غزة ترتدي كسوة العيد- مدينة لا تنام الليل
نشر بتاريخ: 15/09/2009 ( آخر تحديث: 15/09/2009 الساعة: 13:08 )
غزة- معا- يتوزع سكانها رجال ونساء وشيوخ وأطفال في كل طرقات المدينة حتى مطلع الفجر، هذا حالها عندما ترتدي كسوة العيد كل عام.
فالمسحراتي الذي كان يجوب شوارع غزة هو وزملاؤه يقرع طبوله ويردد اناشيده ومواويله ليس له داع لايقاظ الناس، فالناس اليوم مستيقظون
يتقاسمون المساجد احياء للعشر الاواخر من رمضان كما يتقاسمون الاسواق والمحلات التجارية، منهم من ينزل الى شارع عمر المختار او سوق الشجاعية او سوق الشيخ رضوان أو سوق السويدي وغيرها من اماكن تزاحم الاقدام والارزاق.
وأخرون من أهل غزة يتجهون الي فنادقها ومطاعمها سواء على شاطئ البحر او في المناطق الواقعة غرب المدينة لتناول الافطار في تلك المطاعم التي تتتنافس على تقديم الذ ما لديها من وجبات او من أجل السهر مع الاصدقاء والارجيلة.
تلك هي المدينة التي أبكت العالم خلال العدوان الاخير عليها من قبل الجيش الاسرائيلي وحرب غزة الاخيرة وما لحقها وما سبقها من أزمات، لا تتشح بالسواد مثلما تُظهر دائما وسائل الاعلام، بل تتزين بالاضواء الملونة وباولادها وبناتها وبزحمة السير في طرقاتها وأسواقها وفنادقها.
فعندما تسير في شارع عمر المختار تتخيل أنك تسير في روكسي أو ميدان التحرير وسط القاهرة المئات من الشباب والصبايا والعائلات تتزاحم الرصيف كما ان الشرطة بغزة عادة ما تغلق شارع عمر المختار الرئيسي وسط غزة امام حركة السير وتفتحه للمشاة فقط، فالمحال التجارية تبقى فاتحة ابوابها طيلة الليل وحتى طلوع الفجر.
هذه العادة التي اكتسبتها غزة لم تتغير بحكم تغير الظروف، الكثير من الناس والاضواء والصخب في الشارع الممتد من حي الشجاعية شرق المدينة وصولا الى غربها حتى ميناء غزة على شاطئ البحر، يشاطره في ذلك شارع عز الدين القسام الذي يربط وسط المدينة بحي النصر والشيخ رضوان.
تجولت "معا" في منطقة شارع الرشيد وهو شارع البحر او الميناء او الفنادق لتجد السيارات الحديثة على مختلف انواعها تصطف امام المقاهي ومحلات الكوفي شوب والمطاعم حتى ساعات الصباح الاولى ومنهم من يتناول سحوره في تلك المطاعم ليبدأ صوم يوم جديد في تلك المطاعم تجلس لتستمتع بمشهد البحر والموج بسكون الليل وبالاستماع للموسيقى.
مشهد آخر في سوق البسطات والشارع الاول بحي الشيخ رضوان حيث يؤمه المواطنون من شمال وجنوب القطاع ليختاروا لابنائهم ملابس العيد، والغريب في الامر أن المعروض على البسطات هو أكثر من المعروض في المحلات التجارية فالغالبية من عمال غزة الذين كانوا يعملون في اسرائيل سابقا تفرغوا للعمل إما في البسطات التجارية او سائقين على مركبات العمومي.
أما سوق الشجاعية فهو اكثر ما يشبه منطقة "زنقة الستات" في القاهرة تلك المنطقة القريبة من الحسين والتي تمشي فيها النساء كتف بكتف حيث اشتهر سوق الشجاعية في كل ما يخص النساء من مساحيق التجميل والملابس الى باقي لوازم السيدات واجهزة العرائس والمواليد.
في هذه المدينة التي شغلت السياسين الفلسطينيين والعرب والعالم وأبكت العامة من خلال أحزانها ومآسيها، هناك مساحة لا تتوفر في مدينة اخرى حيث السهر والشوارع التي تدب فيها الحياة في العشر الاواخر من رمضان، فمن الطبيعي أن تجد أسرابا من الفتيات تجوب الشوارع الساعة الثالثة فجرا كما تجد النساء يخرجن من المساجد قبيل صلاة الفجر بعدما أقمن الليل في المساجد احياء لليلة القدر.