الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الاعلام الفلسطيني بين مطرقة الاحتلال و سندان الفلتان بقلم: عماد فريج

نشر بتاريخ: 31/03/2006 ( آخر تحديث: 31/03/2006 الساعة: 13:33 )
معا- لا تخرج التهديدات التي تعرضت لها وكالة معا المستقلة ، عن اطار حالة الفلتان و الفوضى الامنية التي يتعرض لها المواطن الفلسطيني يوميا . و لا يكفي الفلسطينيين وجود احتلال اسرائيلي ينغص عليهم حياتهم و يغتصب ارضهم و ينتهك كرامتهم وارواحهم ، بل يضاف فلتانا يزيد حياتهم مرارة و معاناة . و ربما يكون الاعلام الفلسطيني و الصحافيين من اكثر المعرضين لتجارب مريرة سواء من الاحتلال او من جهات داخلية فلسطينية تحاول كتم الحقائق و ابقائها خلف الكواليس .

و جاءت التهديدات و الشتائم التي تلقتها (معا ) لتضيف فصلا اخر من التعرض لحرية و استقلالية الاعلام . و يعتبر الاعلام الفلسطيني على اختلاف مشاربه ، الحزبي و الحكومي و المستقل ، صفحة ناصعة في التاريخ الفلسطيني و شكلا من اشكال المقاومة .

و لكن ، هناك من يحاول ان يعكر اجواء حرية الكلمة غير متقبلا لدور الاعلام الذي يعتبر رقيبا و سلطة رابعة بعد السلطات الثلاث التشريعية و التنفيذية و القضائية . كما يجب علينا ان نتقبل المنابر المستقلة ، و منها وكالة معا ، و التي تعطي دوما بريقا مميزا في باقة الاعلام الفلسطيني المرصع بالنجوم . وذلك لان الاستقلالية تتيح مجالا للصحافة ان تنتقد و تصحح و تعدل و تقدم كل جديد دون ان تحسب حسابا الا لحرية الاخرين .

و لا نستطيع ان نلوم من قام بشتى المعيقات في وجه الاعلام ، وذلك بسبب التعبئة الفكرية الخاطئة التي يتلقاها بعض الفلسطينيين ، و التي تجعلهم يتعصبون لافكارهم و احزابهم رافضين لوجود اخرين يخالفونهم الراي و الفكر او ينتقدون افكارهم . كما اننا لا نستثني دور الاحتلال الذي يحاول دائما العبث في اوضاعنا الداخلية ، محاولا خلق الفتن و النعرات . و على الرغم من قدرته احيانا على اثارة البلبلة في الشارع الفلسطيني و ممارسته للتضليل بشتى اشكاله ، الا ان غالبية الشعب الفلسطيني استطاع بوعيه ان يفشل كل هذه المحاولات .

ان الاعتداءات على الصحفيين في فلسطين ، و اخرها تهديد وكالة معا و الاعتداء على تلفزيون الرعاة في بيت لحم، تطرح تساؤلات عديدة حول دور السلطات و المؤسسات في توفير اجواء ملائمة لعمل الصحفي الفلسطيني تتيح له فضح ممارسات الاحتلال و انتهاكاته ، و تجعله يسلط الضوء على واقع حال المؤسسات الفلسطينية الداخلية التي يستشري فيها الفساد المالي و الاداري .

و بالتالي ، نحن نطمح كاعلاميين ان نحظى باهتمام اكبر من المسؤولين لحماية اقلامنا و عملنا حتى نستطيع ان نؤدي رسالتنا السامية على اكمل وجه و بالصورة الصحيحة . كما ان هذه التهديدات التي تتعرض لمهنتنا ، مهنة المتاعب ، كنا ندركها قبل خوض غمارها .

اضافة الى انها تزيدنا اصرارا على المضي قدما لتكريس حرية التعبير و الفكر و الكلمة في بلادنا . و للامانة ، فان الصحفي الفلسطيني يملك هامشا كبيرا من الحرية يزيد كثيرا عن الهامش الذي يملكه الصحفيين في الدول المجاورة . و نحن نطمح لان نوسع هذا الهامش حتى تلعب الصحافة دورها التي خلقت من اجله . و ختاما ، نتمنى ان تطوى صفحة هذه الاعتداءات و التهديدات ، وان نصل الى دولة النظام و القانون ، و ان يرتفع سقف الحرية و منها حرية الاعلام التي تنص عليها كل الشرائع الانسانية الدولية مع تاكيدنا على ان حريتنا تنتهي عندما تبدا حرية الاخرين.