الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

قراءة نقدية في النظام المالي الموحد للمنظمات غير الحكومية بغزة

نشر بتاريخ: 13/09/2009 ( آخر تحديث: 14/09/2009 الساعة: 10:14 )
أن وجود نظام مالي ومحاسبي سليم وواضح ومعد وفق المعايير المالية والمحاسبية المحلية والدولية والتشريعات الوطنية ويتناسب مع واقع كل منظمة أهلية وأهدافها يعتبر أمراً بالغ الضرورة ويجب أن يكون في سلم أولويات المنظمات الأهلية الفلسطينية.

وفي الوقت الذي يساهم وجود النظام المالي في تعزيز الشفافية والنزاهة ويكرس أسس المحاسبة في المنظمات الأهلية, فأن هناك صعوبة بإيجاد نظام مالي نموذجي يتوافق مع كل المنظمات غير الحكومية لذا نجد إنه من الضروري إرساء بعض الركائز بهدف التوصل إلى الممارسة السليمة في الإدارة المالية.

لقد شهدنا خلال الاسابيع الماضية قيام وزارة الداخلية بغزة وهي الجهة المختصة بمتابعة الشئون المالية للجمعيات الأهلية والهيئات الخيرية باصدار نظام مالي موحد للمنظمات الأهلية وقامت بنشره على موقعها الالكتروني ومطالبة المنظمات الأهلية بأتباعه.

لم يتطرق النظام المالي الجديد الذي أصدرته وزارة الداخلية بغزة لمقومات الإدارة المالية السليمة وهي" السجلات المالية -التخطيط المالي - آليات الرقابة الداخلية - المراقبة المالية" بشكل صريح، ولكنه عالج بعض جزئيات هذه المقومات، وهنا وضعت بعض الملاحظات ( عامة – خاصة ) على النظام ، ثم أتناول بعض البنود (المواد) كما جاءت في النظام المالي الموحد للجمعيات الأهلية والهيئات الخيرية أملا بأن يتم مناقشة هذه الأفكار حتى نخرج بنظام مالي يتناسب مع واقع واحتياجات المنظمات الأهلية ويحقق أهدافه في تعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة والحكم الصالح.

أولاً: الملاحظات العامة :

- جاء النظام كنظام مالي مبسط جداً ويعني بمنظمة أهلية واحدة صغيرة الحجم.

- يجب أن يكون النظام شامل ويوافي معظم المتطلبات الإدارة المالية ويكون بمثابة دليل إرشادي ، تستنبط منه كل منظمة ما يلائم بيئتها، يناسب المنظمات الكبيرة ذات المشاريع الكبيرة نسبيا. ( توجد منظمات تقدر موازنتها بملايين الدولارات).

- النظام يجب أن يشمل الأسس والقواعد الواجب إتباعها في جوانب الإدارة المالية، هنا نتحدث على أسس وقواعد وليس على تفاصيل (التفاصيل لإدارات المنظمات حسب ظروف كل منظمة)

ثانياً: الملاحظات الخاصة :

الأحكام العامة

- النظام الجديد يلزم كل منظمة أهلية بأن تبدأ من شهر كانون ثاني يناير، وهذا عرف محاسبي ( يمكن أن يقال بشكل عام يجب أن تغلق حسابات كل منظمة في فترة زمنية لا تزيد عن 12 شهر ميلادي) لأن إغلاق الحسابات يتأثر بعوامل خارجية وداخلية، ( مدقق حسابات، ممولين، مجلس الإدارة - جمعية عمومية ........)

- النظام الجديد حصر عملة الحساب بالشيكل، ونؤكد هنا انه من الممكن ان تكون عملة الحساب بعملة غير الشيكل حسب عملة ( الممولين ....) في بعض الاحيان.

البند رقم ( 7 )الخاص بالتبرعات العينية

- من المعروف ان الإيرادات (التبرعات العينية) أما أن تكون ملموسة ( مثل الأدوية أو الأجهزة او غير ذلك) أو غير ملموسة ( خدمة، أو سفر لمؤتمر مثلاً)، وهنا صراحة شيء جيد أن تذكر الخدمة، ولكن لتسجيلها هناك شروط مثل ( الحاجة للخدمة، نوع المهارة، مؤهلات مقدمي الخدمة). والنظام هنا لا يميز ولا يأخذ هذه النقاط.

البند رقم( 9 ) :

يذكر بأن أي مصروف يجب أن يكون مدعم بمستند رسمي (فاتورة)، النظام الجديد يشترط بأي عملية صرف يجب أن يكون مدعما بفاتورة وطلب شراء ، وكما يعلم الجميع فأن هناك مصاريف كثيرة و لا تحتاج لفواتير وطلب شراء، هنا يجب أن يكون النظام محدد ويعرف نوع المصروف الذي يحتاج لهذه المستندات. ويمكن أن تكتفي هذه المادة بذكر أي مصروف يجب أن يكون مدعم بالمستندات التي تعزز الصرف، وليس الاقتصار على الفاتورة.

البند رقم (10) :

يتناقض مع التعريف حيث أن مكافأة نهاية الخدمة عادة تدفع عند نهاية الخدمة، وليس كما يقترح النظام الجديد بأن تدفع بشكل سنوي. وللإنصاف هنا ترك الاجتهاد للجمعية أو الهيئة ، والأجدر بترك السياسات التفصيلية للجمعيات أو الهيئات بدلاً من سن أنظمة لتقيد تلك الهيئات.

المادة (3) الأصول الثابتة

- في هذه المادة لم يتم تعريف الأصل، فإذا تم ذلك عن قصد فأنه إيجابي لأن هذا من اختصاص مجلس الإدارة للجمعيات أو المنظمات غير الحكومية.

- في بند رقم (4 ) من المادة تطلب الوزارة تبليغها في حالة السرقة أو الفقدان إذا كان المقصود المساعدة في تتبع الجاني توجد شرطة يجب إبلاغها بذلك.

- لماذا يتم تقيد كل المنظمات غير الحكومية بإتباع نوع واحد من طرق الإهلاك ( هنا أرى بأن الوزارة تضيق واسع)

أسس الرقابة على الصرف

- في هذا الجزء تم الاهتمام بالإجراءات أكثر من سياسات الرقابة وشروطها.

- سلطات الصرف تتبع مجالس الإدارة أكثر من الوزارة، لأنهم على دارية بمنظماتهم ولا توجد أهمية بان الوزارة يجب أن تحدد المبالغ.

- صلاحيات وضوابط الصرف في الصفحة السادسة تتعامل مع منظمات صغيرة ومشتريات بسيطة، هناك من المنظمات الذي تعتبر الألفان شيكل (2000 شيكل) حد المصروفات النثرية، كيف يتم تعميم مبالغ لكل المنظمات هذا يؤدي إلى تعقيد العمل ولا ينظر للاختلافات بين المنظمات من حيث الحجم والعمل.

نظام المشتريات

- جاء نظام بسيط ، يصلح لمنظمات صغيرة .

- لجنة منح المظاريف ولجنة البت في المناقصات مقيدة و لم يترك لمجلس الإدارة الحرية في ذلك، وهنا يجب أخذ بالاعتبار حجم الجمعية أو الهيئة.
- المبلغ المذكور 20،000 شيكل يمكن أن يكون من صلاحية مدير تنفيذي في بعض المنظمات.

المادة (5) :

النماذج والمستندات المذكورة في هذه المادة غير مكتملة فمثلاً هناك نماذج لكشف التسوية البنكية، نماذج لكشف المصروفات النثرية، نماذج لطلبات السفر .....وغير ذلك.

المادة (7) آلية الصرف من المخازن :

جاءت مختصرة واهتمت بعملية الصرف والقيد. هنا يجب أن تذكر السياسات والقواعد المطلوبة من الجمعيات والهيئات.

لم يتطرق النظام للرقابة الداخلية بشكل منظم وقد عالج بعض مواضيعها بشكل متفرق، فمثلاً بند (8) عالج فقط القبض النقدي ولم يتطرق للنقد في البنوك. وهكذا البنود الأخرى ركزت على الإجراءات بدل من الرقابة، فمثلاً في وصف كيفية الاستلام للمواد العينية مادة (9) كان يجب التركيز على الرقابة على الإيرادات بشكل عام وذكر الإجراءات والصلاحيات العامة التي تعزز من الرقابة الداخلية.

وأضف إلى ذلك المادة (10) كان الاهتمام بإجراءات التوظيف بدلاً من ذكر الرقابة على الرواتب. فمثلاً لا يجوز صرف رواتب للموظفين بدون وجود عقود عمل موقعة بين الموظف والمنظمة ، لم يذكر بنود الرقابة المطلوبة بل جاءت معظم البنود المذكورة فضفاضة والثغرات فيها كثيرة. وليس هناك ذكر للرقابة على العمليات الحسابية مثل إعداد التقارير المالية الداخلية.

( المادة 11)السلفة المستديمة

- يجب أن تكون شاملة لكل مستويات المنظمات .

- تحديد أمين الصندوق في النظام الجديد هو الذي يراجع السلفة، هناك مستويات من الإدارة في كل منظمة تختلف عن الأخرى.

لم يتطرق النظام الجديد لأهم ركيزة في النظام المالي للمنظمات ألا وهي الموازنات، حيث تفتقر كثير من المنظمات الأهلية لهذه الأداة المالية المهمة، حيث كان من الأجدر البت في هذا المجال الذي تغفله كثيراً من المنظمات، ولم يشرح النظام سياسات وأهمية التدقيق الخارجي والداخلي بشكل يوضح أهميته.