاداء لمحاسبة كل المقصرين بغض النظر عن مواقعهم القيادية، لكن دون افتعال للازمات، ودون اللجوء الى الاضرابات إذا لم تكن اللحظة تستدعي ذلك. فهل يدرك المضربون وقيادتهم أهمية الربط بين العوامل المختلفة، وأهمية التدرج في الكفاح النقابي؟ وهل يكفوا عن التعرض للمسائل الشخصية، ويقصروا نضالهم على المطالب النقابية وفق الاصول والمصالح المهنية والوطنية ؟) .
وبكل حال من الاحوال فان فان عمر حلمي الغول على حق من ناحية وهي ان النقابات عليها ان تقرر - بعيدا عن المنظمات غير الحكومية ومشاريع التمويل الغربي - عليها ان تقرر - هل الاضرابات حل ؟ واذا كانت الاضرابات ليست حلا !!! ماذا يبقى لدينا ؟؟؟؟ التظاهرات ؟؟؟ الاخذ بالثأر ؟؟؟ اشعال الاطارات في الشوارع؟؟ ام الكتابة على الجدران ؟؟؟ ام التوجه الى محكمة دولية ؟؟؟ ام طلب المساعدة من نقابة العمال الاسرائيليين " الهستدروت " ؟؟؟ .
واذا كان الاضراب مشروعا فلماذا يسارع الجميع الى كسره منذ اللحظات الاولى ؟؟؟ كفى استهتارا بحق النقابات وحقوق العباد وليدعو وزير العمل الى تشكيل محكمة عمل فورا للبت في النزاعات العمالية قبل ان تتحول الى تظاهرات والى انتفاضات ضد الادارات والسلطات التي صار يزعجها ان تسمع أنين الفقراء والجياع سواء في غزة او في الضفة ... وعلى حماس وفتح وباقي التنظيمات ان لا تستخدم عبارة المصلحة الوطنية في كل مرة .... فنحن لا نعرف اين المصلحة الوطنية في ان يعيش الموظف او العامل قهرا مستداما وفقرا موروثا ؟؟؟؟؟.