الخميس: 14/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

خلال ورشة: مطالبة رجال الدين بالدعوة لعدم قتل النساء على خلفية الشرف

نشر بتاريخ: 27/09/2009 ( آخر تحديث: 27/09/2009 الساعة: 15:54 )
طولكرم – معا- عقد مركز حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس"، ورشة عمل في جمعية النجدة الخيرية في مدينة طولكرم حول جرائم القتل على خلفية ما يسمى بشرف العائلة، حضرها جمع غفير من الشباب من مختلف المناطق في المحافظة. وفي بداية اللقاء قدمت مي الشامي من المركز لمحة حول المركز ونشاطاته.

ثم قدمت المحاضرة أغادير بركات ورقة عمل حول جرائم قتل النساء على خلفية ما يسمى بشرف العائلة، وقالت إن التعريف الاجتماعي المتعارف عليه تقليديا لمفهوم القتل على خلفية ما يسمى بالشرف والمرتبط فقط بالمرأة، التي تقيم علاقة جنسية مع رجل خارج إطار الزواج يبرر قتلها حفاظا على شرف العائلة. فالشرف يعتبر أحد القيم الاجتماعية المحورية التي تؤكد أبوية المجتمع العربي ودونية المرأة فيه، وهو كجميع القيم الاجتماعية يحدد كل مجتمع معناه بما يتفق مع مصلحته التي تتغير بتغير ميزان القوى فيه. فالقوى الغالبة في المجتمع هي التي تحدد هذا المعنى بما يتفق مع مصلحتها الخاصة.

وقالت إن اقتراف هذه الجريمة بحق المرأة شيء يندى له الجبين وبالتالي فإن قتل النساء يستدعي من الجميع الوقوف أمام هذه الظاهرة الخطيرة التي بدأت تغزو المجتمع ، ،

وقالت :"أن الأنثى في مجتمعاتنا العربية هي الكائن الأضعف، فهي ملكية عامة وخاصة، فالعائلة والعشيرة هم من يحددون مصيرها، ولا يحق لها إبداء الرأي، وان سمح لها في إبداء الرأي فليس لها حق ممارسة هذا الرأي. وفي حال مخالفة الفتاة لعائلتها وخروجها عن نطاق المألوف يعتبرها المجتمع الذكوري خارجة عن أصول التربية والتنشئة الصحيحة ويجب ردعها ومعاقبتها واتهامها بالرذيلة فعاداتنا وتقاليدنا العربية رسخت وعمقت ثقافة العنف والتمييز بحقها".

واضافت بركات أن هناك ازدواجية في مفهوم الشرف، حيث تغييب المعاني الحقيقية والسامية للشرف كالعزة والعلو وينحصر المفهوم على جسد المرأة وغشاء البكارة فقط. فمفهوم الشرف يرتبط فقط بالحفاظ على الأعضاء الجنسية الذي ارتبط فقط بالمرأة. بينما شرف الرجال لا يتعلق بسلوكهم وإنما يتعلق بسلوك المرأة. فالرجل الفاسق شريف إذا كانت زوجته لا تخونه مع رجل آخر، والرجل المنافق شريف طالما ابنته تحافظ على عذريتها قبل الزواج، فشرف الرجل يتعلق بسلوك زوجته في البيت ولا يتعلق بسلوك هذا الرجل أو قدرته على العمل والصدق، وهذا المفهوم للشرف يهبط بمستوى الشرف إلى منطقة سفلية في جسم المرأة لا تزيد عن غشاء البكارة مقابل تغييب المعاني الأخرى السامية للشرف. ويتحدد معنى الشرف في المجتمع مع مصلحة هذا المجتمع، التي تتغير بتغير ميزان القوى فيه، فالقوى الغالبة هي التي تحدد معنى مصلحة المجتمع. وبما أن الرجل هو الأقوى فقد فرض على المرأة معنى شرف يناسبه ويحقق مصلحته، فأصبح معنى الشرف فيما يتعلق بالمرأة يكاد يكون مقصورا على العفة الجنسية ونتيجة لذلك برزت التناقضات التي تكتنف كيان المرأة من حيث الازدواجية في التعامل مع جسدها، فهي نجس والعلاقة الجسدية خارج مؤسسة الزواج من الكبائر التي تستحق عليها الرجم. وجسم المرأة وما يطرأ عليه من عوارض نجس، ومع ذلك فإن هذا الجسد نفسه يتمتع بأهمية لا مثيل لها.

وقالت إن العادات والتقاليد الموروثة تلعب دورا أساسيا في تعزيز وتكريس ظاهرة القتل على خلفية الشرف. فالتركيز على قيمتي الشرف والاحتشام تكتسب أهمية كبيرة في المجتمع العربي حيث يصبح لجسد المرأة وضعية في النظام القيمي التقليدي عن طريق تقسيم العمل، وحصر دور المرأة في العمل المنزلي والإنجاب. أهمية هاتين القيمتين تعدان من القيم الأساسية التي تعطي الشرعية للنظام الأبوي في المجتمع العربي الذي يقوم على هيمنة الرجل على المرأة وهيمنة الكبار على الصغار، مما يعني توزيعا هرميا للسلطة على محوري الجنس والسن . فالمرأة العربية هي دائما كائن بغيره لا بذاته، فهي تعرف من خلال كونها زوجة فلان أو أم فلان. ويساعد على ذلك آلة الزواج حيث تفقد المرأة شخصيتها وتعيش في حالة دنيا.

ومن الجدير بالذكر أن المرأة تعاني من هذه الدونية منذ أن وجدت البشرية مرورا بالجاهلية وقضية وئد البنات حتى أيامنا هذه يتم تفضيل إنجاب الذكور على الإناث، والتفرقة بين الأخوة ووصايتهم عليها حتى لو كانوا أصغر منها، وتفضيل تعليم الذكور على الإناث أو حرمان الفتاة من التعليم.

وقالت بركات إن تمسك النسبة الكبيرة من الذكور في مجتمعنا بضرورة التمييز رغم التطور الثقافي والمعرفي وبرامج التوعية من قبل المؤسسات الأهلية والحقوقية إلا إنها ما زالت دون المستوى المطلوب وبالأخص عندما يتعلق الموضوع بشرف العائلة من قبل الفتاة ، تجد أبناء العائلة رغم درجاتهم العلمية ووعيهم وإيمانهم بحقوق الإنسان والمرأة قد انصاعوا إلى ثقافة المجتمع المتخلفة بهدف حماية هذا الشرف وبنات العائلة بإصدار الحكم على الفتاة بالقتل دون معرفة الأسباب والملابسات التي وقعت أو صدق و كذب الإشاعة حتى لو كانت الفتاة وقعت في الخطأ نتيجة إغواء أو اغتصاب حتى ولو لم تبلغ سن الرشد فمصيرها معروف وحتمي وهو القتل، ليس مهماً السبب الحقيقي ومن هو مقترف الجريمة بحق الفتاة فالمحاسبة والذنب يقع على الفتاة والحكم هو القتل ليس إلا، أما الرجل فيبقى خارج نطاق المحاسبة القانونية، والقاتل هو شخص شريف "قبضاي" حافظ على سمعة العائلة وشرفها يجب مكافئته ولا يحق للقانون أن يعاقبه فعدم وجود قوانين نافذة ورادعة نجد أن هنالك ازدياد في ظاهرة القتل حسب الإحصائيات التي تصدرها المؤسسات الحقوقية في مجتمعنا العربي.

وبينت أن الجرائم التي ترتكب ضد النساء تكون في غالبيتها جرائم تحت غطاء القانون فهناك العديد من القوانين التي يحتكم إليها في موضوع القتل على خلفية الشرف، فالتشريعات والقوانين العربية تأثرت بعدة عوامل، أهمها اعتماد الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي للتشريع في معظم البلاد العربية. وعلى الرغم من أن الشريعة الإسلامية عالجت تعسف الإنسان وتسلطه.

ودعت إلى المساواة والعدل، وحددت العقوبات المتعلقة بقضايا الزنا وغيرها من السلوكيات، إلا أنه بسب سوء فهم المشرعين لفقه الشريعة، وطغيان العادات والتقاليد المجحفة بحق المرأة بقيت القوانين والتشريعات منحازة للرجل.

وقالت تاريخياً نصت القوانين المطبقة في الأراضي الفلسطينية سواء قانون العقوبات الذي يعود إلى حقبة الانتداب البريطاني في 1930، أو قانون العقوبات الأردني على أن عقوبة القاتل بشكل عام هي القتل، إلا أن هناك استثناءات يستفيد من العذر المخفف الشخص الذي يرتكب جريمة في حال الدفاع عن ماله أو شرفه أو عرضه أو نفسه. فقانون العقوبات المطبق في فلسطين بهذا الخصوص هي المادة "340" مأخوذ من قانون العقوبات الأردني والتي يحصل بموجبها الجاني على "عذر مخفف" في الحكم ، فلا يلبث أن يقبض عليه حتى يفرج عنه والضحية تقتل دون معرفة الحقيقة. فمعظم حالات القتل وقعت بحق فتيات تم اغتصابهن أو الإغواء بهن أو نتيجة إشاعة مغرضة لا صحة لها.أما الرجل فيبقى طليقاً حراً لا يخضع للمحاسبة حين يقترف جريمة الزنا أو الاعتداء أو الاغتصاب لأنه ذكر وليس أنثى.

وفي نهاية اللقاء أوصى المشاركون بضرورة تعديل المواد ذات الأعذار المخففة واعتبار قتل الإناث جريمة يعاقب عليها القانون بأشد العقوبات. وبضرورة سن قانون عقوبات فلسطيني، وبأن تأخذ وسائل الإعلام دورها في نشر وتعزيز حقوق المرأة في القوانين الدولية والمحلية، وبمعاقبة الرجل كمعتدي وليس المرأة لوحدها. واستحداث قوانين تحمي النساء من هذا العنف المسلط عليهن. وبضرورة أن يحول رجال الدين دون هيمنة الفكر الأحادي والأيديولوجيا السياسية التي تشوه الدين وتتلاعب بالنصوص ومقاصدها وتبرر التمييز وممارسة كل أشكال العنف على المرأة. ولا تقتصر مقاومة هذه الظاهرة على إعادة النظر في بنية القوانين فحسب بل يتعين معالجة بنية العلاقات الاجتماعية ومنظومة التنشئة الاجتماعية والتربية والتعليم بهدف تغيير العقلية السائدة والنظام الاجتماعي المؤسس للعلاقات بين الجنسين على أساس التمييز وفضح الخلفيات التي تقتل من أجلها النساء. وهو دور موكول إلى أطراف متعددة ومؤسسات مختلفة.