الجمعة: 29/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الدين و المنافسات الرياضية*بقلم :الأستاذ نعمان عبد الغني

نشر بتاريخ: 06/09/2009 ( آخر تحديث: 06/09/2009 الساعة: 16:50 )
القدس - معا - لقد انبهر شبابنا بعالم الرياضة ذلك العالم المجنون وقلدوا أبطالها واتخذوهم نبراسا وقدوة في كل شيء باللبس وقصة الشعر وافتتنوا باللاعبين وعرفوا كل شيء عنهم ولو سألت احدهم عن العشرة المبشرين بالجنة لم يجبك احد لعدم المعرفة وقد أمرنا الله تعالي بان يكون الرسول صلي الله عليه وسلم قدوتنا يقول الله تعالي (إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)والذي أدي إلي هذه النتيجة هو ضعف الواعز الديني لدي شبابنا وسوف نحاسب أمام الله عن تقصيرنا في تعليمهم وإرشادهم للطريق القويم وبث الروح الإسلامية فيهم .

ديننا هو الذي اخرج العباد من عبادة العباد إلي عبادة رب العباد وهانحن اليوم اتجهنا لعبادة الرياضة ليس المعني الدقيق للعبادة والدليل أن المؤذن يقول حي علي الفلاح الصلاة خير من النوم وكثير من الشباب المسلم يتابع مباراة كرة القدم ولايلبون نداء الله ويذهبون جماعات وأفرادا إلي الملعب لمشاهدة المباراة لمتابعة اللاعب الفلاني والمسجد يبعد أمتارا عنهم ولا يكلفون أنفسهم بالذهاب إليه لأداء الصلاة جماعة مع الإمام بل أنهم يسافرون مئات الكيلومترات لحضور مباراة ناديهم وتشجيعه بالصياح والصراخ .

فبذلك انصرف اهتمام شبابنا المسلم إلي عالم الرياضة الذي استوردناه من الخارج لنلتفت بإرادتنا عن قيمنا وتاريخينا الإسلامي العريق ونتبع ملة قوم لهم عادات وتقاليد لاتمت إلينا بصلة وتعتبر قرارات الفيفا المسئولة عن كرة القدم اقوي ألف مرة من أي قرارا خر صادر من أي جهة وينفذ هذا القرار فورا والقرارات التي تهمنا عشرات السنين متكدسة في الأدراج لاتجرأ هي علي الخروج ولا نستطيع نحن إخراجها.

تزامنت بدايات معظم دوريات كرة القدم الأوروبية مع بداية شهر رمضان. ورغم أن لا جديد في لعب المئات من اللاعبين المسلمين في مثل تلك المنافسات، إلا أن الجدل بشأن صومهم اتسع ليشمل مختلف الملاعب. الأمر جديد بالفعل، فمنذ سنوات وصوم اللاعبين المسلمين خبر عادي لا يستأهل كل هذا الاهتمام، إلا أن النزوع الأخير لاكتشاف الإسلام والمسلمين أعاد الأمر إلى واجهة الأحداث.

الأمر لا يقف عند حدود "إعادة اكتشاف المسلمين وعاداتهم". هناك مايشبه التعمد من قبل هؤلاء اللاعبين علي إدخال الهوية الدينية كجزء من أشكال تمايزهم. ففي غالب الأحوال لاتشير أسماء مثل إريك أبيدال أو سيدو كيتا في برشلونة إلى هوية اللاعبين الدينية، كما لم تشر ممارستهما الانفعالية الدارجة خلال ممارسة اللعبة (مثل السجود الشائع أو رفع شارة التوحيد) إلى انتمائهما للإسلام.

وحتى حين حل الجدل بشأن شعار الفريق الكتالوني الذي يحتوي الصليب الشهير (وهو الصليب المسؤول عن منع بيع قمصان الفريق في معظم دول الخليج!) كان ردهما أقرب إلى التفريق الدقيق بين الشعار كمعنى ديني مباشر وبين معناه كهوية ثقافية للكتالونيين. وحالة فريق برشلونة وشعاره لو طبقت على مجمل شعارات الأندية الأوروبية لما صح لعب أي لاعب مسلم في تلك الأندية. فشعارات تلك الأندية غالبا ما تحتوي على ترميز بدائي هوياتي غالبا ما يرتبط بالهوية المسيحية الأوروبية، ذلك الترميز الذي لا ينفك عن مفهوم الراية الحروبية القديمة والتي تستمد ثقافة كرة القدم الحديثة فلسفتها منها .

كان حشر الدين في الرياضة كالعادة عملاً قبيحاً وغير مبرر، فالتنافس الرياضي يقوم بالأساس على الكفاءة والروح الرياضية والتسامح، ولا مكان فيه للعنصرية الدينية أو العرقية أو الجنسية. ولكن التشجيع الأعمى لفريق بسبب انتماء لاعبيه لديانة معينة تعارض تماماً مع الغرض من المنافسات الرياضية. بالطبع نحن لا نصادر هنا حق المشاهد في تشجيع الفريق المفضل له، ولكن من المؤكد أنه كانت لنا وقفة مع هذا التشجيع إذا كان يقوم على عوامل عنصرية. إذ أن لا فارق بين أوروبي أبيض يشجع الفريق الألماني لا لشيء إلا لأنه فريق يتشكل من لاعبين من ذوي البشرة البيضاء، ومسلم يشجع فريق تركيا لا لشيء إلا لأنه فريق يتشكل من لاعبين يدينون بالإسلام. كلا من الألماني والمسلم في الحالتين عنصري

ولقد كان مشهدًا مثيرًا للغاية ذلك الذي رأيناه في منافسات كأس إفريقيا الأخيرة، حين جرى اللاعب المصري محمد أبو تريكة بعد أن أحرز هدفًا في المرمى السوداني نحو الكاميرات التلفزيونية رافعًا "فانلته"؛ ليكشف عن "فانلة" أخرى أسفل منها كتب عليها: "تعاطفنا مع غزة"، وعلى الرغم من الإنذار الذي ناله اللاعب فإن فعلته قوبلت بدرجة كبيرة من الحفاوة والترحيب من جانب العديد من المحللين الرياضيين والسياسيين، ناهيك عن الأفراد العاديين، وكأن أبو تريكة حين شاط الكرة ورفع الفانلة دكّ المرمى السياسي لإسرائيل ورفع غمة الحصار عن فلسطينيي غزة!.

ومع الجدل الذي ثار حول هذه الواقعة تم فتح ملف تحول ملاعب الكرة إلى ساحة لتسويق الشعارات الدينية والسياسية، فمن فاتحة الكتاب الكريم التي يتحلق اللاعبون لقراءتها في بداية المباراة أو التصليب قبل النزول إلى الملعب، إلى سجدة الشكر بعد إحراز هدف، ورفع الأيادي بالدعاء والتضرع إلى السماء عند إضاعته، ومن ذبح العجول تقربًا إلى الملاعب الرياضية مساحة لإثبات التدين أو للتعبير عن طاعة الله أو إثبات أن النجاحات التي يحرزها هذا اللاعب أو ذاك مردها رضا الله عز وجل عنه

ولسنا هنا بصدد التفتيش عن النوايا ودرجة صدق من يحيون طقوسًا دينية على نجيل الملاعب، لكننا بصدد التحليل المتأني لهذه الظاهرة الجديدة والفريدة والتي يصح أن تدرج في إطار التقاليع التي احترف بعض لاعبي الكرة اختلاقها؛ للحصول على المزيد من الجماهيرية والكثير من الشهرة التي تترجم بالطبع في صورة عوائد مادية تتدفق على اللاعب، هذه التقاليع التي يبتغي اللاعب -من ورائها- بناء صورة ذهنية تمكنه من أن يسكن ذاكرة الجماهير أطول فترة ممكنة وبصورة تساعده على جلب المكاسب الكروية وغير الكروية؛ فهناك من اللاعبين من يهوى التقاليع التي تضعه في خانة المتمردين، ومنهم من يحب صورة العربيد، وهناك من يرى نفسه في صورة المطيع أو الملتزم، وتميز "أبو تريكة" يرتبط بإجادته "قواعد اللعبة الشعبية"، ولا أقصد بهذا الوصف مجرد الحديث عن مهارته في كرة القدم، بل أقصد الوصف العام للمهارة في التعامل مع الجماهير والقدرة على جلب محبتها واستجلاب رحيق عشقها، وبسبب هذه الإجادة قدم محمد أبو تريكة نفسه في صورة "القديس"، وهي صورة جديدة وغير متكررة في الملاعب المحلية والعالمية.

ومن المعلوم أنه كلما نجح اللاعب في ترسيخ صورته لدى الجمهور كان لذلك فوائد جمة لا ترتبط فقط بفترة وجوده في الملاعب، بل قد تستثمر بدرجة أكبر بعد خروجه منها، خصوصًا وأننا نعيش عصرًا ذابت فيه الحدود الفاصلة بين السياسة والرياضة والدين وأصبحنا نتعامل فيه بمنطق أغنية أحمد عدوية "كله على كله"، فلاعب الكرة يتحول –في أذهان السذج- من خلال التعابير الدينية إلى قطب يشبه أقطاب الصوفية يتكاثر حوله المريدون، وخصوصًا أنه "لاعب حريف" وناجح وموفق أمام المرمى، والناس تعتقد أن السبب في تلك "الحرفنة" والنجاح والتوفيق رضا الله عنه، لكن يبقى أن الربط بين تحقيق الأهداف ورضا الله هو ربط غير دقيق في بعض الأحيان، وإلا بماذا نفسر نجومية مارادونا أكبر "شمّام" في تاريخ كرة القدم، وشهرة تايسون أكبر "فلاتي" في تاريخ الملاكمة وغيرهم، وبماذا نفسر نجاح وفلاح من يقتلون ويسفكون دماء الأبرياء في العراق وغزة؟!.

إن هناك صنفًا من الرياضيين يتمتعون بذكاء فوق العادة، فيضعون أنفسهم دائمًا في قلب الأحداث من خلال استثمار مثل هذه الشعارات الدينية والسياسية، وينجحون باستمرار في أن يصبحوا مادة للحكي وللرغي الجماهيري والإعلامي، وهم يفعلون ذلك بأرخص تكلفة ومن أقصر الطرق الممكنة، فما أسهل أن يرفع أحدهم شعار تعاطفًا مع غزة، لكنه لا يجرؤ طبعًا أن يرفع شعار: تعاطفنا مع فقراء المصريين، أو المواطنين الذين يبيتون أمام أفران العيش، أو المرضى الذين يرقدون على أرصفة القصر العيني، فالتكلفة هنا غالية!. إنهم من الذكاء بحيث يختارون الشعار الأقل تكلفة والأكثر عائدًا، وما أيسر أن يتحول هذا اللاعب أو ذاك إلى درويش من دراويش السياسة أو الدين، ويسهل عليه بعد الاعتزال أن يرشح نفسه في انتخابات المجلس الموقر ويصبح عضوًا فيه، أو داعية دينيًّا يتكسب من حضوره الإعلامي على شاشات الفضائيات المتغولة، أو عضوًا أو حتى رئيس مجلس إدارة مؤسسة رياضية معينة، وهكذا فالمنافع لا تنقضي والعوائد لا تتأخر.

الأمر المؤسف حقًّا هو ذلك التسطح الذي أصاب بعض محللينا ومثقفينا الذين يبادرون إلى "تكبير" مثل هذه الأفكار في "رأس" الجمهور عبر مرآة إعلامية مقعرة، فينظرون إلى مثل هذه الحركات الاستعراضية على أنها نصر سياسي أو تقوى دينية، ويحاولون استثمار نجومية لاعب أو آخر في تمرير أفكار معينة إلى الجمهور، ويكفي في هذا السياق أن نشير إلى الجدل الذي دار حول انتماء محمد أبو تريكة إلى جماعة الإخوان ونفي الدكتور عصام العريان ذلك، لقد تحولت المسألة إلى نوع من التهريج الذي يعكس حالة الفوضى في التفكير والتعاطي المصري والعربي مع قضايا وأحداث لا بد أن نتعامل معها بمنتهى الجدية.

ما يجب أن نفهمه أن تفكير وسلوك الإنسان كل لا يتجزأ، إن تاريخ الكرة يذكر أن اللاعب مارادونا أحرز في أحد مباريات كأس العالم هدفًا بيده واستطاع أن يضحك على الحكم العربي التونسي "علي بن ناصر" ويقنعه بأنه لعب الكرة برأسه، وهذا الأمر لم يخصم من نجوميته أو يقلل منها، بل ربما أعجب البعض بنصاحة اللاعب وسمّى السرقة نوعًا من الذكاء، كما يحيي –هذا البعض- ذلك اللاعب الذي يجيد الحصول على ضربات الجزاء من خلال التمثيل على الحكام ويسجد لله شكرًا أو يصلب أو يرفع يديه مهللاً لله بعد أن يحرز هدفًا منها بالنصب!. إن التاريخ يذكر هؤلاء اللاعبين جيدًا وينسى لاعبًا آخر ذهب إلى أحد الحكام بعد أن احتسب هدفًا لصالح فريقه واعترف له بأنه أحرزه بيده وليس برأسه ليتم إلغاؤه.. هل تتذكر هذا اللاعب؟. إذا لم تستطع أن تتذكره فعليك أن تفهم أن الشعبية هي دائمًا من حظ النصابين والكذابين والدجالين

فالجمع بين الدين والرياضية شيء رائع وممتع ومفيد لكل شخص ... وهذه بعض المعلوما ت التي أسال الله أن يفيدكم ... جميعاً
رياضة كرة القدم من الرياضات التي لم يعرفها سلفنا الصالح، ولا حرج في ممارسة هذا اللون من الرياضات بشرط مراعاة جملة ضوابط منها: أن لا تُشغل عن أداء الواجبات، وعدم الإسراف في اللعب، وعدم العنف الذي يضر بالآخرين.

أما اتخاذ هذه الرياضة وغيرها حرفة يتفرغ لها اللاعب، فالأمر منوط بالمصلحة التي تعود من وراء ذلك، ولكن الذي يجب التنبيه عليه هو أنه لا يجوز بحال إغداق الأموال ببزخ وسرف في الوقت الذي لا تجد فيه الشعوب لقمة عيشها. يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي –حفظه الله-: من الألعاب التي اشتهرت في عصرنا، ولم يذكرها فقهاؤنا السابقون في كتبهم، أو في نوازل أزمنتهم: الألعاب الخاصة بالكرة، التي بهرت الناس واستهويت عقولهم، وسحرت أعينهم وألبابهم، وشغلت أوقاتهم وأفكارهم، إلى حد كبير.

أهمها (كرة القدم) التي يلعب فيها فريق مقابل فريق شوطين يتبادلا فيهما المواقع، وينقسمون في الميدان ما بين الهجوم والدفاع، ومن يقف على باب الموقع النهائي لصد الكرة حتى لا تدخل، فيحسب هدفا للفريق المهاجم.
والمتفرجون عليها كثر، والحماس لها شديد، وفي بعض البلاد ينقسم الجمهور إلى حزبين شديدي التنافس، كأنها فريقان سياسيان رئيسيان، في معركة انتخابية حاسمة!
ولا مانع شرعا من لعب كرة القدم، إذ ليس فيها محظور شرعي، بشرط أن تراعى عدة ضوابط:
أن لا تشغل لاعبها عن واجب ديني كأداء الصلوات في أوقاتها، أو دنيوي كمذاكرة الطالب لدروسه، أو شغل العامل عن كسب عيشه، أو إهمال موظف لوظيفته.
2ـ أن تحترم قواعد اللعبة المتفق عليها بين أهلها، حتى أصبحت ميثاقا يجب المحافظة عليه، حتى لا ينقضه أحد جهرة أو خفية.
3ـ أن لا يستخدم العنف ضد الفريق الآخر، فإن الله يحب الرفق، ويكره العنف.
4ـ أن لا ينحاز لفريق ضد خصمه إذا كان حكما، بل يجب أن يكون محايدا، ويجعل العدل شعاره ما استطاع (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) النساء: .
ومثل كرة القدم: كرة اليد، وكرة السلة، والكرة الطائرة وغيرها. فالأحكام التي تجري عليها واحدة، وإن كان لكرة القدم أهمية خاصة من ناحية تحمس الجماهير لها، واشتغالهم بها، وانقسامهم حولها، حتى لتكاد تكون في بعض البلدان (وثنا يعبد)، وهذا ما يجب التحذير منه، فإن كل شيء يزيد عن حده، ينقلب إلى ضده، وأن الأصل في اللهو كله: أنه مباح، ما لم يبلغ حد الإسراف، كما قال تعالى: (كلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) الأنعام: .
وكل المباحات مقيدة بعدم الإسراف، إذا بلغت حد الإسراف، استحالت إلى الحرام.
بل العبادة إذا غلا فيها الإنسان أنكرها الشرع، وقال لمن غلا: إن لبدنك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا، وإن لزورك (زوارك) عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه.
بقي هنا سؤال مهم، وهو: هل يجوز للإنسان أن يتفرغ للعبة من هذه اللعب، ويصبح محترفا، في فرقة من فرق الأندية، ويأخذ على ذلك أجرا، بل أجرا كبيرا في بعض الأحيان، يحسده عليه أساتذة الجامعة، وكبار الأدباء؟
والجواب: إن هذا يتبع المصلحة العامة للشعب وللوطن، فإذا كان أهل الرأي والخبرة والحكمة يرون أن هذا التفريغ لازم للنهوض باللعبة، والرقي بمستواها، وتوريثها من جيل لجيل، وأن ترقى اللعبة في البلد إلى مستوى المنافس مع الدول الأخرى، فلا مانع حينئذ من الاحتراف في إحدى هذه اللعب، إذا كان الشخص مؤهلا لذلك، قادرا على أن يؤدي دورا ينفع به الناشئين من أهل بلده، الذين يتعلمون منه ـ بالقول والفعل والأسوة ـ ما ينفعهم، ويرفع من شأن وطنه وأمته في مجالات التنافس الدولي.
على أن يكون ذلك بقدر وحساب يرجع فيه إلى أهل الاختصاص الثقات المأمونين، بحيث لا يطغى جانب على جانب، كما هو المشاهد في الكثير من بلادنا. فيغدق على بعض الجوانب إلى حد الإسراف، وتحرم بعض الجوانب من الحد الأدنى الذي تفرضه الضرورة.
ويقول سماحة المستشار فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء:
مما لا شك فيه أن المباريات الرياضية تأخذ اليوم حجماً أكبر بكثير مما يلزم خاصة في بلاد المسلمين، وتستعملها كثير من الأنظمة لإبعاد الناس عن المشاركة السياسية ولتنفيس المشاعر المحتقنة بسبب الكثير من الممارسات الشاذة.
إننا أمة منكوبة وأمة ممزقة وأمة متخلفة، هذه قضاياها الأساسية التي يجب أن تبذل فيها الجهود قبل هذه المظاهر المباحة. ولذلك، فإني أدعو الشباب خاصة إلى أن يكون أكثر جدية في حمل هموم المجتمع وقضايا الأمة، وإلى أن يكون أكثر إيجابية في العمل المنتج وألا يعطي لمثل هذه الأعمال المباحة أكثر من حجمها الطبيعي المفروض في حياته الشخصية وفي حياة الأمة

يبدو توغل الظاهرة السلفية بين لاعبي ومشجعي كرة القدم انسحابا طبيعيا لما أعترى مفهوم الجماهير نفسه من تحولات اجتماعية سياسية. لكن التناقض الأساسي يأتي من موقع أن ممارسة الرياضة في قلب الثقافة الشعوبية الإسلامية هي في الأساس ـ ووفقا للترجيحات الفقهية ـ مجال للإعداد لمواجهة الأعداء. السباحة والرماية وركوب الخيل في الحديث النبوي وتفسيراته تركز على الجانب النفعي المباشر لصحة المسلم، فيما كرة القدم التي تدار في عوالمها الحقيقية اقتصاديات ملياريه ضخمة وترتبط بكارتيلات إعلامية وإعلانية مهولة تصب أنشطتها في الغالب ـ في التحليل الإسلامي ـ في قلب أنشطة محرمة دينياً. هذا بالإضافة إلى ما يعتري المشجع من تجزئة ولائه الشخصي وتحويله خارج رؤية المنفعة العضوية للرياضة.

كرة القدم اقرب إلى نشاط ترفيهي معولم لايعترف إلا بالفوز هوية، تشحب فيها ظلال الهوية القومية لصالح شركات الأندية العابرة للجنسيات والأديان. الدخول السلفي على نشاط بمثل هذه الجماهيرية الطاغية هو محاولة برجماتية لصبغ ماهو مادي فطري حداثي بألوان التدين، جزء هام من تجاوز الأيدلوجية السلفية لـ"لهو" كرة القدم الأصيل وفقا للرؤية الدينية نابع من عدم قدرة تلك الإيديولوجية على مناصبة العداء لظاهرة نجاح ما في أي مجال من مجالات الحياة المدنية. تأميم فكرة النجاح الشخصي لصالح مبررات دينية هو جسر التواصل مع أحلام النجاح بمفاهيم الحداثة الجديدة. بذلك تندمج فانلة المشجع في غطاء أسلمة نواحي الحياة. وغير بعيد عن ذلك الصورة النمطية لتصميم مدربي فرق الناشئين في الأندية المصرية على اختتام التدريبات اليومية بصلاة جماعية، وتزامن التدريب مع مواقيت الصلاة. البنيان المرصوص لفريق مقاتل أنهي استعداده لمباراة بصلاة تجمع الروح هو غاية نشاط كرة القدم القائمة على مقارعة خصم في ميدان المعركة.