الجمعة: 10/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

ندوة بعنوان "ظاهرة تأنيث الفقر" في طاقم شؤون المرأة

نشر بتاريخ: 10/10/2009 ( آخر تحديث: 10/10/2009 الساعة: 09:58 )
رام الله- معا- عقد طاقم شؤون المرأة ندوة بعنوان "ظاهرة تأنيث الفقر" أمس في مقره في رام الله وغزة، عبر تقنية الفيديو كونفرنس، تحدث فيها الأستاذ محسن أبو رمضان، الباحث في الشؤون التنموية وقضايا المجتمع المدني، الدكتور حمدي الخواجا منسق الأبحاث في مركز الديموقراطية وحقوق العاملين والأستاذة هبة الزيان مساعدة برامج اليونيفيم في غزة.

وفي بداية حديثه أشار رمضان الذي قدم ورقة بعنوان "تأنيث الفقر في فلسطين وآليات تجاوزه"، إلى أن المرأة عانت تاريخياً حالة من الاضطهاد والتهميش بسبب التقسيم الاجتماعي والجنسوي للعمل، حيث تحكم الرجل بمقاليد الاقتصاد بينما اقتصر دور المرأة على الجانب المنزلي والإنجابي ما أدى إلى الانقلاب في علاقات القوة بين الرجل والمرأة، علما بأنه كان للمرأة دوراً رئيسياً ومسيطرا في العملية الاقتصادية والإدارة المنزلية، حيث كان خط النسب يعود إلى الأم، كما أثبتت العديد من الدراسات الانثرولوجية، إلا أن ذات الفترة سادت لفترة قصيرة، وسيطر الرجل على المقاليد الاقتصادية وتم تهميش دور المرأة. وقد استمرت هذه الحالة من التهميش والإقصاء للمرأة في زمن العولمة، إذ يقدر أن 70% من فقراء العالم هن من النساء، وأن 60% من النساء العاملات هن فقيرات.

وقال رمضان أن السبب المباشر وراء فقر النساء يعود إلى عدم توفر الإمكانية المتساوية والمتكافئة للوصول إلى الموارد والفرص، وبالتالي تحرم العديد من الإناث من الحق بالتعليم والصحة والتدريب، وفي تملك الأصول من أراضي، موارد مالية وعقارات وذلك بفعل التمييز السلبي بحقها وبحكم الأفضلية والتحيز لصالح الرجل والذكر، حيث يبدأ ذلك منذ الطفولة، عبر تعزيز تفوق الذكر عن أخته الأنثى، وتفضيل تعليم الذكر عن الأنثى إضافة إلى حرمان المرأة من حقها بالميراث وفي تملك الأصول.

وأخيرا أكد أبو رمضان على ضرورة الضغط من قبل النساء من أجل إنهاء الانقسام عبر بلورة مؤسسة تشريعية، وسياسية واحدة بالوطن من أجل القدرة على القيام بآليات الضغط والتأثير لاعتماد قوانين وتشريعات وسياسات وموازنات مناصرة للمرأة وتساهم في إزالة الغبن والتمييز السلبي بحقها، هذا بالإضافة إلى إعداد خطط بالمشاركة ما بين الوزارات المعنية والقطاع الخاص والمنظمات الأهلية تعمل على تدريب النساء، وتمكينهن عبر زيادة قدراتهن بهدف نقلهن من مرحلة الإغاثة والاتكالية إلى مرحلة التنمية والاعتماد على الذات. ناهيك عن ضرورة الاهتمام بقطاع المشاريع الصغيرة والصغيرة جداً وذلك عبر استهداف النساء والعمل على تدريبهن وتزويدهن بقروض ميسرة لتنفيذ مشاريع مدرة للدخل. كذلك تشكيل هيئة أهلية لمكافحة الفقر تأخذ في صدارة اهتمامها موضوعة المرأة والعمل على بلورة السياسات والبرامج التي تساعد في دمجها انتاجياً وتنموياً.

من جانبه أشار الخواجا إلى وجود ارتباط عضوي ما بين العمل اللائق وتأنيث الفقر، منوها إلى أن مفهوم العمل اللائق يرتبط ارتباطا وثيقا بمفهوم الحياة الكريمة بما في ذلك ما توفره الدولة من قضايا مرتبطة بالحماية الاجتماعية والمنظومة الاقتصادية للدولة وأيضا بمواقع العمل في داخل المنشآت وخارجها، بما في ذلك القطاع غير المنظم.

وتطرق الخواجا أيضا إلى جملة من الفجوات القانونية التي تعانيها النساء، مشيرا بدوره إلى أن القانون الأساسي أشار إلى المساواة بشكل عام لكنه لم يذكر مكانة المرأة وعدم التمييز ضدها بشكل واضح، ولم يخصص أي مادة للمرأة العاملة ولم يلزم عقوبات رادعة لحظر التمييز ضد المرأة.أما وضعية المرأة في قانون العمل فقد أفرد مواد خاصة بحقوق المرأة العاملة لكنه استثنى العاملين من الدرجة الأولى وهذا في حد ذاته تكريس لتبعية المرأة للرجل، كما أنه لم يوفر حلول للحماية من البطالة لكلا الجنسين، هذا بالإضافة إلى اشتراط القانون لإجازة الأمومة عملها 6 شهور مع نفس صاحب العمل، وعدم توفيره لمواد ذات علاقة بحضانة الأولاد لدى صاحب العمل، وأخيرا استثناء خدم المنازل من الحماية القانونية. مضيفا "أن قانون الخدمة المدنية يخلو هو الآخر من أي تمييز إيجابي لصالح النساء، كذلك لم يفرد فصلا خاصا بتشغيل النساء أسوة بقانون العمل، ناهيك عن عدم إلزامه بإنشاء دور حضانة قريبة من موقع العمل".

وأخيرا، أوصى الخواجا بضرورة تعديل القانون الأساسي ليضمن بنود رادعة تحظر التمييز بين الذكور والإناث، هذا بالإضافة إلى تعديل قانون العمل لضمان التمييز الإيجابي في التشغيل للإناث، ناهيك عن إعطاء تسهيلات بنكية أفضل للنساء، وإعطائهن أفضلية أكبر في التوظيف.

أما هبة الزيان التي استعرضت بدورها تجارب لنساء فقيرات من الواقع في غزة، فقد أشارت بداية أن الأزمة التي تعانيها النساء أيضا هي مشكلة الوصول إلى المصادر والتحكم أو اتخاذ قرار بشأنها، إضافة إلى ما تم ذكره سابقا من حيث الوصول إلى المهن والوظائف والميراث والفرص التعليمية. مشيرة إلى أن النساء في غزة واللواتي يتملكن الأراضي بأنهن لا يستطعن بيعها أو استثمارها بدون استئذان الزوج، وبالتالي تصبح مسألة صناعة القرار والتحكم بالموارد بالنسبة للنساء الفقيرات أزمة أكبر مقارنة مع النساء غير الفقيرات.

وتطرقت الزيان أيضا إلى أسباب تأنيث الفقر، مشيرة إلى سبب قد يثير دهشة البعض، وهو زيادة عدد الأسر التي ترأسها نساء، وقد يعتقد البعض أن زيادة هذه النسبة تعني بأن النساء أصبحن ربات أسر وبالتالي أصبح لديهن القدرة للوصول إلى المصادر أو التحكم بها، إلا أن الواقع يشير إلى عكس ذلك تحديدا بعد الدراسة التي أجرتها اليونيفيم عن أوضاع النساء بعد الحرب الأخيرة في غزة، والت أظهرت أن هناك إقبال من النساء على الأعمال المنزلية، أي خروجهن من المنزل للعمل كخادمات في أسر أخرى.