قفزة نوعية في علاج أورام السرطان في فلسطين
نشر بتاريخ: 14/09/2009 ( آخر تحديث: 14/09/2009 الساعة: 12:41 )
رام الله- معا- يفرغ عمال بجد ثلاث شاحنات محملة بالأدوية والمحاليل والمستهلكات الطبية، وينهمك عدد آخر في توزيعها على مختلف مرافق مستشفى الوطني ومستودعاته الجانبية والداخلية.
ويقول عاملون صحيون ومرضى على حد سواء أن هناك تحسنا كبيرا طرأ في الفترة الأخيرة فيما يتعلق بتوفر الأدوية في المشافي الحكومية، التي هي غالبا أدوية مرتفعة الاثمان.
ويعد المستشفى الوطني الحكومي بنابلس واحدا من أقدم المستشفيات في الوطن حيث يعد المستشفى التحويلي الرئيسي لمحافظات شمال الضفة في تخصصات كأمراض الباطنية العامة والأطفال والتخصصات المتفرعة كالكلى والسرطان وإمراض الدم ووحدة الثلاسيميا وقلب الأطفال.
ويؤكد مرضى سرطان ويراجعون المستشفى أن هناك تحسنا كبيرا على واقع الخدمة التي يتلقونها في قسم العناية النهارية في المستشفى والذي يعد القسم الرئيسي لمحافظات شمال الضفة الغربية لعلاج الأورام بكافة أنواعها، كما سرطانات الدم ومختلف أمراض الدم.
تقول الصيدلانية المسؤولة في قسم العناية النهارية جنان كاهن والمسؤولة عن صرف الجرعات الكيماوية والأدوية لمرضى القسم إن نسبة توفر الأدوية أصبحت ممتازة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
وأشارت وهي تفتح ثلاجة تتكدس فيها الأدوية والإبر، "ربما أننا نعيش في واحد من أفضل الأوقات لتوفر مختلف أنواع الأدوية لمرضى الأورام وسرطان الدم ونقص المناعة والهيموفيليا ( نزف الدم ).
وأضافت أن بعض الأدوية التي هي خارج القائمة الأساسية للأدوية أصبحنا نطلب عدد منها من المستودعات المركزية وما تلبث أن تصلنا في غضون أيام قليلة فقط، وهذا لم يكن يحدث من قبل.
وتتابع "أصبحنا ومنذ فترة نلمس نوعا من الرضا في عيون المرضى وذويهم وحققنا نوعا من الثقة في الأداء العام لم تكن للأسف متوفرة من قبل، وذلك بفعل نقص الأدوية وعدم انتظام توريدها للقسم".
وفي أروقة واقسام المستشفى تظهر راحة كبيرة بين صفوف المرضي الذي يراجعون الأقسام بشكل دوري.
كان فادي الرطروط والد الطفلة ميرا ( 3 سنوات ونصف ) من نابلس والتي تعاني من مرض نقص المناعة وتحتاج الى إبرة ( نيوبوجين ) وذلك بواقع جرعة كل أسبوعين، يجلس في صالة الانتظار في القسم بانتظار الدخول الى الطبيب.
قال: في السابق كنت احمل هم توفر الإبرة، فتأخذ ميرا ابره ونبقى على أعصابنا حتى الجرعة القادمة لها، وفور وصولي للقسم أتوجه مباشرة الى صيدلية القسم للاستفسار عن توفر الابره، أما اليوم ومنذ عدة اشهر لم اعد أتوجه للصيدلية لأني على ثقة بأن الأمور أصبحت أفضل كثيرا من السابق وأصبح نقص الدواء نادرا جدا.
ويسري شعور الرضا ذاته كذلك لدى وليد بدير من محافظة طولكرم والد الطفلة دانية (9 سنوات) والمصابة بسرطان الدم وأعراض داون ( المنغولية ) حيث يقول أن الوضع في القسم أصبح أفضل بكثير من الماضي من حيث توفر الدواء وانعكاس هذا الأمر على الأطباء والتمريض والأهل على حد سواء، حيث خفت تدريجيا التشنجات التي كان يلاحظها من قبل.
وقال أن الوضع العام أصبح في القسم وتعامل الطواقم الطبية أكثر سلاسة وانفتاح، حيث لم يلاحظ منذ عدة أسابيع مضت من نقص أيا من أنواع الأدوية والجرعات الكيماوية التي توصف لطفلته.
عبد الرحيم أبو ليلى من قرية بديا بمحافظة سلفيت والمصاب بورم في المثانة يقول وهو يتلقى الجرعة الكيماوية بالوريد في قسم الرجال داخل القسم: احضر الى المستشفى بمعدل مرة كل أسبوعين من اجل اخذ جرعة كيماوية والحمد لله لم أصدف أن كان الدواء غير متوفر منذ التشخيص وحتى ألان واصفا الوضع العام في القسم بأنه ممتاز وان المريض يأخذ حقه.
ويشارك عبد الرحيم الرأي الشاب عبد العزيز التمام من نابلس حيث يجلس بجانبه يتلقى العلاج بعد أن أصيب بورم في الخصية اليسرى ويخضع لعلاج كيماوي بعد استأصالها حيث يقول: احضر الى القسم هنا والحمد لله الأمور تسير على نحو ممتاز ولا ينقصنا إلا أن يمن الله تعالى علينا بالشفاء، فالأطباء والتمريض والدواء والحمد لله متوفر، ونقدم كل الشكر للطواقم الطبية على كل ما يبذلوه من جهد.
أما الممرض رياض خريس من قسم الرجال والممرضة ديبة أبو احمد في قسم السيدات بالقسم فيضمان صوتهما الى صوت المرضى وذويهم.
و تقول الممرضة ديبة والعاملة منذ سنوات طويلة في القسم: الحمد لله، منذ فترة لم يعد هناك نقص في أيا من الجرع الكيماوية للمرضى، وما لذلك من اثر ذلك على المرضى وعلينا نحن بشكل خاص، فكم كنا نحبط من عدم انتظام وصول الأدوية للقسم، فيأخذ المريض جرعة كيماوية وفي الموعد المقبل كان لا يتوفر، مما ينعكس سلبا على حالة المريض وعلينا أيضا.
ويقول د. لؤي شاهين أخصائي أمراض الدم والذي يعمل في القسم منذ أكثر من 20عاما: بالفعل منذ فترة وأنا ألاحظ غياب أي نقص لأدوية الأورام وسرطانات الدم والغدد اللمفاوية، وربما الأهم من ذلك أن الأدوية التي أصبحت ترد إلينا هي أدوية أصلية من أفضل الشركات الأوروبية، بينما كانت في السابق تصلنا أدوية من الهند ودول جنوب شرق آسيا، كانت لا تعطي المفعول المطلوب، إلا أن الوضع ألان أصبح أفضل بكثير من السابق، حتى أن الدواء الخاص بمرضى الثلاسيميا ( اكس جيد ) أصبح متوفرا في القسم بعد انقطاع دام اشهرا، حيث تعد فلسطين واحدة من أوائل الدول السباقة في توفير هذا العلاج ضمن قائمة الأدوية الأساسية على الرغم من شح الموارد المالية لنا كسلطة وليدة لم تصبح دولة مستقلة بعد.
وطالب د. شاهين أن يستمر توفر الأدوية بنفس الوضع الحالي ونفس جودة الأدوية، حيث انخفضت نسبة التحويلات لخارج مؤسسات وزارة الصحة من القسم هنا أكثر من 70% حيث كان السبب الرئيسي لتحويل المرضى هو عدم توفر الأدوية.
أما مدير مستشفى الوطني د. حسام الجوهري فيقول: الجميع يعلم أن هناك حساسية وخطورة لمرضى الأورام وأمراض الدم والكلى، وتحديدا السرطان، ولكن وبتسهيلات مباشرة من مكتب وزير الصحة ومن الإدارة العامة للمستشفيات تم إحضار كافة الأدوية المسجلة ضمن قائمة الأدوية الأساسية وبالتالي حققنا هدفين، الأول إرضاء المريض وعدم تكليفه معاناة السفر والمصاريف الإضافية، والثاني تخفيض فاتورة العلاج بالخارج عن طريق اختصار عدد المرضى المحولين بالخارج، بل وتوجيه المرضى الى مؤسسات علاجية داخل الوطن كمستشفيات القدس التي أصبحت الخدمات الطبية فيها توازي تلك الموجودة خارج الوطن.
وتمنى د. الجوهري على أن يتم الإيعاز للجان المختصة بتوريد الأدوية ولجان العطاءات التسريع بعملية الشراء وترسية العطاءات على شركات الأدوية بعيدا عن الرتابة والبيروقراطية حتى تستمر الأوضاع الجيدة كما هي هذه الأيام.