رايتس ووتش: الحصار يحرم تلاميذ غزة من الورق والأقلام والكُتب الدراسية
نشر بتاريخ: 11/10/2009 ( آخر تحديث: 11/10/2009 الساعة: 21:27 )
بيت لحم -معا- طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم السلطات الإسرائيلية أن ترفع فوراً القيود التي أدت لحرمان تلاميذ المدارس العامة في غزة من الكتب المدرسية واحتياجات المدارس الأساسية، مثل أوراق وأقلام. وقالت ان إسرائيل تشدد من منعها الواردات إلى غزة، من مختلف السلع الأساسية، من الأغذية إلى أدوات البناء.
وقالت المنظمة في تقرير لها :"مع بدء العام الدراسي منذ أكثر من شهر، أدت القيود الإسرائيلية إلى عجز بالغ تمثل في عدم قدرة التلاميذ على الحصول على الأدوات مثل الدفاتر الورقية. وهو يضطر الطُلاب للمشاركة في الكتب الدراسية مع بعضهم البعض أو أن يدور الكتاب الواحد على أكثر من طالب بالدور. وبعضهم لم يحصلوا على أية كتب تخص هذا العام الدراسي. والاحتياجات المدرسية المهربة من الأنفاق تحت حدود غزة الجنوبية مع مصر لم تعوّض العجز الذي أدت إليه القيود الإسرائيلية التعسفية على الواردات الخاصة بالمواد التعليمية".
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "الحصار الإسرائيلي يؤثر على كل أوجه الحياة في قطاع غزة، بل إنه يمنع الطُلاب حتى من حيازة احتياجات المدارس الأساسية"، وتابعت قائلة: "ترى ما المبرر وراء منع احتياجات المدارس التي تحرم الأطفال عملاً من حقهم في التعليم؟"
رياض لُباد ناظر مدرسة كارمل الثانوية في مدينة غزة، قال لـ هيومن رايتس ووتش: "بعض كتب المقرر المدرسي لم تُطبع نظراً للعجز في الحبر والورق. وقد أثّر هذا العجز أكثر ما أثر على كتب التاريخ والجغرافيا واللغة الإنجليزية".
سليم أيوب، طالب بالصف الحادي عشر في مدرسة كارمل قال: "ليس لدينا في درس اللغة الإنجليزية إلا كتاب واحد لكل تلميذين. حين أحصل على كتاب الأنشطة [وفيه تمارين] يأخذ زميلي الكتاب الأساسي، ثم نتبادل الكتابين ما بيننا. فصلنا محظوظ، فبعض الفصول الأخرى ليس لديها كتب لغة إنجليزية بالمرة".
من جهته قال الطالب أيوب أن التلاميذ ليس بوسعهم تحمل كلفة الدفاتر: "لم نجد دفاتر بالمرة في السوق مع بداية العام المدرسي. وفيما بعد عثرت على دفاتر جاءت عبر الأنفاق [من مصر] لكنها كانت باهظة الثمن للغاية. المفترض أن للمادة الواحدة ثلاثة دفاتر، لكنّي استخدم الآن دفتر أو اثنين على الأكثر للمادة".
طالب آخر في الصف الحادي عشر بمدرسة الكارمل، محمد أبو قرش، قال: "أحتاج للفصل الدراسي 20 دفتراً، ولم أتحمل إلا كلفة 10 دفاتر فقط".
وطبقاً للأمم المتحدة، فإن النزاع المسلح في غزة ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني الماضيين، أسفر عن تدمير 18 مدرسة من مدارس غزة البالغ عددها 641 مدرسة، وهي تَسَع مجتمعة أكثر من 440 ألف تلميذ، وأضر النزاع بـ 280 مدرسة أخرى. ولأن إسرائيل تمنع جميع شحنات مواد البناء تقريباً، فإن المدارس المتضررة لم تخضع للصيانة أو إعادة البناء، وتم نقل 15 ألف تلميذ تضررت مدارسهم أثناء الحرب إلى مدارس أخرى. وكالة الأونروا اضطرت بدورها لإلغاء خطط لبناء مدارس جديدة لعدم توفر مواد البناء.
وتدعو المادة 50 من اتفاقية جنيف الرابعة سلطات الاحتلال إلى "تيسير الأشغال الخاصة بجميع المؤسسات المكرسة لرعاية وتعليم الأطفال".
فلاح لُباد هو أحد 20 إلى 30 مستورداً من غزة يعملون باستيراد أدوات الكتابة، قال لـ هيومن رايتس ووتش: "كنت أجلب الدفاتر من مصنع في الخليل، لكن لم يعد بوسعنا الاستيراد من الضفة الغربية". والدفاتر المُهرّبة من مصر تُكلف 70 في المائة أكثر من الواردة من الضفة، حسب قوله، مما يجعلها أغلى ثمناً على طلاب كثيرين.
وقال: "لم أحاول الاستيراد عبر الأنفاق لأن الدفاتر باهظة للغاية ورديئة الصنع، والكثير منها تصل ممزقة. كما نفدت منّي الأقلام والممحاة والأدوات الخاصة بالطلاب الجامعيين" وقال إنه دفع كلفة تخزين لـ 15 حمولة شاحنة أدوات كتابة في إسرائيل، ثم لم تُمنح هذه الشحنة الكبيرة الموافقة على إدخالها غزة، وثمان من الحمولات عالقة منذ سبتمبر/أيلول 2008.
ولم تسمح إسرائيل بإدخال أكثر من شاحنتين من أدوات الكتابة إلى غزة في عام 2009، فيما كانت تنتظر 120 شاحنة أدوات كتابة الموافقة الإسرائيلية، حتى 25 أغسطس/آب، طبقاً لوكالة أنباء IRIN التابعة للأمم المتحدة. وحين بدأ العام المدرسي الحالي في أواخر أغسطس/آب، حسبما أفادت وكالة الأنباء الأممية، كانت المدارس العامة والخاصة التي يرتادها أكثر من 240 ألف طالب في غزة تعاني من عجز في مواد التدريس. ويرتاد مدارس الأونروا نحو 207250 طالباً آخرين.
خالد راضي، المتحدث باسم وزير التعليم في الحكومة المقالة، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن مدارس غزة تعاني من "عجز حاد" في مواد الكتابة والحبر والورق. ولم تتمكن الأونروا من طبع 10 في المائة من الكتب الدراسية المطلوبة لأن إسرائيل لم توافق على واردات الحبر والورق المطلوبة.
إيدان أوليري، المسؤول بالأونروا عن الإشراف على البرامج المدرسية، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن إسرائيل لم توافق على توريد 5000 مقعد ومكتب لتلاميذ الأونروا، و4000 طاولة ومقعد للمُعلمين في قاعات الدرس.
وقال أوليري: "لأن ليس لدينا مساحة كافية لتلاميذنا، اضطررنا لاستيراد قاعات درس متنقلة، لكن ما زلنا ننتظر وصولها". ولم تتمكن وكالته من توزيع أدوات الكتابة والأقلام الرصاص على التلاميذ حسب الخطة الموضوعة، على حد قوله.
وكانت الولايات المتحدة، أكبر مانح أجنبي لإسرائيل، تعهدت بمبلغ 300 مليون دولار مساعدات إنسانية لغزة في مارس/آذار في مؤتمر المانحين المعقود في مصر، كمساعدات ما بعد الحرب لغزة. وقالت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في المؤتمر "لطفل غزة الذي بلا مأوى أو رعاية صحية أو تعليم نفس الحق في ارتياد المدرسة وزيارة الطبيب والعيش تحت سقف يؤويه، كمثل حق الطفل في بلدكم وبلدي". وفي رسالة بُعثت إلى كلينتون، دعت هيومن رايتس ووتش الولايات المتحدة، بصفتها أكبر داعم سياسي وعسكري ومالي لإسرائيل، إلى التبرؤ من الحصار واستنكاره علناً.
وقالت سارة ليا ويتسن: "يعاني الأطفال في غزة من الحصار العقابي، فيما أخفقت الولايات المتحدة وحلفاء آخرين لإسرائيل في اتخاذ موقف حازم من هذه السياسة، التي تطيل من آثار الحرب".
وبموجب القانون الإنساني الدولي، ما زالت إسرائيل هي القوة المحتلة في غزة، حتى رغم سحبها لقواتها العسكرية الدائمة ومستوطنيها في عام 2005 من القطاع، لأنها مستمرة في ممارسة السيطرة اليومية الفعلية على أغلب أوجه الحياة في غزة. وبالإضافة إلى سيطرتها الفعلية على الحدود البرية والجوية والبحرية للقطاع، فإن إسرائيل تسيطر أيضاً على أغلب إمدادات القطاع من الكهرباء والمياه ومرافق الصرف الصحي، وكذلك شبكات الاتصالات فيها وسجل المواليد.
واضافت المنظمة ان الحصار الإسرائيلي يخرق واجب إسرائيل كقوة محتلة، واجبها المتمثل في حماية صحة ورفاهية السكان المحتلين الأساسية، وهو - الحصار - أحد أشكال العقاب الجماعي ضد المدنيين، ويخرق القانون الإنساني الدولي. كما ان اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تعليقها على اتفاقيات جنيف ذكرت أن "مفهوم العقاب الجماعي يجب أن يُفهم في معناه الأوسع: فهو لا يشمل فقط العقوبات القانونية، بل أيضاً أية عقوبات أو مضايقات من أي نوع.