الجمعة: 29/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

حزب التحرير بين صعوبة التنظيم ورحمانية الأفكار

نشر بتاريخ: 05/10/2009 ( آخر تحديث: 06/10/2009 الساعة: 20:51 )
بيت لحم- معا- رغم تزاحم الأفكار الحزبية الإسلامية واختلاف اجتهاداتها وتناقضاتها السياسة والإستراتيجية إلا أنها تتفق في الأيدلوجية العقائدية الواحدة فتجد بعضها يمتد إعلاميا وخاصة تلك الاتجاهات الإسلامية التي تتبنى العمل المادي المسلح، وأصبح الحال أكثر وضوحا بعد أحداث الحادي عشر من ايلول- سبتمبر، فقد أضحى الجميع تحت قائمة الفرز والتصنيف العالمي وقائمة سوداء تحاصر كل من زلقت بهم جرة قلم أو آلة طباعة غربية.

وعلى النقيض من هذه التيارات الحزبية من يعيش في ظل الفضائيات والوكالات العالمية والدولية ولا يستعين سوى بمقدراته الفردية في نشر إخباره أمثال حزب التحرير وقد ذهبت وكالة "معا" لتتقصى في حقيقة هذا الحزب وأفكاره والحرية المتاحة له وللأحزاب الأخرى في الأراضي الفلسطينية لممارسة عملهم الحزبي ضمن برنامج "الأسئلة الصعبة" والذي يبث عبر فضائية فلسطين وشبكة "معا" التلفزيونية ويقدمه رئيس تحريرها ناصر اللحام في ثلاثاء كل أسبوع.

من خلال البرنامج نجد أن حزب التحرير هذا الحزب الإسلامي قاده ووضع أساسه وأفكاره القاضي تقي الدين النبهاني المتوفى عام 1977 والذي تمكن من إيجاد متشبعين لفكرة (يلقبون بالأعضاء او شباب الحزب ) في دول المشرق العربي، واستمروا في نشر أفكاره في البلاد الإسلامية وغير الإسلامية متخذين من جماعتهم حزب سياسي ومسمين القيادة السياسية فيه"بالإمارة" يتولاها "أمير الحزب" الذي يتم انتخابه داخلياً.

وقد نحدق طويلا في ما ذهب إليه الباحثون بخصوص انتخاب أمير الحزب والآليات الحزبية السرية التي وصفوها بأنها أقرب ما تكون إلى الجمعيات الماسونية، حيث تكون مدة ولايته غير محدودة "حتى الممات"، مستشهدين بطريقة اختيار آخر من أمر عليهم وهو المهندس الفلسطيني عطا خليل أبو الرشتة في عام 2003.

كما يتطرق البرنامج إلى ما يتخذه هذا الحزب من العمل السياسي والفكري طريقة للوصول إلى غايته بإقامة الخلافة الإسلامية التي سقطت عام 1924، اقتداءً بالرسول الكريم أثناء دعوته في المرحلة المكية التي سبقت هجرته إلى المدينة المنورة وتأسيس الدولة الإسلامية فيها، مبينا من خلال كتاب ومفكرين أسلاميين ما كان يقوله الحزب في بداية نشأته بأنهم سيقومون الدولة بعد 30 عاما من الدعوة على الأكثر، والتي سرعان ما تراجع الحزب عنها والتي كما كانت سبباً في انضمام العديدين للحزب،غدت سبباً في انفكاك الكثيرين عن النبهاني ودعوته.

واما عن حال الحزب في فلسطين فيظهر البرنامج ان واقعهم لا يختلف عما هو في الدول العربية الأخرى رغم انهم غير مطاردين من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي لرفض الحزب العمل المادي معتبرين أهل فلسطين اسرى غير واجب عليهم القتال وعليهم انتظار ما يسموه بالنصرة من دول الإسلام وجيوشها من خلال البحث عن القوة والمنعة في إحدى بلاد الإسلام وإعلان الخلافة وتنصيب أمير للمؤمنين أو إحداث انقلاب في إحدى هذه الدول من خلال استمالة قادة الجيش وتحقيق هدف إقامة الخلافة والعمل على توحيد البلدان العربية تحت رايتها.

وقد يثير رفضهم للمشاركة السياسية إن كانت الحكومية او التشريعية أو مجالس الطلبة وحتى العمل الخيري من خلال الجمعيات التي يرفضونها جملة وتفصيلا القارئ إذا لم يتابع البرنامج الذي يبين السبب المبني على عدم اعترافهم بالحكومات العربية او بالسلطة الوطنية في الضفة أو الحكومة المقالة في غزة وإقامة مؤتمراتهم وندواتهم ومسيراتهم بدون طلب ترخيص متحايلين بإرسال كتاب يحمل عنوان إشعار وتبليغ قد يشعر المتابع بتناقض آخر يدعو للتساؤل إذا ما علم أنهم يحصلون على تراخيص لنشاطاتهم في عدة دول أوروبية مثل بريطانيا والدنمارك في الوقت الذي يرفضون فيه الحصول على آذونات من قبل السلطة الفلسطينية او الحكومة المقالة او الحكومات العربية.

كما أن البرنامج وفي تحقيقه يحتكم إلى القانون الفلسطيني في إظهار عدم وجود المبرر الكافي لإعطاء الحق للأجهزة الأمنية للسلطة الوطنية في الضفة الغربية أو التابعة للحكومة المقالة في غزه لقمعهم واعتقالهم ومنعهم من ممارسة حقهم بحرية الرأي الذي كفلته كافة المواثيق والاتفاقيات الدولية والإقليمية والوطنية، وقد كفل وأرسى قانون الاجتماعات العامة الفلسطيني رقم 12 لعام 1998 الاعتراف بالحق في التجمع السلمي وفي عقد الاجتماعات العامة والندوات والمسيرات بحرية.

وفي آخر المطاف يذهب التحقيق لتساؤل يقول لماذا يغيب الإعلام العربي عن قضايا حزب التحرير الذي يتابع اقل الأمور أهمية ويعطي ساعات متواصلة من البث المباشر لاحتفالات مختلفة في حين تغيب الصورة والصوت عن فعاليات هذا حزب أو انتهاكات تمارس ضده؟ وإن كان الحدث ساخنا ولا بد من الحديث عنها فيذكر الحدث وينسى الحزب وإن كان لابد من ذكره فعلى استحياء.