السبت: 05/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

اليوم العالمي للصحة النفسية: دعوات لمحاسبة المعتدين وانصاف الضحايا

نشر بتاريخ: 10/10/2009 ( آخر تحديث: 10/10/2009 الساعة: 12:37 )
غزة- معا- دعا برنامج غزة للصحة النفسية المجتمع الدولي والعالم الحر إلى انصاف الضحايا جراء الحصار والحرب ومحاسبة المعتدين.

وقال البرنامج في بيان له بمناسبة يوم الصحة النفسية العالمي أنه بعد مرور أكثر من 9 شهور على الهجمة الاسرائيلية العسكرية الشرسة على قطاع غزة ومرور أكثر من عامين من الحصار المحكم وصلت غزة إلى ما يشبه الجحيم.

الحرب على غزة استهدفت الجميع وكافة مناحي الحياة حيث لم يسلم لا القطاع العام ولا الخاص من الحرب والبطالة والفقر والتدمير والعزل. واستشهد أكثر من 1400 وأصيب 5000 آلاف شخص الغالبية منهم من المدنيين، والمئات من الاطفال والاهالي فجروا وحرقوا نتيجة لاستخدام قنابل فسفورية.

واكد ان الناس الذين يتملكهم الغضب والشعور بالفقدان يحاولون أن يكافحوا من أجل التكيف مع تلك الخسارة العظيمة، ولكن جراحهم النفسية لا تزال مفتوحة. فلا زالوا يشعرون بالخوف وبعدم الأمان وتذكر الاحداث الصادمة. إن المعاناة الكبيرة والتي رافقتها مستويات شديدة من التعرض لاحداث العنف جردت قدرة المؤسسات على أن تقوم بتقديم الخدمات العلاجية والدعم النفسي اللازم، إن هناك نقص كبير في تقديم خدمات العلاج النفسي والاجتماعي النوعية والذي تعتبر من أحد الركائز الاساسية التي تمكن الناس من الصمود والتأقلم ولا يمكن الاستغناء عنها.

وقال إذا كانت برامج التدخل والمساندة النفسية مهمة، فإن الحصول على الاحتياجات الاساسية للعيش مهمة بشكل أكبر. إن الحصول على الراتب وفرص العمل تعتبر أساسية من أجل الحصول على المكانة الاجتماعية والكرامة والتكفل بمتطلبات العائلة وكافة المسئوليات والمستلزمات الحياتية الأخرى والمسكن.

واشار الى ان ما كان بالامس أساسياً وبديهي وفي متناول اليد أصبح اليوم من الرفاهية والترف وصعب المنال لمعظم الناس باستئناء البعض القليل، إن الدمار والحصار حول غزة إلى منطقة منكوبة.

وأكد على أن معظم المصانع مدمرة ولا توجد حياة اقتصادية، حيث قامت القوات الاسرائيلية باقتلاع العديد من الأشجار وتخريب المحاصيل الزراعية، كذلك يتم احتجاز الصيادين على مسافة قليلة من الشاطئ وعادة ما تقوم السفن الحربية الاسرائيلية باطلاق النار عليهم ومنعهم من تجاوز كيلو مترات معدودة داخل البحر. كذلك فإن هناك تعقيدات وقيود على تحويل النقود إلى البنوك في غزة وعلى العمليات البنكية والاقتصادية بشكل عام.

وتابع ان الغالبية العظمى من السكان عاطلين عن العمل، وما يقارب من 80 % يعيشون على مساعدات وتبرعات من خلال المؤسسات الدولية الاغاثية الدولية. إن الانتقال من الاعتماد على الذات إلى الاعتمادية على الغير خلف آثار كبرى من الفقر والنتائج الاجتماعية الكارثية. إن تهميش دور الآباء كمعيليين ومسؤولين عن أسرهم ساهم في انتشار العنف العائلي، حيث إن الازواج العاطلين عن العمل فقدوا مشاعر التقدير لذاتهم وأصبحوا يميلون لاستخدام العنف لاثبات ذاتهم وفرض سلطتهم. إن رؤية الأبناء لآبائهم مهانين وعاجزين وعاطلين عن العمل بدلاً من أن يكونوا منتجين وفخورين بهم يدفعهم إلى البحث عن نماذج بديلة عن آبائهم لتمثل لهم القوة المفقودة ويتماهون مع هذه القوة ولذلك يسعون للانضمام إلى المجموعات العسكرية المسلحة التي تمثل مصدر للقوة والحماية. إن ذلك يؤدي إلى زيادة في عسكرة المجتمع ويعزز اختيار العنف كطريق وأسلوب في الحياة ويهدد مستقبل الحياة المدنية في غزة.

وشدد على إن الحياة الاقتصادية الطبيعية اختفت في غزة واستبدل باقتصاد يعمل تقريباً تحت الأرض، إن انتشار نظام الانفاق كوسيلة لنقل البضائع أدى إلى اضعاف الحدود التي تربط غزة بمصر، حيث تصل العديد من المنتجات المهربة والتي تعوض عن المنتجات التي كانت تصل إلى غزة عن طريق اسرائيل.

ورغم ان الانفاق تغطي النقص الحاد في المواد، إلا أن فئة قليلة من الناس هم المستفيدين من تلك الفوضى وتضع القوانين التي تناسبها. إن العاملين في الانفاق يستخدمون العمالة الرخيصة من خلال استخدام الأطفال الذين يعملون لساعات طويلة في الخطر، وعادةً تحت تأثير بعض الأدوية المنشطة التي تبيقيهم بحالة نشطة ومستمرة. وحسب احصائيات مركز الميزان لحقوق الانسان فإن أكثر من 114 من الشباب والاطفال قد ماتوا خلال الاعوام 2006- حتى سبتمبر 2009 كما جرح 170 آخرين.

وإلى جانب ضعف الحياة الاقتصادية، فإن قطاع التعليم قد تأثر بشكل كبير. فعلى مستوى المدارس بكافة مراحلها التعليمية فإننا نجد ازدحام شديد (أحد الاسباب هو عدم القدرة على إعادة بناء المدارس التي دمرتها اسرائيل أثناء الحرب)، والمدرسين لا يتلقون التأهيل اللازم، وظروف عملهم صعبة وضاغطة.

أما على مستوى الجامعات فإن الطلاب يواجهون ازدياد في الرسوم الجامعية في حين تجد أهلهم غير قادرين على سداد حاجاتهم الأساسية، كما أن نوعية التعليم قد انخفضت بشكل كبير. كما أدى الحصار المحكم إلى عدم القدرة على استقطاب الخبرات الخارجية وعدم قدرة الطلاب من السفر إلى الخارج وكذلك إلى قطع التواصل مع الخبرات العالمية في كافة مناحي العمل المهني.

وتابع انه ضمن السياسات التراكمية التي تمارسها اسرائيل بشكل مقصود شنت هذه الحرب الهوجاء والمدمرة على قطاع غزة وهي ومستمرة في فرض حصار خانق كجزء من خطة مدروسة، الهدف منها بث الرعب والاهانة والعزل لأكثر من مليون ونصف من السكان وذلك بهدف كسر إرادتهم من أجل أن يشعروا بأنهم عاجزين ومنعزلين وحتى يقبلوا بالهزيمة.

واشار إلى إن تقرير ريتشاد جولدستون قد وثق الطبيعة الاجرامية للحرب الاخيرة ولهذا العقاب الجماعي واستطاع ان يكسر الصمت، ولكن تحت تأثير قوى ذات مصلحة فإن هناك جهوداً مبذولة من أجل تهميش هذه النتائج والتقليل من شأنها. إن المسؤولية الجماعية الملقاة على عاتقنا هي أن نضغط باتجاه المسائلة وانهاء مرحلة الحصانة والافلات من العقاب. ان تعزيز سيادة القانون من شأنه أن ينعكس ايجابيا على الضحايا ويعتبر نصراً معنوياً لهم في استرداد كرامتهم وحقوقهم مؤكدا على إنه مسؤولية جماعية لان نشارك جميعاً في هذه الجهود، إن المهنيين في مجال الصحة النفسية مطالبين أن يقوموا بواجبهم من خلال الأجسام والتجمعات المحلية والدولية من أجل انجاح هذه الحملة. فهم ومن خلال عملهم كأخصائيين قادرين أكثر من غيرهم على فهم طبيعة الأمراض والمشاكل التي تنتج عن تلك الممارسات ودرجة وحشيتها وكذلك النتائج الكارثية لها على المستوى البعيد على الضحايا ومرتكبي الجرائم.

وقال من المعلوم أن الجهود التي تبذل من أجل تدمير كرامة الانسان عادةً لا تؤدي إلى الاستسلام والاذعان بل إلى زيادة العنف، والذي يخلق دائرة مفرغة من الصعب التحكم بها. إن العالم بدون عدالة يعتبر مكان خطير للعيش به وهو يشكل تربة خصبة للشعور بالعجز وفقدان الامل، من واجبنا جميعاً أن نمنع ذلك من أجل خلق بيئة يعم فيها السلام والعدالة.