حكايتي مع الزمان ....... محمد جميل عبد القادر
نشر بتاريخ: 11/09/2009 ( آخر تحديث: 12/09/2009 الساعة: 10:48 )
بيت لحم - معا - مراسلنا وجدي الجعفري - يوم الاربعاء وبعد تناولنا طعام الافطار مع المنتخب الاولمبي الاردني وبعد الحديث الشيق الذي كنا نسمعه من الكابتن علاء المدير الفني للمنتخب الاردني والذي تناول في مجمله نصيب المنتخب المصري بحجز بطاقة التاهل الى جنوب افريقيا وخاصة ان الكابتن المصري " علاء نبيل " الذي كان احد ابرز لاعبي المنتخب المصري في الثمانينات، إستقلينا السيارة الى فندق الانتر ، حيث كان هناك عدد من الزملاء الصحفيين الاردنيين وعلى رأسهم الزميل محمد جميل عبد القادر رئيس الاتحاد العربي للصحافة الرياضية .
هذه هي المرة الثانية التي التقى بها بأبي طارق فقد التقيته لأول مرة في الاردن عندما كلفت بحضور احدى الدورات الرياضية التي عقدت في سوريا، وقتها عبر لى العديد من الزملاء الاعلاميين الاردنيين عن مدى احترامهم وحبهم لهذا الرجل وقالوا لي الكثير عن الخصال الطيبه التي يتمتع بها ومنها انه عندما عمل في احدى الصحف الاردنية كان يوزع راتبه بناء على اتفاق مسبق مع ادارة الصحيفة على زملاءه الصحفيين الرياضيين الذين يعملون معه بإعتبار ان وضعه المادي أفضل منهم .
وصلنا الى الفندق، التقينا معه في الممر وهو يحاول المغادرة، فقلنا له أننا جئنا الى هنا لنطمئن عليك ونقوم بالواجب فرد علينا انه سيغادر لبعض الوقت ثم يعود .
جلسنا سويا انا ومجموعة الزملاء الصحفيين والرياضيين واعضاء اتحاد الكرة فقال ابو طارق بعد ان اعتبرنا وجوده فرصة للحديث معه قال :
أنا سعيد جدا لوجودي هنا وكم كنت احلم بهذا اليوم وأتمنى ان تكلل جهودكم بالاستقلال وايقاف الظلم الواقع عليكم وتابع الرجل "الذي كان يرتدي بدلة سوداء تجملها ربطة عنق حمراء انيقة تنسجم مع قميصه الابيض" لم احضر الى هنا منذ عام 1967 .
قلت له والجميع مصغي بإهتمام على الطاولة البيضاء المستديرة التي كنا نجلس عليها نحتسي الشاي الذي احضر لنا بأباريق بيضاء تعبر عن أناقة الفندق الذي كنا نجلس فيه قلت" كلنا يتذكر محمد جميل عبد القادر وهو يطل علينا من على شاشة التلفزيون الاردني وخاصة في برنامج الرياضة كيف بدأ محمد جميل حياته" .
بعد ان تنهد الرجل قال "قبل عام 1967 كنت أعمل موجها تربويا للتربية الرياضية في منطقتي جنين ونابلس فأنا من أول الاشخاص الذين حصلوا على شهادة البكالوريس في التربية الرياضية واذكر أنني في نهاية العام الدراسي لسنة 1967 نظمت مهرجانا رياضيا وتحديدا في يوم 25/5/1967 حضره معالي وزير التربية والتعليم السيد ذوقان الهنداوي وبعد الانتهاء من المهرجان التقيت بمعالي الوزير الذي طلب مني ان انتقل من جنين الى عمان العاصمة حتى انظم مثل هذه المهرجانات هناك لكنني رفضت حينها بحجة انني معيل لأسرتي ووالدي كبار في السن ولا استطيع تركهما لوحدهما .
وفي يوم 5 حزيران اي يوم النكسة أصيب والدي بالشلل حيث اشتعلت الحرب وكان والدي قد أضاع تحويشة العمر في ذلك اليوم بعد ان كان يبني لنا بيتا وكنا في ذلك اليوم نسقف البيت وبسبب اشتعال الحرب توقفنا عن العمل ومن ثم ضاع امل والدي بالبيت فلم يعد صالحا للسكن مما ادى الى اصابة والدي بالصدمة التي سببت له الشلل .
وطبعا لمحبتي لوالدي اضطررت ان أغادر جنين الى الاردن لأعرضه على الاطبا ءهناك حيث الاوضاع أفضل، كان ذلك في شهر تموز اي بعد النكسة بشهر واحدا فقط .
وصلنا الى عمان ووجهت لنا وزارة التربية والتعليم في الاردن نداءا بضرورة التحاق كافة العاملين في جهازها وتسليم انفسهم الى الوزارة حتى يتم توزيعهم على المدارس والمكاتب التربوية سلمت نفسي وقررت الوزارة تعيني موجها في السلط وعندما دخلت الى معالي الوزير "ذوقان الهنداوي الذي كان قد طلب مني ان انتقل الى عمان" لأوقع كتاب التعين ضحك وقال ها انت اتيت الان لوحدك وبعد حديث المجاملة بيننا شطب قرار تعيني في السلط وعينني في عمان .
استمرت مسيرتي التعليمية وبعد فترة من الزمن بدأت العمل في التلفزيون كمعد للبرامج، فقد كنت أعد البرنامج الرياضي الذي كان يقدمه المرحوم رافع شاهين ومدته نصف ساعة، وفي يوم 23/4/69 كسرت ساق المرحوم رافع شاهين ففوجئت بدخول مدير البرامج علي وطلب مني تقديم البرنامج بدلا من الزميل رافع وبعد تردد، اضطررت الى ان ادخل الاستديو لتقديم البرنامج "وانا في حالة يرثى لها" ولكن والحمد لله وفقت في تقديم البرنامج .
وقد واجهتني مشكلة في عملي في التلفزيون وهي انني ذهبت الى مصر لدراسة الرياضية من خلال بعثه حكومية وهذا يترتب علي الخدمة في وزارة التربية لمدة 8 سنوات وبالتالي لا يجوز لي الانتقال من وزارة التربية الى التلفزيون لكن القضية حلت في النهاية بعد تدخل وزيري الاعلام والتربية .
وقال ابو طارق" انا أول من قدم برنامجا حواريا في التلفزيون الاردني فبالاضافة الى برنامجي المشهور المجلة الرياضية الذي كان يذاع كل يوم جمعة قدمت برنامج " مع الناس " . ومن اعماله التي تحدث عنها انه اسس الاقسام الرياضية في صحف الرأي ، الدستور ، العرب اليوم والشعب .
وتابع حديثه بينما هاتفه النقال لم يتوقف عن الرنين حيث كان المتصلون من الزملاء الاعلاميين الذين يريدوا ان يطمئنوا عليه قال "انا شغلت نائب رئيس الاتحاد العربي للصحافة الرياضية منذ عام 1984 وفي عام 2005 أصبحت ولا زلت رئيسا للاتحاد العربي للصحافة الرياضية .
بعد ذلك غادرنا ابو طارق وانتقل الى مكان اخر في الفندق ليرحب بضيوفه الذين جاءوا ليطمئنوا علية من مختلف المناطق على أمل ان نلتقي معه لنكمل الحكاية ...وفي اليوم التالي غادر ابو طارق الى نابلس لزيارة شقيقته هناك حيث لم نراه الا في ساعات صباح يوم الجمعة اثناء حفل وداع البعثة الاردنية وتكريم الصحفيين الرياضيين .... غادر ابو طارق عائدا الى الاردن الشقيق... على أمل ان نلتقي معه مرة اخرى ليكنمل المشهد ولكن هذه المرة يعودته الى الارض التي غادرها مرغما .