الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

"ميد إن ايجيبت".."ميد إن تورك".. بضائع الأنفاق في العيد تفوق مشتريها

نشر بتاريخ: 20/09/2009 ( آخر تحديث: 20/09/2009 الساعة: 15:04 )
غزة - تقرير معا - يقسم هذا الشباب جهور الصوت والذي يعتلي إحدى بسطات ميدان فلسطين ان الصابون الذي يبيعه من النوع الفاخر وصنع في تركيا، يجذب الزبائن نساء ورجالا ويبدأ البيع على ذمته، أحد المشترين يقرر فحص غلاف الصابون ليجد انه صنع في مصر وليس تركيا وتبدأ حلقات المشترين بالتفكك.

غزة بكافة طرقاتها وأزقتها تزخر ببضائع الأنفاق المهربة التي تحاول إنعاش القطاع المحاصر ولكن أسعارها تقف عقبة أمام نفوقها، وهنا تبدأ مبررات التجار التي تعزي غلاء الأسعار إلى كونها مهربة وتمر في أخطار عدة حتى تصل ليد المشتري بالقطاع عدا عن تكلفة التهريب العالية والتي يتقاسمها صاحب النفق، والعمال وغيرهم الكثيرين.

الكثير من تجار غزة والذين تزخر شوارعها ببسطاتهم الصغيرة يقسمون أيمانا مثقلة أن بضائعهم صنعت في تركيا أو سوريا أو بمصر كحجة نهائية بعد ان عكف الغزيون عن شراء البضائع المصرية المهربة والتي يصفونها بالرديئة، كما يقول المشتري ابو احمد:" البضاعة المصرية يوم ورمي على البحر لا تصلح لا للخزين ولا للاستعمال".

زوجته التي كانت تحاول جذبه إلى المحال التجارية بعيدا عن البسطات المنتشرة قالت لمعا:" ترون آلاف الزبائن بالشارع ولكن أحدا منهم لا يشتري إلا إذا كان الأمر ملحاً عليه للغاية".

أما أبو الأمين صاحب محل للأحذية فقال:" صحيح ان البضائع في غزة إما قديمة أو مهربة ولكنها مرتفعة الثمن لذلك نرى الزبائن يهربون إلى البسطات ظناً أن الأسعار أقل ولكنهم يفاجئون بذات السعر أو يتم استغلالهم بعيدا عن اعين الرقابة".

وهو ذاته ما أكدته أم تالا التي جذبتها بعض الفساتين لطفلتها التي لم تتعد عامها الأول تقول:" قال الشاب البائع ان سعر القطعة الواحدة عشرة شواقل وعندما بدأت باختيار بعض القطع قام بمضاعفة المبلغ لعدد منها فتركتها جميعا وفررت إلى آخر".

في احد شوارع مدينة غزة كانت تمر سيارة نصف نقل تحمل العشرات من شنط أو "بالات" الأثاث المنزلي ولكنها في غفلة لم ير سائقها مرتفعا من الأرض فأهال عدد منها على رصيف الشارع فكانت التعليقات المتندرة على شاكلة:" أضاع ربحه" وهذه التجارة غير مضمونة" ويا خسارة"، ولكن الشيء الذي يمكن الجزم به ان هذه الخسارة سيتم تعويضها من قبل التاجر في رفع أسعارها على المشترين الذين سيتكبدون الكثير من تكلفة نقلها ومما تهشم منها.

هذا وتشهد الأسواق المنتشرة في محافظات القطاع إقبالاً كثيفا إلا أن العدد الأكبر يغادرون الأسواق دون ابتياع قطعة واحدة كما قال المواطن ابو سامي:" جئت للسوق تحت إلحاح ابني الأصغر الذي طلب مني شراء قميص ولكنني عندما وجدت سعره يفوق 70 شيقل قلت " عنه ما حدا عيّد" وعدت للمنزل بخفي حنين".

ويحاول اهل غزة الخروج من أزماتهم السياسية المتمثلة بالحصار والانقسام وآثار الحرب الأخيرة بالنزول للشوارع ليالي رمضان التي تسبق العيد مصطحبين أطفالهم الذين لا يكفون عن طلب الغالي والنفيس من البضائع.

وإحدى الحيل التي يلجأ لها الغزي للشعور بنكهة عيد الفطر هو إشغال نساء المنزل بصنع الكعك المنزلي لإشاعة اجواء الفرح بالعيد القادم وهنا تبدأ طلبات النساء التي لا تنتهي وهي وجوب احتواء هذا الكعك على كافة مكوناته من السكر إلى السميد إلى التمر حتى " حوائج الكعك" التي تكلف غاليا في ظل الحصار وقلتها بالأسواق.

وربما سيشعر الغزي ببهجة العيد في أيامه الأولى ثم يستفيق الكثير منهم بعد العيد على جيوب فارغة كما قال أحد المواطنين في سيارة أجرة :" مش حاسين بحالهم بكرة راح يشدوا شعرهم لأنه خمسين يوم ما حيكون فيها رواتب وحنقعد على الحيطة ونسمع الزيطة".