المدارس النموذجية: التطوير المهني خطوة على طريق تحسين أساليب التعليم
نشر بتاريخ: 09/09/2009 ( آخر تحديث: 09/09/2009 الساعة: 20:50 )
رام الله-معا- أمضت نجوى قريطم أكثر من عشرين عاما في تدريس اللغة الانجليزية، إلا أن ذلك لم يمنعها من الانخراط والاستفادة من مشاركة مدرستها "الرجاء الانجيلية اللوثرية " في رام الله في برنامج شبكة المدارس النموذجية الذي تنفذه مؤسسة الأمديست بدعم من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، سعيًا إلى تحسين أساليب التعلم والتعليم.
ورغم خبرتها الطويلة هذه، إلا أن حب المعلمة نجوى لتعلم كل ما هو جديد في إطار تطوير أساليب التعلم، لإغناء تجربتها الطويلة في التعليم شجعها بشكل كبير على الانخراط بشكل جاد في المحاضرات وجلسات النقاش والتطوير المهني الذي يعد من ابرز مكونات برنامج شبكة المدارس النموذجية، لافتة إلى أن ما تعلمته من أساليب جديدة بدأت بتطبيقه على طلبتها تدريجيا، واصفة النتائج بالمشجعة والجيدة.
وكان برنامج شبكة المدارس النموذجية قد انطلق في العام 2007، إنخرطت فيه 17 مدرسة خاصة من مدن القدس ورام الله والبيرة، والخليل وبيت لحم، وأريحا، ستنضم إليها مطلع العام الدراسي الحالي 40 مدرسة حكومية، حيث يسعى البرنامج الذي ينفذ بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي وجامعتي بيرزيت والقدس ومنتدى العلماء الصغار، إلى إدخال المفاهيم التربوية وأساليب تدريس، وتقنيات ومصادر تعليمية للمدارس المشاركة، بهدف تحسين نتائج تعلم الطلبة، وتشكيل وتطوير شبكة مدارس خاصة وحكومية قابلة للتوسع وتشمل تطبيق أسلوب تعليمي وتعلمي حديث.
كما يهدف البرنامج الذي يستمر حتى منتصف العام 2012 إلى تطوير وتقييم وتوثيق نتائج تطبيق برنامج شبكة المدارس النموذجية لاعتمادها وتكرارها في المستقبل، حيث يسعى البرنامج لتقديم أساليب تعليم وتعلم معاصرة تركز على تطور ونمو الطفل على المستوى الجسدي (البدني) والمعرفي والنفسي والاجتماعي، فيما يتم التركيز على تحسين نوعية التعلم والتعليم في مجالات اللغة الإنجليزية والعلوم والرياضيات.
وبالنسبة للمعلمة نجوى فان "التفكير الناقد" هو من أهم أساليب ومهارات التعلم، الذي من الممكن أن يحدث نقلة نوعية حقيقية في التعليم، إذ يرتكز على مشاركة الطالب في اكتشاف الإجابة، وهو الأمر الذي يستلزم منه وقتا وجهدا في البحث والتفكير، ما يفتح أمامه طرقا وأساليب تفكير ويقل بشكل ملحوظ نسبة الفوضى ويعم الانضباط في الصفوف، فالطالب يكون مشغولا في البحث عن إجابة السؤال.
ولأن من أبرز أهداف البرنامج هو إدخال المفاهيم التربوية وأساليب تدريس، وتقنيات ومصادر تعليمية للمدارس المشاركة بالبرنامج لتحسين نتائج تعلم الطلبة بشكل ملحوظ، فان احد مكوناته هو التطوير المهني، حيث يركز برنامج شبكة المدارس النموذجية على التطوير المهني لمديري المدارس، فضلا عن معلمي اللغة الإنجليزية والرياضيات، والعلوم في المدارس المشاركة في برنامج شبكة المدارس النموذجية.
ولهذا الغرض تم تصميم برنامج التنمية المهنية كبرنامج تدريب أثناء الخدمة لتوفير المعرفة والمهارات للمعلمين ولمديري المدارس، اللازمة للتدريس وتوصيل المواد بصورة أكثر فعالية في السياق الفلسطيني، بحيث يمزج بين ستة عشر تدريباً، واثني عشر حلقة تعليمية والمراقبة الصفية الفردية للمعلمين وجلسات للتغذية الراجعة بالإضافة إلى الدعم عبر الإنترنت من خلال بيئة التعلم الافتراضية (VLE).
المدرسة نجوى رأت في التطوير المهني أمر هام بغض النظر عن سنوات التجربة والخبرة العملية التي يمتلكها المعلم، لافتة إلى أن الدافعية الذاتية هي التي تشجع المعلمين على التعاون والانخراط بشكل فعال في هذا البرنامج، وفي برامج مماثلة تسعى لتطوير أداء وأساليب التعلم والتعليم، قائلة: إننا نعيش عصر التطور وإن لم نواكبه سنبقى بعدين عن الركب العلمي والتكنولوجي.
وأشارت إلى أهمية دعم المعلم من حيث تخفيف حجم العبء التدريسي مما يساهم في الانخراط بشكل فعَال ويوفر الوقت والجهد المناسب للبرنامج ولقاءاته ونشاطاته.
وحول العوامل المؤثرة في إنجاح شق التطوير المهني في البرنامج، والنجاح في الوصول إلى تطوير أساليب التدريس، قال مدرس العلوم في مدرسة طاليثا قومي إلياس عمية، أن الأهم يكمن في التركيز على النواحي العملية، وجعل المعلم والمدرس محور العملية التدريبية وليس المحاضر، واصفا برنامج شبكة المدارس النموذجية بالايجابي من حيث المضامين.
وشدد على أهمية أن يبقى المعلم في عملية تطوير، مشيرا إلى أن من أبرز الايجابيات هو التعرف على أساليب التعامل مع الطلبة بفاعلية أكثر.
ولم يختلف فالح أبو عرة مدير "مدارس الأوائل" في مدينة رام الله في رأيه أيضا عن ما رأته قريطم وعمية من أهمية للبرنامج على مسار تطوير مهارات المديرين المعملين وانعكاسات ذلك ايجابيا على أداء الطلبة وتعلمهم، إذ قال إن برنامج التطوير المهني ضمن برنامج شبكة المدارس النموذجية هام لجهة أنه خليط بين الجانب العملي والنظري، وأن أثره واضح على العملية التعليمية، حيث أن المعلمين في المدرسة يطبقون ما يكتسبوه من مهارات خلال البرنامج على الطلبة، مشيرا إلى أن مدرسته احتلت مراتب عليا في تصنيف المدارس على مستوى أداء طلبتها في امتحانات الثانوية العامة وكذلك في امتحان للرياضيات لطلبة صفي التاسع والعاشر.
ومن مكونات البرنامج، التشبيك المهني الذي يقدم فرصة للمعلمين والمديرين الفرصة لتبادل الخبرات والآراء والالتقاء بزملائهم وأقرأنهم في المدارس الأخرى، وفي هذا الإطار قالت مدرسة العلوم في مدرسة "دار الأيتام الانجيلية" بالخليل هالة عازر، إن التطوير والتشبيك المهني ينعكس إيجابا على المعلمين لما يمثله هذا التطوير من فرصة للتفاعل وتبادل الخبرات مع زملاء من مدارس أخرى، مشيرة إلى أهمية حلقات التعلم التي يعقدها معلمو المدارس المنخرطة في البرنامج.
وأشار أبو عرة إلى حيوية الاهتمام بقدرات المعلم وتنميتها، إلى جانب عملية التشبيك المهني التي لها دور فاعل على اكتساب المعلمين ومديري المدارس الخبرات من زملائهم وتبادل وجهات النظر والاستماع إلى تجاربهم المختلفة في هذا الإطار.
بدورها أشارت مديرة مدرسة "هيرمان جماينر-قرية الأطفال SOS" في بيت لحم سوسن اسطفان إلى أن عامل التشبيك وتبادل الخبرات حيوي للغاية، سيما وان المدرسة من مبادئها الانفتاح والتعاون مع المؤسسات التربوية وتبادل الخبرات معها، لذا فان لك كان من احد الأسباب التي دفعتها إلى المشاركة في البرنامج.
أما عامل التقييم، وهو أيضا من مكونات البرنامج فرأت اسطفان أن المدرسة كانت تعكف على اعتماد عملية التقييم لخططها، وان برنامج شبكة المدارس النموذجية جاء معززا للعمل الإداري الذي يعتمد على التقييم والتخطيط، إذ أن من مكونات البرنامج هو التقييم.
واتفقت اسطفان مع أبو عرة على أهمية دعم بناء قدرات المدارس، فيما أشار علي مناصرة مدير مدرسة "عبد الله بن مسعود" في بني نعيم بالخليل إلى أن التطوير وبناء القدرات المدرسية عنصر هام، سيما وانه يمثل دعما إضافيا للعملية التعليمية وإسنادها.
واعتبر مناصرة أن التفكير الناقد كمنهج في التعليم تنبع أهميته من انه يبتعد عن الأسلوب التقليدي، إلا أن الأهم فيها البدء به منذ بداية المراحل التعليمية للطالب، كما أن تطبيقه يحتاج إلى تفهم أولياء الأمور الذي اعتادوا على صيغة معينة من الامتحانات التي يؤديها أبنائهم.
ولفت إلى أن المدرسة ومعلميها يسعون إلى تطبيق ما يتعلموه ويكتسبوه من خبرات خلال لقاءات التطوير المهني الذي يعقده برنامج شبكة المدارس النموذجية، داعيا إلى تطوير جانب تحفيز المعلمين، الذين انخرطوا في البرنامج لرغبة منهم في تطوير الذات وأساليب التعليم والتعلم.
من جانبها قالت انتصار صالح زيدات مدرسة العلوم في مدرسة جمعية سيدات أريحا إن التدريب هام لجهة أنها تكسب المعلم الخبرة من التعليم وكذلك خبرة زملائه الذين يختلط معهم، لافتة إلى أنها استفادت من برنامج تطوير القدرات المهنية ذلك أنها نمت لديها مهارات أساليب التدريس.
كما قالت زيدات إن التطبيق العملي لأساليب التعلم الحديثة أمر أساسي لجهة تطبيق المفاهيم المدرسة للطلبة، معتبرة أن التفكير الناقد يؤثر إيجابا على نمط تفكير الطلبة وأسلوب تعلمهم، خاصة إذا ما اتبع النظري بالعملي.
وأشارت إلى أنها تدفع طلبتها إلى التفكير بطريقة لا تقليدية عبر توجيه أسئلة اليهم تحفزهم على معرفة أجوبتها بأنفسهم وليس تلقنها تلقينا، مشيرة إلى الدور الهام الواجب أن يلعبه أولياء الأمور في إطار تشجيع أبنائهم ومعلميهم على إنتهاج هذا الأسلوب.
وحول عوامل استمرارية فكرة البرنامج وتطبيقه في مختلف المدارس في الأراضي الفلسطينية، دعا مناصرة إلى إيجاد مجلس من الخبراء وممثلي أولياء الأمور والمدارس لعقد لقاءات دورية بهدف وضع الخطط وتطبيق ما يمكن أن يسهم في الوصول إلى هدف المدارس النموذجية وإستمرارية فكرتها.